77 - الأخ عابس: (الموقع الخاص)
لاحظت من تحليل الشيخ جلال الدين أنه لديه فكرة مسبقة يريد أن يطبقها :
-أولاً: يدعي أن الرجفة اثر انفجار نووي، و هذا لا دليل عليه، بل الدليل قائم على عكسه، حينما مثل الامام الضربة النووية بكلمة النار، حينما تكلم عن نار المشرق و اذربيجان و غيرها بوصف (الهردي)، وهو لون تلك النار او الحمرة في السماء او غيره مما ورد في الاحاديث ... و هذا مما لا اشكال فيه
-ثانياً: كيف يطبق الرايات الصفر على حزب الله؟ و الرواية بحد ذاتها تنفي ذلك اذ تقول (فانظروا الى اصحاب البراذين الشهب المحذوفة والرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام ) مما يعني انها قادمة الى الشام، و المراد من الشام هي هذا البلاد و من ضمنها لبنان، فكيف تجيء وتحل بالشام مما يعني انها من خارج الشام، و قوله: (فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا) دليل آخر على ان المراد من بلاد الشام أوسع من سوريا، ودليل آخر على أن الرايات قادمة من خارج منطقة الشام أو كان قال تقدم او تحل بدمشق او منطقة معينة كما خصص قبل قليل في خسف حرستا.
ثالثاً: الروايات تصف الرايات الصفر بالضلال و الكفر سواء اتت من المغرب الاجنبي، أو بأقل تقدير من المغرب العربي و هذا ما كان مشتهراً في زمن الروايات، حيث لقب القاضي النعماني بالمغربي، و هو من أهل المغرب العربي، والرايات الصفر باجماع الروايات ضالة سواء من المغرب او بلاد الخليج التي تقدم الى الجزيرة في سوريا و تقاتل بها، او الرايات الصفر التي تحل في بغداد و غيرها، و لهذا لا يمكن ان نطبق الرايات الصفر على حزب الله، لانهم رايات تدين بولائها للراية الخراسانية التي وصفتها الروايات برايات الهدى.
لذا أرجو من الشيخ العزيز والاخوة الكرام بعدم التسرع و تطبيق الروايات واضعين تصور مسبق من عندهم و تأويله عليه.
الجواب: واقعا يدخل على قلبي السرور حينما أجد مخلصي الشيعة يدخلون في نقاشات من هذا القبيل، وبمعزل عن تفاصيل هذا النقاش، إلا أن ذلك مما يبعث في النفس الزهو والشعور بالرضى في كون عقول الشيعة غير مغلقة في مجالات الوصول إلى الحقيقة، وبالتالي فهي تتوخى السلامة في الموقف، وإني في الوقت الذي أشكر فيه الأخ عابس حفظه الله تعالى على ملاحظاته الكريمة والتي لا شك في اني المستفيد الأكبر منها إلا أني أشير إلى التالي:
أولاً: قولك بوجود فكرة مسبقة أريد تطبيقها إما أن يكون قراءة في النوايا، وهذا مما لا سبيل لك إليه، وإما أن يأتي بناء على دليل سواء كان في مفردات البحث أو بتصريح مني، وفي كل الأحوال لا تملك أي دليل على ذلك، لأني لا أصر على أن هذا الزمان هو زمان هذه الأحداث، وإن كنت اتمنى أن يكون هذا الزمن هو ما تحدثت عنه الروايات الشريفة، بل إن قرائتي للأحداث تشير إلى تسارع كبير بين الأحداث المعاصرة وبين طبيعة الخريطة التي أشار إليها أئمة الهدى صلوات الله عليهم إن في الزمان أو المكان، ولو كنت اطلعت على كل ما اعتمدته في هذا المجال سيكون الاستدلال على هذا القول عسير للغاية، وهي تهمة تحتاج إلى مسوغ، وإلا ما الغاية لكي أتحدث عن تفجير نووي ستصاب به دمشق؟
ثانياً: الحديث عن تطبيق الرايات الصفر على حزب الله كنت اتمنى لو كان الأخ دقيقاً في التعليق، فكلامي واضح أشرت فيه إلى أن حادثة الرجفة لو حصلت في زمن منظور فإن مما لا شك فيه أن الأمر يكون متعلقاً بحزب الله، ولم أطلق الكلام في ذلك، ولذلك لا تطبيق بعد أن وضع ذلك الشرط، فأنا لا اجزم أن هذه الحادثة ستقع قريباً، ولكن لا املك دليلاً على العكس، بل ربما قرائتي للأحداث السياسية وما يدور في كواليس السياسة الاقليمية والدولية وهذا اختصاصي جعلني لا أتردد من القول بوجود مقاربة كبيرة بين الحدث وبين ما يجري فعلاً.
