|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
: الشباب وظاهرة الإيمو: بين التقيِّم والتقويم : الرصد والحلول:
بتاريخ : 10-03-2012 الساعة : 06:10 PM
: الشباب وظاهرة الإيمو: بين التقيِّم والتقويم :
===================================
:الرصد والحلول:
======== ==
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمَّد وآله المعصومين
بداية لابدَّ من التحديد المفهومي لظاهرة أو مصطلح الإيمو الذي كثر الحديث عنه في أيامنا هذه.
فالمقصود بالإيمو في أول نشأتها المجتمعية هو نمط معين يعيشه الشاب أو الشابة في التعاطي مع الموسيقى أو اللباس أوالسلوك .
وتذكر الموسوعات الحرة أنّ أول موطن ظهرت فيه هذه الظاهرة هي واشنطن قبل قرابة نصف قرن تقريبا.
ومن أبرز قصودات وأهداف الإيمو هو تجميع الشباب المهتم بالمظهر الخارجي والموضات والعمل على التعبير عن حريتهم الشخصية في الحياة دونما قيد أوحرج.
نعم يُقال عنهم أنّهم يهتمون بالعاطفة أوإرتداء ملابس معينة قد تحمل صوراً غريبة .
وعلى كل حال لابدَّ من دراسة وتقييم هذه الظاهرة نفسيا وسلوكيا ودينيا
ثم تقويمها بوضع حلول حكيمة لها سعيّا للتقليل من خطرها إن لم نتمكن من القضاء عليها.
فالمعلوم بحسب مبادئ علم النفس والسايكولوجيا :
أنّ كل فعل وسلوك بشري له إراداته التي ينتج عنها فعلا.
فهذه الإرادات تارة تكون حكيمة وصالحة في تحققها الفعلي في الخارج كسلوك الشباب المستقيم نفسيا وذهنيا.
مما يقبله العرف العقلائي ويقره الدين السماوي وترسمنه القوانين الوضعية الصحيحة والعقلانية.
وتارة أخرى تكون هذه الإرادات غير واعية وهادفة لما تُريد صنعه فحينما تصرُّ على تطبيق سلوكها وإنجاز فعلها في الخارج تواجه
إشكالية الذم العرفي العقلائي والشرعي والأخلاقي.
كما هو حال ظاهرة الإيمو المرفوضة عقلائيا وشرعيا في مجتمعنا المسلم .
ومن هنا لا شكَّ أنَّ هذه الظاهرة هي نتيجة مُؤكَّدة لما يعيشه الشباب
من حرمان معرفي وعلمي وديني و إقتصادي بل وحتى حرمان حياتي :
بمعنى أنّ الشاب يحتاج إلى أن يعيش الحياة ولكنه محروم من القدرة على العيش السليم فيها.
فضلا عن الإفتقار إلى البعد المعنوي في شخصياتهم البشرية
وإعراضهم عن منهج الله تعالى في الأرض.
المتمثل بالإرتباط بالله تعالى ودينه القويم الإسلام الأصيل
لذا قال تعالى :
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) طه: 124- 126 .
بمعنى:
إِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا في الدنيا ، فلا طمأنينة له ، ولا انشراح لصدره ، بل صدره ضيق ، حَرج ؛ لضلاله ،
وإن تَنَعَّم ظاهره ، ولبِس ما شاء ، وأكل ما شاء ، وسكن حيث شاء فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين ، والهدى
فهو في قلق ، وحيرة ، وشك ، فلا يزال في ريبة يتردد ، فهذا من ضنك المعيشة .
فإذا كان الشباب يُعانون من الهم النفسي والإجتماعي ويعيشون حالة اليأس ، والإحباط في هذه الحياة وعدم تحقيق طموحاتهم الشخصية
فهذا لايعني أنّ الحل في الإستسلام إلى إرتكاب الخطأ والإنحراف عن الحق .
فممكن لهم أن يصبروا على المعاناة إن كانوا فعلا يُعانون من أزمة نفسية أوذهنية
ويلجأوا إلى الله تعالى فبه سبحانه تنفرج الهموم وترتفع المحن
قال الله تعالى :
(الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد: 28 .
ويُذكر أيضا أنّ المنتمي إلى مجموعة الإيمو
(هذا بحسب ما موجود في مجتمعات الغرب وأمريكا)
يلجأ في نهاية أمر إلى الإنتحار وقتل نفسه كخيار أخير للخلاص مما هو فيه
ولا شكَّ أنَّ الله تعالى حرَّم إيذاء النفس ، وحرَّم الانتحار , وجعل الانتحار من كبائر الذنوب , ووعد فاعله بالعذاب الشديد
قال تعالى :
(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) النساء: 29 ، 30 .
