[ابوسبايا]

استيقظ المواطن المغلوب على امره وحث خطاه الى سوق القرية لكنه فوجىء بغياب جميع الخضراوات والدجاج الحي والمذبوح عن محلات البقالة ودهش ايضا ان حوانيت القصابين خالية من اللحم فلقد كان السوق اقرع بالتمام والكمال وحين اراد الإستفسار عن سبب هذه الشحة العجيبة لجميع الأطعمة من سوق القرية ، اخبره عابر سبيل ان المسؤول الفلاني اشترى اللحم والفواكه والخضراوات جميعا حتى يقيم مأدبة غداء لأهل القرية ترويجا لحملته الإنتخابية ، وحدث الأمر نفسه في قرية اخرى وقضاء آخر بل ان هذا الغياب الغريب لجميع الأطعمة والحبوب حدث ايضا في اسواق المحافظات ، شحة لا حدود لها بجميع الأغذية في جميع اسواق البلاد مع ارتفاع اسعار فاحش بثمن الماشية والسبب ان جميع المسؤولين الداخلين في الحملات الإنتخابية قد اعدوا مآدب الطعام الدسمة واللذيذة للجماهير التي ستنتخبهم .. غير ان المواطن المغلوب على امره .. لم تخدعه تلك الموائد الفاحشة والمفخخة بالوعود الزائفة برغم يقينه ان هذه الإنتخابات ستكون كسابقاتها من حيث النتائج والإتهامات المتبادلة بتزويرها ، وبرغم وفرة الفرص المتاحة الآن امام الجماهير التي تروم المشاركة في انتخابات مجلس النواب القادم ، اجل فرص كثيرة ولايمكن ان تعوض الا بعد اربع سنوات ، واولى هذه الفرص ان بوسع الناخبين ان يتكلمون بما شاءوا عن الحرمان الذي اصابهم طيلة السنوات المنصرمة وبرغم ان حديثهم لايسمن ولايغني من جوع لكنه خير متنفس لهم عن احزانهم وهمومهم التي لاتنتهي دون ان تنال منهم الحكومة بالوقت الحاضر ، وفرصة لهم بحضور جميع الولائم الدسمة التي يقيمها القادة السياسيون للترويج الى الإنتخابات فقطعة لحم غنم في الفم خير من الف خروف في مزرعة الوعود السياسية ، وفرصة اخرى ان بوسعهم الضغط على المسؤول حتى يحصلون على وظيفة لهم او لأبنائهم في دوائر الدولة بعيدا عن الرشى والتوسلات ولابأس ان تكون تلك الوظيفة حتى لو كانت مؤقتة في حراسة اعمدة الكهرباء التي لاتصل لها الطاقة منذ امد بعيد ، ولعل الكثير لايعرف ان المواطن في البلاد يشعر في هذه الأيام ان الأمور انقلبت رأسا على عقب ، فليس هناك من قائد سياسي الا وتراه في تجوال مستمر على المدن والقصبات ، ولعل الجميع اصبح يرى جميع المسؤولين هذه الأيام تستهويهم زيارة المناطق الفقيرة والمحرومة وكأنهم لم يعرفوا ولم يسمعوا بها الا الآن ؟؟ فسبحان مغير قلوب الساسة من حال الى حال ، وبرغم تأكيد المرجعية على فحص وتمحيص المواطن للقوائم الإنتخابية وبدون ضغوط وهذا ما اعلنته المرجعية في بيان صريح وواضح ، غير ان المخفي من هذا الأمر ان هذا الفحص والتمحيص تحول الى رشاوى علنية من خلال المآتم الحسينية ومؤتمرات العشائر، حيث المسدسات التي مازال يكسوها الشحم توزع بدون خجل كهدايا على اكف الناخبين من الرؤوس الكبيرة ، اما الكيانات السياسية التي ليس لها اي سند سوى ضميرها الوطني سيقف معها هذه المرة المواطن العراقي النبيل الذي ادرك من هو الأصلح لقيادة البلاد كما ان هناك فرصة لاتعوض هذه الأيام لأولئك المواطنين المغلوبين على امرهم وذلك عن طريق تدشين صنادلهم البالية وبرشقات متواترة على وجوه جميع اولئك الذين مازالوا يصرون على خداع الناس بهذه الإنتخابات التي نأمل ان ننتهي منها بسرعة حتى تعود الخضراوات واللحوم والحبوب الى اسواق البلاد من جديد فقلد اصابت التخمة مقتلا من معدة المواطن المحروم بسبب مآدب الغداء الإنتخابية ، وجل ما نخشاه ان يبقى الحرمان والعوز والفساد قائما اذا ماظلت لاسمح الله نفس الطاسة والحمام على كراسي البرلمان حينها لاينفع الندم حين يكتشف الناس البسطاء انهم خدعوا بتلك الوعود الزائفة مرة اخرى ، لكن الجو الإنتخابي العام يفصح عن هزيمة منكرة للحيتان من ارض السواد هذه المرة ان شاء الله .. قولوا معي يارب ابعد عنا بلدنا الذئاب والحيتان ودع الحملان تستولي على عرش البرلمان .. يا الله .