ثالثا: الحديث في روايات الظهور لا يتطابق مع الحديث في الروايات الفقهية ما يشبهها، فأحاديث الظهور أطلقت في زمن أريد له أن يوصلها لأزمان أخرى بعيدة عن زمن النص، وبالتالي فإن فهمها يحتاج إلى آليات لا تتفق بالضرورة مع نفس الآليات المعتمدة في بقية الروايات، لأن التبادر اللفظي في الروايات الفقهية على سبيل المثال قرينة في غاية الأهمية لفهم تلك الروايات، ولكن لا توجد هذه الأهمية في أحاديث الظهور، لوجود خلفيات وحيثيات مختلفة تماماً، ولذلك اللغة الكنائية والرمزية هي أصل كبير في فهم هذه الروايات وتحليلها، مما يعني أننا أمام ما أشبهه بقطعة البازل puzzle التي يحتاج المرء إلى جهد لكي يصل بعضها بالبعض الآخر، لا سيما وأن الأئمة صلوات الله عليهم أجملوا في مكان وفصلوا في آخر، واقتضب إمام في زمن، وأضاف إليه إمام آخر في زمن آخر مفردة أخرى، وفعل الثالث مع نفس الموضوع وبنفس الطريقة، مما يجعلنا بحاجة إلى جمع وتفكيك كبيرين وملاحقة استقصائية لكل ما ورد في هذا المجال، وانت تعرف ان مهمة من هذا القبيل ستكون بعيدة جداً عما أشرتم إليه من وجود مسبقات.
وعليه فالحديث عن الشام الوارد في الروايات يسري عليه نفس هذا الأمر، إذ أن أسماء تلك الفترة تختلف عن أسمائها اليوم، مما يجعلنا نتردد دائما في قبول الأسماء على إطلاقاتها القديمة، ومن أجل التخصيص لا بد لنا من الرجوع إلى حيثيات متعددة لكي نستطيع أن نحدد المراد، إذ يلاحظ أن الكلمة وردت في روايات متعددة وهي تريد بالكلمة دمشق دون غيرها كما هو الحال بالنار التي تضيء له أعناق الإبل في بصرى، فالنار يشار لها أنها في الشام، وبصرى هي موضع في الشام، فلو قلنا أن الشام على اطلاقها المتعارف عليه تاريخيا نكون أمام مشكلة أن نعد بصرى خارج الشام أو أن نبحث عن مدينة أخرى غير هذه المعروفة والتي تبعد عن دمشق ما يقرب من 140 كلم، وليس ذلك بضائر لو كان لها وجود، ولكن حيث أن النار يجب أن ترى من مسافة معينة بالنسبة للشام جعلنا نقول بأن الشام المقصودة هنا هي دمشق دون غيرها من المواضع الشامية، وهو أمر كان متداولاً في وقته، وأنتم خبراء في أن النص في الكثير من الأحيان يطلق اسم العام ويريد به الخاص، والعكس صحيح أيضاً، ولذلك لا مشاحة في القول بأن الشام حينما تطلق لا يراد بها بالضرورة كل الشام، لأن تصور رجفة لكل الشام سيجعلنا لا نستهول رقم 100 ألف الواردة في الرواية، بينما حديث الرواية عن الآية إنما يريد به حديثاً عن فاجعة تحصل للكافرين ورحمة تحصل للمؤمنين وهذا ما لا يكون إلا في منطقة محددة، لأن الحديث بإصابة الرجفة للكافرين وتنأى بها عن المؤمنين، لا يعقل أن يكون حدثاً يتوعب كل الشام وتكون في الحدث صفة انتقائية بحيث أنه يصيب الكافرين ولا يصيب المؤمنين، وبالتالي فالحديث عن الرايات الواردة من المغرب ستكون متعلقة بمغرب هذه المنطقة المصابة بالرجفة لا بمغرب الشام، وقوله عليه السلام: (حتى تحل بالشام) يؤكد هذا المضمون، لأن وجود حتى يعني وجود مكابدة في عملية وصولها إلى الشام، ولا يعقل أن هذه المكابدة تشتمل على كل الشام المعروف تاريخياً، فلو كانت غربية ما أسهل ان تصل إلى فلسطين المحتلة وهي من الشام التاريخية قطعاً، هذا إن لم ندخل الأردن في ذلك وقسم من تركيا الحالية التي كانت تحسب قديماً على الشام، فأين المكابدة في وصولها هذا؟ فتأمل.
