ما أعجبَ المشاعرَ التي كانت تَموج في قلبكَ.. أيّها الوصيّ؟! يومَ كنتَ أقربَ الناس إلى نبيّ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو في أيامه الأخيرة: على الفراش، وفي لحظة الاحتضار!
وما أعجبَ المشاعرَ التي كانت تَموج في قلبك.. يا عليّ! ساعة تَوَلَّيْتَ أمر أخيك وحبيبك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وساعة قُمتَ بغُسْله وتكفينه وتجهيزه ـ وكانت تلك لك تعليمات النبيّ الراحل العظيم.
ولقد قُبضَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وإنّ رأسَه لَعلى صدري.
وقد سالَتْ نفسُه في كفّي، فأمْرَرتُها على وجهي.
ولقد وُلِّيتُ غُسْلَه صلّى الله عليه وآله وسلّم والملائكةُ أعواني، فضَجّتِ الدار والأفنية: مَلأٌ يَهْبِط، وملأٌ يَعْرُج. وما فارَقَتْ سمعي هَيْنَمةٌ منهم ـ يُصَلّون عليه، حتّى وارَيناه في ضريحه.. فمن ذا أحقّ به منّي حيّاً وميّتاً؟! (كيف لأحزانك أن تنقضي..؟!
وأيّ شيءٍ قادر على العزاء والتصبير؟!
أمّا حُزْني فَسَرْمَد. وأمّا ليَلي فَمُسَهَّد.. إلى أنْ يختارَ الله لي دارَك التي أنتَ بها مُقيم