وبعد جدال طويل عريض و مخاض شديد لم يتمكن المعنيون من انجاح الولادة الطبيعية و من الموقع الرئيسي و الصالحة الخاصة لقانون انتخابات مجلس النواب العراقي، و اُرسل اخيرا الى مجلس الامن الوطني لاجراء العملية القيصرية المنتظرة له كي يخرج الى العلن دون افرازات سلبية مؤثرة على الوضع العام . و كما هو المعلن و هو غير الحقيقي طبعا، ان الخلافات و عدم اقرار القانون توقف عند عقدة قضية كركوك فقط !! ان لم تكن هذه من اجل المماطلة و العودة الى الصفر و الاستناد على القانون السابق في هذه المرحلة ايضاو هو الهدف غير المعلن. و من المتوقع ان تناقش الجهات المكونة لهذا المجلس القانون استنادا على المصالح السياسية و باسماء و تسميات عديدة ، و هذا لب الصراحة، و يجب ان يكون الدستور هو الحكم المانع لخروج الاطراف عن المسار القانوني للعملية السياسية. و في نفس الوقت ابدى عدد من نواب المجلس امتعاضهم من هذه الخطوة و هو يعتقد بان العملية و الصلاحية اخرجت من تحت يده، و هو يعمل استنادا على الفكر النابع من مصالحه الذاتية و الحزبية او الفئوية الضيقة ، و معرفته بانه لا يمكنه هناك وضع العراقيل في عجلة المناقشات المستفيضة بين الكتل و يعلم بانه لا يمكنه اخلاء ما في جوفه من التوصيات او العقد و الاراء المسبقة التي امليت عليه و هو يكد خلال هذه الفترة في طرح ما مفروض عليه، و هذا ما يثير غضبه و هو يعلن ذلك و غير قادر على كظم غيضه و تحمل ما يجري ، و لا يقدر على الصبر لحين ظهور النتائج لتلك المفاوضات لاصحاب الشان الاكثر حرصا على مستقبل البلد و شعبه.
من قراءة مواقف الجهات و حرصهم و الحاحهم على تحقيق مصالحهم في هذا الوقت الحساس و اصرار الاخرين على تحقيق مآربهم و ان كانت خارجة عن القانون و المصالح العامة ، و بعيدة عن الحق و المستحقات، ربما يكون تناول الموضوع اكثر هدوءا و عقلانية هناك و هم يتداولون تفصيلات الخلافات ، و لكن هناك ايضا من القضايا المصيرية المتعلقة بمضمون القانون تخص جهات عدة و فيها من الحسابات الدقيقة الشائكة و النابعة من المصالح العقيدية و الحزبية و الايديولوجية و العرقية، و منها لا تقبل المساومة، بل الظروف تفرض العديد من الموجبات التي لن تدع ايدي الاطراف مفتوحة و حريتهم مطلقة في مداولة الفقرات الحساسة المتعلقة بمصير الشعب و مستقبله في القانون، و هناك يمكن ان نتوقع سيطرة الصراحة اكثروالمناقشة بشكل اكثر دبلوماسية بعيدة عن الشوشرة الاعلامية و ضغوطاتها و مؤثراتها على مسار المحادثات، و لكن من المحتمل ان يستغل بعض الاطراف العملية لابداء المواقف بشكل علني من اجل المحافظة على الاصوات او كسبها من اجل الانتخابات و ارضاء الموالين و المنتمين بشكل عام.
لا يمكن ان نخفي بان ما يجري صعب، و لكن المعلوم ان اطراف المجلس السياسي للامن الوطني هم اصحاب الكتل الكبيرة في البرلمان، على الرغم من مواقفعهم الحكومية و هم قادرون على ما يجب ان تكون عليه الاراء بعد قرائتهم للواقع و ما تتطلبه مكوناتهم و احزابهم، فلا يمكن ان يتفائل اي مراقب متتبع للامر، و بالاخص اننا شاهدنا عدة عمليات مماثلة من قبل و التجارب السابقة مررت او نقضت ما اصدرت حتى من مجلس النواب من قبل مجلس رئاسة الجمهورية. الا ان بعض الجهات الموجودة اليوم و هي منشقة عن تكتلاتها السابقة و ستكون مواقفها وفق المستجدات التي تهمها و هي تدخل اليوم الى معمعة الانتخابات و منافساتها بقائمة مستقلة او مغايرة و تحتاج لتسجيل موقف و حتى المزايدة كجزء للدعاية الانتخابية المبكرة و تبدي اعتراضها او تعلن ارائها على العلن على غير قناعتها كما نرى بعد كل اجتماع و ان كانت التصريحات بشكل تلميحات في بعض الاحيان فان كانت غير مباشرة. كل هذه السلبيات ستسجل على طبيعة الاجتماعات و ما يجري فيها، و من المتوقع ان تطول العملية او تؤجل، و ذلك بعودة القانون الى البرلمان دون موافقة الجميع و اقراره و مواجهة النقض الرئاسي و من ثم ياخذ الوقت اللازم للعودة مجبرا الى القانون السابق و هو اهون الشرين ، و هنا من مصلحة العديد من الكتل ان تسكت عما تجري، و السياسة فن الحفاظ على المصالح و يجب الا تلام اية جهة تؤمن بانها تراعي مصالح ابنائها السياسية الاجتماعية الاقتصادية بالسلم و الصراع المدني و هو متطلبات العصر و التعامل الصحيح الحضاري هو سلوك الجهة المؤمنة بالتقدم . و الحزب كوسيلة هامة لتحقيق اهداف الشعب، يجب ان يستغل هذه المواقف في مصلحة ما يؤمن به و الا يفرط بحقوق من يؤمن باحقية ما يمكن ان يكون عليه، و ما هي الحقوق الواجبة تامينها ، اضافة الى تحقيق اماني و اهداف الشعب، و لكن الهدوء و التاني و مصالح كافة الفئات و المكونات و الطبقات اهم من الشخصيات و المواقع و النفوذ، لذا من المتوقع ان تاخذ المناقشات مدا اوسع و وقتا اطول و اكثر الاحتمالات تدلنا الى التوجه الى اقرار القانون السابق في هذه المرحلة ايضا ان لم تحدث المفاجئات، لان هناك اعتراضات قوية في هذا المضمار ايضا و لكن طرقها غير مسلوكة قانونيا و لا يمكنها ان تفرض ارادتها كما هي موجودة لدى الجهة الاخرى التي لديها الطرق القانونية و السياسية ، و الاجدر بالجهات ان تتوافق قبل اي شيء و في بداية الاجتماعات على منع التصريحات و المزايدات لاي طرف اثناء فترة الاجتماعات كي يمكن امرار المناقشات دون تاثير خارجي.