|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 70414
|
الإنتساب : Jan 2012
|
المشاركات : 832
|
بمعدل : 0.18 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الثقافي
رمال ومواويل ج2
بتاريخ : 05-10-2012 الساعة : 12:31 PM
رمال ومواويل
الجزء الثاني
مر على وجود الغريقة في تلك المياه الباردة ثلاثة ايام بلياليها,,, وفي الصباح تطوع جميع صيادي القرية بل وبعض صيادي المناطق المجاورة للبحث فالجثة لن تخرج من تلقاء نفسها في مثل هذا الجو البارد ,, تهيأ الجميع واحضروا الكلاليب والخطاطيف وبدأوا بحرث قاع النهر , علّ خطافا يصيب ثوبا او عضواً ,, فالميت ميت في كل الاحوال .
وما ان انتهت مراسم العزاء حتى جاءت البشرى , حيث عثروا على الجثة وقد غطّاها الوالد بعباءته في سيارة بيك اب .
في مقهى القرية , جلس كبير الصيادين متظاهراً بعدم شعوره بالبرد .. مزهواً اذ لا يمكن لاحد ان يجد جثة بهذه السرعة ومع كل هذا البرد ,,, واحد المتطفلين يسأله بطريقة خبيثة وعلى وجهه علامات التشفي : كيف وجدتها ؟ .. هل كانت .. هل ابتلعت الكثير من الماء ليبدو بطنها بارزا هكذا ؟ هل ,,, فانتفض الرجل واقفاً كمن لدغته افعى بعد ان فهم ما يرمي اليه ذلك الخبيث,, فصاح وهو يرفع قدح الشاي وكأنه يهم ان يلقي خطاباً في مجموعة من الرعاع ... وواصل صراخه كمؤذن: اسمعوا جميعاً والحاضر يبلغ الغائب انا الصياد فلان بن فلان اضع حذائي هذا في فم كل من يتكلم بسوء عن هذه المسكينة .. لقد كانت ضامرة كغزال,, وقد رفعتها من الماء بيد واحده .. ولعن الله كل من يتهمها بشيء , ثم رمى قدح الشاي في وجه ذلك المتطفل ويداه ترتجفان وهو خارج يولول .. كلاب , خنازير .
تم الدفن وعاد الجميع والغصة تجفف الافواه ,,, واستقر المقربون فقط اعمام وابناء عم في البيت ,,, تنوعت الاحاديث والوالد المفجوع واجم في ركن بعيد .. ظل اخوه الكبير يتحدث مع ابناء اخيه فهو قلّما يأتي الى القرية حيث يسكن المدينة منذ زمن بعيد إثر خلاف مع اخيه هذا على بعض الاراضي الزراعية لكن في الشدائد تنسى مثل هذه الامور .. وتحلّق الاولاد حول عمهم السندباد , كان يضحك ويتكلم ويشرب الشاي في آن واحد , والجميع يسأله حتى اخوه الساكن في القرية المجاورة والاخ الصغير الذي يعمل معلماً في مدرسة القرية ,, ها هم حضروا جميعاً مع ابنائهم ,, ما شاء الله :قالها العم الكبير اصبحنا عشيرة اربعين بعد ان كنا اربعة ابناء واحفاد والكل فرح بحديثه ,, وقد نسوا او تناسوا الفاجعة فها هو اليوم الرابع على وفاتها فماذا يصنعون ,, اخرجوها , ودفنوها , واقاموا العزاء حتى ان شيخ الجامع صرّح :انها طير من طيور الجنة بعد كل وجبة طعام طبعاً ,, فعلام الحزن ؟ والدها فقط ظل ينشج كثور ذبيح ,, لم يرق الامر للعم الكبير فلماذا كل هذا البكاء الامر مقضي وذهبت الى رحمة الله ,,قبّل اخاه اكثر من مرة,, وترحم عليها ,وذكر بعض الآيات من القرآن التي يحفظها في القضاء والقدر, لكن بكاء الوالد ارتفع اكثر,, فدوّر العم الامر برأسه ومع نفسه قال :في الامر امر.. لم يكن ليخفى على رجل مثله , لازالت رائحة حليب الجاموس وتقاليد القرية وفطنتها تلفه ,, اهتز شارباه كجنحي طير كبير ثم قفز من اريكته كمن اصابه مسمار غائر في الاريكة ,,وبحركة واحده وضع اذنه في فم اخيه وهزّه بعنف,, سؤال واحد لا غير , وصدق ظنّه ,, فانقلب صاحب المزاج والطبع الجميل: ذئبا جريحاً يرمي بحركة تمثيلية جميع الكوفيات من على الرؤوس بما عليها من عقال ,, انه العار ,, وقف الجميع والايادي على مقابض ما تيسر , والعم يضع يده على جانب صدره الايسر فقد كان يشكو من انسداد الشرايين , لكن لا يهم سنحرقه هو واهله وعشيرته ابن من هذا الذي يتجرأ على نسائهم ؟ ان كانوا يأنفون تزويج بناتهم على سنة الله ورسوله من الغرباء,, فكيف والامر يلفهم بالعار من غريب لا اصل ولا فصل له .
في الصباح ترك الجميع اعمالهم ومدارسهم وخرجوا كل في اتجاه وهم يتحزمون تحت ملابسهم على ما خف من سلاح بحثا عن ذلك الغريب,, والعم الكبير يؤكد عليهم ان يأتوه بكفه الايمن دليلا لمن قد يعيّرهم في يوم من الايام,, وظلت تلك الرمال الصماء تذكر ذلك الناي الحزين
والمواويل
***********************************
|
|
|
|
|