بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
درس من حياة السيدة الزهراء (عليها السلام)
بقلم : الأديبة خولة القزويني
المستقرئ لواقع المرأة في مجتمعنا يرى بكل وضوح ظاهرة ((التقليد الأعمى)) لكل صرعات الغرب بمختلف تفاصيلها الجاذبة لأنوثتها، وتعتبر بوابة الفن والموضة المدخل الذي استهوته المرأة الواهنة النفس لتنقاد له بسذاجة وحمق، متخذة من الفنانة المتبرجة أمرا يستثير فيها هوس عمليات التجميل لاستنساخ ملامحها بتطرف يشذ بالذائقة عن الفطرة من أجل صنع تكوينات مثيرة أكثر منها جميلة.
وعلم النفس يعزي الانجرار اللاهث وراء هذه الصراعات إلى الإحساس بالنقص والدونية وانعدام الثقة بالذات،
والانبهار برموز يسعى الإعلام إلى تلميعها يومياً.
والسؤال الذي يختزل كل هذه الحكاية: ما سبب انعدام الثقة بالنفس لدى بعض الفتيات المسلمات ؟
ولِمَ تنشأ الواحدة منهن منذ طفولتها وهي مهزوزة الذات ؟!
أعتقد أن التربية الخاطئة القائمة على استنقاص أنوثة الفتاة واسترخاص قيمتها في مجتمع ذكوري يهينها بذلك القمع غير المبرر ويفصلها عن قيمتها الإنسانية كمخلوق عاقل قادر حرَّ له إرادة وشخصية، ويحتكرها في زاوية محددة ترى فيها كل صور الضعف والتبعية والهوان، هو سبب هذه العقدة, تماماً كما هي ثقافة الجاهلية الأولى.
ويمكن أن نلحظها في التفريق بين الولد والبنت لدى بعض الأسر الموصوفة جهلا بأنها ((أسرة محافظة))،
إذ يعمل الوالدان على تمييز الولد على البنت مما يعزز إحساسها بالنقص والدونية،
ويبني في ((اللاشعور)) حالة مستديمة من نقص الثقة، فتكبر الفتاة مخلخلة الشخصية، ضعيفة، عرضة لأي تأثير خارجي،
ويكون الهاجس الأكبر في اهتماماتها ((المظهر الأنثوي الخارجي)) فقط،
فميولها مسطحة وفق ذلك الجانب الغرائزي الذي كانت تنظر له بأهمية منذ طفولتها دون اعتبار للجانب الآخر من شخصيتها،
وطبيعي أن تصبح سهلة الانقياد لهذه الثقافة التي تعزف على وتر الحواس والغرائز وتهمش عقلها وشخصيتها ومحتواها الداخلي.
إنه خطأ في التربية، وقصور في فهمنا للدين أحياناً، إذ نفصل العبادات عن واقع حياتنا ومعاملاتنا اليومية
فنعيش التناقض الذي يشوه ملامح هويتنا الإسلامية الأصيلة.
عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « من كان له أنثى فلم يبدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها ، أدخله الله الجنة ». مستدرك الوسائل
إن خير مثال للتربية النموذجية المطروحة في الإسلام تربية رسول الله (صلى الله عليه وآله) للزهراء (عليها السلام)
إذ كان يعزز فيها قيم العزّة والإباء والكبرياء الأنثوي الذي يجنح بالمرأة نحو القوة النفسية.
تدخل عليه الزهراء (عليها السلام) فيقف لها إجلالاً واحتراماً ويقبلها بين عينيها ويحوطها بذراعيه ثم يجلسها في مكانها مبجلة،
فتألقت في أطوار حياتها فتاةً، زوجةً، أماً، ومجاهدة رسالية مترفعة بذاتها عن زخارف الدنيا.
نحن نحتاج أن نفهم أدق الجزئيات في تنشئة الزهراء (عليها السلام)
لنستخرج من مضامينها أروع ((نظريات التربية))
والتي يمكن أن ننقذ بها بناتنا الغارقات في وحل ثقافة تستفرغ تفكيرهن من كل هدف جاد وغاية نبيلة،
ومنها زرع ((الثقة بالنفس)) في نفوس بناتنا، وتعميق مفهوم العزّة والكرامة،
لينشأن زوجات صبورات، وأمهات صالحات، وناشطات واعيات،
يستعصي على أي تيار فاسد ومحاولة خارجية أن تخترق مدارهن الآمن.