رابعاً: الحديث عن أجماع الروايات على ضلال الرايات الصفر فيه تعجّل كبير، فالروايات التي تحدثت عن ذلك هي ثلاثة أصناف:
أولها الروايات العامية، وهي روايات ذامة على اطلاقها، ولكن يلاحظ أنها خلطت في الحديث عن رايات البربر المغولية، وبين رايات الأدارسة المغربية، والرايات الفاطمية الواردة إلى مصر، وبمعزل عن قيمتها السندية إلا أنها خارجة عما نتحدث عنه، فهذه تتحدث عن حقبة تاريخية سلفت.
ثانيها: روايات قادحة وردت في كتابين من كتب الشيعة، الأولى وردت في كتاب الهداية الكبرى للحسين الخصيبي وهي مسندة للمفضل بن عمر ونصها يبتدأ من قول المفضل بن عمر للإمام الصادق عليه السلام: يا سيدي كيف تكون دار الفاسقين الزوراء في ذلك اليوم والوقت؟ قال: في لعنة الله وسخطه وبطشه، تحرقهم الفتن، وتتركهم حمماً، الويل لها ولمن بها كل الويل من الرايات الصفر ومن رايات الغرب ومن كلب الجزيرة ومن الراية التي تسير إليها من كل قريب وبعيد والله لينزلن فيها من صنوف العذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله ولا يكون طوفان أهلها الا السيف الويل عند ذك كل الويل لمن اتخذها مسكناً فان المقيم بها لشقائه والخارج منها يرحمه الله.[1]
وقد نقلها عنه الشيخ حسن بن سليمان في كتاب مختصر بصائر الدرجات،[2] والرواية تتحدث عن فترة ما بعد ظهور الإمام صلوات الله عليه لا في المرحلة التي تسبق الظهور كما هو الحال في رواية الرجفة المتقدمة على ظهور السفياني، وهي تتحدث عن بغداد لا عن دمشق، فلو صحت فإننا أمام رايات صفر مختلفة، وإن كان سندها متهافت جداً إن في نفس صاحب الكتاب، أو في ما ينقله من سند والذي حوى مجاهيل متعددين، هذا فضلاً عن بقية المتن الذي حوى على تهافت كبير، مما يخرجها من البحث الذي نحن فيه.
والرواية الثانية نقلها صاحب كتاب مشارق أنوار اليقين عن سطيح الكاهن، ولا قيمة سندية ولا في المتن لما جاء فيها، فالحديث في أصله هو حديث عامي، ينقله الحافظ البرسي عن كعب بن الحارث عن سطيح الكاهن بلا سند قال: ثم تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر، حتى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدل الرايات السود بالحمر، فيبيح المحرمات، ويترك النساء بالثدايا معلقات، وهو صاحب نهب الكوفة، فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة، بها الخيل محفوفة، قتل زوجها، وكثر عجزها، واستحل فرجها فعندها يظهر ابن النبي المهدي، وذلك إذا قتل المظلوم بيثرب، وابن عمه في الحرم، وظهر الخفي فوافق الوشمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم، بقتل القروم، فعندها ينكسف كسوف، إذا جاء الزحوف، وصف الصفوف.[3]
وقد نقلها ابن المنادي في الملاحم بسند عامي عن عبد الله بن عباس، عن سطيح هذا[4] ولم أجد أية رواية مشابهة لها لا في كتب العامة ولا الخاصة مما يروى عن كعب بن الحارث هذا، وبالتالي لا قيمة سندية لها، ولا قيمة نصية لها لوضوح أنها لا علاقة لها بأهل البيت عليهم السلام، وهي تتحدث عن رايات البربر على أي حال، وبالتالي فهي خارج بحثنا هذا.
