يستحق القراءة
عقل الرجل صناديق، وعقل المرأةشبكة
وهذا هو الفارق الأساسي بينهما، عقل الرجل مكونمن صناديق محكمة الإغلاق، وغير مختلطة. هناك صندوق السيارة وصندوق البيت وصندوقالأهل وصندوق العمل وصندوق الأولاد وصندوق الأصدقاء وصندوق المقهى.. الخ
وإذا أراد الرجل شيئاً، فإنه يذهب إلى هذا الصندوق ويفتحه ويركز فيه… وعندما يكون داخل هذا الصندوق فإنه لا يرى شيئاً خارجه. وإذا انتهى أغلقه بإحكام ثمشرع في فتح صندوق آخر وهكذا
وهذا هو ما يفسر أن الرجل عندما يكون فيعمله، فإنه لا ينشغل كثيراً بما تقوله زوجته عما حدث للأولاد، وإذا كان يصلح سيارتهفهو أقل اهتماماً بما يحدث لأقاربه، وعندما يشاهد مباراة لكرة القدم فهو لا يهتمكثيراً بأن الأكل على النار يحترق، أو أن عامل التليفون يقف على الباب من عدة دقائقينتظر إذنا بالدخول
عقل المرأة شيءآخر:إنه مجموعة من النقاط الشبكية المتقاطعة والمتصلة جميعاً في نفسالوقت والنشطة دائماً، كل نقطة متصلة بجميع النقاط الأخرى مثل صفحة مليئة بالروابطعلى شبكة الإنترنت
وبالتالي فهي يمكن أن تطبخ وهي ترضع صغيرها وتتحدث فيالتليفون وتشاهد المسلسل في وقت واحد.. ويستحيل على الرجل – في العادة – أن يفعلذلك
كما أنها يمكن أن تنتقل من حالة إلى حالة بسرعة ودقة ودون خسائركبيرة، ويبدو هذا واضحاً في حديثها فهي تتحدث عما فعلته بها جارتها والمسلسل التركيوما قالته لها حماتها ومستوى الأولاد الدراسي ولون ومواصفات الفستان الذي سترتديهفي حفلة الغد ورأيها في الحلقة الأخيرة لعمرو خالد وعدد البيضات في الكيكة فيمكالمة تليفونية واحدة، أو ربما في جملة واحدة بسلاسة متناهية، وبدون أي إرهاقعقلي، وهو ما لا يستطيعه أكثر الرجال احترافاً وتدريباً
الأخطر أن هذهالشبكة المتناهية التعقيد تعمل دائماً، ولا تتوقف عن العمل حتى أثناء النوم، ولذلكنجد أحلام المرأة أكثر تفصيلاً من أحلام الرجال.
المثير في أمر صناديق الرجل أن لديه صندوقاً اسمه: "صندوق اللاشيء"، فهو يستطيع أن يفتح هذا الصندوق ثم يختفيفيه عقلياً ولو بقي موجوداً بجسده وسلوكه، يمكن للرجل أن يفتح التليفزيون ويبقىأمامه ساعات يقلب بين القنوات في بلاهة، وهو في الحقيقة يصنع لا شيء، يمكنه أن يفعلالشيء نفسه أمام الإنترنت، يمكنه أن يذهب ليصطاد فيضع الصنارة في الماء عدة ساعات،ثم يعود كما ذهاب، تسأله زوجته ماذا اصطدت، فيقول: لا شيء لأنه لم يكن يصطاد كانيصنع لا شيء
جامعة بنسلفانيا في دراسة حديثة أثبت هذه الحقيقة بتصويرنشاط المخ، يمكن للرجل أن يقضي ساعات لا يصنع شيئاً تقريباً، أما المرأة فصورة المخلديها تبدي نشاطاً وحركة لا تنقطع
وتأتي المشكلة عندما تحدث الزوجةالشبكية زوجها الصندوقي فلا يرد عليها، هي تتحدث إليه وسط أشياء كثيرة أخرى تفعلها،وهو لا يفهم هذا لأنه – كرجل – يفهم أنه إذا أردنا أن نتحدث فعلينا أن ندخل صندوقالكلام وهي لم تفعل، وتقع الكارثة عندما يصادف هذا الحديث الوقت الذي يكون الرجلفيه في صندوق اللاشيء، فهو حينها لم يسمع كلمة واحدة مما قالت حتى لو كان يرد عليها
ويحدث كثيراً أن تقسم الزوجة أنها قالت لزوجها خبراً أو معلومة، ويقسمهو أيضاً أنه أول مرة يسمع بهذا الموضوع، وكلاهما صادق، لأنها شبكية وهوصندوقي
والحقيقة أنه لا يمكن للمرأة أن تدخل صندوق اللاشيء مع الرجل،لأنها بمجرد دخوله ستصبح شيئاً .. هذا أولاً، وثانياً أنها بمجرد دخولها ستبدأ فيطرح الأسئلة: ماذا تفعل يا حبيبي، هل تريد مساعدة، هل هذا أفضل، ما هذا الشيء، كيفحدث هذا … وهنا يثور الرجل، ويطرد المرأة … لأنه يعلم أنها إن بقيت فلن تصمت، وهيتعلم أنها إن وعدت بالصمت، ففطرتها تمنعها من الوفاء به
