يقول الشيخ ابن عبد الوهاب محتجا باية شريفة من القران الكريم على صحة خلافة ابي بكر :
... قوله تعالى ( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم أصحاب النار هم فيها خالدون ) لأنه هو الذي جاهد أهل الردة ... ويعني ابا بكر ..
اقول :
اما بخصوص قول ابن عبد الوهاب في هذه الاية الكريمة فوالله انه امر مضحك ان يقول احد ما قاله ابن عبد الوهاب من انها عن ابي بكر اشارة الى قتاله المرتدين .. ولعل الشيخ كان واقفا على راسه ورجلاه الى الاعلى فانقلبت عنده الازمنة ، فهذا الشيخ لا يدري متى نزلت هذه الاية او انه يظن ان الاية نزلت في عهد ابي بكر وخلافته .. لان الردة المقصودة حدثت في عهد ابي بكر .. والله لا ادري ماذا اقول عن شيخهم هذا .. اية نزلت في عهد النبي وهو يقول نزلت في ابي بكر لانه حارب المرتدين .. متى حارب المرتدين ايها الابله يا ابن عبد الوهاب ؟ هل نزل قران بعد استشهاد النبي ؟ أي حمق هذا واي سخف وخبال ؟
هذه هي الاية وهذه قصة نزولها كما جاءت بمصادرهم :
" بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد ، فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك حتى تنزل بطن نخلة ، فترصد بها عير قريش لعلك أن تأتينا منه بخبر " فلما نظر عبد الله في الكتاب قال : سمعا وطاعة ، ثم قال لأصحابه ذلك وقال : إنه قد نهاني أن أستكره أحدا منكم .
حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع ، وقد أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه ، فاستأذنا أن يتخلفا في طلب بعيرهما ، فأذن لهما فتخلفا في طلبه ، ومضى عبد الله ببقية أصحابه حتى وصلوا بطن نخلة بين مكة والطائف ، فبينما هم كذلك إذ مرت بهم عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة الطائف ، فيهم عمرو بن الحضرمي ، والحكم بن كيسان ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، ونوفل بن عبد الله ، المخزوميان . فلما رأوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، هابوهم ، فقال عبد الله بن جحش : إن القوم قد ذعروا منكم ، فاحلقوا رأس رجل منكم فليتعرض لهم ، فإذا رأوه محلوقا أمنوا وقالوا : قوم عمار ، فحلقوا رأس عكاشة ، ثم أشرف عليهم فقالوا : قوم عمار لا بأس عليكم . فأمنوهم ، وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة ، وكانوا يرون أنه من جمادى أو هو رجب ، فتشاور القوم فيهم وقالوا : لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم ، فأجمعوا أمرهم في مواقعة القوم ، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، فكان أول قتيل من المشركين ، واستأسر الحكم وعثمان ، فكانا أول أسيرين في الإسلام . وأفلت نوفل وأعجزهم . واستاق المؤمنون العير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، بالمدينة
فقالت قريش : قد استحل محمد الشهر الحرام ، شهرا يأمن فيه الخائف وييذعر الناس لمعاشهم ، فسفك فيه الدماء وأخذ فيه الحرائب ، وعير بذلك أهل مكة من كان بها من المسلمين فقالوا : يا معشر الصباة ، استحللتم الشهر الحرام فقاتلتم فيه . وتفاءلت اليهود بذلك وقالوا : واقد وقدت الحرب وعمرو عمرت الحرب والحضرمي : حضرت الحرب ، وبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لابن جحش وأصحابه : ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ، ووقف العير والأسيرين ، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا ، فعظم ذلك على أصحاب السرية ، وظنوا أن قد هلكوا ، وسقط في أيديهم ، وقالوا : يا رسول الله ، إنا قتلنا ابن الحضرمي ثم أمسينا فنظرنا إلى هلال رجب ، فلا ندري أفي رجب أصبناه أو في جمادى ؟ وأكثر الناس في ذلك ،
فأنزل الله تعالى : ( يسألونك عن الشهر الحرام ) الآية . فأخذ رسول [ ص: 37 ] الله - صلى الله عليه وسلم - العير فعزل منها الخمس ، فكان أول خمس في الإسلام ، وقسم الباقي بين أصحاب السرية فكان أول غنيمة في الإسلام . وبعث أهل مكة في فداء أسيريهم فقال : بل نقفهما حتى يقدم سعد وعتبة ، فإن لم يقدما قتلناهما بهما . فلما قدما فاداهما . وأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيدا . وأما عثمان بن عبد الله فرجع إلى مكة فمات بها كافرا . وأما نوفل فضرب بطن فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق على المسلمين فوقع في الخندق مع فرسه فتحطما جميعا . فقتله الله تعالى وطلب المشركون جيفته بالثمن ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خذوه فإنه خبيث الجيفة ، خبيث الدية . فهذا سبب نزول قوله تعالى : ( يسألونك عن الشهر الحرام ) والآية التي بعدها .
