"... واجبكم اليوم هو أن تمهِّدوا له الأمور لكي يأتي وينطلق من تلك القاعدة المهيّئة، لا يمكن الانطلاق من نقطة الصفر. المجتمع الذي يمكنه أن يتقبّل حكومة المهدي الموعود أرواحنا فداه هو المجتمع المستعد المتوفر على القابلية لذلك، وإلا فسينتهي إلى نفس المصير الذي انتهى إليه الأنبياء على امتداد التاريخ.
ما هو السبب الذي لم يتمكن معه الكثير من أنبياء أولي العزم من تطهير العالم من الفساد والرذيلة؟ السبب هو أن الظروف لم تكن مهيئة.
ولماذا لم يتمكن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من اجتثاث جذور الفساد في عهده رغم ما كان يتصف به من قوّة ربّانية، ومع ما له من علم متصل بمعدن الحكمة الإلهية، ومع تلك الإرادة الراسخة، ومع كل تلك المناقب، ومع كثرة توصيات الرسول صلى الله عليه وآله به؟ بل وقع العكس، وأزيح هو عن الطريق! فقتل في محرابه لشدّة عدله، وذلك لأن الظروف والأجواء لم تكن مهيئة، فعكَّروا الأجواء عليه، واختطوا حب الدنيا وتحقيق المطامع نهجاً في وجهه، فالذين اصطفوا في مواجهة أمير المؤمنين عليه السلام في أواخر عهده أو في أواسطه لم تكن لديهم أرضية راسخة من التدين والورع.
فإذا لم تكن الظروف مهيئة تنتهي إلى وقوع أمثال هذه النكبات، فإذا ظهر إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه في ظروف غير مهيئة سينتهي إلى نفس تلك النهاية، إذن فلا بد من التمهيد له...".
إننا لا يمكننا أن نعتبر أنفسنا من المنتظرين دون التمهيد للظهور، ظهور المهدي الموعود أرواحنا فداه، والتمهيد يتم بالالتزام بالأحكام الإسلامية والقرآنية، فكما ذكرت، جاء في الروايات "والله لتمحّصُن، والله لتغربلن"، هذا التمحيص وهذا الامتحان الكبير الذي يواجهه مريدو ولي العصر عجل الله تعالى فرجه وشيعته هو نفسه السعي لتطبيق الأحكام الإسلامية، وعليهم أن يسعوا لذلك...".