|
شيعي محمدي
|
رقم العضوية : 30624
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 3,716
|
بمعدل : 0.64 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
مفاجأة صاعقة لبني وهب ... محدث وباحث سلفي يؤكد: نجد السعودية هي قرن الشيطان
بتاريخ : 02-03-2010 الساعة : 02:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
قرن الشيطان
(بحث الدكتور محمد المسعري)
نجد السعودية هي قرن الشيطان
إن الحمد لله: نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، من يطع الله ورسوله فقد اهتدى ورشد، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، وضل ضلالاً بعيداً. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وقدوتنا وشفيعنا وحبيب قلوبنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه.
{يا أيها الذين ءامنُوا اتقوا الله حق تُقاتهِ، ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون}، (آل عمران؛ 3 :102).
{يا أيُهَا النَاسُ اتقُوا ربكم الذى خلقكم من نفسٍ واحدةٍ، وخلق منها زوجَهَا، وبث مِنهُمَا رجالاً كثيرًا وِنسَاءً، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبًا}، (النساء؛ 4 :1)
{يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله، وقولوا قولاً سديدًا * يُصلح لكم أعَمَاَلَكُم، ويَغفِر لكم ذُنُوبَكُم، ومن يُطِعِ الله وَرسُولَهُ فقد فَاز فوزًا عظيمًا}، (الأحزاب؛ 33 :70).
إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هو الأسوة الحسنة: نعم الأسوة، ونعم القدوة. وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أما بعد:
فقد كثر الجدل مؤخراً حول الحديث الصحيح، المتفق على صحته، حول (نجد): (هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان)، وهل المقصود المنطقة المشهورة المعلومة المسماة: (نجد) في وسط الجزيرة العربية، أم أنها (نجد العراق)، كما يزعم البعض.
وزاد الطين بلة أن الدوافع والأهواء المذهبية، والطائفية، بل والقبلية والجهوية، دخلت في الموضوع وأوشكت أن تفسده.
ولتحرير المسألة والخروج بها من الشبهات والظنون إلى مرتبة القطع واليقين لا بد:
أولاً: من معرفة الواقع الحسي للمناطق المسماة بذلك وعلاقتها الجغرافية بعضها ببعض، ونسبتها إلى موقع المدينة النبوية المنورة الشريفة جغرافياً؛
ثانياً: استجلاء المعني اللغوي والأصل التاريخي للتسمية بـ(نجد) وكذلك (العراق) بحيث لا تبقى في معانيها أي شبهة، ومدي انطباق لفظة (نجد) على (العراق).
ثالثاً: ولا بد من دراسة الحديث بكافة طرقه دراسة مشبعة للتعرف على اللفظ النبوي المعصوم، على أن يكون ذلك وفق القواعد التي أصلناها في البيان التأسيسي لتنظيم التجديد الإسلامي، (ملحق أصول الأحكام، وقواعد الاستنباط)، حيث قلنا:
[مـــادة (4): لا يحل الاستشهاد، ولا تقوم الحجة، بنص من مرويات السنة إلا إذا ثبتت صحته ونسبته إلى النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إما ثبوتاً يقينياً قاطعاً بالتواتر، أو بأن يكون قد ثبت ثبوتاً يتجاوز كل شك معقول، أو مطعن مقبول، أو علة قادحة. كما لا يحل الاستشهاد بخبر ثابت صحيح إلا بعد استيعاب كل طرق روايته، وتحرير جميع ألفاظه، لتعيين اللفظ الثابت الصحيح، أو لاستنباط المعنى الثابت المشترك بين الطرق والروايات.
مـــادة (5): لا بد من اعتبار نصوص الكتاب والسنة جميعها نصاً واحداً متصلاً، على مرتبة واحدة من الحجية ومن وجوب الطاعة لها جميعها. فلا يجوز إعمال نص وإهمال آخر مطلقاً، ولا يحل تقديم نص على نص آخر أبداً، إلا ببرهان من النصوص نفسها، أو لضرورة حس أو عقل.
