|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 44479
|
الإنتساب : Oct 2009
|
المشاركات : 557
|
بمعدل : 0.10 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
مقتطفات من مقال المفكر المغربي ادريس هاني حول السيد فضل الله
بتاريخ : 09-07-2010 الساعة : 11:17 PM
المفكر المغربي الدكتور ادريس هاني ، كتب مقالا تكلم فيه عن مذكراته مع سماحة السيد محمد حسين فضل الله { رَحمه الله } عنوانه: وداعاً ايها المفكر الفـقـيه ، اليكم مقتطفات مما جاء فيه لأن المقال طويل ويمكن الاطلاع عليه وعلى غيره من ابداعات ادريس هاني من خلال كتابة اسمه :
صورة للكاتب مع مجموعة من العلماء يتوسطهم السيد الراحل قبل سنوات ، ادريس هاني الاول من اليسار .
مقتطفات من المقال :
كبار المثقفين والمفكرين الذي لفحتهم إنسانية هذا الرجل و عمق آرائه التي تنطلق سمحة في تعبيراتها الانسيابية ـ كونه الشاعر الأديب ـ لكنها ترسم أمام العقل عنوانا عريضا بقدر ما تثير دفائن العقل. وقد عبّر عن ذلك محمّد حسنين هيكل أحسن تعبير وأبلغ لمّا قال على إثر زيارته لبيروت : "السيّد فضل الله إنسان لا تستطيع أن تختلف معه، وهو مظلومٌ أن يبقى في لبنان، لأنّه مرجعيّة إسلاميّة كبرى... إن السيّد محمد حسين فضل الله، لديه عقلٌ يضاهي عقل لينين في قدرته على التّخطيط، وإنّني عندما زرت لبنان، استفاد الجميع مني، ولكن أنا لم أستفِد إلا من المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله".
كان رجل صبر وصمود على إكراهات الداخل وتحديات الخارج. ولأنه كان طودا لم تحركه تلك التحديات بل زادته قوة ، لا سيما وقد واجهها بالكثير من الحب والتسامح والمسؤولية. إن الكبار حينما يتعرضون للهزات لا يميلون ولا يشطون ولا تكون ردود فعلهم مساوية في المقدار معاكسة للاتجاه ، لأن غيرهم قد يتحطم على صخرة من صخورها الناتئة ؛ لقد أسند آراءه بأدلة وترك الباب مفتوحا للنقاش فما العيب في كل هذا ؟! وكان لا بد أن نخوض النقاش في إطار من أدب وأخلاقيات الحوار
صورة للكاتب يطمئن فيها على صحّة السيد فضل الله قبيل وفاته
كان السيد رمزا للأمة جميعا فلم هذا النكران للجميل؟! لقد تجاوز النظرة المثالية للتقريب وأدرك أن العمل التقريبي يجب أن يسموا على المثالية والاستهلاكية. وفي حوار سابق مع سماحته سألته عن مستقبل وآفاق التقريب فقال: " من الضروري أن ينطلق العمل التقريبي على أساس دراسة الواقع ، لا أن ينطلق في آفاق حالمة مثالية ترتكز على العاطفة والانفعال مما قد يقودها إلى التبسيط الساذج".
لقد كان التوحيد الإسلامي وجمال الإنسانية مقومين لقيام رؤى الراحل. مسلم وإنسان لم يفتأ يذكّر بهما ، بعد أن عبّر عنها شعرا منذ يفاعته:
إننا مسلمون ، نؤمن بالإنسان..نحياه فكرة وشعورا
أو حينما يقول:
إننا أوفياء ، نخلص للإنسان ، مهما جنت يداه علينا
إنه إرثنا، فقد كان من قوم، توالى نداهم في يدينا
وفقّت لزيارة سماحته قبل شهرين من وفاته. أخبرني أحد معاونيه وكذا إبنه البارّ، سماحة السيد علي بأن الوالد مستعد للزيارة. كان همّي في هذه الزيارة أن أطمئن على صحته . وقد أخبرني أحد معاونيه أن السيد حينما أخبرناه بوجودك وبأمرك كان مسرورا وقد تأثر كثيرا وقال بأن السيد إدريس له أن يأتي في كل وقت ونحن نحبه : لقد أثر في ذلك كثيرا. ولكن أيضا كنت في حاجة إلى هذا الدعم الذي لا زال يمنحنا إياه سماحته حتى وهو يواجه مرضا عضالا. جئت لمواساته لكنني أفاجأ بأنه كان هو من يواسينا. دخلت عليه وإذا بابتسامته تشرق في ملائكية وصمود. وضعه الصحي صعب. لكنه يتظاهر بقوة وصلابة. إنه لا يملك أن يقف. والعياء متمكن منه. وعند الحديث كان يجهد نفسه لكي يحافظ على عمق تحليله.
قلت له يا سماحة السيد نحن أشوق وهذه فرصة لنا لنتعرف على سماحتكم عن قرب. كان حديثا مفيدا وشيقا. وقد حدّني عن المغرب وعن المشرق وعن الانفتاح وعن التجديد وعن الاستكبار العالمي وعن الشعوب والمستضعفين وعن كل العناوين التي شكلت مدار انشغاله. أخبرني يومها عن أنه سبق أن استفسر من قبل السفير المغربي إن كان يوافق على أن يستضاف ضمن درس رمضاني. وقد برر لي سماحته سبب عدم تجاوبه أن المسألة في الحقيقة تتعلق في نظره بالوضع الأمني تحديدا، وهو الذي توقف عن حضور الكثير من المؤتمرات والمناسبات خارج لبنان وسوريا والحج.
وفي إحدى اللقاءات أسرّ لي بأن الثورة الثقافية في العالم الإسلامي لم تقم بعد وبأن الأمر يتطلب جهدا للإصلاح يجب أن لا يتوافق بالضرورة مع ما يطلبه العوام. على العالم أن لا يستسلم لأهواء هؤلاء
هو ليث ما أدركه الضعف حتى ودّع. كان مربيا ومؤسسا حتى لا يوجد مقاوم لا يعرف له في ذلك فضل. خدم وربّى ورعا وهذّب. وحينما نادى: أيها البدريون.. كان يعرف ما يقول ومن يخاطب وكيف سيتلقاها أولئك الذين كانوا يتشربون بمثل هذه الكلمات التي كانت تصنع لديهم إرادات لا يلوى لها ذراع. هي كلمة المؤسس والراعي والمتفقد في الميدان. وقد شاء الباري تعالى أن يختم له بتلك التراجيديا التي قصف في طريقها بيته والكثير من مؤسساته ، لكنه رأى الانتصار الذي عمّر قلبه فلم يعد يخشى على لبنان بعد أن خلف من ورائه خلف أدركوا سرّ الأمانة وعرفوا كيف يصنعون من مثل تلك الكلمات والمواقف والإيحاءات الروحية مجدا شهدت به التضاريس والوديان وترجموها في ساحة النضال والمقاومة. عاش السيد كل الآلام التي لحقت بالمجتمعات التي خضعت للاحتلال في المنطقة العربية والإسلامية. لقد عاش مشكلة فلسطين ولبنان والعراق كما عاش قضايا إسلامية في العالم كله. كانت القضية الفلسطينية خطا أحمر بالنسبة إليه. وقد عزز بالفكر والفتوى من مشروع المقاومة التي ساهم في تأسيسها الفكري والسياسي حتى اعتبر أكثر قياداتها ممن تخرجوا من حلقاته، ودعني أكون صريحا لقد تعلم منه الكثير من العلماء في منطقتنا العربية هذا المستوى من التفكير المقاوم والمنفتح. وقد دافع في لبنان عن المحرومين وعن الفلسطينيين وعاش أثناء الحرب الأهلية متمسكا بموقف الرفض لهذه الحرب وللطائفية السياسية. أليس هو من تحدث في لبنان عن دولة الإنسان لكي يقول بأننا في لبنان إن كنا في وضع طوائفي لا يسمح بتأسيس دولة الإسلام التي تجدونها في مشاريعنا الفكرية وتنظيراتنا الحركية فإن الأمر هنا وللخصوصية يتطلب تأسيس دولة الإنسان التي في نظره لن تناقض أبدا دولة الإسلام ، حيث الأولى هي في نهاية المطاف غاية الثانية
|
|
|
|
|