سيد علي السويج
هل يحق لنا كمواطنين أن نتساءل عن مصير الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن الأسباب التي جعلت هذا الشيخ في مهب الريح ومجرد أثر بعد عين؟ أحسب أن التغييرات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين مؤخرا كفيلة بالرد على هذه التساؤلات وليس هناك من دليل أبلغ وبرهان أسطع من إعفاء هذا الرئيس وهذا الشيخ من منصبه وإحالته إلى التقاعد وقد تحولت الهيئة في عهده الميمون إلى شرطة دينية تنفيذية تطارد الناس وتراقب سلوكياتهم وتحصي عثراتهم وتحاكمهم مستخدمة عصا السلطة وقد تجاوزت الحدود في الاعتداء على حريات المواطنين باسم حراسة الفضيلة وحماية الدين.
كانت تصريحات الرئيس الجديد للهيئة فضيلة الشيخ عبد العزيز الحمين فور تقلده هذا المنصب إيجابية وتصب في إحياء دور الهيئة المغيب منذ زمن بعيد ولكن هل مثل هذه التصريحات التي أدلى بها فضيلته عبر بعض وسائل الإعلام مجرد يافطات براقة تذروها الرياح وفقاقيع من الصابون سريعا ماتزول؟ وهل لهذه التصريحات مايسندها على أرض الواقع قريبا؟ وهل في استطاعة الرئيس الجديد للهيئة أن ينفك من أسر وهيمنة حرس المؤسسة الدينية المنغلقة التي تهدف إعادة هذا البلد إلى عصورماقبل التاريخ؟
على فضيلة الشيخ عبد العزيز الحمين إن أراد الإصلاح في جهاز الهيئة وانتشالها من نفق التخلف والرجعية وتحسين صورتها أمام القاصي والداني أن يجتهد في قراءة التاريخ وأن يبتعد عن أفكار أسلافه ويبدأ بوضع استراتيجية يترجم من خلالها تصريحاته إلى أفعال ملموسة على الأرض بعيدا عن التخرصات هنا وهناك .
الناس يافضيلة الشيخ لاتريد هيئة دينية تلاحق الناس في الشوارع وترقبهم في المطاعم وتطاردهم في المجمعات والأماكن العامة لتحكم على تصرفاتهم وفق منظورها الخاص انطلاقا من اجتهادات ما أنزل الله بها من سلطان لتحكم على هذا بالفسق والمجون وعلى ذاك بالردة والضلال ..الناس يافضيلة الشيخ لاترغب أن ترى وجوها مكفهرة متجهمة لاتفهم إلا لغة الصراخ والزعيق في الأسواق والمحلات التجارية باسم المناصحة والأمر بالمعروف ..الناس يافضيلة الشيخ لايسرها مطاردة المواطنين والمقيمين واحتجازهم وتفتيش هواتفهم المحمولة بمجرد الظن والتخمين كما لايريد الناس من الهيئة أن تراقبهم بقضايا اللبس والأغاني وغيرها من مفردات الحياة اليومية ولاتريد قمع حرياتهم الشخصية أو ملاحقة محلات العباءات النسائية بحجة أنها مطرزة أو مخصرة ..الناس يافضيلة الشيخ لاترغب أن تتجاوز هذه الهيئة على حريات المواطنين فيما يتعلق بأزيائهم بل حتى نظرات الشباب وأماكن تجمعهم في الأماكن العامة ..الناس لاتريد من الهيئة أن تقوم بالهجوم على أماكن ترفيه الشباب وعلى مسرحياتهم والاعتداء على الممثلين والمخرج كما حصل على محاضرة لأحد قادة تيار الاصلاح والتنوير في المملكة..لانريد أن تتحول مجمعاتنا التجارية إلى من يلوح لنا بالعصا مستأسدا بشرطي وهو يقول(غط حريمك..أتق الله) لانريد أن تتحول شوارعنا إلى دوريات تطارد الناس كأنهم مجرمون وبلا فضيلة ولا أخلاق..لانريد من الهيئة أن تسوق الناس سوق النعاج من مكان لآخر ..لانريد من الهيئة أن يعلمونا تقصير الثوب إلى ماتحت الركبة أو إطلاق اللحى حتى السرة دون تهذيبها ..لانريد أن تعلمنا الهيئة كيف نلعق السواك بطريقة مقززة طوال ساعات الليل والنهار..لانريد من يقول إن من ينتقد الهيئة يريد النيل من الدين وكأن الهيئة هي الممثل الرسمي للدين الإسلامي الحنيف..لانريد من الهيئة أن تكون دولة داخل الدولة لايردعها رادع ولايحجمها حاجم وخير دليل على ذلك الحوادث التي جرت ضد أجانب ودبلوماسيين وصلت إلى حد التأزيم في علاقة هذه الدول بالمملكة..لانريد من الهيئة أن تنصب من نفسها القيمومة على أمور الناس الخاصة والعامة ..لانريد من الهيئة أن تقمع الطقوس العبادية للشيعة وتشدد قبضتها من منطلق أن جميع مايقومون به مجرد شركيات وبدع وفق منظورها الخاص .
الأيام القادمة ستثبت لنا مدى تطبيق تصريحات الرئيس الجديد للهيئة إلى واقع ملموس أم إلى نظريات جوفاء تركن على الرف.
طيب الله أوقاتكم