|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77449
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 320
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرحيق المختوم
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 4
بتاريخ : 02-11-2013 الساعة : 01:46 PM
أنواع العلاقات الاجتماعية: 1- العلاقات الاختيارية 2- العلاقات الجبرية
تقسم العلاقات الاجتماعية للانسان إلى قسمين: العلاقات الاجتماعية الاختيارية والعلاقات الاجتماعية الجبرية، وإصلاح النفس وبناؤها نحصل عليها غالبا في نطاق العلاقات الجبرية لا الاختيارية. وسنتطرق بتوضيح هذا القسم أكثر في المستقبل.
أما العلاقات الاختيارية فهي، كعلاقة الانسان بصديقه. فالصداقة هي من العلاقات الاختيارية للانسان. كما ألفت انتباهكم إلى أن العلاقات الاجتماعية الاختيارية هي أيضا ليست اختيارية 100% بل إن اختياريتها نسبية، ففيها نسبة مئوية ولو قليلة من الجبر. فمثلا نفس الصداقة فهي علاقة جبرية اختيارية، لأن الذي يصادف شخصا في طريقه وتقع محبته في قلبه ثم يبدأ بصداقته واللقاء به ... فهذه التصادفات فيها نسبة ولو قليلة من الجبر.
فمن يريد أن يختبر نفسه هل فيه صفة الرحمة والشفقة أم لا، عليه أن يجرّب نفسه في العلاقات الاجتماعية الجبرية، هل هو شفيق على الآخرين فيها أم لا؟ فليس من الشطارة أن يرفق المرء بصديقه. لأنه هو الذي اتخذه صديقا له باختياره والشفقة مع الآخرين في نطاق العلاقات الاختيارية لا تعد ملاكا لمعرفة الشخص وصفاته. فالشفيق الحقيقي الذي تكون الشفقة جزء من ذاته، هو من يكون شفيقا في العلاقات الجبرية. فمن يشفق ويرفق بأمه وأبيه وبنيه، ومن لا مجال للفرار منهم ولا مجال لإبدالهم -كالصديق- فمن كان شفيقا في مثل هذه العلاقات، يعد شفيقا ورحيما حقا.
هل الزوجية علاقة جبرية أم اختيارية؟
يتصور الكثير بأن الزوجية علاقة اختيارية وينظرون لها حتى النهاية بعنوانها علاقة اختيارية. فلا مجال للقول بأن هذه الرؤية اشتباه بالكامل، لكن الزوجية أيضا تعد إحدى العلاقات الاجتماعية الجبرية. فبعد مدة قليلة تقريبا -نسبة إلى كل العمر- تذهب حلاوة وطراوة اختيارية هذه العلاقة ولا ينظر لها إلا كعلاقة جبرية.
بعض الناس يفر من الزواج ويتخوف منه لأنه دخل إليه بذهنية أن الزواج سيتبدل بعد مدة إلى علاقة جبرية مملة. وهذا يأتي من تصوره الخاطئ بأن العلاقة الزوجية لابد أن تبقى للنهاية انتخابية واختيارية. فلا يمكنه أن يتصور بأن الزواج سيتبدل فيما بعد إلى علاقة جبرية. فالعلاقة الزوجية في الواقع لابد أن تتبدل بعد مدة -سواء أكانت أربعة أشهر أو أربعة سنين أو بعد مدة لا يفرق كم ستطول وفي الواقع ليس من الصحيح أن تطول كثيرا- ستتبدل إلى علاقة جبرية، بما فيها نوع من المرارة في ذات وجودها. والله سبحانه قد جعلها جبرية لهذا المقطع منها لا لمتعتها ولذتها الأولية التي غالبا ما لا تدوم كثيرا. والمرء بطبيعته خبير بأمره لا يخدع نفسه؛ وعليه أن يكون صادقا معها. فهو يعلم بأن هذه اللذة والمتعة الأولية ذاهبة إلى الزوال مهما كانت العلاقة فيما بينهما.
من فوائد العلاقات الجبرية هي أن إنسانية المرء تتحقق وتتشكل فيها. لقد جعل الله سبحانه في بداية الزواج لذة ومتعة وهي هدية منه تعالى ليتجرأ المرء ويضع قدمه في وادي هذه العلاقة. التي هي من أصعب العلاقات بين المرأة والرجل وأكثرها حساسية. إذن، إن الزواج أولا هو علاقة جبرية؛ كالعلاقة بين المرء وأمه وأبيه. و إن كانت تختلف من حيث الذاتية. ثانيا إن كمال الإنسان يكمن في أن تظهر صفاته وسلوكه الحسن في مثل هذه العلاقات الجبرية. إنسانية المرء أيضا تتشكل وتكتمل في مثل هذه العلاقات. فلا نتصور بأن الزواج لذة ومتعة فحسب وسيبقى هكذا إلى الأبد بحيث يمكن للزوجين الاحتفاظ بعلاقتهما الأولية وحلاوتها ومتعتها ويمكنهما تحمل بعضهما البعض وتحمل عيوبه وإساءته على أساسها. فليس من الصحيح أن يخدع المرء نفسه. فهذه العلاقة ستتحول بعد فترة إلى علاقة مكررة.. ولا يمكن لأحد إجراءها بالشكل الصحيح إلا إذا وصل إلا مقام الإنسانية الرفيع. وسنذكر فيما بعد كيفية إقامة هذه العلاقة وإجرائها بالشكل الصحيح والجميل.
