[نور من نور]

الاصل:
ازهد في الدنيا يبصرك الله عوراتها, ولا تغفل فلست بمغفول عنك.
الشرح :-
أمر الله بالزهد في الدنيا , وجعل جزاء الشرط تبصر الله تعال له عورات الدنيا, وهذا حق لان الراغب في الدنيا عاشق لها , والعاشق لا يرى عيب معشوقه , كما قال :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة = ولكن عين السخط تبدى المساويا
فإذا زهد فيها غفقد سخطها وإذا سخطها ابصر عيوبها مشاهدة لارواية .
تم نهاه عن الغفلة , وقال :
إنك غير مغفل عنك, فلا تغفل أنت عن نفسك , فإن أحق الناس وأوهم ألا يغفل عن نفسه من ليس بمغفل عنه , ومن عليه رقيب شهيد يناقشه على الفتيل والنقير* .
* الفتيل : مايكون في شق النواة , والنقير : التي في ظاهر النواة .

[نور من نور]

وقال
الاصل :-

لم يذهب من مالك ما وعظك .
الشرح :-
مثل هذا قولهم : إن المصائب اثمانُ التجارب .
وقيل لعالم فقير بعد أن كان غنيا : اين مالك ؟ قال : تَجَرتُ * فيه فابتعتُ به تجربةَ الناس والوقت , فستفدت اشرَفَ العِوضَين * .
* تاجرت.
* الشيئين .

[نور من نور]

وقال
الاصل :-
اتقُوا معاصي الله في الخلواتِ , فإن الشاهد هو الحاكم .
الشرح :-
إذا كان الشاهد هو الحاكم استغنى عّمن يشهد عنده, فالإنسان إذن جدير أن يتّقى الله حق تقاته لأنه تعالى الحاكم فيه وهو الشاهد عليه .

[نور من نور]

وقال

الاصل :-

يابُني , لاتخلفن وراءك شيئا من الدنيا فإنك تخلفه لأحد رجلين : إما رجُل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت به , وإما رجُل عمل فيه بمعصية الله فشقى بما جمعت لهُ , فكنت عونا له على معصيته , وليس أحد هذين حيقاً أن تؤثره على نفسك .
ويروى ذا الكلام على وجه اخر وهو :
أما بعد فإن اذي في يدك من الذنيا قد كان له أهل قبلك , وهو صائر إلي أهل بعدك وإنما أنت جامع لأ حد رجلين :
رجُل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت به , وإما رجُل عمل فيه بمعصية الله فشقى بما جمعت له , وليس أحد هذين أهلا أن تؤثره على نفسك , أو تحمل له على ظهرك , فارج لمن مضى رحمة الله ولمن بقى رزق الله تعالى .



الشرح:-

أنك أن خلفت مالا ، فإما أن تخلفه لمن يعمل فيه بطاعة الله أو لمن يعمل فيه بمعصية ,
فالأول يسعد بما شقيت ب ه أنت والثاني يكون معانا منك على معصية بما تركته له من مال
وكلا المرين مذموم وإنما قال له ((فارج لمن مضى رحمة ولمن بقى رزق الله )) لأنه قال في أول الكلام :
((قد كان لهذالمال أهل قبلك ، وهو صائر إالي أهل بعدك ))


ياجامعا مانعا والدهر يرمقه = مدبرا أى باب عنه يغلقهُ
وناسيا كيف تأتيه منيته = اغديا أم بها يسرى فتطرقهُ
جمعت مالا فقل لي هل جمعت له = يا جامع المال أياما تفرقهُ
المال عندك مخزون لوارثهِ = ما المال مالك إلا يومَ تنفقهُ

[نور من نور]

وقال

الاصل :-

كُل وعاء يضيقُ بما جُعل فِيهِ, إلا ِوعاء العِلمِ فإنهُ يتسِـع بِهِ .

الشرح :-

هذا الكلام تحته سرُّ عظيم , ورمز إلي معنى شريف غامض , ومنه أخذ مثبتو النفس الناطقه الحجة على قوم لهم ،ومحصول ذلك أن القوى الجسمانيه يُكلها ويتعبها تكرار افاعيلها , كقوة البصر يتعبها تكرار إدراك المرئيات , حتى ربما أذهبها وأبطلها أصلا , وكذلك قوة السمع يتعبها تكرار الأصوات عليها , وكذلك غيرها من القوى الجسمانية , ولكنا وجدنا القوة العاقلة بالعكس من ذلك فإن الإنسان كلما تكررت عليه المعقولات ازدادت قوته العقلية سعة وانبساطا واستعدادا لإدراك أمور أخرى غير ما أدركته من قبل , حتى كان تكرار المعقولات عليها يشحذها * ويصقلها ,فهي إذن مخالفة في هذا الحكم للقوى الجسمانية , فليست منها , لأنها لو كانت منها لكان خُكمها حكم واحد من اخواتها , وإذا لم تكن جسمانية فهي مجردة , وهي التي نسميها بالنفس الناطقه .

[نور من نور]

وقال

الاصل :-
العُمُر الذِى أعذر الله فيهِ إلى ابنِ آدم سِتُّونَ سَنةً

الشرح :-
اعذر الله فيه , أي سوغ لابن آدم أن يعتذر , يعنى أن ما قبل الستين هي أيام الصبا والشبيبة والكهولة وقد يمُن أن يعذر الإنسان فيه على اتباع هوى النفس لغلبة الشهوة وشره الحداثة , فإذا تجاوز الستين دخل في سن الشيخوخة , وذهبت عنه غُلواء شِرتِه , فلا عُذرً له في الجهل .

وقد قالت الشعراء نحو هذا المعنى في دون السن التى عينها

وقال بعضهم :

إذا ما المرءُ قصر ثمّ مرّت= عليه الأربعونً عن الرجالِ
ولم يلحق بصالحهم فدعهُ= فليسً بلاحِق أُخرى الليالي

[نور من نور]

وقال في صفة المؤمن :

الاصل:-
بِشرهُ في وجهه, وحزنُه في قلبهِ أ,سع شئ صدراً , وأذل شء نفساً يكره الرفعة , ويشنا السمعة طويل غمهُ,بعيد همهُ كثير صمتهُ , مشغول ُ وقتهُ , شكور صبور . مغمور بفكرته و ضنين بخلتِهِ . سهلُ الخليقةُ , لينُ العريكة , نفسهُ أصلبُ من الصلدِ , وهو أذل من العبد.
الشرح :-

هذه صفات العارفين وكان يقول : البِشر عُنوان النجاح , والأمر الذى يختص به العارف أن يكون بِشرُه في وجهه وهو حزين وحُزنُه في قلبه , وإلا فالبِشر قد يوجد في كثيرِِ من الناس .
ثم ذكر أنه أوسع الناس صدرا , وأذلهم نفسا , وأنه يكره الرفعة والصيت.
وجاء في الخبر في وصفهم : (( كلّ خامِل نُوَمة))
وطول الغم وبعد الهم من صفاتهم , وكذلك كَثرةُ الصمت وشغل الوَقت بالذكر والعبادة , وكذلك الشكر والصبر ولاُ ستغراق في الفِكر وتدبُّر آياتِ الله تعالى في خلقه , والضن بالخلة وقلة المخالطة والتوفر على العزلة وحُسن الخلق ولين الجانب, وأن يكون قوى النفس جدا , مع ذل للناس وتواضع بينهم .