|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77366
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 1,368
|
بمعدل : 0.32 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
لماذا يستمتع البعض بالغيبة والنميمة؟
بتاريخ : 25-07-2013 الساعة : 06:54 PM
كلنا نعرف أنّ الحديث بالسوء عن الآخرين في غيابهم هو أمر سيِّئ جدّاً، لكننا لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من فعل ذلك بين الفينة والأخرى، سواء أكان في العائلة أم في العمل أو مع الأصدقاء. فما الذي يُخفيه هذا السلوك عن طبيعتنا الإنسانية؟
"هل سمعتُم الخبر؟ نال أحمد ترقية أخرى، وهذا ليس غريباً بالنظر إلى أسلوب مسح الجوخ الذي يتّبعه مع المديرة". يقول زميل كان يتمنى أن يكون هو مَن يحظى بالترقية، وترد عليه زميلته التي بدورها لا تعجبها المديرة: "تلك المديرة العجيبة التي لا تُجيد حتى إختيار ملابسها، كيف يمكن أن تجيد اختيار مَن تتم ترقيتهم؟". مثل هذه الحوارات التي تدخل في إطار الغيبة والنميمة والكلام بالسوء عن الآخرين هي حوارات نسمعها في كل أماكن العمل وربما نشارك فيها. هذه النوعية من الحوارات ممتعة، فهي نوع من الأسرار التي يتقاسمها الزملاء من باب الثقة بالطرف الآخر. وبين العائلة أو الأصدقاء أو الزملاء فإنّ الكلام بالسوء عن شخص آخر يعطي شعوراً بالمتعة، وأحياناً يكون مناسبة للضحك والفكاهة. فهل هذا سلوك لا يقوم به إلا الأشرار والانتهازيون؟
يقول عالم النفس الاجتماعي لوران بيغ: "الغيبة والنميمة ليس سلوكاً مقصوراً على الأشرار أو الانتهازيين، بل إنّه سلوك منتشر جدّاً وأكثر مما نتخيل. هل تعلمون أنّ المعني بـ60% من حوارات الأشخاص البالغين هو شخص آخر غائب، غير موجود معهم؟ وأن أكثر هذه الحوارات هي إطلاق لأحكام ونُعوت وصفات عن الغائبين؟". يعرف كل واحد من الناس أنّ الغيبة والنميمة أمر سيئ جدّاً، وأنّه ذنب وخطيئة في كل الأديان السماوية، ولا أحد طبعاً يحب أن يكون شريراً، لكن قليلون هم الأشخاص الذين يمكن أن يصمتوا عندما يكون الحوار ساخناً. فلماذا لا نستطيع مقاومة هذه المتعة الآثمة؟
- المشاركة في الكُره:
الحديث بالسوء عن الآخر يؤدي إلى خلق علاقات اجتماعية، يقول لوران بيغ: "عندما يكره شخصان معاً شخصاً ثالثاً، فإنّ هذا يخلق بينهما علاقة أقوى مما لو تشاركا في حُب شخص ما. فالشخصان يشعران بألفة أكثر وكأنهما يعرفان بعضهما بعضاً، إذا اكتشفا أنهما لهما الرأي السلبي نفسه، حول شخص ما، ولا يشعر انّ بهذه الألفة إذا كان رأيهما في ذلك الشخص إيجابياً". ويمكن أن نُضيف إلى هذا لذّة صغيرة، هي لذة الإحساس بارتكاب المحظور، ذلك أنّ القوانين الاجتماعية تفرض أن نكون إيجابيين ولطفاء تجاه الآخرين، والذي يتحدث بالسوء عن الآخرين يُغامر بأن يفعل الآخرين يأخذون عنه نظرة سيئة. ومع ذلك فالمتحدث يحاول أن يثبت العكس، فهو يحاول أن يوصل لمن يتشارك مع النميمة بأنّه يقول له أموراً سيئة عن الآخر، لأنّه فقط يثق به ويُريد أن يُنبّهه، وعندما يبدأ الطرف الثاني في التأثير بكلامه اللطيف، فإنّه يصبح مستعداً لكي يشاركه النميمة ويُخبره ببعض الأسرار.
