نص الرسالة الثانية التي كتبها الإمام صاحب العصر والزمان إلى الشيخ المفيد والذي تفيد الأخبار بأنها لم تكن الأخيرة بل تبعتها رسائل أخرى لم تصل إلينا ارسلها له الإمام عجل الله فرجه ......
من عبد الله المرابط في سبيله، إلى ملهم الحقّ ودليله.
بسم الله الرحمن الرحيم. سلام الله عليك أيّها الناصر للحقّ، الدّاعي إليه بكلمة الصّدق.
فإنّنا نحمد الله إليك الذي لا إله إلاّ هو إلهنا وإله آبائنا الأوّليين، ونسأله الصلاة على سيّدنا ومولانا محمّد خاتم النبيّين وعلى أهل بيته الطاهرين.
وبعد. فقد كنّا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه، وحرسك به من كيد أعدائه وشفعنا ذلك الآن من مستقرّ لنا ينصبّ في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأنا إليه السباريت من الأيمان ويوشك أن يكون هبوطنا إلى ضحضح من غير بعد من الدهر، ولا تطاول من الزمان، ويأتيك نبأ منّا بما يتحدّد لنا من حال فتعرف بذلك ما يعتمد من الزلفة إلينا بالأعمال، والله موفّقك لذلك برحمته.
فلتكن - حرسك الله بعينه التي لا تنام - أن تقابل بذلك فتنة تبسل نفوس قومٍ حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين يبتهج لدمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون.
وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظّم، من رجس منافق مذمّم، ستحلّ للدم المحرّم، يعمد بكيده أهل الإيمان، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان، لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء فلتطمئنّ بذلك من أوليائنا القلوب، وليتّقوا بالكفاية منه وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة - بجميل صنع الله سبحانه - تكون حميدة ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب.
ونحن نعهد إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظّالمين أيّدك الله بنصره الذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين: إنّه من اتّقى ربّه من إخوانك في الدين، وأخرج ممّا عليه إلى مستحقيه، كان آمناً في الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته، فإنه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته.
ولو أنّ أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليمين بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلواته على سيّدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلّم.
وكتب في غرّة شوّال من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
نسخة التوقيع
باليد العليا صلوات الله على صاحبها
هذا كتابنا إليك أيّها الوليّ الملهم للحقّ العليّ بإملائنا وخطّ ثقتنا، فأخفه عن كلّ أحد، واطوه واجعل له نسخة تطّلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا، شملهم الله ببركاتنا إن شاء الله.
الحمد لله والصلاة على سيّدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين.