دخل العباس (عمّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) على رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وقال : يا رسول اللّه قد علمت ما بيني وبينك من القرابة والرحم الماسّة ، وأنا ممّن يدين اللّه بطاعتك ، فاسأل اللّه تعالى أن يجعل لي بابا إلى المسجد أتشرّف بها على من سواي ، فقال له صلى اللهعليه وآله وسلم : يا عمّ ليس إلى ذلك سبيل . فقال : فميزابا يكون من داري إلى المسجد أتشرّف به على القريب والبعيد . فسكت النبي صلىاللهعليه وآله وسلم ـ وكان كثير الحياء ـ لا يدري ما يعيد من الجواب خوفا من اللّه تعالى وحياءً من عمّه العبّاس ، فهبط جبرئيل عليهالسلام في الحال على النبي صلىاللهعليه وآله وسلم ـ وقد علم اللّه سبحانه ما في نفسه صلىاللهعليه وآله وسلم من ذلك ـ فقال : يا محمّد- صلىاللهعليه وآله وسلم -إنّ اللّه يأمرك أن تجيب سؤال عمّك ، وأمرك أن تنصب له ميزابا إلى المسجد كما أراد ، فقد علمت ما في نفسك وقد أجبتك إلى ذلك كرامة لك ونعمة منّي عليك وعلى عمّك العبّاس ، فكبّر النبي صلىاللهعليه وآله وسلم وقال : أبى اللّه إلاّ إكرامكم يا بني هاشم وتفضيلكم على الخلق أجمعين ، ثمّ قام ومعه جماعة من الصحابة والعبّاس بين يديه حتّى صار على سطح دارالعبّاس ، فنصب له ميزابا إلى المسجد وقال : معاشر المسلمين إنّ اللّه قد شرّف عمّي العبّاس بهذا الميزاب ، فلا تؤذوني في عمّي ، فإنّه بقية الآباء والأجداد ، فلعن اللّه من آذاني في عمّي وبخسه حقّه أو أعان عليه .
ولم يزل الميزاب على حاله مدّة أيّام النبي صلىاللهعليه وآله وسلم وخلافة أبي بكر وثلاث سنين من خلافة عمر بن الخطّاب ، فلمّا كان في بعض الأيّام وَعَكَ العبّاس ومرض مرضا شديدا ، وصعدت الجارية تغسل قميصه ، فجرى الماء من الميزاب إلى صحن المسجد ، فنال بعض الماء ثوب الرجل ، فغضب غضبا شديدا وقال لغلامه : اصعد واقلع الميزاب ، فصعد الغلام فقلعه ورمى به إلى سطح العبّاس
وقال : واللّه لئن ردّه أحد إلى مكانه لأضربنّ عنقه ، فشقّ ذلك على العبّاس ، ودعا بولديه عبداللّه وعبيداللّه ونهض يمشي متوكّئا عليهما ـ وهو يرتعد من شدّة المرض ـ وسار حتّى دخل على أمير المؤمنين عليهالسلام ، فلمّا نظر إليه أمير المؤمنين عليهالسلام انزعج لذلك ، وقال : يا عمّ ما جاء بك وأنت على هذه الحالة ؟ فقصّ عليه القصّة وما فعل معه عمر من قلع الميزاب وتهدّده من يعيده إلى مكانه ، وقال له : يا بن أخي إنّه كان لي عينان أنظر بهما ، فمضت إحداهما وهي رسول اللّه صلىاللهعليه وآله وسلم ، وبقيت الاُخرى وهي أنت يا علي ، وما أظنّ أن اُظلم ويزول ما شرّفني به رسول اللّه صلى اللهعليه وآله وسلم وأنت لي ، فانظر في أمري ، فقال له : يا عمّ ارجع إلى بيتك ، فسترى منّي ما يسرّك إن شاء اللّه تعالى .
ثمّ نادى : يا قنبر عليّ بذي الفقار ، فتقلّده ثمّ خرج إلى المسجد والناس حوله وقال : يا قنبر اصعد فردّ الميزاب إلى مكانه ، فصعد قنبر فردّه إلى موضعه ، وقال علي عليهالسلام : وحقّ صاحب هذا القبر والمنبر لئن قلعه قالع لأضربنّ عنقه وعنق الآمر له بذلك ، ولأصلبنّهما في الشمس حتّى يتقدّدا ، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب ، فنهض ودخل المسجد ونظر إلى الميزاب ، فقال : لا يغضب أحد أبا الحسن فيما فعله ، ونكفّر عن اليمين ، فلمّا كان من الغداة مضى أمير المؤمنين إلى عمّه العبّاس ، فقال له : كيف أصبحت ياعمّ ؟ قال : بأفضل النعم ما دمت لي يابن أخي . فقال له : ياعمّ طِب نفسا وقرّ عينا ، فواللّه لو خاصمني أهل الأرض في الميزاب لخصمتهم ، ثمّ لقتلتهم بحول اللّه وقوّته ، ولا ينالك ضيم ياعمّ ، فقام العبّاس فقبّل ما بين عينيه ، وقال : يابن أخي ما خاب من أنت ناصره.
اللهم صل على محمد واله الابرار
اما كان يعل العين بأن هذا الميزاب وضعة النبي الاكرم بأمر من الجليل
الويل لكم يا اعداء نبي الرحمة
شكرا اختي على اذا الطرح القيم