هناك عدة ملاحظات أودّ توضيحها في طرحك أعلاه ..!
الملاحظة الأولى :
الأصل في الموضوع هو إثبات أي المذهبين أكثر اتباعا للرسول صلى الله عليه و آله و سلم ، و أنت هنا كانت روايتك تسعى إلى إثبات أن صلاتكم فيها اتباع لجعفر الصادق ، بناء على نظريتكم و عقيدتكم في اعتبار جعفر الصادق مثل الرسول 100% و أن كلامه و فعل جعفر وحي يوحى و عصمته مثل عصمة الرسول بالتمام و الكمال .. و هذا يوقعكم أمام مشكلتين :
المشكلة الأولى : إثبات صحة الفرضية القائلة بأن الأئمة معصومون كالرسول و أن أفعالهم و أقوالهم و حي يوحى لا مجال للخطأ فيه ، و أنه يمكن أخذ الدين من أحدهم دون النظر إلى قول الرسول و فعله .
المشكلة الثانية : إثبات صحة الرواية المنسوبة إلى الأئمة ، و إثبات صدق ناقلي تلك الرواية ابتداءا من صاحب الإمام و مرورا بالرواة و انتهاء بالمحدّث الذي كتب كتاب الروايات و وثّق الرواية في كتابه ، فقام علماؤكم بالاعتماد على الروايات الموجودة في هذا الكتاب و ذك .
في حين أنه لا تواجهني أنا سوى مشكلة واحدة فقط ، لأنني سأستدل بروايات عن الرسول شخصيا و ليس عن أبناء علي و أحفاده أو أبناء أبي بكر و أحفاده أو أبناء عبد الله بن عباس و أحفاده أو غيرهم ، بل سيكون استدلالي بأقوال و أفعال الرسول نفسه ، الذي نتفق كلينا أنه معصوم و أن كلامه وحي يوحى و أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .. في حين لا نتفق أن كلام الحسن العكسري أو جعفر بن محمد وحي يوحى و أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .. و بالتالي فأنا أمامي مشكلة وحيدة فقط ..
المشكلة الوحيدة : إثبات صحة الرواية المنسوبة إلى الرسول ، و إثبات صدق تلك الرواية ابتداءا من صاحب الرسول و مرورا بالرواة و انتهاء بالمحدّث الذي كتب الحديث و ثقه في كتابه ، فقام علماؤنا بالاعتماد على الروايات الموجودة في هذا الكتاب أو ذك ..
فالمحصلة أنه تواجهنا مشكلة مشتركة هي إثبات صحة الرواية ، و تواجهك أنت مشكلة خاصة بمذهبكم و هي إثبات أن الأئمة الـ 12 لا ينطقون عن الهوى إن هم إلا وحي يوحى و هم مثل الرسول بالتمام و الكمال ..
و بلغة المنطق ،، إذا كانت فرضيتكم في عصمة الأئمة باطلة ، فمعناه أن مذهبكم كله باطل لأنه مبني على فرضية غير صحيحة ، و بالتالي صلاتكم ليست صلاة الرسول ؛ لأنها صلاة منسوبة إلى جعفر أو إلى العسكري أو إلى الرضا و هؤلاء ليسوا كالرسول .. أما إن كانت فرضيتكم صحيحة فحينها نتساوى نحن في المرتبة ، و يتعلق صحة المذهب بعد ذلك في إثبات صحة الرواية المنسوبة إلى الرسول أو المنسوبة إلى الأئمة ، و طرق الاثبات متفاوتة و صعبة على المعاصرين ، و إنما يتم عن طريق مقارنة تلك الروايات و مدى ا نسجامها ، أو بالاعتماد على تصحيح كل مذهب لتلك الرواية .
و هنا ،، لن أطالبك بإثبات فرضيتكم في عصمة الأئمة و اعتبار صلاتهم تمثل صلاة الرسول ، لأن هذا المطلب لا يستطيع القيام بها كل الشيعة مجتمعين ، لأن إثبات هذه الفرضية لا يكون إلا من القرآن و القرآن ليس فيه هذا الاثبات و بالتالي ستضطرون إلى الذهاب إلى الروايات ، و الروايات أصلا يجب إثبات صحتها قبل الاستدلال بها ، و هذه هي المشكلة الثانية فلا يمكن حل المشكلة الأولى باستخدام رواية تعاني من المشكلة الثانية ..! لكن أردت لفت الانتباه إلى هذا الأمر الهام
و لكن ما سنقوم به ، هو أن تأتي أنت بالروايات التي تعتمدون عليها في صلاتكم ، و توثيق علمائكم لها و جزمهم بصحتها ، و هذا قد قمت به بالشكل السليم مع بعض الملاحظات نبينها في الملاحظات التالية . و ما سأقوم به ، هو أن آتي بالروايات التي نعتمد عليها في صلاتنا ، و توثيق علمائنا لها و جزمهم بصحتها ..
و هنا ، يكمن الحوار في أي الروايات أكثر انسجاما و أكثر تفصيلا للصلاة ، و أيها تفتقر إلى التفصيل الدقيق لهذه العبادة العظيمة التي فرضها الله على عباده يوميا خمس مرات ..
الملاحظة الثانية ،،
لاحظت أنكم تعتمدون على رواية واحدة فقط في صلاتكم و هي رواية حماد بن عيسى ، و باقي الروايات هي مقاطع من الصلاة و ليس توضيحا للصلاة بالتفصيل الدقيق !!!! و هنا أتعجب : أيعقل أنه لولا حماد بن عيسى لما عرفتم صلاة الرسول - بافتراض أن صلاة جعفر هي نفسها صلاة الرسول بالتمام و الكمال - ؟؟!! أيعقل أن صلاة الشيعة كلها مرهونة برواية حماد بن عيسى ، فإن كانت هذه الرواية غير صحيحة فمعناه أن صلاة الشيعة غير صحيحة و مخالفة لصلاة الرسول ؟؟؟ .. أليس المفروض أن تكون هناك أكثر من رواية تماثل رواية حماد بن عيسى بطرق مختلفة ، طريق عن جعفر و طريق عن الرضا أو حتى لو كان عن طريق جعفر و لكن يكون الناقل ليس حماد بن عيسى و إنما شخص آخر و يتم مقارنة أقواله بأقوال حماد و نرى هل فعلا وصفا نفس الصلاة أم أنهما وصفا بشكل مختلف !!!
فهذا أمر يثير استغرابي ... أليس عندكم سوى رواية حماد بن عيسى ؟؟؟ هل صلاتكم مبنية فقط على ما رآه حماد بن عيسى و نقله إليكم و لولاه لما عرفتكم تفصيل الصلاة و كيفيتها بالشكل الدقيق ؟؟!!!
الملاحظة الثالثة ،،
رواية حماد بن عيسى التي فيها التفصيل ، نجدها غير دقيقة و غير كافية لكي نصلي .. فأبسط مثال : لو سأل سائل : كيف ننهي الصلاة ؟ .. سنقول له كلينا : بالسلام في التشهد الأخير .. ثم سيقول لنا : كيف نسلّم ؟ .. أنا سأقول له : نلتفت برأسنا إلى اليمين و نقول السلام عليكم و رحمة الله ، و ننظر إلى اليسار و نقول السلام عليكم و رحمة الله .... لكنك يفترض أن تقول : تضرب بكفيك على فخذيك و تقول السلام عليكم ( لأني أرى صلاتكم تختمونها بالضرب على الفخذ ) .. و هنا نسأل : أين ورد عندكم أن المصلي يضرب فخذية في نهاية صلاته ؟؟ و رواية حماد بن عيسى لم يصف لكم كيف تنهون صلاتكم ... !!!!!!!
و ليس فقط كيفية إنهاء الصلاة ، بل هناك تفاصيل كثيييرة لم توضحها الرواية ، و لم توضحها حتى الروايات الأخرى التي أتيت بها .... فكيف تثبت هكذا أن صلاتكم هي مثل صلاة الرسول و رواياتكم ليس فيها التفصيل الدقيق الموضح للصلاة و لا حتى في كيفية إنهاء الصلاة !!!!!!
