بين ظهور الحجة وثورة الحسين عليهما السلام
((محطات من محرم الحرام))
عندما نراجع الروايات الواردة من آدم عليه السلام والى الخاتم صلى الله عليه وآله والى أوصياء الخاتم عليهم السلام، نجد أن هناك ربطاً عجيباً بين أمور ثلاثة، بين نبوة الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والبشارة بنبوته من الأنبياء السابقين عليهم السلام، وبين ظهور الحجة عليه السلام في آخر الزمان، وبين ثورة الإمام الحسين صلوات الله عليه، حيث نجد هناك تركيزاً في الروايات وربطاً بينها في هذه المحاور الثلاثة:
المحور الأول: هو البشارة بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
والمحور الثالث: الإمام المهدي عليه السلام، وأنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
وفي اعتقادي بأن هناك ربطاً دقيقاً في القرآن الكريم، فنجد في سورة الحديد قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾، فصريح الآية المباركة تبين لنا حقيقة أن هدف الأنبياء جميعاً هو إقامة العدل، هذه نقطة، والنقطة الثانية أن إقامة العدل لا يمكن أن يقع فقط من الأنبياء، وإنما للناس دور في إقامة هذا العدل، لأن الآية لم تقل ليقيم القسط، فليست هي وظيفة الأنبياء فقط بل وظيفة الناس أيضاً في جانب آخر.
وإقامة القسط في حياة الإنسان تحتاج إلى امور ثلاثة أساسية: الأمر الأول أنها تحتاج إلى شريعة، اي إلى دين يكون قادراً على الاستجابة لكل متطلبات حياة الإنسان بمختلف المستويات، وهذا ما نعتقده في الشريعة الخاتمة للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، النقطة الأخرى نحتاج إلى قائد رباني يطبق تلك الشريعة في حياة الإنسان، ومن هنا نعتقد بأنه لابد من وجود امام معصوم ليمكنه أن يقيم العدل على البشرية، وهذا أمر غير متوفر لغير الإمام المعصوم، والنقطة الثالثة هو أن البشرية وثقافة الناس لابد أن تصل إلى درجة تستطيع فيها أن تقوم بالدور الرباني لإقامة العدل في حياة الإنسان.
والشاهد على ما أقول هو أن في زمن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وفي زمن الأئمة الأحد عشر أيضاً، فان الشريعة الخاتمة كانت موجودة والقائد الرباني كان موجوداً، ولكنه بدل ان يستعين الناس بالقائد الرباني لتطبيق الشريعة في حياتهم، فقد قتلوا هؤلاء القادة الربانيين والأئمة عليهم السلام، أو أقصوهم عن الحاكمية وعن إدارة المسلمين.
لقد قلنا أننا نحتاج عناصر ثلاثة، عنصر الشريعة وعنصر القيادة وعنصر الناس، لكي يتم أداء هذه المهمة وهذه المسؤولية التاريخية، وإن الشريعة موجودة والإمام عليه السلام موجود، فلم يبق إلا العنصر الثالث، ولذا فإن بعض الأعلام من أهل المعرفة يقولون: إن الإمام الحجة عليه السلام لا ينبغي لنا ان نقول إنه المنتظَر، بل لابد ان نقول هو المنتظِر، لأنه ينتظرنا نحن كي نتأهل حتى يقودنا، ولكن هذه البشرية من يؤهلها، من يوصلها إلى درجة من النضج والقابلية لتستطيع اداء دورها المطلوب؟!
هنا يقولون ويؤكدون على ان ثقافة الحسين عليه السلام وثقافة ثورة الحسين عليه السلام وبعبارة أخرى الدور الحسيني هو المتكفل بذلك، وان هذا الدور قد بدأ به الحسين عليه السلام قبل شهادته، واننا نجده واقعاً أينما دخلت ثقافة الثورة الحسينية أوجدت ثورة في حياة الناس، أوجدت حركة في الحياة وأوجدت واقعاً يطلب العدل والقسط في حياة الناس، وهذه الثقافة ليست فقط عند المسلمين بل عند غيرهم، فعندما نراجع كلمات الأكابر من غير المسلمين أيضاً نجد أنهم يركزون على مسألة الثورة الحسينية، ولعل هذا يفسر لنا أن الإمام المهدي عليه السلام عندما يظهر يرفع راية يا لثارات الحسين عليه السلام، وهذه الراية معناها أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الثورة الحسينية وبين ظهور الإمام عليه السلام، لذا فانا أعتقد بأن تثقيف الأمة بثقافة الحسين عليه السلام وبدور الحسين وثورته سوف يعجّل في فرج الإمام المهدي عليه السلام.
وعلى هذا فلابد لأصحاب الإمام المهدي عليه السلام من أن يكونوا حسينيين! وهذا يعني أن تربية الحسين عليه السلام وثقافته هي التي تربي أصحاب الإمام المنتظر عليه السلام.
ومن هذه التربية ما جاء بشأن الدعاء لمولانا صاحب الزمان عليه السلام في ظهر يوم عاشوراء، حيث استشهاد جده الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في حديث عبد الله بن سنان الذي دخل على الإمام الصادق عليه السلام في يوم عاشوراء، وقد نقل عن الإمام عليه السلام هذا العمل العبادي في هذا اليوم العظيم، والذي يؤدى بعد القيام بصلاة يوم عاشوراء، حيث يرفع المصلي يده بالدعاء ويقول: «اللهم وعجل فرج آل محمدٍ، واجعل صلواتك عليه وعليهم، واستنقذهم من أيدي المنافقين المضلين والكفرة الجاحدين، وافتح لهم فتحاً يسيراً، وأتح لهم روحاً وفرجاً قريبا، واجعل لهم من لدنك على عدوك وعدوهم سلطاناً نصيرا.