ترسيخ مبادئ وأهداف ومعالم الثورة الحسينية عند الامام الصادق عليه السلام
بتاريخ : 05-07-2013 الساعة : 01:18 AM
ترسيخ مبادئ وأهداف ومعالم الثورة الحسينية عند الامام الصادق عليه السلام
لقد ربط الإمام الصادق (عليه السلام) العواطف باتّجاه مبادئ الثورة الحسينية وأهدافها ليكون الرفض ومقاومة الظلم مستنداً إلى الوعي الصحيح والتوجيه المنطقي . لذا نجد خطابات الإمام (عليه السلام) واهتماماته لم تقتصر على الإثارات الفكرية والتوجيهات الوعظية نحو الثورة وإنّما استندت إلى أساليب تعبويّة وتحشيد جماهيريّ يعبّر بممارسته وحضوره عن الانتماء لخط الحسين (عليه السلام) ومن أساليبه بهذا الخصوص تأكيده على جملة من الوسائل مثل الزيارة والمجالس الحسينية والبكاء. ونتكلّم عن كلٍّ منها :
1 ـ الزيارة: اعتبر الإمام الصادق (عليه السلام) زيارة قبر جدّه الحسين (عليه السلام) من الحقوق اللازمة والتي يجب على كل مسلم الاهتمام بها ويلزم الخروج من عهدتها وقال (عليه السلام): « لو أن أحدكم حجّ دهره ثم لم يزر الحسين بن علي (عليه السلام) لكان تاركاً حقّاً من حقوق رسوله; لأنّ حقّ الحسين (عليه السلام) فريضة من الله عزّوجلّ واجبة على كل مسلم»
2 ـ المجالس الحسينية: ومن الخطوات التي تحرك الإمام الصادق (عليه السلام) من خلالها من أجل صياغة العمل الثوري والجهادي وتربية الجماعة الصالحة على ضوئه هي قضية الرثاء التي حفظتها المجالس الحسينية ، فقد أكّد (عليه السلام) على رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) كاسلوب من أساليب التربية والتحريك العاطفي لغرض ربط الاُمة بالثورة الحسينية
وكان الإمام (عليه السلام) يعقد هذه المجالس الخاصة لهذه الغاية والتي كان يطرح فيها إلى جانب الرثاء رُؤى وثقافة أهل البيت (عليهم السلام) العقائدية والاخلاقية والتربوية والسياسية لتكون أداة محفّزة لبثّ الوعي والعاطفة المبدئيّة.
قال(عليه السلام) لأبي هارون المكفوف : «يا أبا هارون أنشدني في الحسين (عليه السلام) قال فأنشدته، فبكى... فقال: أنشدني كما تنشدون يعني بالرقّة. قال فأنشدته : اُمرُرْ على جَدَثِ الحُسَين ***فَقُلْ لاَِعْظُمِهِ الزَكِيّة
قال : فبكى ثم قال : زِدني ، قال : فأنشدته القصيدة الاُخرى ، قال: فبكى وسمعت البكاء من خلف الستر . قال : فلمّا فرغت قال لي : «يا أبا هارون من أنشد في الحسين (عليه السلام) شعراً فبكى وأبكى عشراً كتبت له الجنّة ، ومن أنشد في الحسين(عليه السلام) شعراً فبكى وأبكى خمسة كتبت له الجنّة ، ومن أنشد في الحسين(عليه السلام) شعراً فبكى وأبكى واحداً كتبت له الجنّة » .. وكان يؤكد إحياء الذكرى كما نلاحظ ذلك فى قوله (عليه السلام) لفضيل : «يا فضيل تجلسون وتتحدّثون ؟ قلت : نعم سيدي قال : «يا فضيل هذه المجالس اُحبّها ، أحْيُوا أمرنا . رحم الله أمرءاً أحيا أمرنا ».
3 ـ البكاء: ومن الأساليب التي اتّخذها الإمام الصادق (عليه السلام) لتركيز الخط الثوري وتأجيج روح الجهاد في نفوس خاصته وشيعته هي تعميق وتعميم ظاهرة البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) لأن البكاء يساهم في الربط العاطفي مع صاحب الثورة وأهدافه ويهيّء الذهن والنفس لتبني أفكار الثورة ويمنح الفرد المسلم الحرارة العاطفية التي تدفع بالفكرة نحو الممارسة والتطبيق ورفض الظلم واستمرار روح المواجهة والحصول على روح الاستشهاد .
كما يشكّل البكاء وسيلة إعلامية سياسيّة هادئة وسلميّة عبّر بها الشيعي عن المآسي والمظالم التي انتابته وحلّت بأئمته ولا سيّما إذا كانت الظروف لا تسمح بالأنشطة الاُخرى.
ولا يعبّر هذا البكاء عن حالة من الانهيار والضعف والاستسلام لإرادة الظالمين، كما لا تشكّل إحياء هذه الذكرى والبكاء فيها وسيلة للتهرّب من الذنوب والحصول على صكوك الغفران كما يحلو للبعض أن يقول : إن الحسين قد قدّم دمه الطاهر لأجل براءة الشيعة من النار وإعفائهم من تبعات الآثام والخطايا التي يرتكبونها تشبهاً بالنصارى الذين أباحوا لأنفسهم اقتراف الخطايا; لأنّ المسيح (عليه السلام) كما يزعمون قد تكفّل بصلبه محو خطاياهم .
فالبكاء الذي أكّده الإمام (عليه السلام) وتمارسه الشيعة لا يحمل واحداً من هذه العناوين بل هو تلك الحرارة التي تضخّ في الفكرة روح العمل وتخرجها من حيّز السكون إلى حيّز الحركة فقد جاء عنه (عليه السلام) : « إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي(عليه السلام) فإنّه فيه مأجور».