مـــادة (6): لا بد من إمضاء النصوص جميعها على عمومها وإطلاقها، فلا يحل تخصيص شيء منها أو تقييده إلا ببرهان منها، أو بضرورة حس أو عقل. .... إلخ (راجع: البيان التأسيسي لتنظيم التجديد الإسلامي)].
فهذه القواعد تلزم باستقصاء الأحاديث الأخرى المتعلقة بالموضوع.
رابعاً: تحرير انطباق الأحاديث: هل هي لكل الأزمنة، أم لأزمنة مخصوصة فقط، وإن أمكن: على من تنطبق؟!
فبالنسبة للجزئية الأولى: نلاحظ أن الأحاديث الشريفة تتحدث عن اليمن، والشام، ونجد، والمشرق، وربما عن (العراق)، و(مصر). وكلها قد تلفظ بها النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أبان إقامته في المدينة النبوية الشريفة المنورة (أو حولها)، فالمشرق إذاً ضرورة هو بالنسبة للمدينة المنورة، وما حولها.
و المدينة النبوية الشريفة المنورة تقع تقريباً على خط عرض مدار السرطان، لذلك فإن الشمس تتعامد عليها في قمة الصيف (حوالي 21 من يونيو) فيكون مشرق الشمس، في رأي العين، هو المشرق الجغرافي. أما في حضيض الشتاء (حوالي: 23 ديسمبر) فيكون مشرقها ، في رأس العين، هو الجنوب الشرقي الجغرافي، أي بزاوية 45 درجة نحو الجنوب، تقريباً.
ولكن جمهور المخاطبين لا يتعاملون مع الخرائط الجغرافية والمساطر، لذلك نتوقع أن يطلق الإنسان العامي لفظة (المشرق) أيضاً على (الشرق) المنحرف بشمال خفيف، لذلك فإن الحزم والاحتياط يوجب السماح بالانحراف شمالاً (في اتجاه الشمال الشرقي) بزاوية معقولة. ولما كان الشمال الجغرافي المحض يبعد عن الشرق الجغراغي المحض بتسعين درجة، فإنه من المستبعد أن يتساهل الناس فيدخلوا في مفهوم (الشرق) ما يجاوز ثلث هذه المسافة الزاوية أي نحو 30 درجة تجاه الشمال، وإلا دخلنا منطقة الشمال الشرقي بلا شبهة.
وبتأمل الخريط المرفقة يتضح أن هذا الخط الحدي الممتد من المدينة إلى الشرق بشمال خفيف (30 درجة فقط) لا يمر أصلاً في العراق، وإنما يلامس جنوب الكويت ثم يستمر نحو شمال أيران، فبلاد ما وراء النهر، حتي يصل، تقريباً، إلى منتصف بلاد المغول والتتار.
فشرق المدينة النبوية الشريفة المنورة يضم معظم (نجد)، أي نجد جزيرة العرب المعروفة، في المسافات المباشرة القريبة. ويضم خراسان وأفغانستان، وبلاد ما وراء النهر، وشرق الصين، وبلاد الترك (ومنهم المغول والتتار) في المدى البعيد
فالعراق المعروف هو قطعاًُ ليس إلى الشرق من المدينة، ولكن نصفه الشمالي يقع في شمال المدينة النبوية الشريفة المنورة، ونصفه الجنوبي يقع في الشمال الشرقي. هذه هي الحقائق الحسية القاطعة، التي لا يجوز إغفالها وتجاوزها، ولا بحال من الأحوال.
وبهذا يظهر لك بطلان قول الإمام الخطابي: [نجد من جهة المشرق. ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها وهي مشرق أهل المدينة]، ثم قال بعدها فوراً: [وأصل النجد ما ارتفع من الأرض وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة]، انتهى كلام الإمام الخطابي، وفقرته الأولى خطأ محض، لا يقول به إلا من لم يستطع تمييز يمينه من شماله، عياذاً بالله. أما جملته الثانية فصواب، وهي تنقض كلامه الأول، كما سيظهر قريباً، إن شاء الله.
