بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم
التوسّل بدعاء الأخ المؤمن تمسّك بالسبب الذي جعله الله سبحانه سبباً لاستجابة الدعاء، وقد دلّت الآيات على أنّ الملائكة يستغفرون للّذين آمنوا، وأنَّ المؤمنين اللاحقين يستغفرون للسابقين، وهذا يدل على أنّ دعاء الأخ في حقّ أخيه، أمر مرغوب ومطلوب ومستجاب، فإذا كان كذلك فعلى المذنب أن يتوسّل بهذا السبب المشروع ويطلب من أخيه الدعاء له، قال سبحانه: { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للَّذين آمنوا ربّنا وسعت كلَّ شيء رحمة وعلماً فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم } (غافر/7).
وقال سبحانه: { الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا في الإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للّذين آمنوا ربّنا إنّك رؤوف رحيم } (الحشر/59).
فدعاء حملة العرش واللاحقين من المؤمنين سبب صالح لإجابة الدعاء، فعلى المسلم الواعي التمسك بمثل هذا السبب وطلب الدعاء منهم.
وفي السنّة الشريفة ما يدل على ذلك، روى مسلم والترمذي عن عبد الله عن عمرو بن العاص أنّه سمع رسول الله يقول: " إذا سمعتم المؤذّن، فقولوا مثلما يقول، ثم صلّوا عليّ فانّه من صلّى عليّ صلاة، صلّى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فانّها منزلة في الجنّة لا تنبغي إلاّ لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة ".
فهذا الحديث يدل بظاهره على أنّ الرسول يتوسّل إلى الله تعالى بدعاء أُمته له، أن يؤتيه الوسيلة والمقام المحمود في الجنة ويكون جزاؤه شفاعتَه في حقّهم. فإذا كان هذا حال النبي فأولى لنا أن نتمسك بهذه الوسيلة: وفي روايات أئمة أهل البيت تصاريح على ذلك، نذكر بعضها لتتجلّى الحقيقة بأجلِّ مظاهرها فانّ العترة الطاهرة أحد الثقلين اللّذين أمر النبي بالتمسك بهما والمتمسك بهما لن يضل:
1 ـ روى أبو بصير، عن أبي جعفر، قال: " إنّ عليّ بن الحسين قال لأحد علمائه: يا بنيّ اذهب إلى قبر رسول الله فصلِّ ركعتين، ثم قل:اللّهمّ اغفر لعليّ بن الحسين خطيئته يوم الدين، ثم قال للغلام: اذهب فأنت حرّ لوجه الله ".
2 ـ روى محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله يقول: " كان علي بن الحسين إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبداً له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد يكتب عنده، أذنب فلان، أذنبت فلانة يوم كذا وكذا ولم يعاقبه، فيجتمع عليهم الأدب حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب، ثم قال يا فلان: فعلت كذا وكذا ولم أُؤدبك أتذكر ذلك؟ فيقول: بلى يابن رسول الله، ويقررهم جميعاً، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين إنّ ربّك قد أحصى عليك كل ما عملت كما أحصيت علينا... فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو، وكما تحب أن يعفو المليك عنك فاعف عنّا تجده عفوّاً ربك رحيماً ـ إلى أن قال: ـ فيقول لهم: قولوا اللّهمّ اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنّا، فأعتِقه من النار كما أعتق رقابنا من الرقّ، فيقولون ذلك، فيقول: اللّهمّ آمين ربّ العالمين، إذهبوا فقد عفوتُ عنكم وأعتقتُ رقابكم رجاءً للعفو عنّي وعتق رقبتي
وأسألكم الدعاء