وثالثها روايات لم تتعرض لقدح أو ذم في وصف الرايات، وهي التي وردت عن الإمام الباقر عليه السلام عن جده أمير المؤمنين، وقد وردت بطريقين ينتهيان إلى سند واحد أحدهما يرويه الشيخ النعماني في الغيبة،[5] والثاني يرويه الشيخ الطوسي في الغيبة[6] على تصحيف في رجال السند، فالنعماني رواه بسنده للمغيرة بن سعيد، بينما رواه الشيخ الطوسي بسنده لمعاوية بن سعيد والصحيح هو ما في كتاب النعماني، مع وضوح عند المحققين بأن غيبة الطوسي في طبعتيه الأولى والمحققة يحوي تصحيفات كثيرة، وإن كانت المحققة أجود بكثير من طبعة النجف الأشرف القديمة، وهي الرواية التي تتحدث عن الرجفة موضوع حديثنا هنا، والمغيرة بن سعيد عليه لعائن الله ملعون على لسان الإمام الصادق عليه السلام، ولكن الطائفة الشريفة أخذت بروايته حال استقامته في ردح من حياة الإمام الباقر عليه السلام، والرواية واضحة في أنها لا تحوي لا قدحاً ولا ذماً، ولذلك جمعها مع تلك الروايات وحمل هذه الرايات على تلك بعيد جداً، بل إن من يجمع يتمحل بشكل كبير، ومحض أن يكون أمر ولاء حزب الله لسماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي (دام ظله الشريف) لا يستدعي منا استبعاده عن أن يكون هو المعني بهذه الرواية، كما انه لا دليل عليه إن كان الزمن بعيداً عن الأفق المنظر، لأننا لا نعرف ماذا سيحل بحزب الله (نجاه الله من كل سوء وسدده في القول والعمل)؟ وبالتالي لا نستطيع أن نعوّل على ذلك، ولكن الحديث حينما يكون عن الأفق الزمني المنظور، فإننا نتحدث عن رايات ستأتي المنطقة المنكوبة من حدث الرجفة والذي هو بتحليلنا للروايات تفجير نووي يطال دمشق، وستتمكن من تعديل موازين القوى لصالح الأصهب وضد الأبقع بعد أن تخرج دمشق عن حكم الأصهب، وحيث أن الأبقع هو ممثل مصالح النواصب أو داعم لها، فإن تخيل هذه الرايات كساندة للأصهب مدعاة للقول بأنها معنية بالأمن السوري إلى حد كبير مما يستدعي منها التدخل، في فترة سيكون فيها الغرب الرومي مشغولاً بأجواء حرب طاحنة فيه أشير إليها في حديث الإمام الباقر عليه السلام بهرج الروم، فإن مما لا ريب فيه أن المعني المغربي بهذا الحدث سيكون لبنانياً تحديداً، بالرغم من أن تدخله لصالح الأصهب سيكون في وقت يكون الأصهب قد فقد الكثير من قوته، مما يفسح المجال لمجيء السفياني والذي نعده هو السفياني الثالث بعد أن وصفت روايات عامية حصول الهدة أو الرجفة في عهد السفياني الثاني، والرواية مورد البحث تتحدث عن ذلك أيضاً، ولذلك قلنا بأن الحدث إن كان في زمننا المنظور فمما لا شك فيه أن الحديث عن ذلك متعلق بحزب الله حصراً، ولا وجود لمسبقات هنا أخي الكريم، ولكن هذا هو منطق ما نستقرأه من أحداث.
خامساً: الحديث عن التفجير النووي تحدثنا عنه بشكل مفصل في الجزء الثاني من كتابنا: علامات الظهور بحث في فقه الدلالة والسلوك،[7] ولم نأت على ذكر نار أذربيجان أو الحمرة التي تجلل السماء مما ورد في حديثكم مطلقاً، وإنما كان حديثنا مستدلاً وجامعاً لأشتات القصة من أحاديث متعددة، ولكنها تبتدأ من حديثين موثقين رويا عن الإمام الباقر عليه السلام بسندين أحدهما عن الصوت الذي يأتي من ناحية دمشق بالفتح،[8] والصوت الذي يحصل في دمشف وفيه فرج عظيم لكم،[9] وذلك من بعد تهديد يطال دمشق عبّر عنه بانه نداء من السماء، وفسره حديث آخر بنداء على سور دمشق: ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب[10] ومنهجنا المعتمد في مناقشة العلامات هو أننا لا نتحدث عن أي علامة ما لم يأت سند صحيح أو موثوق بشانها، ولكن نتسامح في التفاصيل المذكورة عن نفس هذه العلامة، ولهذا كان البحث عن طبيعة الصوت المشار إليه في حديث الإمام الباقر عليه السلام والذي أشار إلى أنه يأتينا بالفتح أو فيه فرج عظيم.
