العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية الودق
الودق
عضو متواجد
رقم العضوية : 33000
الإنتساب : Mar 2009
المشاركات : 111
بمعدل : 0.02 يوميا

الودق غير متصل

 عرض البوم صور الودق

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العقائدي
المعصومون الجدد
قديم بتاريخ : 04-04-2009 الساعة : 01:57 AM




المعصومون الجدد

مرام عبدالرحمن مكاوي
لسنوات طويلة ظلت قضية "عصمة الأئمة" التي يعتنق بها أهل الطائفة الشيعية محل انتقاد من قبل أهل السنة والجماعة، على اعتبار أن أهل السنة لا يعترفون سوى بعصمة الأنبياء والرسل عليهم السلام، وذلك فيما يختص بالوحي والشرائع الربانية فقط، وإنما هم أيضاً بشر ويخطؤون ويسهون في الأمور الحياتية الأخرى، والأدلة على ذلك كثيرة. هذا على الأقل ما نشأنا عليه وتعلمناه في مدارسنا التي تدرس هذا المذهب في هذه البلاد. ومع ذلك فإن المتتبع لأحوالنا يلاحظ بأننا نعطي العصمة أيضاً لبعض الأشخاص أو الجهات بحيث يصبح أي أمر يقومون به صحيحاً بالمطلق دون حتى معرفة التفاصيل والملابسات المتعلقة بالقضية. وبالتالي لا يُستغرب أنه حين يقوم شخص بالتساؤل عن مدى صواب الفعل الذي قام به هؤلاء المعصمون الجدد، فإنه يواجه لوماً وتقريعاً شديدين، مع أن هذا الشخص قد لا يكون بالضرورة ضد هذه الجهة أو تلك على طول الخط، وإنما فقط يطرح سؤالاً محدداً، أو يستفسر عما أشكل عليه، أو حتى يختلف معهم في جزئية بعينها، أو مع فرد ينتمي إلى هذا الجهاز أو القطاع. فهناك من يعتقد بعصمة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو عصمة المشايخ، أو عصمة القضاة أو الدعاة أو الأئمة وغيرهم ممن يحسبون على الدين وأهله.
ربما يكون الحديث في هذا السياق موجهاً بشكل أكبر لجهاز الهيئة، باعتبار أن قضاياه تثير أكبر قدر من الضجة، وأنه يلامس حياة الناس العاديين بشكل مباشر ويومي أحياناً، بحيث لا يكاد يكون هناك مواطن أو مواطنة إلا وله تجربة – سلبية أو إيجابية – مع الهيئة. في حين أن العكس ليس صحيحاً فيما يتعلق بالشرطة أو القضاء، مع أن هذه الأجهزة الثلاثة: الشرطة والهيئة والقضاء تهدف في النهاية إلى إصلاح الخلل في المجتمع أياً كان. ومع ذلك يبدو أننا مستعدون لقبول فكرة أن رجل الشرطة أو المرور أو حتى الوزير أو السفير يمكن أن يخطئ التقدير مهما بلغ من عمر أو علم أو خبرة أو دراسة. بالمقابل فإنه يُصعب على البعض تقبل فكرة أن يخطئ موظف في الهيئة حتى لو كان شاباً صغير السن وقليل الخبرة والعلم.
ويتخذ الدفاع عن هؤلاء المعصومين صوراً أكثر حدة، وتطلق عبارات من عينة: "لا يبغض الهيئة إلا منافق" أو "لا ينتقدها إلا فاسق وصاحب سوابق!"، وهذه عبارات تقدم على أنها أشبة بحديث شريف، لناحية تصديق الناس لها وهنا تصبح القضية أكثر تعقيداً. فإذا كان الدفاع عن هذا الجهاز بهذه الحرارة مرده قوة الإيمان والعاطفة الدينية وهما أمران محمودان، فإن الكذب والابتداع في الدين ليسا كذلك. فالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة حددت صفات المنافقين وميزتهم، وبالتالي فلا يحق لشخص في القرن الحادي والعشرين أن يتبرع بالإضافة من عنده، خاصة إذا كان هذا الأمر قد استغل ضد خصوم فكريين أو سياسيين كما هو حاصل حالياً.
ويعتقد هؤلاء أنهم بدفاعهم غير الموضوعي يساندون من يدافعون عنه بينما في الحقيقة هم يتسببون بتأجيج المزيد من التعصب ضده، كنتيجة حتمية حين يصبح الهوى لا المنطق سيد الموقف. بالإضافة إلى أنه يجعل هذا الجهاز أو غيره يتعامى عن عيوبه وأخطائه، إذ سيصدق العاملون فيه بأن من ينتقدهم علماني حاقد أو متحرر فاسق. فتزداد الأخطاء وتتراكم مما قد يجعلها عصية على العلاج مستقبلاً ويكون الحل هو إلغاؤه نهائياً، وهكذا يكون قد تحقق هدف من يريدون أن يلغى هذا الجهاز فعلاً ولكن ليس بأيديهم وكتاباتهم وأفعالهم (أي الليبراليين) وإنما بأيدي أنصاره، ويا لها من مفارقة.