كما يظهر لك بطلان قول الشيخ حكيم محمد أشرف سندهو في رسالته المعنونة: (أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان)، حيث قال: (مقصود الأحاديث أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة، هي مبدأ الفتنة والفساد، ومركز الكفر والإلحاد، ومصدر الابتداع والضلال، فانظروا في خريطة العرب بنظر الإمعان، يظهر لكم أن الأرض الواقعة في شرق المدينة إنما هي أرض العراق فقط موضع الكوفة والبصرة وبغداد)!!
ونحن نقول: ها هي الخريطة أمامنا، ولا تحتاج كبير نظر وإمعان للحكم على قوله بالسخف والتهافت والبطلان. فلعل الشيخ حكيم سندهو استخدم خريطة رسمها العور والعميان!
ولا صحة أيضاً لزعم الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ أن (العراق) هو المراد بالمشرق ونجد الذي ورد ذمه في الحديث فقال: (إن المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من جهة الشرق، يوضحه أن في بعض طرق هذا الحديث: وأشار إلى العراق).
وأما بالنسبة للجزئية الثانية: فلعلنا نتأمل أولاً النصوص التالية، فأولها استقصاء الإمام الحافظ الحجة الكبير الخطيب البغدادي، لأصل التسمية بـ(العراق)كما هو:
* في (تاريخ بغداد، ج1، ص24): [أخبرنا علي بن أبي علي البصري قال: أنبأنا إسماعيل بن سعيد المعدل قال: قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري قال ابن الأعرابي: (إنما سمي العراق عراقاً لأنه سَفُل عن نجد ودَنا من البحر. أُخذ من: عراق القربة، وهو الخرز الذي في أسفلها).
- وقال غيره: (العراق معناه في كلامهم الطير قالوا وهو جمع عرقة والعرقة ضرب من الطير . ويقال أيضا العراق جمع عرق).
- وقال قطرب: (إنما سمي العراق عراقا لأنه: دنا من البحر وفيه سباخ وشجر. يقال استعرقت ابلكم إذا أتت ذلك الموضع).
- أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: نبأنا محمد بن العباس الخزاز قال: أنبأنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب قال: قال أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي: (العراق من بلد الى عبادان، وعرضه من العذيب الى جبل حلوان، وانما سميت العراق عراقا لأن كل استواء عند نهر أو عند بحر عراق، وإنما سمي السواد سوادا لأنهم قدموا يفتحون الكوفة فلما أبصروا سواد النخل قالوا ما هذا السواد!)].
وبغض النظر عن الأصل اللغوي، فلا شك أن العراق منخفض، مستوي، قريباً من سطح البحر، وهو قد سفل عن نجد، وهذه حقائق حسية، لا جدال فيها. ومن كان في شك من ذلك فليذهب بنفسه مصطحباً آلة قياس مناسبة، وليقس بنفسه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فالعراق أقرب أن يكون (غوراً)، وليس (نجداً) كما اعترف الإمام الخطابي، إذ قال: [وأصل (النجد) ما ارتفع من الأرض وهو خلاف (الغور) فإنه ما انخفض منها وتهامة كلها من الغور ومكة من تهامة].
وكذلك اعترف به الشيخ حكيم محمد أشرف سندهو في رسالته المشار إليها آنفاً، وهي المعنونة: (أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان)، حيث قال: (واتفقت كلمة شرّاح الحديث وأئمة اللغة ومهرة جغرافية العراب أن (النجد) ليس اسماً لبلد مخصوص، ولا اسماً لبلدة بعينها، بل يقال لكل قطعة من الأرض مرتفعة عما حواليها نجد، …)، مع كونه من أشد المدافعين عن القول بأن المقصود هو (العراق)، وليس نجد جزيرة العرب.