والحديث عن الصوت من بعد التهديد وتحديد الإثنين بجهة دمشق، وقرنهما بصفة معنوية كبرى هي الفتح في الحديث الأول والفرج العظيم في الحديث الثاني لابد من أن نلاحظ أن فيه معادلاً موضوعيا مع الرحمة التي يتحدث عنها أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الرجفة الذي نتحدث عنه، لا سيما وأن هذه الأحاديث تتحدث بموضع زماني ومكاني واحد والدليل أن كليهما يتحدثان عن الخسف من بعد الحدث، ولكن حديث أمير المؤمنين عليه السلام يتحدث عن الرجفة في حرستا وحديث الإمام الباقر عليه السلام يتحدث عن الرجفة في الجابية، وكليهما في نفس الموضع إذ تبعد الجابية عن حرستا ما يقرب من 10 كلم، مما يعني أننا في منطقة زلزالية واحدة، بل في خط تدمير زلزالي واحد.
ولو خلصنا إلى كل ذلك لا بد من أن نبحث عن السبب الذي يؤدي إلى هلاك 100 ألف، فلسنا هنا أمام معجزة سماوية، بل نحن هنا أمام حدث أرضي، واسباب الموت بهذه الأرقام لن تتعدى عن أسلحة الدمار ، لا الإمام صلوات الله عليه في حديث الرجفة قد استبعد أن تكون مجرد حدث جيولوجي، وإلا لما خص في الحديث عن الخسف من بعدها، وقد وجدت أن أحاديث العامة عن هذه الفترة مقرونة بحديث الهدة أو الصعقة التي تطال دمشق وهي كثيرة جداً، ولكن وجدت اللافت فيها أنها في التدابير الوقائية منها تتحدث عن التالي: سد الأبواب، وتغليق النوافذ والتدثر والسجود والنطق بسبوح سبوح قدوس قدوس، وهي تدابير لا يمكن أن تتخذ مع أي سلاح إلا السلاح النووي، بل أعد حديث رسول الله صلوات الله عليه وآله والذي يرويه فردوس الديلمي من المعاجز لرسول الله الله عليه وآله، لأن اليابانيين حينما أطلقوا تدابيرهم الوقائية الشعبية الفورية أثناء نكبتهم في محطة فوكشيما والتي تعرضت لخرق نووي من جراء كانت متطابقة تماماً مع ما أشار إليه الرسول الكرم صلوات الله عليه وآله، وكلها مبررة بما فيها السجود الذي سيقي من الهجمة الكهرومغناطيسية الناجمة من التفجير ليلعب الجسم الإنساني دور المفرغ لهذه الشحنة حينما يرتبط بالأرض، ولكن من الملفت أن السجود حتى يحقق هذا الدور لا يكون إلا من خلال السجود على الأرض، لا على السجادة أو أي قطعة تحول بين الأرض والساجد، وبمعنى آخر السجود الذي يحقق هذه المهمة هو السجود المتطابق مع سجود أهل بيت العصمة والطهارة لا غيرهم، وكذلك النطق بسبوح قدوس سيؤدي إلى حركة داخل الجسم تفرغ الموج الصوتي من أن يتسبب للإنسان نزفاً داخلياً إن ما حبس أنفاسه واغلق فمه، ثم لا حقنا المفردات الأخرى فوجدنا الرواات تشير النار أو النور في السماء، وهو أمر لا يحققه أي تفجير إلا التفجير النووي، كما ووجدنا أن هذا العمود يضيء لمسافات بعيدة هي المعبر عها بأنه يضيئ أعناق الإبل في بصرى، وهذا النمط من النور لا يعطيه إلا التفجير النووي، والروايات العامية تحدثت عن الهدة أو الصعقة ورواياتنا تحدثت عن الرجفة والصوت وكلها تشير إلى مراحل من الحدث، فالتعبير بالهدة تعبير عن أمر نازل من الأعلى إلى الأسفل، والحديث عن الصعقة، لأن التفجير النووي له تأثير يتطابق مع الصعق ولكنه بالأشعة، والحديث عن الصوت واضح من حجم ، والحديث عن الرجفة أيضاً واضح من طبيعة الموج الإنفجاري، وأكثر من ذلك وجدت في نفس السياق حديثاً عن الأضرار الناجمة من ذلك وفيها حديث عن سبعين ألف أخرس وسبعين ألف أعمى وسبعين ألف مفتقة من البواكر وهي أضرار غير أضرار الهلكى المشار إليهم بمائة ألف لا يمكن تبريررها موضوعياً إلا من خلال التفجير النووي أو ما يشبهه.
من بعد كل ذلك هل وجدت أننا في صدد فكرة مسبقة أم نحن امام منطق صارخ عن ذلك! أترك الحكم لك ويا ليتك لو وصلت إلى غير ذلك دللتني عليه فما أنا إلا عن الشريفة، ولا مصلحة لي في ان يتجه فهم الرواية بهذا الاتجاه أو ذاك.