وإذا خرجنا قليلاً من جزئية الهيئة إلى الفكرة الأعم، وهي خطورة تفشي هذا الفكر الأحادي والإقصائي في المجتمع، لأنه يحول بعض البشر إلى آلهة أو أنصاف آلهة أو أنبياء على أقل تقدير، لا يحاسبون ولا يُراجعون، فيغيب العدل، وتسود حالة من الاحتقان ويتجمد المجتمع فكرياً وبالتالي ثقافياً وعلمياً وصناعياً وعلى كافة الأصعدة. وها هي أوروبا لم تستطع أن تدخل عصر النهضة إلا بعد أن تخلت عن أولئك الذين نصبوا أنفسهم أرباباً من دون الله من رجال الدين في كنائسها. ولكن مشكلة أوروبا هي أنها اضطرت في سبيل تحقيق ذلك أن تتخلى عن الدين نفسه، الذي كان أحد ركائز الثقافة الأوروبية كما تظهر ذلك أعمال الفنانين من شعر وأدب ورسومات وموسيقى، بل حتى الأعلام التاريخية لتلك الدول يزهو عليها الصليب حتى يومنا هذا كرمز للدولة. خيار أوروبا كان صعباً ومؤلماً لأن السرطان كان قد تغلغل في الكنيسة والفساد وصل كل حد بحيث بات من شبه المستحيل فصل الدين عمن أساؤوا إليه. وها هي تدفع ثمناً غالياً لذلك، فقد أنشأت حضارة بلا أسس روحانية، والنتيجة هي ضياع بوصلة القيم والأخلاق والفطرة.
ما يخشاه الكثيرون ممن يعتزون بقيمهم ودينهم ويريدون أن تطبق الشريعة المحمدية في المجتمعات الإسلامية، هو أن تؤدي الأفعال المحسوبة على من يقدمون أنفسهم كأصحاب علم ودين ودعاة فضيلة ورجال حسبة إلى نفور الناس من الدين ذاته، وهذا قد حصل بالفعل أو كاد، ولهذا السبب ربما يجدون أنفسهم مضطرين أن يهاجموا هذا الجهاز أو ذاك بحدة أحياناً لرغبتهم في بيان براءة الشرع المطهر من أفعال كهذه أولاً، ولتقويم وإصلاح أفعال هؤلاء ثانياً، وهم بذلك يسيرون أيضاً على مبدأ إسلامي أصيل وهو النصيحة الذي يسير عليه جهاز الهيئة على سبيل المثال. وبالتالي فإن مهاجمة هؤلاء واتهامهم بالنفاق والعلمانية والزندقة ليست أمراً صحيحاً وترديد ذلك ليس سوى كذبة لا تليق بشخص يدعي أنه مسلم مطبق لشرع الله تعالى.
هذا الفكر الدفاعي التخويني موجود في مجتمعنا، بل أتوقع أن بعض التعليقات على هذا المقال ستصنفه أيضاً في هذا الاتجاه العدائي ضد "حراس الفضيلة" و"سفينة النجاة" حتى قبل الانتهاء من القراءة. فإذا أردنا أن نتخلص من هذا الأسلوب في التفكير، فعلينا أن نعيد صياغة خطابنا الديني بالأساس. ففي كتاب المدرسة كما في خطبة الجمعة وفتاوى بعض العلماء وأشرطة بعض الدعاة، تتم الإساءة بنفس الطريقة لكل من لا يريد أن يوافق على كل ما قيل ويقال بالمطلق حتى وإن اتفق في الهدف واختلف معهم في الفرعيات، وبالتالي فليس من العدل أن نحاسب الناس على تفكيرهم ما دام هذا ما تم تعليمهم إياه بالأساس في البيت والمدرسة والمسجد والإعلام بمختلف أشكاله.
الإصلاح الفكري والثقافي أصعب بكثير من إصلاح الأراضي وإعمار المدن، ولكن الأمر يستحق كل جهد، لأنه حين ينصلح فكر المجتمع يصبح لدينا أساس متين لإصلاح كل شيء آخر، ومن دون ذلك سنظل نراوح مكاننا، فتحرير العقل هو نقطة البداية لنهضة وطنية شاملة.










من مواضيع : الودق 0 اسماء المطر عند العرب
0 العلاج بالثعابين والفئران
0 عامر والامام علي ع
0 قصة مالك ابن دينار للموعظه
0 تحريم لبس الذهب للرجال
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 11:14 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية