من الأدلة التي استدل بها المدّعي احمد كاطع على أنّه ابن الإمام المهدي عليه السلام وسفيره إلى الناس كافّة وانّه هو المعصوم رواية يرويها الشيخ الطوسي، وقد نقل صاحب كتاب الرد الحاسم على منكري ذرية القائم هذه الرواية وجعلها حسب ترتيبه الدليل التاسع على أنّ المدعو احمد إسماعيل كاطع ابن الإمام المهدي عليه السلام حيث قال في صفحة 8 الدليل التاسع: روى الشيخ الطوسي بسند معتبر عن الإمام الصادق عليه السلام خبراً ذكر فيه، وذكر الخبر، ونحن هنا ننقل الخبر بتمامه عن الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة ثم نقف مع هذا الخبر سنداً ودلالة لنتفحص صحة ما يدعيه هذا المدعي.
قال الشيخ الطوسي في الغيبة:
111 - أخبرنا جماعة ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم _في الليلة التي كانت فيها وفاته_ لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة. فأملا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهديا ، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما سماك الله تعالى في سمائه: عليا المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصح هذه الأسماء لاحد غيرك. يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم، وعلى نسائي: فمن ثبتها لقيتني غدا، ومن طلقتها فأنا بريء منها، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي. فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد عليهم السلام. فذلك اثنا عشر إماما، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا، (فإذا حضرته الوفاة) فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي: اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أول المؤمنين).
وهذه الرواية مناقشة من جهتين بل ثلاث جهات:
أولاً: من جهة سندها:
إنّ هذه الرواية عامية المذهب فهي ليست بحجة خصوصاً في قضية عقائدية مهمة كإدعاء العصمة والنيابة الخاصة والارتباط النسبي بالإمام المهدي عليه السلام حيث صرح الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في كتابه (الإيقاظ من الهجعة في البرهان على الرجعة) في الباب الحادي عشر أنّ الشيخ في كتاب (الغيبة) في جملة الأحاديث التي رواها من طرق العامة في النص على الأئمة عليهم السلام.
إنّ الشيخ الطوسي قدس سره قال: اخبرنا جماعة وهذا القول موهن للرواية إذ لم يقل من هم هؤلاء الجماعة وهل هم من أصحابنا أم من غيرهم هذا إذا تنزّلنا عن القرينة الأولى التي ذكرها الحر العاملي، وإلاّ فمعها لا يكون الجماعة مع عدم ردفهم بأصحابنا إلاّ من العامة.
إنّ الرواية ضعيفة بكلٍ من علي ابن سنان الموصلي فهو بين من صرح بجهالته وكونه عامي المذهب وبين من لم يذكره من علماء الرجال، واحمد بن محمد بن الخليل الذي لم يذكر، وجعفر ابن احمد البصري والحسين ابن علي بل وغيرهم الذين لم يرد لهم ذكر في كتب علمائنا الرجاليين.
إنّ نفس صاحب كتيب الرد الحاسم لم يستدل بها على المقصود (أي أن هذه الرواية مع عدهم لها دليلاً إلاّ أنّهم يرون حسب ما ينقله العقيلي هذا أنّها غير تامة الدلالة) راجع صفحة 19 من الكتيب الانف الذكر.
ثانياً: من جهة دلالتها:
1. إنّ في الروايات اضطراب إذ تذكر أنّ لهذا المهدي الأول ثلاث أسماء ثم تُعد له أربعاً إذ قالت (ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا، (فإذا حضرته الوفاة) فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي: اسم كإسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أول المؤمنين) وأنت ترى أنّ الرواية تصرح بان الأسماء الموجودة أربعة هي:
اسم كإسمي (أي محمد صلى الله عليه وآله وسلم).
وإسم كاسم أبيه صلى الله عليه وآله وسلم (عبد الله).
واسم احمد.
والاسم الرابع المهدي
فهذه أسماء أربعة ذكرت في الرواية مع انّ الرواية تصرح بانّ له أسماء ثلاثة فقط (فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي).
فهذا اضطراب واضح في الرواية لا يمكن الأخذ بها معه.
2. إن الرواية ليس فيها تصريح بانْ يسلّم الإمامة وقيادة الأرض إلى ابنه، كيف ذلك وانّ الروايات الأخرى الكثيرة والمعتبرة تصرح بانّ هؤلاء ليسوا بأئمة وهم من ذرية الحسين عليه السلام بل وأنّ من يستلم الإمامة بعد المهدي عليه السلام هو الإمام الحسين عليه السلام فلا بدّ أن يكون الضمير في فليسلمها عائداً إلى بعض المسؤوليات والوظائف التي يقوم بها هؤلاء المهديون في ضل إمامة الأئمة عليهم السلام ومما يؤيد أنها غير عائدة على الإمامة انّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصرّح في نفس الحديث بقوله (فذلك اثنا عشر إماماً) وهذا قرينة سياقية على أنّ المراد بفليسلمها ليس الإمامة وإلا للزم التنافي بين هذا الحمل وبين المقطع المتقدم من النبي الأكرم بل وبين الوضوح القائم على تشخيص الأئمة عليهم السلام وتحديدهم بالإثني عشر.
3. إن الأدوار المناطة لهؤلاء المهديين لا تكون إلاّ بعد ظهور الإمام المهدي عليه السلام ولا توجد رواية تصرح بان لهم دوراً معيناً قبل ظهوره.