ويؤيد هذا ما قاله الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني بعد نقله كلام الإمام الخطابي، آنف الذكر، إذ حكم بضعف كلام الداودي، كما هو في (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج13، ص 47): [وعرف بهذا وهاء ما قاله الداودي: (ان نجدا من ناحية العراق)، فإنه توهم ان نجدا موضع مخصوص وليس كذلك بل: كل شيء ارتفع بالنسبة الى ما يليه يسمى المرتفع نجداً، والمنخفض غوراً].
والعراق فضلاً عن كونه ليس نجداً، أي ليس مرتفعاً من الأرض، فهو بالقطع خارج جزيرة العرب، الذي جاءت النصوص الشرعية بأحكام خاصة لها، من مثل: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)، ونحو ذلك, فمن المحال أن يكون هو المقصود بلفظة (نجدنا)، والتي تشعر الإضافة فيها إلى المتكلمين أنها مكان معلوم مخصوص، وليس مجرد أي (مرتفع) من الأرض.
وأما بالنسبة للجزئية الثالثة: فهي العمل الرئيسي ها هنا. وسنكتفي ها هنا بالتلخيص، مع ذكر كافة النصوص بطولها، وكامل أسانيدها في الملحق.
* الحديث الرئيس في هذه المسألة:
* كما هو في (الجامع الصحيح المختصر للإمام البخاري): [حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا حسين بن الحسن قال: حدثنا بن عون عن نافع عن بن عمر قال: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال: قالوا وفي (نجدنا؟!)، قال: قال اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال: قالوا وفي (نجدنا؟!)، قال: قال هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان]
* وكما هو في (الجامع الصحيح المختصر للإمام البخاري): [حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد عن بن عون عن نافع عن بن عمر قال: ذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، اللهم بارك لنا في شأمنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا يا رسول الله وفي نجدنا قال: اللهم بارك لنا في شأمنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا يا رسول الله وفي نجدنا فأظنه قال في الثالثة: (هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان)]
وهو كذلك بنحو هذا اللفظ، بذكر (نجدنا)، برواية كل من: حسين بن الحسن، و أزهر بن سعد، كليهما عن بن عون عن نافع عن بن عمر، في عامة كتب الحديث، كما هو في الملحق.
* ولكن جاء في (مسند الإمام أحمد بن حنبل): [حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا سعيد حدثنا عبد الرحمن بن عطاء عن نافع عن بن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا مرتين فقال رجل وفي (مشرقنا) يا رسول الله فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من هنالك يطلع قرن الشيطان ولها تسعة أعشار الشر)]
* وهو بنحوه في (المعجم الأوسط): [حدثنا أحمد بن طاهر قال: حدثنا جدي حرملة بن يحيى قال: حدثنا بن وهب قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب قال: حدثني عبد الرحمن بن عطاء عن نافع عن بن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا فقال رجل وفي مشرقنا يا رسول الله فقال اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا فقال الرجل وفي (مشرقنا) يا رسول الله فقال اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا إن من هنالك يطلع قرن الشيطان وبه تسعة أعشار الكفر وبه الداء العضال)]، ثم قال الإمام الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عطاء إلا سعيد بن أبي أيوب تفرد به بن وهب).
قلت: ولكن عبد الرحمن بن عطاء ليس بالقوي، فلا يعارض به الثقات الأثبات من أمثال ابن عون (وعنه أبو بكر أزهر بن سعد السمان، وحسين بن الحسن). والظاهر أن أحاديث وآثار مختلفة تداخلت في ذهن عبد الرحمن بن عطاء فنشأ هذا المتن المنكر، ولعله هو الذي استبدل لفظة (نجدنا) بلفظة (مشرقنا)، وهو استبدال مقبول محتمل، لأن نجداً المعروفة تقع في مشرق المدينة!