- اطمأن فأنت طبيعي:
لماذا كل هذا الكره؟ يقول العالم النفسي لوران بيغ: "الغضب، القلق، الغيرة.. كلها أسباب تُبرّر السلوك العدائي للإنسان، وتُبيّن طبيعته الحقيقية". يُضيف: "الغيبة والنميمة تظهران لدى الإنسان وهو لا يزال طفلاً، فهو خارج نطاق الأسرة يُقارن نفسه بالآخرين، عندما يمنعه والده من أن يكون عنيفاً مع الأطفال الآخرين ويعضهم أو يضربهم، فإنّه يلجأ إلى العنف اللفظي، كما أنّ الأطفال عندما يُريدون أن يحظوا بمكانة أفضل لدى والديهم يقومون بالحديث عن زملائهم والتقليل من قيمتهم. إذن فالإنسان لكي يتأكد من أنّه طبيعي وعادي يقوم بالحديث بالسوء عن ذلك الذي يبدو مختلفاً عنا". هذا التصرف في الحقيقة ناتج عن ضعف الثقة بالنفس، لأنّ المرء لا يقوم بتقييم ذاته إلا إذا قارنها بالآخرين. بالتالي، هو يُقلل من شأن نفسه".
يتحدث الإنسان بالسوء عن أخيه الإنسان حتى يعبّر عن مخاوفه وقلقه، وبحثاً عن مَن يُريحه ويطمئنه ويساعده، وفي الحديث بالسوء عن الآخرين، هناك أيضاً متعة جذب انتباه الآخر وفضوله، والاستئثار بالحديث واستعراض المعلومات.. مع ذلك فإنّ الغيبة أو النميمة لهما مخاطرهما، يقول لوران بيغ: "الغيبة والنميمة رياضة خطيرة، ولأنها رياضة إجتماعية، فإنّه يمكن أن ينقلب السحر على الساحر، فتصبح الغيبة وصمة عار على جَبين مَن يُمارسها، بحيث يبدأ الناس في تجنب هذا الشخص، لأنّه لا يكف عن التحدث بالسوء عن الناس. وهي أيضاً خطيرة بالنسبة إلى الشخص الغائب الذي يدور حوله الحديث، فهي ناتجة عن الرغبة في الهدم والتحطيم، حتى إن كان ذلك معنوياً، فهي إساءة إلى سمعة الشخص المقصود".
- إذا كنتِ أنتِ الضحية:
الحديث بالسوء عن الآخرين أمر هدّام، لأنّه يلصق بالآخر شيئاً فشيئاً سمعة سيئة، وهو غير قادر عن الدفاع عن نفسه ومن التصرف بحرِّية، لأن أي تصرف يقوم به لاحقاً سيقوم الناس بتأويله بشكل سلبي. فكيف يمكنك إذا كنت أنت الضحية، أن تضعي حدّاً لهذا؟ عليك بالتواصُل مع الطرف الآخر. قال طارق زميلك في العمل كلاماً سيئاً عنك في حضور زميلتك رهام، التي جاءت ,أخبرتك بالموضوع، يمكنك أن تُجيبي رهام أولاً وتقولي لها إنك ستتكلمين مع طارق مباشرةً، لكي تتأكدي من الموضوع، وتذهبين إلى طارق وتقولين: "يبدو أنك قلت عني كذا كذا، أدرك أنك لم تستطع أبداً أن تقول لي كل هذا الكلام بشكل مباشر، ولكن بما أنّ الموضوع يخصني فإنّ في ودي أن نتحدث أنا وأنت في الموضوع". وإذا حاول أن يلقي بالذنب على رهام وقال إنها كاذبة أو شيء من هذا القبيل، فلا تتركي له المجال قولي له: "أنا لن أدخل معك في هذا ولن أذكرها بالسوء في غيابها، وأفضل أن نتحدث حول الأمر أنا وأنت فقط"، وإذا أصَرّ على الإنكار، فاغتنمي الفرصة واسأليه عن رأيه في عملك. إذا حاصرت بهذه الطريقة الشخص الذي يتحدث عنك بالسوء، فإنّه من المستبعَد جدّاً أن يُعيد الكرّة مرة أخرى، ويتحدث عنك في غيابك بشكل سلبي. المهم أن يكون كلامك معه هادئاً ومُتّزَناً.
|
|
|
|
|