مذبحة الأقلام الفضية ج5
هذا أحدهم يكيل الإهانات إلى صاحبه ويتهمه جهرا ًوبافتضاح ... وآخر يــلوم
رفيقه على فعلة منكرة ستجر عليه وعلى غيره الويلات ،أصبح الجو مشحونا ً
بالتوتر والانفعال والتبدل .
وفي إحدى الزوايا جر رجل صنوله في الخُلق من عروةقميصه وبقسوة محاولا ً
لوي جذعه صارخا ًعابسا ًوبوجه مكفهر حتى أوقع قلمه الفضي علــى الأرض.
ماحدا بهذا أن يلتقط القلم الفضي وبنفس لاهث وزفير حار متقطع ؛ هجــم على
خصمه غارسا ًالقلم الفضي في أصل رقبته مفتتحا ًلثغرة حمراء بدأت تضــــخ
الدماء على أرضية الباحة ، وبين الأرجل اضطجع الخصم البادئ مذبوحا ً.
بعد ذلك سرت عدوة شيطانية في المكان وانتشرالهوس الإبليسي إلى الجــموع
الكل تنبه إلى القلم الفضي في العرا... وهناصار سلاحا ًوشرع يحامي به القوم
عن أنفسهم ويُخرج من سردابه درع الدفاع الأعمى ؛ وهكذا بدأت مالاتحـــمد
عقباه وأ ُعلن النفير.
وبعد هرج ومرج ، وانقضاض وانقباض .. بعد صرخات وتأوهات ، وكر وفر
نزل السكون أخيرا ًعلى مشهد ٍمسبوق ٍ بخبر ومرسوم بصور ؛ عم المـــــكان
خرير صوت ٍخافت مخلوط ٍبرائحة لزجة فيها بخار رطب ... وخلال فتحــات
القلعة السفلى انبجس سائل فريد كان رغدا ً قبل حين ، كالنهر تدفق من خلات
القلعة وانخرط نازلا ًمفيضا ً على الجدران يلطخها بحناء العهد المكتوب ...
مذبحة الأقلام الفضية ج6
وعبرالبطاح شق دربه بين مسامات التراب بغزارة وقد طــــــالت الأمد
عليه وهو يخب في مسيرته الواعدة ، حتى وصل إلى جـــــــــمهرة من
أ ُناس تناثروا في البقاع ؛ فلفت انتباههم وحرك غرائـــــــزهم ســــــيل
كهذا ؛ فمضوا إليه بتطلع ودهشة والعجب يملأ حدقاتهم ويعقد ألسنتهم.
وكان بينهم شيخ كبير سيماء الشيخوخة يعّلم وجهه بخطوط متعــــرجة
كثيرةهي نفس سبب تقوس ظهره وانحناءة جذعه،ولما سأله المعجبون
عن كنه رؤاهم ؛ فأجاب الشيخ وابتسامة ساخرة تلوح على شفـــــتيه
مع مرارة راعشة معبرة في إنسان عينيه المبتلتين :" إنـــــها مذبحة
الأقلام الفضية " ...
عندها نهض صاحب المخطوطة عن مقعده وتحرك ماضيا ًإلى خـــارج
القاعة ؛فلحقته الأنظار هذه المــــــرة حائرة مفكرة تائهة مشتتة ، بيد
أن أحدهم سوف لن ينسى أنه سمع بأ ُذنــــيه ونظر ببــصيرته ووعى
بخافقيه شيئا ًلم يعد خافيا ًعن مذبحة الأقلام الفضية .