* وجاء أيضاً في (المعجم الكبير): [حدثنا الحسن بن علي المعمري حدثنا إسماعيل بن مسعود حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عون عن أبيه عن نافع عن بن عمر ان النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك في يمننا فقالها مرارا فلما كان في الثالثة أو الرابعة قالوا يا رسول الله وفي (عراقنا) قال: إن بها الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان]
قلت: وهذا أيضاً لا شئ: عبيد الله بن عبد الله بن عون ليس بذلك المشهور، وليس هو من أكابر أهل الحديث، ولم يخرج له الستة، ولا الإمام أحمد، وقال البخاري عنه في التاريخ الكبير: (معروف الحديث)، وقال أبو حاتم في (الجرح والتعديل): (صالح الحديث) فقط، فلا يعارض به الثقات الأثبات المشاهير من أمثال: أبي بكر أزهر بن سعد السمان، وحسين بن الحسن!
ولم يأت هذا عن سالم بن عبد الله عن أبيه إلا في روايتين، فيهما نظر:
* أولاهما كما هي في (المعجم الأوسط ج: 4 ص: 245): [حدثنا علي بن سعيد قال: حدثنا حماد بن إسماعيل بن علية قال: حدثنا ابي قال: حدثنا زياد بن بيان قال: حدثنا سالم بن عبد الله بن عمر عن ابيه قال: صلى النبي، صلى الله عليه وسلم، صلاة الفجر ثم انفتل فأقبل على القوم فقال اللهم بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في مدنا وصاعنا اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا فقال رجل (والعراق) يا رسول الله فسكت ثم قال: اللهم بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في مدنا وصاعنا اللهم بارك لنا في حرمنا وبارك لنا في شامنا ويمننا فقال رجل (والعراق) يا رسول الله قال: (من ثم يطلع قرن الشيطان وتهيج الفتن)]
قلـت: زياد بن بيان، وإن كان صدوقاً عابداً، كما نص عليه الحافظ، إلا أنه ليس من أهل الحديث المشاهير، وليس له من الحديث إلا هذا الحديث أعلاه، وحديث مرفوع آخر : (المهدي من ولد فاطمة)، وقد أنكر الإمام البخاري رفعه، وأثر في التسليم عن أبي بكر الصديق، رضوان الله وسلامه عليه، فليس هو بالذي ينهض لمقابلة الإمام الثقة الثبت المشهور عبد الله بن عون.
وشيخ الطبراني علي بن سعيد بن بشير، أبو الحسن الرازي، حافظ مختلف فيه: تكلم فيه الدارقطني، وغيره. ولكن هذا لا يضر لأن الإمام ابن عساكرأخرجه في (تاريخ دمشق، ج: 1 ص: 131) بسنده إلى محمد بن عبدوس: حدثنا حماد بن إسماعيل بن علية به إلى منتهاه. كما أخرجه بإسناد آخر إلى سليمان بن عمر بن خالد الأقطع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية به إلى منتهاه. ونسبه الألباني في (السلسلة الصحيحة، ج: 5 ص: 302)، عند دراسة الحديث رقم (2246) أيضاً إلى كل من: الربعي في (فضائل الشام ودمشق)؛ وأبي علي القشيري الحراني في (تاريخ الرقة) من طريق: العلاء بن إبراهيم حدثنا زياد بن بيان به.
وعلى كل حال فإن سالم بن عبد الله، على وثاقته وجلالة قدره، لا يتقدم على نافع. وجمهور الأئمة على تقديم نافع على سالم في حالة الخلاف، وإن كنا نرجح أن الخطأ هنا إنما هو من زياد بن بيان، ولعله سمع كلام سالم لأهل العراق، أو علم به، فظن أن سالماً يعتقد انطباق الحديث على العراق أو أن (نجداً) المذكورة في الحديث تعني (العراق)، فتساهل في لفظ الحديث ورواه بالمعنى حسب فهمه.
