الأقوال في كيفية علم المعصوم (ع) بالغيب
الحلقة : الحادية عشرة
ما زلنا في القول الثالث ، في الدليل الروائي على حضورية العلم عند أهل بيت العصمة (ع)
كنا قد تعرضنا للطائفة الأولى
🔅الطائفة الثانية : الأئمة يعلمون الكتاب كله .
1ـ عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام (أنه قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء) .
2ـ عن سلمة بن محرز (قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من علم ما أوتينا تفسير القرآن وأحكامه ،وعلم تغيير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ، ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع ثم أمسك هنيئة، ثم قال: ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا والله المستعان) .
3ـ عن عبد الاعلى مولى آل سام (قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والله إني لاعلم كتاب الله من أوله إلى آخره(1) ، كأنه في كفي(2) ، فيه خبر السماء وخبر الأرض(3)، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال الله عز وجل: " فيه تبيان كل شئ(4) ) .
4ـ عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام ( قال: " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال: ففرج أبو عبد الله عليه السلام بين أصابعه فوضعها في صدره، ثم قال: وعندنا والله علم الكتاب كله) .
5ـ عن بريد بن معاوية (قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب "؟ قال: إيانا عنى، وعلي أولنا(5) وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله) ، وهي حسنة .
مصدرها : تجدها في الكافي : ج1 / ص228و229 ، ط دار الأضواء بيروت .
ومما يناسب ذكره هنا : ما ورد في البحار عن عبدالله بن الوليد السمان ( قال : قل الباقر عليه السلام : يا عبدالله ما تقول في علي و عيسى وموسى صلوات الله عليهم ؟
قلت : وما عسى أن أقول فيهم ، فقال : والله علي أعلم منهما .
ثم قال : ألستم تقولون : إن لعلي صلوات الله عليه ما لرسول الله صلى الله عليه وآله من العلم ؟
قلنا : نعم والناس ينكرون .
قال : فخاصمهم فيه بقوله تعالى لموسى عليه السلام ( وكتبنا له في الالواح من كل شئ ) فأعلم أنه لم يبين له الامر كله ، و قال لمحمد صلى الله عليه وآله : ( وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ) .
وقال : فاسأل عن قوله تعالى : ( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) ثم قال : والله إيانا عنى وعلي أولنا وأفضلنا وأخيرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله . (ج26 / ص198 ط الوفاء )
وسوف يأتيك ما يستخلص منها في الحلقة الثانية عشرة ، فترقب .
________هامش _______
(1) أي : كله بترتيب نزوله ، وقال المولى المزندراني رح في شرحه : (يحتمل أن يراد بهما - الأول والآخر - الصورتين المعروفتين ، وأن يراد بهما أول المعاني ، وآخرها ، في سلسلة الترتيب والبطون ) ج5/ ص362
(2) أي : يدي ، مبالغة في الإحاطة به ، وقال المولى المزندراني : (وأنا أنظر فيه ، وفيه تأكيد لما مر من قوله : [والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره ] ، مع الإشارة إلى الزيادة في الإفادة هنا بسبب تشبيه الإدراك العقلي بالإدراك الحسي لقصد زيادة التوضيح ... تنبيها على أن علمه بما في الكتاب : علم شهودي بسيط واحد بالذات ، متعلق بالجميع ،كما أن رؤية كف : واحدة متعلقة بجميع أجزائه ، والتعدد إنما هو بحسب الاعتبار ) ج5 / ص362و363 .
(3) من أحوال الأفلاك وحركاتها ، وحالات الملائكة ودرجاتها ، وحركات الكواكب ومداراتها ، إلى غير ذلك من الأمور الكائنة في العلويات ، والمنافع المتعلقة بالفلكيات (مرآة العقول : ج3/ ص33)
(4) الذي في المصحف في سورة النحل : {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} فيحتمل أن يكون في قراءتهم ع كذلك ، أو نقل بالمعنى ، والظاهر أنه من تصحيف النساخ والرواة (المصدر السابق)
(5) أي : وإن كنا في العلم سواء ،وعندنا جميعا علم الكتاب ، لكن علي (ع) له الفضل علينا بالسبق ،وكثرة الجهاد ،وتأسيس الإسلام ، وكون علمنا منه (ع) (المصدر السابق : ج3/ ص35)
مستقى البحث - بتصرف - : علم النبي ص والأئمة ع بالغيب ، لسماحة العلامة الكامل الماجد الفاضل الأستاذ السيد طعان خليل العاملي دام تأييده ص287 .
🔷الأقوال في كيفية علم المعصوم (ع) بالغيب🔷
🔰الحلقة : الثانية عشرة🔰
🔹ما زلنا في القول الثالث ، في الدليل الروائي على حضورية العلم عند أهل بيت العصمة (ع) فعلا .
👈🏻كنا قد تعرضنا للطائفة الثالثة ، والآن نعرض لما استفيد منها :
قد ((صرحت هذه الطائفة من الأحاديث بأن الأئمة (ع) يعلمون ما في القرآن المجيد كله ، حتى قال الصادق (ع) : (إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره ، كأنه كفي ، فيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر ماكان ، وخبر ما هو كائن ، قال الله عزوجل : فيه تبيان كل شيء )
وهل يطلب الباحث أثرا بعد عين ؟ أفترى أنه أراد من العلم بكتاب الله - الذي فيه تبيان كل شيء من خبر السماء والأرض ، وما كان أو ما هو كائن - هو العلم بالأحكام ، أو موضوعاتها ، لا الحوادث والأعمال ، وما وقع ، أو يقع من شؤون العالم ؟
وهل يجوز لذي علم ، أو ذوق أن يحمل هذا البيان على ذلك القصد ؟
وهل أصرح من هذا البيان بالعلم بشؤون العالم سابقه ، وحاضره ، ولاحقه ؟! ))
📓 را : علم الإمام عليه السلام ، للشيخ محمد الحسين المظفر (رح) ، ص33 ، و34 .
