العباس بن مكار قال: حدثني عبد الله بن سليمان المدني وأبو بكر الهذلي: أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت على معاوية وهي عجوز كبيرة فلما رآها معاوية
قال: مرحباً بك وأهلاً يا عمة فكيف كنت بعدنا
فقالت: يا بن أخي لقد كفرت يد النعمة وأسأت لابن عمك الصحبة وتسميت بغير اسمك وأخذت غير حقك من غير بلاء كان منك ولا من آبائك ولا سابقة في الإسلام بعد أن كفرتم برسول الله فأتعس الله منك الجدود وأضرع منكم الخدود ورد الحق إلى أهله ولو كره المشركون وكانت كلمتنا هي العليا ونبينا هو المنصور فوليتم علينا من بعده تحتجون بقرابتكم من رسول الله ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون وكان علي بن أبي طالب رحمه الله بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى فغايتنا الجنة وغايتكم النار.
فقال لها عمرو بن العاص: كفى أيتها العجوز الضالة وأقصري من قولك مع ذهاب عقلك إذ لا تجوز شهادتك وحدك!
فقالت له: وأنت يا بن النابغة تتكلم وأمك كانت أشهر امرأة تغني بمكة وآخذهن لأجرة ادعاك خمسة نفر من قريش فسئلت أمك عنهم فقالت: كلهم أتاني فانظروا أشبههم به فألحقوه به فغلب عليك شبه العاص بن وائل فلحقت به.
فقال مروان: كفى أيتها العجوز واقصدي لما جئت له. فقالت: وأنت أيضاً يا بن الزرقاء تتكلم!
ثم التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما جرأ علي هؤلاء غيرك فإن أمك القائلة في قتل حمزة:
نحن جزيناكم بيوم بدر
والحرب بعد الحرب ذات
سعر ما كان لي عن عتبة
من صبر وشكر وحشى عل
ي دهري حتى ترم أعظمي في قبري
فأجابتها بنت عمي وهي تقول: خزيت في بدر وبعد بدر يا بنة جبار عظيم الكفر
فقال معاوية: عفا الله عما سلف يا عمة هات حاجتك قالت: مالي إليك حاجة وخرجت عنه.
نلاحظ عدة نقاط في احتجاج السيدة اروى على معاوية اللعين :
1-ان الخلافة ليست من حق قريش والامويون بل هي حق اخي رسول الله صلوات الله عليه واله
فوليتم علينا من بعده تحتجون بقرابتكم من رسول الله ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر
2- استضاف بني هاشم من قبل السلطات الحاكمة فشبتهت بني هاشم كبني اسرائيل في آل فرعون
ووقد وصفهم الله عز وجلّ باستضاعفهم ومالاقوه من العذاب بقتل رجالهم وظلم نساءهم وهم في كل هذا صابرين لان غايتهم الجنة وغاية غيرهم النار
فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون وكان علي بن أبي طالب رحمه الله بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى فغايتنا الجنة وغايتكم النار.
3- فضح الطبقة الحاكمة من حيث النسب والكفر فاعطت كل واحد منهم نسبه الحقيقي وكشفت لؤم وكفر ابائهم
فاخبرت بحقيقة معاوية وحقيقة ابائه
بعد أن كفرتم برسول الله فأتعس الله منك الجدود وأضرع منكم الخدود
والله ما جرأ علي هؤلاء غيرك فإن أمك القائلة في قتل حمزة:
نحن جزيناكم بيوم بدر
والحرب بعد الحرب ذات
بارك الله بكم تقوى القلوب
و أيضا عائشة قرنته بفرعون وبالكفار و الظاهر بدون قصد و هي تدافع عنه.
قال الاسود بن يزيد لعائشة : ألا تعجبين من رجل من الطلقاء ينازع أصحاب رسول الله في الخلافة ! ؟ قالت : وما تعجب من ذلك ! ؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر ، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة ، وكذلك غيره من الكفار . الدر المنثور للسيوطي 6 / 19 ، وفي ابن كثير 8 / 131 .