* وربما استند البعض، كما فعل الألباني، على ما جاء في (مسند الشاميين): [حدثنا عبد الله بن العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي حدثني أبي أخبرني أبي حدثني عبد الله بن شوذب حدثني عبد الله بن القاسم ومطر الوراق وكثير أبو سهل عن توبة العنبري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (اللهم بارك في مكتنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا اللهم بارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا فقال رجل يا رسول الله وعراقنا فأعرض عنه فرددها ثلاثا وكان ذلك الرجل يقول وعراقنا فيعرض عنه ثم قال: بها الزلازل والفتن وفيها يطلع قرن الشيطان]،
قلت: لم يبين عبد الله بن شوذب من أي الثلاثة (عبد الله بن القاسم ومطر بن طهمان الوراق وأبو سهل كثير بن زياد) أخذ اللفظ، لا سيما وأن مطر بن طهمان الوراق معروف بكثرة الخطأ. فيحتمل أن يكون هذا هو لفظه، أو تداخلت الألفاظ في بعضها البعض، وما كان هكذا فلا تقوم به حجة قاطعة، خصوصاً وأن مدار البحث يدور حول لفظة واحدة بعينها، فلا بد إذاً من المبالغة في تحرير الألفاظ، والتشدد في ذلك.
* وجاء في (حلية الأولياء، ج: 6 ص: 133) ما يقوي مخاوفنا، إذ قال الإمام أبو نعيم الأصبهاني: [حدثنا عبدالله بن جعفر حدثنا إسماعيل بن عبدالله حدثنا الحسن بن رافع الرملي حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن توبة العنبري عن سالم بن عبدالله عن أبيه أن عمر قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا، ... إلخ)، فرددها ثلاث مرات، فقال الرجل: (يا رسول الله ولعراقنا)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بها الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان)].
وهذا إسناد منقطع مدلس، ثم قال الإمام أبو نعيم: (كذا رواه ضمرة عن ابن شوذب عن توبة ورواه الوليد بن مزيد عن ابن شوذب عن مطر عن توبة)، ثم ساقه: [حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر حدثنا عبدالله بن جامع الحلواني حدثنا عباس ابن الوليد بن مزيد حدثنا أبي حدثنا ابن شوذب حدثني عبدالله بن القاسم ومطر وكثير أبو سهل عن توبة عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في مكتنا وبارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا وبارك لنا في صاعنا ومدنا فقال رجل يا رسول الله وفي عراقنا فأعرض عنه فقال فيها الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان]
وقد أخرج الإمام ابن عساكر في (تاريخ دمشق، ج: 1 ص: 130) إسناد بن شوذب المدلس، فقال: [أخبرنا أبو الفرج جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي بمدينة الرسول في مسجده بين قبره ومنبره، أنبأنا الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن فراس أنبأنا أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن عبد الله الديبلي حدثنا أبو عمير عيسى بن محمد بن النحاس حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن توبة العنبري عن سالم، أراه عن أبيه بنحوه]، ثم قال الإمام ابن عساكر: (كذا أخبرنا أبو جعفر، وكان أول كتابه قد ذهب، فكتب إسناده من لا يعرف فقال فيه: أخبرنا الديبلي؛ وإنما يرويه ابن فراس عن العباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة عن أبي عمير؛ ورواه غير أبي عمير عن ضمرة بغير شك: أخبرناه أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر الزاغوني ببغداد أنبأنا محمد بن أحمد بن مسلمة حدثنا أبو طاهر المخلس ...). ثم أخرج إسنادين مختلفين إلى العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي بمثل حديث الطبراني في (مسند الشاميين).
ودرسه الألباني في (السلسلة الصحيحة، ج: 5 ص: 302)، الحديث رقم (2246)، فنسبه إلى ما ذكرنا أعلاه من المراجع باستثناء (مسند الشاميين) الذي فاته، كما نسبه أيضاً إلى كل من: الفسوي في (المعرفة، ج: 2 ص: 746)؛ والمخلص في (الفوائد المستقاة، ج: 7 ص: 2)؛ والجرجاني في (الفوائد، ج: 2 ص: 164). ثم قال الألباني: (من طرق عن توبة العنبري عن سالم عن أبيه أن النبي دعا، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين).