المصدر / اسباب النزول للواحدي
وظهر لي من خلال قول الشيخ هذا انه يخالف جميع علماء المسلمين بفهمه لاسباب النزول ، وعلى ذلك يجب على اتباعه ان يطلبوا منه الدليل على قوله الكذب هذا ، او ليرجموه .
ولا ادري أي عقول تلك التي تتبع هذا الكاذب .. والمصيبة الكبرى ان اكثرهم يستشهد بقوله هذا في كل الحوارات .
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
من الاولين والاخرين
الكذبة الرابعة
ـــــــــــــــــــــ
يقول ابن عبد الوهاب متمسكا بقشة لاثبات امر بات من مستحيلات الاثباتات :
قوله تعالى ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أُولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) الآية ، لأنه هو ( يعني ابا بكر ) الذي باشر قتال بني حنيفة الذين كانوا من أشد الناس حين إرتدوا
بدءا ( كيف عرف ابن عبد الوهاب ان بني حنيفة اشد الناس ) ؟؟
من قال ذلك غيره ؟
ان ما قاله الشيخ ابن عبد الوهاب هو نقلا عن :
1-قول رافع بن خديج ولم اقف على سند لهذا القول الذي نقله القرطبي وابن الاثير في تفسيريهما (وقال رافع بن خديج : والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد فلا نعلم من هم حتى دعانا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم .
2-قال القرطبي في تفسيره : في هذه الآية دليل على صحة إمامة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ; لأن أبا بكر دعاهم إلى قتال بني حنيفة ، وعمر دعاهم إلى قتال فارس والروم
اقول :
ان المخاطب بهذه الاية الكريمة هو نبينا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم ، وقد امره الله تعالى ( قل ) ان يقول للـ ( المخلفين من الاعراب ) وهم وفق جميع التفاسير عند علماء المسلمين ( الذين تخلفوا عن الحديبية ) وكانوا ستة قبائل ( غفار ، مزينة ، اشجع ، جهينة ، الديل واسلم ) وسبب نزول هذه الاية الكريمة هو تخلف هؤلاء عن الذهاب مع النبي صلى الله عليه واله وسلم بعد مبايعته . وقد حذر الله تعالى هؤلاء المتخلفين واخبرهم بانهم سوف يدعون الى الجهاد ضد قوم اشداء وألي بأس فمن يطع الرسول في ذلك فله اجر حسن ومن يمتنع من ذلك ويتخلف كما تخلف اول مرة سيكون جزاؤه العذاب الاليم . وفي الاية الكريمة اخبر الله تعالى بانهم سيقاتلون أؤلائك القوم حتى يسلموا او انهم سيسلمون بدون قتال ( هنا اتكلم انا وفق ما يذهب اليه ابن عبد الوهاب واسلافه واتباعه وامثاله ) ومن المعلوم الاكيد ان الذين يرفضون الدخول في الاسلام ويصالحون بدون حرب تؤخذ منهم الجزية ويتركون على ان لا يحملوا سلاحا ضد المسلمين او يمتنعوا عن دفع الجزية ، وبهذا القول ينحصر تفسير القوم لألي البأس الشديد الوارد ذكرهم في الاية الكريمة في العرب فقط ( كما جاء في احكام القران لابن العربي ما نصه : أنهم هوازن وغطفان يوم حنين ; تقاتلونهم أو يسلمون ; وهذا يدل على أنهم باليمامة لا بفارس ولا بالروم وهي : المسألة الثالثة : لأن الذي تعين عليه القتال حتى يسلم من غير قبول جزية هم العرب في أصح الأقوال والمرتدون فأما فارس والروم فلا يقاتلون حتى يسلموا ; بل إن بذلوا الجزية قبلت منهم . ) وبهذا سيخرج عمر من قول ابن عبد الوهاب لانه دعا الى قتال الفرس والروم .
وهنا يرد سؤال : هل دعا النبي صلى الله عليه واله وسلم الى قتال مشركين عرب بعد الحديبية ؟؟ الم يقاتل النبي صلى الله عليه واله وسلم المشركين من العرب في خيبر ؟؟ خاصة وانه صلى الله عليه واله وسلم قد اخبر اهل الحديبية من اصحابه بانهم سينتصرون في خيبر وانه سيقسم الغنائم عليهم ولن يستثني من سيغيب عنهم انذاك ، ولكنه لما طلب منه المتخلفون عن الحديبية الذهاب والزحف معه في خيبر سمح لهم واخبرهم بانه لن يعطيهم شيء من الغنائم .