وفقكم الله وسدد خطاكم وبارك الله في مسعاكم والحمد لله أولا وآخرا وصلاته وسلامه على رسوله وآله أبداً
78 - جبار الكردي (مجموعة حكيميون): هل هنالك حديث قدسي على ظهور الامام الحجة عليه السلام؟
الجواب: الحديث القدسي هو حديث المعصوم عن الله تعالى، ولا توجد فيه خصوصية عملية عن بقية حديث المعصوم صلوات الله عليه، فالمعصوم حينما لا ينطق عن الهوى، وحين يكون حديثه وحي يوحى، كما هو منطوق الآية الكريمة، فإنه سواء نسب قوله لله تعالى، أو لم ينسبه، إنما يكون قوله قول الله تعالى وفقاً للآية الشريفة التي مرت بنا، وبالنتيجة كل ما تحدث به المعصوم عن الإمام الحجة المنتظر صلوات الله عليه وجوداً وظهوراً فإنه يتحدث عن الله تعالى، ولذلك جاء في حديثهم صلوات الله عليهم أن الراد عليهم راد على الله تعالى.
79 -
Alawi Alwardah(مجموعة حكيميون) ماهو دور اليماني بعد ظهور الإمام (عجل الله فرجه)؟؟ هل الروايات تحدّثت عن دور اليماني بعد ظهور الإمام (عليه السلام) أم لا؟؟
الجواب: لم يتأكد لي وجود رواية خاصة في هذا المجال، فإن الروايات ساكتة عن ذلك كله، وعلى الرغم من حديث البعض بأن اليماني هو وزير الإمام صلوات الله عليه، إلا أني لم أتبيّن حجة هذا القول، فإن الروايات التي أشارت إلى وجود وزير للإمام صلوات الله عليه قبل خروجه بأبي وأمي كما هو الحال في الرواية التي رواها العياشي في تفسيره وأشار إلى أن المنصور هو وزير الإمام روحي فداه، ومع أنها ضعيفة في سندها، إلا أنه لا يمكن القول بأن المقصود بالوزير هو اليماني الموعود، فقد يكون أي شخص آخر، وكلمة المنصور التي وردت في الرواية لا دلالة فيها على اليماني، بل هو وصف روايات العامة له، ولا أجد لها دلالة على ذلك من حديث أهل البيت عليهم السلام، كما ولا يمكن التحدث عن كون الروايات قد دعت إلى نصرة اليماني مما يعني أنه هو المنصور المقصود بالوزارة، فإنه تخصيص بلا مخصص.
وعلى أي حال فإن الروايات بشكل عام لا تتحدث عن أي شخص من الهداة بعد ظهور الإمام صلوات الله عليه، فهؤلاء ومن سواهم سيكونون عمّالاً لديه وأعواناً له روحي فداه.
80 - مهند (الموقع الخاص): الحديث الشريف (من جاء برأس من شيعة علي ....), ولم لا يكون المقصود بعلي هنا أمير المؤمنين عليه السلام، لوجود قرائن عشناها من قبيل مناداة الزرقاوي في ديالى: رأس الشيعي بمئتي دولار، واستشهد على إثرها الألوف من الشيعة في العراق كافة، والسفياني وإن كان فاسقاً، ولكنه أموي النزعة معادي لأهل البيت عليهم السلام وشيعتهم.أما أن يكون شخص في النجف الاشرف اسمه علي، يعادي السفياني ويقاتله هو ومناصريه (شيعته) فنسأل سماحتكم التوضيح، لأن لفظ الشيعة دائما مقرون بأمير المؤمنين علي عليه السلام .ياشيخ أنا أسئل متعلماً ولكم التحية.
