|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
((المأزومون فكريا والقضيّة المهدويّة)):قراءةٌ في إشكاليَّة المنهج المعرفي::
بتاريخ : 20-10-2011 الساعة : 12:13 PM
((المأزومون فكريا والقضية المهدوية))
:قراءةٌ في إشكاليّة المنهج المعرفي :
==================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
ويمكن صياغة البحث وإختزاله بسؤال مركزي وهو::
/س/ هل أنّ المأزومين فكريا هم وحدهم مَنْ يكون وراء نشوء الأزمة الفكرية.
أم هناك أسباب أخرى وراء هذه ا الأزمة آلآن وخاصة ما يخص القضية المهدوية؟
/الجواب/ نعم نحن قُلنا إنّ المأزومين فكريا هم دائما يُحاولون صناعة الأزمات الفكرية وغيرها تطويعا لتحقيق رغباتهم ومآربهم الذاتية .
ونعم أيضا هناك أسباب أخرى قد تأتي من غير المأزومين فكريا وخاصة في ما يتعلق بالقضية المهدوية.
والتي هي حقيقة ليست من صنيعتهم في حال إثارتها
وإنما هي تٌثار بفعل وحُكم المنهجية المعرفية التي يتبنونها في صياغة منظومتهم الفكرية والتي تبتني غالبا على حاكمية العقل التجريبي والحسي عندهم .
بمعنى أنهم في حال تعاطيهم الفكري مع أي قضية تُطرح عليهم معرفيا إنما يتعاطونا معها بأدوات العقل التجريبي والحسي ويخضعونها الى التجربة حالها حال أي مسألة طبيعية أخرى.
فمثلا لو قُلتَ لهم أننا نؤمن بإنسان ولِدَ قبل أكثر من عشرة قرون وهو حيٌ الى آلان وأعني به شخص الإمام المعصوم المهدي/ع/وسيظهر في آخر الزمان وبإذن الله تعالى.
فإنهم لن يتقبلوا ذلك بسهولة لإيمانهم بحاكمية العوامل البايلوجية على مسيرة الإنسان وعمره ومدى قاهريتها على الإنسان في صورة قانونها الصارم قانون الهرمية الجسمية .
فالمشكلة عندهم تكمن في صعوبة تقبل مسألة تطويل العمر بايلوجيا وتجريبيا وإن كانت عندهم دراسات تهتم بإمكانية ذلك لكنها لم تصل عندهم الى حيز الفعل والوقوع بل بقت مجرد نظريات في حيز الإمكان العلمي.
ولكن مسألة تطويل عمر الإمام المهدي/ع/ حقيقة هي غير خاضعة لقانون الهرمية البايلوجية بحسب الظاهر
إذ إنها تمثل إستثناء من هذا القانون لأنّ أصل القانون وقاهريته هو مخلوق بيد الله تعالى وله سبحانه تعطيله بمنع تأثيره على شخص الإمام المهدي/ع/ لمصلحة كبيرة تتعلق بمصير البشرية قاطبة
وهذا معلوم لنا دينيا كما حصل مع نبي الله إبراهيم /ع/ في قصة إحراقه حيثُ قال تعالى
(( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ))/الأنبياء69
وهذا هو عين التعطيل الألهي لتأثير النار في الإحراق .
وإن لم يقبل المأزومون فكريا هذا النص الديني القطعي الصدور والدلالة.
فعليهم أن يقبلوا بما إكتشفوه هم شخصيا حيثُ قالوا بخصوص قانون الجاذبية :
(أنه يستلزم جذب الأشياء الى المركز)
ومع هذا القانون الصارم وجوديا وطبيعيا
راحوا يقولون بخرمه وإختراقه في صورة صعود الماء في عملية الإمتصاص في النباتات من الجذر الى الأعلى بواسطة الشعيرات وسمّوا ذلك (بقانون الخاصية الشعريّة)
وهذه اليوم بديهية علمية معلوم للجميع وحتى أنها أصبحت تُدرس في المناهج التعليمية كحقيقة علمية وضعية.