القصد عندي هو السؤال ذاته ما زال قائما : هل قاتل النبي صلى الله عليه واله وسلم ودعا الى قتال المشركين من العرب بعد الحديبية ؟؟ اذن لماذا لا تكون ( ستدعون ) في الاية الكريمة تدل على دعوى النبي صلى الله عليه واله وسلم لقتال هؤلاء العرب المشركين من ألي البأس الشديد ؟
وهل الذين قاتلهم او دعا لقتالهم ابو بكر اشد بأس من المشركين في معركة خيبر ؟
وهل كانوا اشد من الاعداء في حنين ؟
فلماذا اذن لا يكون الذي سيدعوهم لقتال ألي البأس الشديد هو نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم ؟
عزيزي القاريء الكريم ان هذا القول الذي يحتج به ابن عبد الوهاب لم يرد الا من طريق رافع بن خديج ولم نقف على سند للرواية وقد جاء مرسلا وهذا لا يعتمد حسب مباني القوم في اعتماد الحديث كصحيح ويؤخذ به . بالاضافة الى ورود اراء بتفسير الاية تختلف تماما عن هذا القول ومروية عن طرق عدة وليس كرواية رافع هذه التي انفرد بها ، ولماذا لم يأخذ بها ابن عبد الوهاب وغيره من امثاله رغم انها وردت عن غير طريق واحد ، واليك عزيزي القاريء الكريم اقوال الاخرين بتفسير ( قوم ألي بأس شديد ) كما جاء في تفسير القرطبي وغيره :
ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد قال ابن عباس وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وابن أبي ليلى وعطاء الخراساني : هم فارس . ( القائلون هنا ستة ، وليس واحد )
وقال كعب والحسن وعبد الرحمن بن أبي ليلى :الروم . ( وهنا ثلاثة )
وعن الحسن أيضا : فارس والروم .
وقال ابن جبير : هوازن وثقيف . ( وهنا يشترك ابن جبير وعكرمة وقتادة بهوازن )
وقال عكرمة : هوازن .
وقال قتادة : هوازن وغطفان يوم حنين .
وقال الزهري ومقاتل : بنو حنيفة أهل اليمامة أصحاب مسيلمة .
وقال رافع بن خديج : والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد فلا نعلم من هم حتى دعانا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم . وقال أبو هريرة : لم تأت هذه الآية بعد . وظاهر الآية يرده .
والعجيب بل والغريب ايضا قول بن خديج هذا من انهم لم يفهموا معنى اية ولم يسالوا النبي صلى الله عليه واله عنها .. ومرت سنون طوال حتى فهموا معناها !! أي قوم هؤلاء وكيف تيسر لهم نقل الرسالة وتحمل مسؤلية التبليغ ؟ وخاصة بعد استشهاد النبي صلى الله عليه واله وسلم . وكم من أي كريم يجهله هؤلاء القوم ولا يعرفون معناه يا ترى ؟ بل قل كم فهم هؤلاء من كتاب الله تعالى ؟ ولماذا لم يكونوا حريصين على فهم كلام الله تعالى وتعاليمه واوامره ونواهيه ، حلاله وحرامه ؟ أي سلف هذا واي خلف يقتدي بهؤلاء ؟ عليه لا يمكن ان يصدر مثل هذا القول عن رافع .
وهنا لابد من التفاتة بسيطة خاطفة .. اقول هل ورد في تاريخهم او تاريخ غيرهم موقفا رجوليا بطوليا لابي بكر او عمر ؟
هل ذكر التاريخ ان فلان مشرك قتله عمر او ابو بكر ؟
هل انهزم احد المشركين من سيف ابي بكر او عمر ؟
هل ثبت ابو بكر او عمر في موقف من مواقف القتال وشهد التاريخ له بذلك ؟
الجواب انهما كانا من أوائل المقاتلين الفارين الهاربين اذا حمى الوطيس .
وقد شهد تاريخهم بذلك وثبت عنهم بوجه لا يقبل الجدل .
اذن ، اليس من الاولى بمن يدعوا للجهاد ان يكون اول المجاهدين ؟
فما الفضيلة اذن لهذين الرئيسين ( ابي بكر وعمر ) ان كان الله تعالى قد اخبر بانهما سيليان امر الدولة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
ان لم يكن لهما موقف بطولي واحد .. ولنتنازل ونقول : هل وضعوا خطة لمعركة او شاركوا في وضعها .؟؟
واخيرا اقول لابن عبد الوهاب واتباعه .. ان كان هذا مقياسكم وهو لم يرد على لسان نبي او وصي وانما وضعه من وضعه ، فالاولى بان يحتج الشيعة عليكم بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم للامام علي عليه السلام :
ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين .. لاحظ ايها القاريء الكريم ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال بعدي ولم يقل بعد ابي بكر وعمر وعثمان .