الجواب: اخترنا في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور الذهاب إلى القول بأن المقصود بشيعة علي هنا، ليس أمير المؤمنين عليه السلام، وإنما هو رجل من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام اسمه علي وله شيعة وأتباع، وقلنا بأن هذا الشخص سيتخذ موقفاً يؤدي إلى حنق السفياني منه، ولم نتحدث عن قتاله للسفياني، بل لا نذهب للقول بأنه سيقاتله، لأن القرائن المذكورة في العديد من الروايات تشير إلى أن النجف الأشرف ستكون حاضرة شيعية كبرى يومذاك، ومثل هذه الحاضنة لا يعقل أن يكون فيها النداء بقتل كل من له علاقة بأمير المؤمنين عليه السلام، لأننا لا يمكن أن نحصل عندئذ على تتمة العبارة، حينما يقول عليه السلام: فيثب الجار على جاره فيأخذه من عنقه ويقول: هذا من شيعة علي! لأن ذلك يستدعي أن يكون شيعة علي هم جزء من مجتمع النجف الأشرف، لا كل النجف الأشرف، كما ويستدعي ان تكون جرائم هذا الخبيث جرائم استئصال للنجف، والدليل على خلافه، لأن توصية الإمام صلوات الله عليه بخروج الرجال دون النساء يظهر إن مشكلته مع المقاتلة، لا مع كل من فيها، ويؤكد ذلك أننا لا نلحظ موقفاً مماثلاً له في الحلة التي سيجتاحها حال مروره بها، كما أننا لا نلمس أنه يفعل ذلك في بغداد التي يجتاحها ويسقط الحكومة التي فيها، لأن الأرقام المذكورة من القتلى وفق أرقام أهل البيت عليهم السلام قليلة جداً قياساً إلى نسب الشيعة فيها، وحتى لو أخذنا بالروايات العامية التي اكثرت من ذكر قتلى الشيعة في بغداد، فإنه هو الآخر لا ينسجم مع طبيعة نزعة الاستئصال هذه، كما لا ترينا الروايات أي نزوع له باتجاه كربلاء، ولا يوجد أمامنا إلّا خيار أن هذه الكلمة تقال حصرياً في النجف، مما يستدعي منا التوقف في شأن أن يكون المراد منها شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، خاصة وإننا لو افترضنا أن النداء سيكون خاصاً بشيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه فإن حجم المقتولين يجب أن لا يبقي النجف حاضرة بالشكل الذي يحوّلها الإمام بعد حدث السفياني بأشهر قليلة قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلى عاصمته، فتأمل!
أما الحديث عن أن كلمة الشيعة دوماً مقرونة بأمير المؤمنين عليه السلام فهذا ليس صحيحاً من الناحية اللغوية، كما وأن حديث أئمة الهدى صلوات الله عليهم في شان علامات الظهور استخدم اللغة الكنائية والرمزية، ولم يستخدم الكلمات المباشرة في الغالب، والله العالم.
81 -
أسد علي (الموقع الخاص): هل الشخصيات التاريخية المعاصره لحركة الظهور كالخرساني واليماني والسفياني تعلم بأنها الواردة في بطون أمهات الكتب؟ وهل ستعلن عن نفسها أمام الناس أم تشخيصها يكن من قبل العلماء والمراجع فقط؟
الجواب: بالنسبة للشخصيات المشار إليها، فإن الروايات ساكتة عن ذلك، وما من سبيل للتعرف على طبيعة علمه بأنهم هم المقصودون بالروايات، وبقدر تعلق الأمر بصاحبي رايتي الهدى الخراساني واليماني فإن عملهما هو الذي سيكشف عنهما، لأن أي إخبار منهم بأنهم هم من تم ذكرهم في الروايات سيحتاج إلى دليل، ولن يمتلكوا أي دليل علمي في هذا المجال، لأن مصدر الإخبار سيكون إما بإخبار الإمام صلوات الله عليه بأن فلاناً وفلاناً هم المقصودون بذلك، وعندئذ سنحتاج إلى الجهة التي سيخبرها الإمام بذلك، ولن نجد أية جهة قادرة لوضوح أن تلك الفترة لا مجال لإدعاء مشاهدة الإمام صلوات الله عليه والإخبار عنه لأن تلك المشاهدة ستكون موسومة بالكذب لقوله صلوات الله عليه: كل من ادعى المشاهدة قبل السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر، وإما ان يكون بإخبار المرجع، وعندئذ سيكون معنياً بإبراز الدليل، ولا دليل ما دمنا في زمن منع المشاهدة وتكذيبها أو أن يخبر الخراساني واليماني عن نفسيهما، وعندئذ سيجري عليهم ما جرى في الأمرين الأوليين، نعم قد يعرفان عن نفسيهما بأنهما المقصودان في الروايات بأحد وسائل العلم الذاتي كالرؤيا أو المكاشفة أو ما إلى ذلك، ولكن أي تصريح منهما في هذا المجال سيخرجهما عن دائرة الهدى التي تمنع مثل هذا الإدعاء لما تقدم.