إننا يجب أن نهتم بترشيد وتوعية الطاقات الشبابية أخلاقيا وسلوكيا ونفسيا بقدر ما نهتم بإمور أخرى ليست ضرورية
ذلك لأنّ الشباب طاقة فعّالة لابد من توظيفها في المجال الحق والصالح والمُثمر لنفس الشاب والمجتمع.
فالشباب لهما حاجات مُلحة وجوديا في هذه الحياة كحق العيش الكريم والوظيفة والزواج والإستقرار الإقتصادي فضلا عن حق التعليم وغيره.
وهذه الحاجات لابد من سدّها في التطبيق الفعلي وإلاّ تبقى تلح نفسيا وسلوكيا على صاحبها في تحقيق الإشباع لها ولو بالطرق غير المشروعة وحتى غيرالمعهودة.
وما هذا الزيغ والنكوص القيمي الذي يظهر عند بعض الشباب المسلم خاصة وغيره عامة إلاّ نتيجة متوقعة وطبيعية تنبثق عن الحرمان والعوز في تلبية الحاجة .
هذا على مستوى البعد النفسي والسايكولوجي لظاهرة الإيمو أوحتى ما يُماثلها من ظاهرة التأنّث والتذكر عند الصنفين الذكر والإنثى.
ولا ينبغي الإغفال عن البعد الفكري والآيديولوجي لظاهرة الإيمو.
فقد تكون هذه الظاهرة مُؤسَّس لها من قبل دول كبرى تعمل وفق نظام الحداثة والعولمة ورقمنة الإنسان عمليا بحكم شبكة النت أو الفيس بوك أو وسائل الإتصال الأخرى.
فقد شاع في وقتنا هذا مشروع العولمة وصناعة الإنسان الرقمي والمادي الذي يعتمد في حياته على الحاضر العلمي والمادي ويعيش حال الفصل القيمي عن ماضيه ديناً أو عرفا
ومن هنا قد تكون هذه الظاهرة هي عملية إختطاف للشباب من واقعهم وإستغلال عوامل معينة عندهم تدفعهم إلى التعاطي مع هذه الظاهرة والتأثر بها فكريا وسلوكيا وإن لم يدركوا أخطارها رأساً .
أما على المستوى الحقوقي للظاهرة:
فممكن إقناع الشباب بضرورة الإيمان بحق الإهتمام بالمظهر الخارجي والحرية الشخصية وحق التعبير عن نشاطه العلمي أوالمجتمعي ولكن بصورة ما يقبله الدين والعقلاء
لا ما يُريده المنحرفون من محاولاتهم لإظهار الشباب بصورة غير معهودة في مجتمعنا المسلم وجعلهم يتمردون على الواقع وقيمهم.
فالذين يتأثرون بهذه الظاهرة من الشباب هم أناسٌ بأمس الحاجة إلى التعاطي معهم وفق منهجية الحكمة والموعظة الحسنة
إلاّ ما شذَّ منهم فالتعامل معه يجب أن يكون وفق الدين والقانون السليم.
وينبغي على الدولة أو المؤسسة الدينية التدخل السريع لمعالجة هذه الظاهرة التي غزت حتى أبنية المدارس الثانوية
مثلما عملت على إخراج الإحتلال عسكريا من بلدنا
وإن بقت آثاره السلبية تُخيم على الآفاق إقتصاديا وفكريا وسياسيا وأخلاقيا.
فإذا سرقَ منّا الغزو العسكري ثرواتنا الوطنية وقتل الأبرياء بفعله وبفعل أذنابه من الإرهابيين.
فلا ينبغي لنا أن نسمح له بسرقه شبابنا وتحطيمهم نفسيا وسلوكيا بغزوه الثقافي والفكري.
وفي الختام لابدّ من إقامة معاهد حكومية وغير حكومية تهتم بتربية وإعداد الشباب نفسيا وترشيدهم سلوكيا ومجتمعيا
وبث الثقة في شخصياتهم والعمل على تحقيق طموحاتهم فعليا
فضلا عن إعداد مراكز تأهيل وإصلاح نفسية وسلوكية
تحتض الشاذين منهم محاولة لإحتوائهم وإصلاحهم بقدر المستطاع.
و بدلا من تركهم لأيدي خفية تتلاعب في عقولهم وتؤثّر في سلوكهم وتضلّهم ضلالاً مبينا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف.
|
|
|
|
|