في حالات الإجهاد والضغط العصبي،يفضل الرجل أن يدخل صندوقاللاشيء، وتفضل المرأة أن تعمل شبكتها فتتحدث في الموضوع مع أي أحد ولأطول فترةممكنة، إن المرأة إذا لم تتحدث عما يسبب لها الضغط والتوتر يمكن لعقلها أن ينفجر،مثل ماكينة السيارة التي تعمل بأقصى طاقتها رغم أن الفرامل مكبوحة، والمرأة عندماتحدث زوجها فيما يخص أسباب عصبيتها لا تطلب من الرجل النصيحة أو الرأي، ويخطئ الرجلإذا بادر بتقديمهما، كل ما تطلبه المرأة من الرجل أن يصمت و يستمع ويستمع ويستمع…. وفقط
الرجل الصندوقي بسيط والمرأة الشبكية مركبة (كتبت معقدة ثم غيرتها). واحتياجات الرجل الصندوقي محددة وبسيطة وممكنة وفي الأغلبمادية، وهي تتركز في أن يملأ أشياء ويفرغ أخرى
أمااحتياجات المرأة الشبكية فهي صعبة التحديد وهي مركبة وهي متغيرة. قد ترضيها كلمةمرة، ولا تقنع بأقل من عقد ثمين مرة أخرى.. وفي الحالتين فإن ما أرضاها ليس الكلمةولا العقد وإنما الحالة التي تم فيها صياغة الكلمة وتقديم العقد
والرجل بطبيعته ليس مهيأ لعقد الكثير من هذه الصفقات المعقدة التيلا تستند لمنطق، والمرأة لا تستطيع أن تحدد طلباتها بوضوح ليستجيب لها الرجل مباشرة … وهكذا يرهق الرجل، ولا ترضى المرأة
الرجل الصندوقيلا يحتفظ إلا بأقل التفاصيل في صناديقه، وإذا حدثته عن شيء سابق فهو يبحث عنه فيالصناديق، فإذا كان الحديث مثلاً عن رحلة في الأجازة، فغالباً ما يكون في ركن خفيمن صندوق العمل، فإذا لم يعثر عليه هناك فلن يعثر عليه أبداً.. أما المرأة الشبكيةفأغلب ما يمر على شبكتها فإن ذاكرتها تحتفظ بنسخة منه ويتم استدعاؤها بسهولة لأنهاعلى السطح وليس في الصناديق
الرجل الصندوقي مصمم على الأخذ، والمرأةالشبكية مصممة على العطاء، ولذلك فعندما تطلب المرأة من الرجل شيئاً فإنه ينساه،لأنه لم يتعود أن يعطي وإنما تعود أن يأخذ وينافس، يأخذ في العمل، يأخذ في الطريق،يأخذ في المطعم .. بينما اعتادت المرأة على العطاء، ولولا هذه الفطرة لما تمكنت منالعناية بأبنائها
إذا سألت المرأة الرجل شيئاً، فأول رد يخطر على باله: ولماذا لا تفعلي ذلك بنفسك. وتظن الزوجة أن زوجها لم يلب طلبها لأنه يريد أن يحرجهاأو يريد أن يظهر تفوقه عليها أو يريد أن يؤكد احتياجها له أو التشفي فيها أوإهمالها… هي تظن ذلك لأنها شخصية مركبة، وهو لم يستجب لطلبها لأنه نسيه، وهو نسيهلأنه شخصية بسيطة ولأنها حين طلبت هذا الطلب كان داخل صندوق اللاشيء أو أنه عجز عناستقباله في الصندوق المناسب فضاع الطلب، أو أنه دخل في صندوق لم يفتحه الرجل منفترة طويلة
تقول إحدى الزوجاتإنه يصر علىمعاندتي واستفزازي، لقد طلبت من زوجي أن يساعدني ويضع الغسيل في الغسالة… واستغرقالأمر مني بعض الوقت حتى أعددت وعاء الغسيل ووضعه له في منتصف الغرفة لينقله إلىالغسالة… ولكنه لم يفعل. وأقسمت على ألا أطلب منه هذا الطلب ثانياً، وكان لمزيد مناستفزازي يعبر فوق الوعاء أو يمر من جواره دون أن يكلف نفسه عناء نقله أو حتىإزاحته ليتحرك بسهولة. وبقي الإناء هكذا لمدة شهر وهو يعاندني ولا يحركه أو ينقل مافيه… حتى زارنا أحد الأصدقاء فقصصت عليه القصة فلما فاتحه في الموضوع قال زوجي: أيوعاء وأي غسيل. فأخذته من يده إلى الغرفة حيث يقع… فنظر إليه في بلاهة وقال: ما هوالمطلوب مني؟ قلت: أن تنقله إلى الغسالة؟ قال: وهل طلبت مني ذلك؟ قلت: نعم طلبت،وحتى لو لم أطلب فعليك أن تفهم هذا بنفسك… الغريب أن الرجل قال بكل صدق: والله كأنيأنظر إلى هذا الوعاء الآن لأول مرة.