مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) ... جودٌ وإباء
بتاريخ : 09-03-2010 الساعة : 06:56 PM
مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) ... جودٌ وإباء
يكتسب كل ضريح أهميته وعظمته من الشخصية التي ترقد بين جنبات ترابه، بل قد تكتسب مدينة ما تضم مرقدا لشخصية ذي مكانة دينية عظيمة، قداسةً لم تكن تحظى بها قبل وجود ذلك الجسد المطهر فيها، فضلا عن شمول تلك القداسة ضريحه وما يستتبعه من شرافة ما يرتبط به من بناء وماسواه.
وهكذا غدت المراقد التي ضمت أجساد أنبياء الله وأوصيائهم (عليهم السلام) وأولياء الله الصالحين وبعض أبناء أوصياء رسول الله محمد (صلى الله عليه واله) أضرحة مقدسة، تتربع على قمتها مراقد سادة الخلق، وهم المعصومون الأربعة عشر(عليهم السلام) ، وبالطبع اصبحت المدن التي تأسست فيما بعد بسبب تلك المراقد وتمحورت حولها أو اشتهرت بسببها بعد أن كانت موجودة، مدنا مقدسةً، تأتي في مقدمتها المدينة المنورة والنجف الأشرف ومدن كربلاء والكاظمية وسامراء ومشهد حيث توصف المدن الأربعة الأخيرة بـ(المقدسة) حيثما يرد اسمها...
تفردت تلك المدن بضم أجساد من خلقت الدنيا بما فيها لأجلهم، وهم ثلاثة عشر معصوماً صلوات الله عليهم أجمعين(والرابع عشر منهم حي غائب)، واكتسبت وجودها - باسثناء المدينة المنورة وسامراء المقدسة- من تشرفها بتلك الأجساد المطهرة، فيما حازت كلها على القداسة بسببها، وأصبحت مهوى الأفئدة من كل حدبٍ وصوب شوقاً لزيارة مراقدها تلك، ولينهل منها المسلمون، بل وكل البشر، قيماً ومباديء ضحى من أجلها أولئك الصفوة من الخلق ولتكون نبراساً ينير درب السائرين على منهج الحق.
وستأخذنا رحلتنا في هذا الإصدار إلى المرقد المقدس لقمر العشيرة الهاشمية سابرين أغوار التأريخ القديم له، مرورا بالحديث منه لنطوف في رحابه ولننهل من فيض عطاءه... فهو مرقد رمز الإباء وكفيل العيال في ملحمة الطف الخالدة، ثورة أبي الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)...
نعم إنه ضريح أخوه سيدنا أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) في كربلاء المقدسة، صاحب المنزلة العظيمة لدى الله، والذي اكتسب درجة العصمة أيضاً... وكيف لا وقد ربته يد أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) وذخرته لنصرة وحمل راية الإمام الحسين (عليه السلام).
كما أننا سنبين في هذه العجالة أيضاً العمارات التي توالت على هذا المشهد المعظم والحوادث التي أرادت إطفاء نور هذا القمر مذ هوى في تلك البقعة المباركة في العاشر من محرم الحرام من عام 61 للهجرة النبوية وحتى الحال الحاضر أوائل العقد الرابع من القرن الخامس عشر الهجري، كما سنـُعرف بالإدارات التي تعاقبت على عتبته خلال تلك الفترة بحسب ماتوفر لدينا من مصادر حيث تشح في هذا المضمار، ربما لأن العتبة العباسية المقدسة ارتبط وجودها تأريخياً وفكرياً بالعتبة الحسينية المقدسة، كما أن الأخيرة كانت وإلى قرون متأخرة تشرف إدارياً على الأولى، وما كان يصيب إحداهما يلحق بالأخرى، إن كان خيرأ أو شراً، ومن كان يتكلم عن مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) في تلك المحاور التي تناولناها يسكت غالباً عن الكلام حول مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) فيها، مما يجعل المؤرخين يجمعون على أن ما حصل في المرقد الأول يجري على الثاني ما لم ترد قرينة تغايره.
ونحن أزاء ذلك كله، قد يحدونا الأمل بأن نرفد هذا الإصدار مستقبلاً بمعلومات أخرى حال توفر مصادرها الموثوقة، وهي دعوة لمن يمتلكها أن يساهم في ذلك ومن الله التوفيق.