الملاحظة الرابعة ،،
لاحظت تناقض عجيب و غريب في هذه الروايات التي وضعتها .. فمثلا الرواية الثانية عن زرارة قال أن الإمام جعفر قال له : أن أركان الصلاة هي الوقت و الطهور و الركوع و السجود و القبلة و الدعاء ، و باقي أمور الصلاة فهي سنن في الصلاة ..
و ما يفهمه القارئ لهذه الرواية هو أن باقي أمور الصلاة سنن ، إذا لم يقم بها لا يعيد الصلاة لأنها ليست من أركان الصلاة و إنما من سننها .. و لكن في المقابل نجد في الرواية الثالثة عن زرارة نفسه يقول أنه سأل الإمام جعفر عن الذي يصلي و ينسى تكبيرة الإحرام ، فقال له : يعيد الصلاة ... فكيف تكون تكبيرة الإحرام من سنن الصلاة و لم تصح الصلاة بدونها ..؟؟؟؟؟!!!!!! و نفس الإشكال في قراءة الفاتحة فهناك رواية تقول بأن الذي لم يقرأ الفاتحة لا تصح صلاته .. برغم أن الإمام لم يقل أن قراءة الفاتحة من أركان الصلاة !!!!!!!!
فهذا تناقض واضح ،، إما أن تكون رواية زرارة التي قال فيها أن أركان الصلاة هي الوقت و الطهور و الركوع و السجود و القبلة و الدعاء أن تكون هذه الرواية غير صحيحة لأنها تناقض الروايات الأخرى التي يقول الإمام فيها أن الصلاة لا تصح دون تكبيرة الإحرام و دون الفاتحة .. و إن كانت الرواية صحيحة فإن باقي الروايات غير صحيحة إذ لا يستقيم الجمع بينها ..
فلو قال زرارة أن الإمام جعفر قال له : أركان الصلاة هي الوقت و الطهور و تكبيرة الإحرام و قراءة الفاتحة و الركوع و السجود و القبلة و الدعاء ... لما كان هذا التناقض ، و لكنه لم يقل هكذا ... فهل تستطيع أن تزيل هذا التناقض الواضح ؟؟!!!!!
الملاحظة الخامسة ،،
أنت نقلت تصحيح بعض علمائكم لتلك الروايات التي اعتمدت عليها ، و لكن كان التصحيح بالأسماء ، مثلا : صححها الروحاني أو صححها البحراني أو غيرهم .. و لكن سؤالي هو : هل كان التصحيح في كتاب يرجع إليه الناس و يروا توثيقهم للرواية أم كان تصحيحا بالرأي دون أن يكون لهؤلاء كتب يرجع الشيعة إليها ليتأكدوا من صحة الرواية ..
مثلا أن تقول : صححها الروحاني في كتابه كذا في ص 45 ، فبهذه الطريقة سيعلم الشيعي أن الرواية صححها الروحاني في كتاب ، و يذهب إلى الكتاب ليرى أدلة الروحاني في تصحيحه و تعليقه على رجال الرواية ... أما أن يكون التصحيح هكذا دون أن يكون هناك كتاب للمحقق يرجع الناس إليه فهذا تصحيح سهل جدا ، تستطيع أن تقول بأن هذه الرواية صححها خادم الأئمة ..!!! لكن العبرة هي في وجود كتاب لخادم الأئمة يصحح الرواية لكي يرى أهل الاختصاص أدلة خادم في تصححيه أو أدلة الروحاني أو البحراني في توثيقهما للرواية ..
فإن كان هؤلاء العلماء صححوها في كتب خاصة بهم ووثقوا رجال الرواية فيها ، فالأفضل أن تنقل ذلك .. أما إن لم تستطع ذلك فلا بأس لأن الملاحظة من باب التنويه ليس إلا ..