عندنا في الرواية أن زوجتك كالقلادة في رقبتك، فانظر إلى قلادتك كيف تكون. ما هو عمل القلادة؟ لا مناقشة في الأمثال. القلادة توضع برقبة الحيوان لكي يسحبوه بها إلى مكان لا يريده وعلى رغم منه. فالزوج والزوجة شبهان بالقلادة التي في رقبة الإنسان؛ فهذا الحديث يدلّ بمفهومه على أن هذه الرابطة، جبرية.
من الجيد أن ينجذب المرء للمثالية؛ فمن الروعة بمكان أن يسعى الإنسان وراء مكانة مطلوبة بصفتها طموح له، لكن على أن لا يكون سعيه وراء شيء وهمي على أنه شيء مثالي ومطلوب. فمن كانت طموحه تصبّ في أن يجعل من هذه العلاقة الزوجية علاقة غير جبرية، فهو يسعى وراء شيء واهم وغير صحيح. العلاقة الزوجية لابد أن تصل إلى نقطة الجبر شئنا أن أبينا.
فالمثالية هو أن نبدل هذه العلاقة الجبرية بعلاقة جميلة جدا، سيدوم مسيرها.
لابد أن نتقبل هذه العلاقة الجبرية ونسايرها بالشكل الحسن الجميل. أفضل مثال للعلاقات الجبرية، هي علاقة الولد بوالديه. فالاختلاف بين الابناء والآباء والامهات، من الامور التي تؤلم المرء وتؤذيه. لكن على الأولاد أن يتحملوا هذا الألم ويحملوه على عاتقهم، فليس من المفروض أن يتحمل هذا الألم الآباء والأمهات.
صبر الأولاد على هذا الاختلاف بينهم وبين والديهم مما يساعد على رشدهم وتكاملهم. وعلى العكس من ذلك فيما لو لم يصبروا على تحمل هذا الحمل الثقيل ولم يصبروا على هذه الاختلافات سيبتليهم الله بحمل آخر يجرّ عليهم أنواعا من البلايا والرزايا، منها قصر العمر؛ وزوال العافية؛ وقلة الأرزاق. ومن هذه البلايا يرزقه الله ولدا قد يصنع به أكثر مما صنع هو بوالديه. فعليكم بحمل هذا الحمل على أعتاقكم والاستسلام له.
الأصل الذهبي للسلوك في العلاقة الجبرية.
إذن لابد أن تكون نظرتنا للأسرة، على أنها علاقة جبرية مع الفارق الكبير بينها وبين غيرها من العلاقات الجبرية، منه ما أودعه الله سبحانه في هذه العلاقة من اللذة والمتعة، بيد أنهما ليستا أصل فيها، لأنها ستقل فيما بعد شيئا فشيئا. فلا تتصوروا بعد قلتها بأن حياتكم قد واجهها الانكسار. فأصل المعيشة هي، هذه المرارة التي تحصل بالعلاقة الجبرية.
قد نرى بأن يصاب أحد الزوجين بالكآبة بسبب قلة رابطته بالطرف المقابل أو بسبب شعوره بأن الطرف المقابل بدأت رابطته به تقل، مع أن السير الطبيعي للحياة الطبيعية هو أن تقل العلاقة بينهما قليلا بعد فترة من الزواج.
أما السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كان هذا هو السير الطبيعي للحياة، ماذا نعمل في الحياة الجبرية حتى نحصل على علاقات حسنة فيما بيننا؟ ما هي المواقف الروحية والسلوكية التي لابد من توفرها في مقام العمل؟ كيف سيكون سلوكنا وتعاملنا مع الطرف الآخر؟
لابد أن يكون هناك تبانٍ في الحياة الجبرية، وهو: "أن يفدي كل فرد نفسه للطرف الآخر. ولابد أن يكون من طرف واحد". وأجمل حالة في أن يفدي نفسه من غير انتظار الأجر منه. وهذا التباني يجب أن يعمّ الطرفين وعدم أخذ الأجر عليه أو بالأحرى عدم انتظار الأجر كذلك لابد أن يعم الإثنين.
يتبع إن شاء الله...
|
|
|
|
|