فلماذا يقبلون هنا بتعطيل قانون الجاذبية علميا وينكرون التعطيل دينيا؟
وهل هذا إلاّ حيفٌ علمي وظلم معرفي؟
هذا من جهة ومن جهة أخرى إنّ ما يحكم الغرب اليوم هوالآيديولوجيات البشرية الوضعية والتي جعلت من نفسها بديلا عن الدين السماوي وخصوصا بعد ما حصل في النهضة الأوربية من قبل قرابة أربعة قرون خلت.
وهذه الآيديولوجيات تعتمد في حال تدينها بالعقائد على لزوم عقلنتها ذهنيا.
بمعنى يجب إخضاع كل عقيدة ترد على الذهن البشري من الخارج الى فلترة العقل من جهة قبوله لها أو رفضه.
وهنا تكمن المحنة المعرفية بشريا إذا العقل البشري محدود بحد الطبيعة التي نعيشها وجوديا ولايمكن لأحد خرقها وعبورها الى ما وراء حدها إلاّ من خلال الوحي والأرتباط رسميا بالله تعالى.
فضلا عن محكومية العقل البشري في إدراكاته وتصوراته بقوانين الحس.
لذا قال المناطقة مَنْ فقدَ حسّا فقد علّما.
أي :
في حال فقدان الإنسان لخاصية البصر مثلا يصعب عليه تصور ورؤية المرئيات وكذلك في حال فقده السمع أيضا سيفقد القدرة على سماع المسموعات وهكذا.
وعلى اساس ذلك لايمكن للإنسان أيّاً كان مسلم أو غير مسلم من أن يستغني عن الدين الصحيح والسليم في طلبه للإجابات عن الأسئلة التي يتعسر على العقل أن يجيب عنها في حال عدم قبوله لها ذهنيا.
وأهمها اليوم الأسئلة المتعلقة بالقضية المهدوية الحقة.
فالحياة التي نعيشها لها وجهان وجوديان حقيقيان ونحن لا ندرك منها إلاّ وجه واحد محسوس وعياني وهو عالم الحس والظاهر.
أما الوجه الوجودي الآخر وهو وجه عالم الغيب فهو مغفول عنه بشريا.
ولذا نبه القرآن الكريم على هذه الحقيقة الوجودية بقوله تعالى:
((يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)) /الروم7
((إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ))يونس7
:أي:
إن الذين لا يطمعون في لقائنا في الآخرة للحساب وما يتلوه من الجزاء على الأعمال لإنكارهم البعث
ورضوا بالحياة الدنيا عوضًا عن الآخرة وركنوا إليها والذين هم عن آياتنا الكونية والشرعية ساهون .
وهذه الآية الشريفة حقيقة تنطبق على التيارات الفكرية المادية والحسية في يومنا هذا والتي تنكر عالم الغيب
وتحذف الدين من لائحة الوجود البشري وتركن الى ذهنها القاصر والمحدود والذي غالبا ما يكون أسير الشهوات والهوى.
وأخيرا فإننا إذا ما أردنا معالجة التأزم الفكري والمعرفي فما علينا إلاّ تغيير بنى ومنهجية التفكير البشري وضعيا وتطعيمه بتعبديات الدين بتعاليم الغيب الألهي وإن لم يعقلها الإنسان بذهنه .
فالعقل لوحده لايستطيع أن يُفكك ألغاز وشفرات الوجود والذي هو من صناعة الله تعالى الحكيم العليم.
ولذا قال الله تعالى:
((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ
لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ))النساء65
وهنا أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة والمقدسة أن هؤلاء (ومنهم المأزومون فكريا)
لا يؤمنون حقيقة حتى يجعلوك حكمًا فيما وقع بينهم من نزاع في حياتك ويتحاكموا إلى سنتك بعد مماتك
ثم لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا مما انتهى إليه حكمك في رسم معالم العقيدة والدين للبشرية كافة.
وينقادوا مع ذلك انقيادًا تاماً فالحكم بما جاء به رسول الله محمد صلى الله عليه وآله سلم من الكتاب والسنة كنبي خاتم للناس أجمعين
في كل شأن من شؤون الحياة من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف.
|
|
|
|
|