نتعرّف في هذه المسرحيّة على الشخصيّة الكوميديّة المضحكة هرهورة أو أبو قطّة smilies/01811.gif و نتناول فيها حقيقة هذه الشخصيّة المضحكة و الحلقة الأولى ستكون عن حقيقة أنّ أبو هريربة هل هو من الصحابة؟
يوجد تشكيك في صحبة ابو هريرة مع النبي (ص) وانكر البعض كونه من الصحابة, فمن باب المثال نذكر ما جاء في كتاب: (( اكثر ابو هريرة )) للدكتور مصطفى بوهندي, فقد قال في صفحه 45 من كتابه: درج الدارسون على اعتبار أبي هريرة صحابيا بناء على مجموعة من الروايات التي يرويها أبو هريرة عن نفسه, وهي بدل أن تؤكد صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أثارت حولها مجموعة من الشبهات, وهو ما يدعونا إلى التحقيق في هذه المسألة.
روى الذهبي عن الوليد بن رباح : سمعت أبا هريرة يقول لمروان : والله ما أنت وال، وإن الوالي لغيرك ، فدعه - يعني : حين أرادوا دفن الحسن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولكنك تدخل فيما لا يعنيك ; إنما تريد بها إرضاء من هو غائب عنك - يعني : معاوية .
فأقبل عليه مروان مغضبا ، وقال : يا أبا هريرة ، إن الناس قد قالوا : أكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! وإنما قدم قبل وفاته بيسير !
فقال : قدمت – والله - ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات ; وأقمت معه حتى توفي ، أدور معه في بيوت نسائه, وأخدمه ، وأغزو وأحج معه ، وأصلي خلفه ; فكنت والله أعلم الناس بحديثه .
(سير أعلام النبلاء , الذهبي ,- 2 ,- 605).
وروى الذهبي عن عمير بن هانئ العنسي عن أبي هريرة قال: (( اللهم لا تدركني سنة ستين )) (( فتوفي فيها ، أو قبلها بسنة )).
قال الواقدي : كان ينزل ذا الحليفة . وله بالمدينة دار ، تصدق بها على مواليه , ومات سنة تسع وخمسين . وله ثمان وسبعون سنة , وهو صلى على عائشة في رمضان سنة ثمان وخمسين ، قال وهو صلى على أم سلمة في شوال سنة تسع وخمسين.
قلت : الصحيح خلاف هذا . (سير أعلام النبلاء, الذهبي, 2, 626).
وتبعا لهذه الروايات التي بنى عليها أصحاب التاريخ والرجال تراجمهم, يتبين أن أبا هريرة إنما أسلم بعد الثلاثين من عمره بسنوات (أي ما يتراوح بين ثلاث وتسع سنوات), فيكون إسلامه بين الثلاث والثلاثين والتسع والثلاثين من عمره, وكانت وفاته على عمر ثمان وسبعين سنة, وهو ما يفيد أن المدة بين إسلامه ووفاته تتراوح بين خمس وأربعين وتسع وثلاثين سنة, بينما تبين الروايات الأخرى المتحدثة عن سنة وفاته أنها كانت بين سنة سبع وخمسين وسنة ستين, فإذا نقصنا منها المدة بين إسلامه ووفاته والتي تتراوح بين خمس وأربعين سنة وتسع وثلاثين, نتج لدينا أنه إنما أسلم ـ في أحسن الأحوال ـ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بما يزيد على السنة, ويصل إلى عشر سنوات:
وهو ما يفيد أن أبا هريرة إنما أسلم في الفترة الممتدة بين السنة الثانية عشرة والسنة الحادية والعشرين للهجرة, فإذا علمنا أن الرواية المحددة لعمره عند وفاته بثمان وسبعين سنة, قد حددت سنة وفاته كذلك بسنة تسع وخمسين للهجرة, وهو ما يضيق دائرة الاحتمال بأربع سنوات, مما يفيد أنه أسلم بين السنة الرابعة عشرة والسنة العشرين للهجرة.
مما يفيد أن أبا هريرة إنما أسلم في خلافة عمر بن الخطاب,فينتفي بذلك أن يصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو ليوم واحد, ومن ثم فلم يكن ملازما له صلى الله عليه (وآله) على ملء بطنه, وإنما كان أجيرا عند آل عفان وابنة غزوان على ملء بطنه حتى زوجه الله بها وجعله إماما وأميرا, وتنتفي بذلك كل دعاوي الحفظ التي أكرم بها دون غيره من الصحابة مهاجرين وأنصارا, وهو ما يفسر عدم الحديث عن صحبته من طرف الصحابة مهاجرين وأنصارا, ويفسر عدم مشاركته في أحداث الوفاة التي شارك فيها غيره ورواها الملازمون للنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ومنهم أمنا عائشة, والتي ما كان ليلهيها عن هذا الأمر مرآة ولا دهن ولا مكحلة! أما أبو هريرة فما الذي ألهاه عن هذا الحدث العظيم والخطب الجليل لو كان حاضرا وموجودا بله أن يكون خادما وملازما يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يحدث غيره؟!...