بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله
كتب السيد شهاب الدين الحسيني العذاري
الحياء عبارة عن الشعور بالانفعال والانكسار النفسي نتيجة للخوف من اللوم والتوبيخ من الآخرين ، وهو شعور تراعى فيه المثل والقيم والضوابط الاجتماعية ،
ويسهم بشكل فعّال في ضمان تنفيذ القوانين والمنع من الاقدام على التجاوز والاعتداء ، وهو الذي يحصن الانسان من جميع ألوان الانحراف والرذيلة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « الحياء لباس سابغ ، وحجاب مانع ، وستر من المساوئ واقٍ ، وحليف للدين ، وموجب للمحبة ، وعين كالئة تذود عن الفساد ، وتنهى عن الفحشاء » (1).
وللحياء آثار تربوية ايجابية جاءت في حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال :
1 ـ « الحياء مفتاح كل خير ».
2 ـ « الحياء يصدُّ عن فعل القبيح ».
3 ـ « ثمرة الحياء العفّة ».
4 ـ « من كساه الحياء ثوبه خفي عن الناس عيبه » (2).
وقال الامام جعفر الصادق (عليه السلام) : « فلولاه لم يقرَ ضيف ، ولم يوف بالعداة ، ولم تقض الحوائج ، ولم يتحر الجميل ، ولم يتنكب القبيح في شيء من الأشياء ، حتى أنّ كثيراً من الأمور المفترضة أيضاً انما يفعل للحياء ، فانّ من الناس من لولا الحياء لم يرع حق والديه ، ولم يصل ذا رحم ، ولم يؤدّ أمانة ، ولم يعفّ عن فاحشة » (3).
والحياء الايجابي هو الحياء من : الله تعالى ، والنفس ، والمجتمع ، والقانون ، والذي يحقق آثاراً صالحة في الفكر والسلوك ، قال الامام موسى الكاظم (عليه السلام) : « استحيوا من الله في سرائركم كما تستحيون من الناس في علانيتكم » (4).
وقال (عليه السلام) : « رحم الله من استحيا من الله حقّ الحياء ، فحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وما وعى ، وذكر الموت والبلى ، وعلم انّ الجنّة محفوفة بالمكاره ، والنار محفوفة بالشهوات » (5).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « غاية الأدب أن يستحي الانسان من نفسه » (6).
فالحياء من الله تعالى ومن النفس يردع الانسان عن الانحراف الخفي وغير المعلن ، والحياء من المجتمع والقانون يردعه عن الانحراف العلني والمخفي معاً خوفاً من انكشافه أمام الملأ.
والحياء له دوران : الأول الصد عن العمل القبيح والشائن ، والثاني التخلق بالأخلاق الحسنة والصالحة وخصوصاً في العلاقات الاجتماعية ، وبه ترعى حقوق الآخرين.
__________________
(1) شرح نهج البلاغة / لابن أبي الحديد : 20 / 272.
(2) تصنيف غرر الحكم : ص 257.
(3) بحار الأنوار / المجلسي : 2 / 25.
(4) تحف العقول / الحرّاني : ص 293.
(5) المصدر السابق نفسه : ص 291.
(6) شرح نهج البلاغة / لابن أبي الحديد : 20 / 265.