هذا الشاب الهمام ، وهذا الشيخ الجليل ، وهذا الرادود الرائد ، وهذا المؤمن الصالح ، الذي بين حينة وفينة يجعلنا بصوته الملائكي ، نعيش حالة هوس وجنون بعشق اهل البيت ، ويجعلنا نعيش عالما روحانيا ، وفضاء ربانيا ، بتراث العترة الطاهرة ، وما يحمله بين طياته من مناقب ومآثر ، ومصائب ومعجزات .
نقول لك يا حسين الاكرف ، انت رمز شامخ من رموز الشيعة ، وانت نجم زاهر من نجوم الموالين ، وانت صوت ملائكي من صوت ائمتنا الطاهرين ، وكيف لا ؟ ، وقد ادمعت عيوننا ، وادميت قلوبنا ، ورعشت فرائصنا ، وزلزلت كياننا ، وانت تسرد لنا مصائب اهل البيت ، سردا بطولي كله كفاح ونضال وجهاد في سبيل دين الله .
ثم تتعمق اكثر فاكثر في كل ذرة في وجداننا ، بنبرات صوتك الشجي ، وقد طرت بنا في عالم نور الهي من نور جبين كل امام من ائمتنا المعصومين الابرار ، فنسكب عبرة ، ونلطم صدرا ، ونتأمل تاريخا ، وندرك تمام الادراك ان صوت الحق والعدالة والانسانية مازال صادحا ، وان صوت الباطل والجور والظلم مهما زعق وصرخ ، فهو زائل لا محالة .
نعم ، يا حسين ، وانت مداد لحسين الطف بكربلاء ، مداد برثائك وعزائك ، ومداد بصوتك واحيائك ، لتبق راية الاسلام خفاقة الى عنان السماء ، لتقول لكل اعداء الدين ، ان اهل بيت النبوة احياء يرزقون ، وان اضرحتهم ومراقدهم الشريفة ، مهما تعرضت للقصف والابادة ، فلا يمكن طمس هويتهم ، وضمر تراثهم وثقافتهم .
وخير دليل وشاهد على ذلك ، هو ولادة خدام اهل البيت ، الذين نذروا انفسهم خداما خلصا لاحياء ذكرهم ، انه احياء بطولات وتضحيات ، واحياء علوم ومعارف وبيان ، من اجل ان تعيش كل الامم والشعوب والمجتمعات ، حياة عز وشرف وكرامة ، وحياة امن وسلام واستقرار ، من هنا ولد لنا حسين الاكرف ، لينقل لكل العالم قاطبة ، دروس وتعاليم اهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام ، نقلا مبدعا رائعا ، نابع من القلب ، ومتفجر من الوجد ، ومتقد من الفكر ، ومترجم بالسان .
لنعيش معه افجع مصائب وذكريات ، واجمل قصص وحكايات ، وهو يروي لنا بكل احاسيسه ومشاعره الجياشة ، كيف ان لغة الدم انتصرت على عنجهية السيف ؟ وكيف ان صوت الحق صرع وهزم نباح الباطل ، فنزداد ذوبانا وانصهارا في الاستماع الى صوته العظيم ، وكيف لا يكون صوتا عظيما ، وقد سخره وطوعه لاعظم خلق الله خلقا وخلقا ، وشرفا وكرامة ومنزلة ؟ .
قد يقول قائل لقد بالغت كثيرا في شخص هذا الرادود ، ونقول لهذا القائل ، ومن من خدام اهل البيت لا يستحق مدحا واطراء وثناء ؟ ومن من خدام اهل البيت لا يستحق تكريما وتقديرا ؟ ومن من خدام اهل البيت لا يستحق حفاوة واشادة واحتفاء ؟ . فكل سيد من سادات اهل البيت عليهم السلام ، قدم عطاء كبيرا للانسانية ، وقدم ثروة عملاقة للبشرية .
ومن هنا تمخضت اصوات شيعية موالية تمجّد هذه الصروح الشامخة ، والقلاع الضخمة ، والجماجم الخارقة ، وكان صوت حسين الاكرف ، ترجمة ومرآة لاحياء ذكرى هؤلاء الصفوة الطاهرة تراثيا وفكريا وعلميا وعقائديا . فتهافتت الجماهير المؤمنة ، تهافت العطشان للماء ، ليروي ظمأه ، ويستلهم من خلال هذا الصوت السماوي المنبثق ، كنوزا وجواهر نفيسة ترسم له خريطة حياة مستقبلية واعدة
بعد ان جنبته حياة رخيصة وتافهة تدور في فلك التعلق المحموم ببريق حطامها الفاني ، ومتاعها الزائل ، وزخرفها المتلاشي . ان احياء مدرسة اهل البيت ، باركته هذه الحناجر النابغة ، وجعلته راسخا ومتوطدا في قلوبنا وافئدتنا ، فعكفنا نردد تلك القصائد والابيات الشعرية عن ظهر قلب ، بعد ان تسللت الينا تسلل المشغوف الملهوف . فقبعت في كل زفرة وشهقة ، وكأن لسان حالها يقول ، لقد احببنا صوتك يا حسين ، كما احببننا اصوات ائمتك وولاتك ، وهم يرفعون اكف الصلاة والدعاء الى عنان السماء ، طالبين العفو والمغفرة والانابة والرحمة ، ليعيش العالم بأسره ، حياة الامن والسلام والطمأنينة والاستقرار تحت راية لا اله الا الله محمد رسول الله .
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واهلك اعدائهم يالله
أول مااستمعت الى صوت الشيخ حسين الأكرف في صلاة الليل . صحيح أن كلماتها تدخل في الأعماق ونشعر بها .. ولكن الصوت الذي ينقلها هو الذي يؤثر فيها اكثر
بذلك الصوت الشجي .. كيف لا يكون وهو من اصوات محبين اهل البيت عليهم السلام
فهنيئاً له على هذه الروح .. الله يحفظه ويحفظ الجميع