|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 67974
|
الإنتساب : Sep 2011
|
المشاركات : 2,555
|
بمعدل : 0.53 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الثقافي
ذكريات في محراب ابيها بقلم:
بتاريخ : 06-05-2012 الساعة : 07:50 PM
بنظرة صبت فيها كل مافي قلبها الرقيق من مشاعر حب ,, راحت تراقب قطرة العرق المنسابة من على جبهة ابيها عبر اخاديد وجهه الشاحب الذي اكتسى بلون الارهاق المتراكم عبر سنين من العمل الكادح ,, و الخوف على الابناء تحت ظلال حكم لربما هو الاقسى في تأريخ البشر ,, مدت يدها البيضاء كلون بشرة ابيها التي كانت تميزه عن الجيران والاصدقاء لتمسح قطرة العرق التي تبعتها العشرات منها في مجارٍ عميقة حفرتها اثار الزمن القاسي على وجهه المهيب ,, مسحت بكفها الرقيق قطرات الدمع التي اختلطت بشعر لحيته النقية البياض كبياض الثلج المتراكم على قمة جبل تتلاقف هامته الرياح كل يوم من جميع الجهات دون ان تظفر منه ولو بانحناءة يأس او خنوع ,, شعرت بموجة وخز شفيفة سرت عبر بدنها النحيل لتجتاح قوامها الممشوق ,, ثم لتنتهي بين نبضات قلبها المتسارعة من ثقل الاسى على ذلك الكهل المتعب الناضح حباً و حناناً بقدر ما ينضح عرقاً تفرضه عليه معادلة الخبز او مذلة الجوع .. مزقتها ابتسامة تكلفتها لتحجب عن عينيه الرصاصيتين طقوساً من الحزن الرمادي تشتجر تحت اضلعها .. تمتمت بخشوع وقد اختلطت قطرات العرق على وجه ابيها بخطوط يدها وذابت في اعماق بشرتها الناعمة وكأنها باتت جزءاً من اوردتها وشرايينها ,, ساعدك الله يا ابي ,, قالتها بكل زفرات وجدها على ابيها وكأنها تنطقها بشفاه قلبها و روحها ,, بنشيج حزن لم يكن ليخفى على اذني ذلك الكهل الذي ينظرها بعينيه الصافيتين صفاء السماء بعد انجلاء مزن المطر ,, كان لون عينيه الفريد يأسرها بشعور من الامان لم تعرف مثله طوال سني عمرها ,, فيضمها بين ذراعيه لتغرق في فيض من الحنان كأنها تذوب بين طيات قلبه المتعب ,, مرتلاً بكلمات لطالما قدستها كتقديس صحف سليمان وداوود ,, لا عليك بنيتي لقد اعتاد ابوك الكدح ,, فوحدهم الكادحون من يصنعون الكرامة خبزاً وثياباً وبيوتاً ,, لتحيا بها اجيالٌ من الصالحين .
|
|
|
|
|