وفي تصوري لا مجال للحديث عن هذا الإخبار إلا بما تخبر به نفس العلامات، وطبيعة ما بيّنته من مواصفات عملية أو ذاتية في شأنهما، ولذلك فإن العالمين بهذه العلامات يمكنهم من التعرّف عليهم، ولكن لن يتمكنوا من الحديث عنهم إلّا بعد دخول علامات الظهور في واقع الحضور الزمني الفعلي.
وكونهما من رايات الهدى فإن المتصور أنهما لن يتحركا لوجود علم لديهما بأنهما من ذكرتهم الروايات، لأن هذا لا يعبّر عن حالة الهدى، بل سيتحركان من واقع التكليف الشرعي بالنسبة لكل منهما، بمعزل عن علمهما أو عدم علمهما بأنهم من جاء ذكرهم في الروايات.
82 - أسد علي (الموقع الخاص): يا حبذا لو تفرد حلقة عن رايات السود العباسية، وشعيب بن صالح، ورجل قم، لأن البعض يصر أنها من الاسرائيليات؟
الجواب: بالنسبة إلى الرايات السود فقد تحدّثنا بشكل مفصل عن ذلك في الجزء الثاني من علامات الظهور،[1] وليس كل ما ذكر في الروايات العامية متعلّق بالعباسية منها، بل إن رواياتنا وما نقل منها في روايات العامة تتحدّث عن الرايات السود التي تخرج من خراسان بقيادة الخراساني ويقودها شعيب بن صالح، وبعضها يشير وبحديث موثق إلى أن فيها بعض أصحاب القائم روحي لتراب مقدمه الفدا، أما الحديث عن كونها إسرائيليات فهذا حديث من لا علم له بالروايات، وعليه أن يتقي الله في هذا المجال، لأنه يتضمن رداً على الأئمة صلوات الله عليهم، وما من شك في أن روايات العامة أكثرت من إيهام الناس حول المراد بالرايات السود، وحاولت أن تروّج لبني العباس وراياتهم من خلال ذلك، وضابطة التفريق بين الرايات العباسية والرايات الهادية الخراسانية هي أن أي رواية تتحدث عن أن المهدي عليه السلام في الرايات السود تكون رواية عباسية، لوضوح أن راية الخراساني متقدمة في الخروج على ظهور الإمام صلوات الله عليه، فكيف يكون فيها، وهل يعقل أن يكون الإمام صلوات الله عليه في راية أحد أعوانه؟ وأي راية ترسل بالبيعة للإمام صلوات الله عليه أو أن تشتمل على بعض أعوانه تكون هي الراية الخراسانية الموعودة.
83 - أسد علي (الموقع الخاص):ما قولكم في الأعور الدجال؟.
الجواب: الأعور الدجال ذكر في كتب العامة كثيراً، وقد جاء ذكره مقروناً في الغالب مع أحداث آخر الزمان، أما في كتب الإمامية، فقد ذكر في غالب الأحيان بعنوان الدجال بلا ضميمة الأعور ولكن ذكره كان مجرداً عن الزمان، بحيث لا يعلم في أي زمان هو، وعدد قليل مما روي في كتبنا وبأسانيد لا يعتمد عليها في الغالب تم ذكره في آخر الزمان، من دون إشارة محددة إلى طبيعة المقصود بآخر الزمان، فهذه الكلمة تتسع لما هو أكثر من وقت الظهور، ولم أجد إلّا مورداً واحداً في كتبنا تقرن بين الدجال وبين أحداث ما بعد الظهور الشريف وهو ما رواه الشيخ الصدوق بسند ضعيف فيه غير واحد من المجاهيل إلى المفضل بن عمر الجعفي رضوان الله عليه قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام فهي أرواحنا. فقيل له: يا ابن رسول الله ومن الأربعة عشر؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجال، ويطهر الأرض من كل جور وظلم.[1]
وفيما خلا ذلك، فإن الشيخ الصدوق ذكر خبراً بسند عامي ينتهي إلى وهب بن منبه، عن عبد الله بن عباس، عن رسول الله صلوات الله عليه وآله يشير فيه إلى ما يفهم منه بأن الدجال يظهر قبل الإمام روحي فداه قال: وخروج رجل من ولد الحسين بن علي، وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني.[2]
وعليه فإنني لا أجد ما يمكن الاعتماد عليه في كونه من علامات الظهور، وما تفرد بذكره الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه لا يمكن اعتماده لضعف سنده، وقد أوضحنا بأن منهجنا هو عدم التسامح في السنن في تثبيت أصل العلامة، وإلى إمكانية التسامح في ذكر تفاصيلها، والله العالم.