عضو فضي
رقم العضوية : 71598
الإنتساب : Mar 2012
المشاركات : 1,992
بمعدل : 0.41 يوميا
كاتب الموضوع :
مصحح المسار
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 28-07-2013 الساعة : 03:12 PM
شقشقة هدرت ثم قرّت ( 19)
ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين فقال :-مَا وَاللّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابن أبي قحافة، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلاَ يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْبَاً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً، وَطَفِقْتُ أَرْتَئي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جَذَّاءَ، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طِخْيَة عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ. وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقى رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى، فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذَىً، وَفِي الْحَلْقِ شَجاً، أَرَى تُرَاثِي نَهْباً، حَتَّى مَضَى الاَْوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى ابْنِ الْخَطَّاب بَعْدَهُ (ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الأَعْشَى):
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا *** وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ، إِذْ عَقَدَهَا لاِخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا، فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَة خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا، وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا، وَالاعْتِذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَراكِبِ الصَّعْبَةِ، إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ، وَإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ، فَمُنِيَ النَّاسُ ـ لَعَمْرُ اللّهِ ـ بِخَبْط وَشِمَاس، وَتَلَوُّن وَاعْتِرَاض. فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ، حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ. جَعَلَهَا فِى جَمَاعَة زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَاللّهِ وَلِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ، لكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا. فَصَغَى رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَمَالَ الآخَرُ لِصِهْرِهِ، مَعَ هِن وَهَن إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ.
وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضِمُونَ مَالَ اللّهِ خَضْمَةَ الإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ، إِلَى أَنِ انْتَكَثَ فَتْلُهُ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ، فَمَا رَاعَنِي إِلاَّ وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِب، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الْحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ، مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالأَمْرِ، نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَمَرَقَتْ أُخْرَى، وَقَسَطَ آخَرُونَ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا كَلاَمَ اللّهِ حَيْثُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدّارُ اْلآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذينَ لا يُريدُونَ عُلُوًّا فِي اْلأَرْضِ وَلا فَسادًا وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ) بَلَى وَاللّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا. أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَا أَخَذَ اللّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ لاَ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِم وَلاَ سَغَبِ مَظْلُوم، لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا، وَلأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَطْفَةِ عَنْز.
(قالوا): وَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ، عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَى هذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِهِ، فَنَاوَلَهُ كِتَاباً فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيهِ. قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاس رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَطْرَدْتَ خُطْبَتَكَ مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ». فَقَالَ: «هَيْهَاتَ يَابْنَ عَبَّاس تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ».
توقيع : مصحح المسار
إلى أمي وأبي فـــــــــي ســِــفر
العطاء والعطف والحـــــــــنان
صفحة تتجدد وتُمجّــــــدوبِــــر ٌ
على الموعد؛؛؛ لكم مني ...
تحـــــية ومــــــودة وســــــــلام