عُذرا ًحمورابي... ج1
زعموا أن ثعلبا ًأ ُوهم بحرق ذيله ؛ فمضى مذعورا ًفي جنبات الأشجار والأدغـــــال
والكائنات الصغيرة الأذرع ، مضى يصرخ من لذعات النار التي دبت فــــي مؤخرة
ذيله ولم يشك لحظة أن النار في ذهنه هو حتى ذلك اليوم الذي أجبره الأقران أن النار
لاتوجد... وهكذا بيسر أنها لاتوجد!!...
ولما اشتعلت النار بعد ذلك في فراء ذيله لم يُرد أن يُصدق ... عندما أعلمــوه أن ذيله
يحترق رفض تصريح كذلك بل سخرمنه؛ بيد أنه بعدحين فوجيء بلذعات حارقةوهي
تلتهم موخرته ؛ فطلب العلاج وقتها... قطعوا له ذيله بأسنان تركت آثارها هناك...
ومنذ ذلك الوقت ونحن نسمع عن الثعلب مقطوع الذيل أوالثعلب الذي كان له ذيل...
والشيء بالشيء يُذكر ؛ فقد سمعتُ قبل سنوات قليلة بحـــــادث حريق مماثل لكنه في
مدينة يقطنها متنفسون متنافسون على مساحة تكاد تكون كافية للجميع .
حريق مثالي كبير ظل يأكل رزقه من بواكير السقوف والأبنية والغيلان وعلى مقربة
من اجتماع النهر بالشواطيء المنحرفة.
بدأ الحريق يقصف في منتصف ليلة من ليالي تموز المشتعلة بحرارة الأرض والناس
والشرر، بدأ الحريق بمن ؟ ولماذا؟... ولم يزل يلتهم بنهم بكيف ؟!... حتى أضاء تلك
اليلة ومابعدها من شهر النجوم والعرفان والحياة .
عُذرا ًحمورابي...ج2
انتشرت وقتهاأنباء كثيرة ، وانتشرت معها روائح غزيرة تغزو الحواس ؛كانـــــــت
تخبرعن وجودضحايا بين أروقة الخراب والدمارالراقد في جرجرات البلد الآمــــن
دبت الفوضى في أنحاء عديدة ، في الأزقة والأحياء؛ فالمعمعة تتطاول والصرخات
تتوارد... أما التجمعات فقد تعودنا عليها وقتئذ.
وغيربعيد من النيران المنتفضة والمرسلة لألسنتها عدوا ًكان هناك تجمع يستخدم
أدوات المهنة ، الأدوات التي تستخدم لكسب الوقت والجولة.
لقدظهر في المكان بمهنية أخدود متفحم وحجارة سوداء بلون آخر غيرباد ٍللوهلــة
الأولى ؛ فحري بالقوم أن ينبشوه .
تكاثفوا وتكاتفوا من حوله وتحت حرارة الحريق وشرره عمدوا إليه وشــقوا دربا ً
للأصابع ؛ بل الأيدي والأرجل ... يبدوأنها مغارة أوشيء مايُستفاد منه في فــترات
متفاوتة إنه يتقدم !...
عُذرا ًحمورابي...ج3
جهدكبير أنهك المجموعة وجعلهم يأخذون راحتهم في مراقبـــــــة
الحريق والتفكير بهذا الاكتشاف المغاري الجديد ...
لفحتهم الرياح المسممة بالدخان والأخشاب والروائح ؛ فأسرعوا
بالتخمين .
" ترى ماكان هذا المكان بالذات ؟!" ... " وما الداعي له فــــي
المقدمة على وضع كهذا ؟!" .
خبراء...خبيرات ... كاميرات ... أجهزة...
آراء ... اقتراحات ... تندرات ... تبصرات ...
بعدذلك أنصتوا لتقرير اللجان بإيجاز :" إن الشكل البادي أمامي
يدلل على أن الداخل للمكان لابد أن يدخل إليه بوضع مقلوب ،أي
أن مؤخرته يجب أن تكون هي الداخلة أولا ًبانحناء مطلوب ،ولا
بدأن يكون هذا المستفتح للدخول دائما ًملكا ًذي شرائع ولولا ذلك
ماوجدنا آثارعلى الحجارة من الناحيتين وبقايا خطوط لتشريع يشبه
بشيء ما، ما في مسلة حمورابي ...
عُذرا ًحمورابي...ج4
وباختصار إن هذا المكان دخله احتمالا ًحمورابي فـي أوقــــــــات كثيرة
ومؤخرته تستفتح الوثوب ...
وتقرير آخر صرح به أحدهم بعد أن أخذ وضعه المناسب أمام الكامــيرا
قال بسرعة يكتسبها بعضهم عادة في ظروف مماثلة :" اكتشاف آثاري
جديد لعلماء الآثار الذين يهمهم التراث والحضارة والماضي الـــــعريق
للشعوب . تم العثور على مغارة كبيرة يتقدمها موقع مقدس تكرم بمرور
مؤخرة حمورابي من خلاله مرات عديدة . ومن الجدير بالذكـــر أن ذلك
الاكتشاف لم يتم إلا بحصول حريق مباغت استمر لمدة اسبوعين أوأكثر
ويقال أن حجم الكارثة يتسع من وقت لآخر وماتزال النيران تستعر حتى
الآن ؛ حتى أننا استعنا بها للإنارة ..."