⌛وأما الطائفة الرابعة فسنعرضها لك في الحلقة الثالثة عشرة .
📚 مستقى البحث - بتصرف - : علم النبي (ص وآله) والأئمة (ع) بالغيب ، لسماحة السيد طعان خليل (دامت إفاضاته) ص286 .
🔷الأقوال في كيفية علم المعصوم (ع) بالغيب🔷
🔰الحلقة : الثالثة عشرة🔰
🔹ما زلنا في القول الثالث ، في الدليل الروائي على حضورية العلم عند أهل بيت العصمة (ع) .
كنا قد تعرضنا للطائفة الثالثة ، والآن نذكر الطائفة الرابعة .
👈🏻 الطائفة الرابعة : (عندهم (ع) جميع العلوم )
🔸منها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) (قَالَ : إِنَّ لِلَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى عِلْمَيْنِ : عِلْماً أَظْهَرَ عَلَيْه مَلَائِكَتَه وأَنْبِيَاءَه ورُسُلَه ، فَمَا أَظْهَرَ عَلَيْه مَلَائِكَتَه ورُسُلَه وأَنْبِيَاءَه فَقَدْ عَلِمْنَاه . وعِلْماً اسْتَأْثَرَ بِه ، فَإِذَا بَدَا لِلَّه فِي شَيْءٍ مِنْه(1) : أَعْلَمَنَا ذَلِكَ ، وعَرَضَ عَلَى الأَئِمَّةِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِنَا)
🔸ومنها : خبر أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) (قَالَ : إِنَّ لِلَّه عَزَّ وجَلَّ عِلْمَيْنِ :عِلْماً عِنْدَه لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْه أَحَداً مِنْ خَلْقِه .
وعِلْماً نَبَذَه إِلَى مَلَائِكَتِه ورُسُلِه فَمَا نَبَذَه إِلَى مَلَائِكَتِه ورُسُلِه فَقَدِ انْتَهَى إِلَيْنَا)
🔸ومنها : خبر ضُرَيْسٍ (قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) يَقُولُ : إِنَّ لِلَّه عَزَّ وجَلَّ عِلْمَيْنِ : عِلْمٌ مَبْذُولٌ ،، وعِلْمٌ مَكْفُوفٌ(2) ؛ فَأَمَّا الْمَبْذُولُ : فَإِنَّه لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ تَعْلَمُه الْمَلَائِكَةُ والرُّسُلُ إِلَّا نَحْنُ نَعْلَمُه ؛ وأَمَّا الْمَكْفُوفُ : فَهُوَ الَّذِي عِنْدَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ فِي أُمِّ الْكِتَابِ إِذَا خَرَجَ نَفَذَ(3))
🔸ومنها : صحيحة أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) ( قَالَ : إِنَّ لِلَّه عَزَّ وجَلَّ عِلْمَيْنِ : عِلْمٌ لَا يَعْلَمُه إِلَّا هُوَ(4) ؛ وعِلْمٌ عَلَّمَه مَلَائِكَتَه ورُسُلَه ، فَمَا عَلَّمَه مَلَائِكَتَه ورُسُلَه (ع) فَنَحْنُ نَعْلَمُه)
📓المصدر : الكافي : ج1 / ص255 وما بعدها .
🔚 وأما التعليق عليها بما ينسجم مع حضورية هذا القول فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
_____هامش _____
(1) أي : فإذا قضى الله ، وحتم ما كان قد قدر في علمه المكنون ، مما له فيه البداء : أعلمنا ذلك ، فلا بداء حينئذٍ ، فإنه كائن لا محالة ! (المرآة)
(2) أي : مصون ممنوع عن الخلق .
(3) أي : وقع ، وحصل في الأعيان الخارجية ، والمراد بالعلم : المعلوم ، والمراد بخروجه : تعليمه الملائكة ، والرسل ، وأوصياءهم عليهم السلام ، فمعلوم استأثر به ، يقدم منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، ويثبت منه ما شاء ويمحو ما شاء ، فيقع فيه البداء .
ومعلوم : خرج للملائكة والأنبياء والأوصياء عليهم السلام مصون عن ذلك ، فإذا خرج إليهم عليهم السلام العلم الذي استأثر به : نفذ ، وهذا المضون ورد في أحاديث شتى ، والله أعلم (حاشية للسيد بدر الدين الحسيني العاملي رح) .
(4) يحتمل أن يراد به : العلم بغير المحتوم ، فإنه لا يعلمه قبل أن يصير محتوماً إلا هو ، كما يحتمل أن يراد به : العلم المختص به الذي لا يطلع أحد من خلقه في وقت من الأوقات (حاشية المولى المازندراني رح) .
📚 مستقى البحث - بتصرف - : علم النبي (ص وآله) والأئمة (ع) بالغيب ، لسماحة السيد طعان خليل (دامت إفاضاته) ص288و220إلى224 .