4. إنّ الرواية قالت هو أول المؤمنين ولم تقل هو أول الأئمة بعد الإمام المهدي عليه السلام ولم تصرح بان له دوراً قبل ظهوره ولم تتحدث عن ان هذا الابن معصوم.
5. إنّ هذا الرواية تعارضها روايات كثيرة وأكثر اعتباراً منها (بل إن قولنا تعارضها مبني على التنزّل إذ أنّ هذه الرواية لا يمكن أنْ تكون معتبرة بحالٍ مع ما بينّاه) تقول إنّ من يكون بعد المهدي عليه السلام من غير الأئمة عليهم السلام من المهديين هم من ذرية الحسين عليه السلام ولم نقف على رواية تصرح بأنّ المهديين من ولد المهدي عليه السلام سوى ما يستفاد من هذه الرواية العامية التي عرفت شأنها.
ثالثاً: البحث الأصولي:
غير خافٍ على من له أدنى اضطلاع في كتب العقائد أنّ خبر الآحاد ليس بحجة في العقائد وهذا ما يصرّح به علماء الشيعة كالشيخ المفيد الذي يقول (ولا يجوز أنْ يُقطع بخبر الواحد في الدين) بل أنّ هذا القول يُنقل عن اتباع هذا الدّعي إذ يصرّح العقيلي في كتيبه الآنف الذكر في صفحة 51 حيث يقول (إن قضية الإمامة والنيابة من العقائد والعقائد لا يجوز فيها التقليد بإجماع الشيعة) ويقول في صفحة 43 وفي صفحة 27 وفي صفحة 28 على التوالي ما هذا نصه (كما قلت إنّ هذا الخبر آحاد ظني الصدور لا يصلح للاستدلال العقائدي)، (وخبر الآحاد إذا كان صحيح السند وليس مرسلاً عند الأصوليين لا يفيد علماً ولا عملاً ولا يستدل به في أصول العقائد)، (لا يجوز العمل بالرواية إلا إذا كانت قطعية الدلالة أي أن لها وجه واحد ولا تحتمل غيره).
فبمقتضى هذه الأبحاث الثلاثة يتبيّن سقم هذا الدليل الذي استدلوا به على بنوّة احمد إسماعيل كاطع للإمام المهدي عليه السلام. وهي قضية عقائدية كبرى إذ يترتب عليها أخذ الدين منه وإتباعه.
صحيفة صدى المهدي
اشكر الاخ العزيز س البغدادي على نقل هذا الموضوع ، وكذالك بقية المواضيع الاخرى
واقول : يظهر ان هذه الجهات التي تدعي شخصيات الظهور كاليماني ، او ادمهديون الموعودون بعد الامام الحجة ع ، او حتى من سيدعي مقام الامام الحجة ، كلهم وبغض النظر عن دوافعهم ومن ورائهم يستغلون ما يشبه الثغرات او الشبهات ويؤلون عليها ويبنون اطروحتهم والتي من خلالها يقدمون الشخصية التد يدعونها ،
وهذا ايضا يتطلب ومن خلال متابعتي انهم ممن صرف جهد ووقت كبيرة ودقة عميقة في دراسة الروايات ليستخرج هذه الاطروحة الباطلة ايا كانت ويوضفها في ضرف ومكان ما ويهيئ لها الاسباب الاخرى الممكنة ،
ولعلهم دائما ما يبتدئون ( ومن الناحية المنطقية ) بين البسطاء والمناطق التي تفتقر للتواجد العلمي المعتبر والذي يحمل ويحمي افكار ال البيت ع ، حتى اذا ما ترعرع لديهم عدد لا باس به من الذين يضلونهم تكون بعد ذالك المسألة اسهل لانه الكثير من الضعفاء علميا يعتمدون على اعقل والاتجاه الجمعي في البت في بعض المسائل واتخاذ الموقف منها ،
لذالك يتطلب ولخطورة مثل هذه الاتجاهات والادعائات الى التحرك السريع اتجاهها وقت اكتشافها قبل ان تكون وتكون قاعدة مهمة في حياة الناس ويكون قائدهم رمز ديني وعلاماتي مقدس في نظر من يتوهم بهم ،
طبعا هنا دور المرجعيات ومن يتصل بهم والعلماء مستمر في التنبيه والمحاججة للادعياء ، وكذالك ما ينشره الفضلاء في وسائل الاعلام المختلفة لتنبيه الناس وحتى على مستوى المنتديات هنا او غيرها ،
ولكن يبقى هناك قسم من الناس اما بعيد عن هذه الامور بشكال او سبب ما او كما قلنا يستغل هؤلاء المدعين اسلوب وضرف ومكان ما ليزرعون ما يحملون ،
واكثر الظن ان مثل هؤلاء هم ورائهم جهات سياسية خارجية هدفها الاصيل ضرب التشيع وعقيدته المهدوية في صميمها ، او محاولة ضرب القضية المهدوية ذاتها من خلال شخصيات الظهور ، وهذا لعله ومما ساعد عليه الشعور العام لدى هذه الدول من قرب ارهاصات عصر الظهور وما يترتب عليه من تهديد لمصالحهم وحسب ما يستفيدوه من فكر المذهب الامامي في القضية المهدوية وان ظاهرا يجحدون بالقضية المهدوية ويستكبرون عليها ، وشكرا