فنقول: هذا في أحسن أحواله تدليس شنيع، إن لم يكن خيانة صريحة. فكل الطرق تنتهي إلى عبد الله بن شوذب ثم تصعد ملسة منقطعة، أو عن ثلاثة من الرواة لا يدرى لفظ من منهم هو، وبعضهم ليس بالمتقن: فكيف يكون هذا على شرط الشيخين؟؟!!
فهذه اللفظة: (عراقنا) في هذه الرواية إذاً في أحسن أحوالها شاذة ، وإن كان الأرجح أنها منكرة، فهي لا تثبت أصلاً، ولا تجوز نسبتها إلى نبي الله، عليه وعلى آله صلوات وتسليمات وتبريكات من الله، ولا بحال من الأحوال .
وشذت رواية عن نافع عن بن عمر لا يعتد بها، لا سنداً ولا متناً:
* كما هي في (مسند الشاميين): [حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي حدثني أبي عن أبيه حدثني أبو رزين الفلسطيني عن أبي عبيد حاجب سليمان بن عبد الملك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا وفي مكتنا وفي مدينتنا وفي شامنا وفي يمننا!)، فقال رجل: يا رسول الله: وفي العراق ومصر؟!)، فقال: (هناك يطلع قرن الشيطان؛ وثم الزلازل والفتن)]، وقد أخرجه الإمام ابن عساكر في (تاريخ دمشق، ج: 1 ص: 135) من عدة طرق كلها إلى محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي هذا عن أبيه، وفيما أعلم لم يتابعهما أحد في العالم على هذا قط.
قلت: وهذا إسناد ساقط، بل هو ظلمات بعضها فوق بعض:
يزيد بن سنان الرهاوي، وكذلك ابنه محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي ضعاف.
و أبو رزين الفلسطيني مجهول، ولعله مسرة بن معبد اللخمي الفلسطيني مختلف فيه: ذكره بن حبان في الثقات، وقال: (كان ممن يخطىء)؛ ثم ذكره في الضعفاء فقال: (لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد: يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الاثبات).
وشذ حديث عن ابن عباس، لا يعتد به، لا سنداً ولا متناً:
* وهو في (المعجم الكبير): [حدثنا محمد بن علي المروزي حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن المنيب حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان عن أبيه عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: دعا نبي الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: (اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا وبارك لنا في مكتنا ومدينتنا وبارك لنا في شامنا ويمننا!)، فقال رجل من القوم: (يا نبي الله، وعراقنا؟!) فقال: (إن بها قرن الشيطان، وتهيج الفتن. وإن الجفاء بالمشرق!)]، وقد أخرجه الإمام ابن عساكر في (تاريخ دمشق، ج: 1 ص: 138) من طريق الطبراني هذه,
ولكن: عبد الله بن كيسان، هو أبو مجاهد عبد الله بن كيسان المروزي، وهو كثير الخطأ، لا تقوم به حجة. وابنه إسحاق بن عبد الله بن كيسان أضعف منه، وهو (منكر الحديث) كما قال الإمام البخاري، لا سيما إذا روى عن أبيه.
قلت: فظهر بذلك أن قول الهيثمي في (مجمع الزوائد) عند تعقيبه على هذا الحديث: [رجاله ثقات] وهم فاحش. وبذلك تكون لفظة (عراقنا) في الحديث لفظة منكرة (رواية)، أي من حيث الإسناد، لمخافة الضعيف للثقات، وهي كذلك منكرة (دراية)، أي من حيث المتن، بقرينة لفظة (المشرق)، والعراق ليس بمشرق المدينة أصلاً، كما حررناه أعلاه، على فرض ثبوت الحديث عن ابن عباس أصلاً، وهو لا يثبت بمثل هذا الإسناد الساقط!!
|
|
|
|
|