فيها، ووقعة النهروان وأمر الحكمين، وملك معاوية ومن يقتل من الشيعة، وما يصنع الناس بالحسن، وأمر يزيد بن معاوية حتى انتهى إلى قتل الحسين. فسمعت ذلك ثم كان كل ما قرأ (1) لم يزد ولم ينقص.
فرأيت خطه أعرفه في صحيفة لم تتغير ولم تصفر. فلما أدرج الصحيفة قلت: يا أمير المؤمنين، لو كنت قرأت علي بقية الصحيفة؟ قال عليه السلام: لا، ولكني محدثك.
ما يمنعني فيها ما نلقى من أهل بيتك وولدك (2) وهو أمر فظيع من قتلهم لنا وعداوتهم إيانا وسوء ملكهم وشوم قدرتهم. فأكره أن تسمعه فتغتم ويحزنك ولكني أحدثك.
أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله عند موته بيدي ففتح لي ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب - وأبو بكر وعمر ينظران إلي - وهو يشير إلى ذلك. فلما خرجت قالا لي: ما قال لك؟ فحدثتهما بما قال. فحركا أيديهما ثم حكيا قولي، ثم وليا يردان قولي ويخطران بأيديهما.
الإخبار عن دولة بني العباس
يا بن عباس، إن الحسن يأتيك من الكوفة بكذا وكذا ألف رجل غير رجل. (3)
يا بن عباس، إن ملك بني أمية إذا زال كان أول ما يملك من بني هاشم ولدك، فيفعلون الأفاعيل.
فقال ابن عباس: لأن يكون نسختي ذلك الكتاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس.
____________
(1). أي وقع كل ما قرأه من ذلك الكتاب من غير زيادة ولا نقيصة.
(2). أي إن المانع من قراءة الصحيفة كلها ما جاء فيها مما نلقى من أهل بيتك.
(3). راجع الحديث 30 من هذا الكتاب.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 437
--------------------------------------------------------------------------------
(67)
خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة بعد وقعة الجمل
قال سليم: شهدت عليا عليه السلام حين عاد زياد بن عبيد بعد ظهوره على أهل الجمل، وإن البيت لممتلئ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم عمار وأبو الهيثم بن التيهان وأبو أيوب وجماعة من أهل بدر نحو من سبعين رجلا - وزياد في بيت عظيم شبه البهو (1) - إذ أتاه رجل بكتاب من رجل من الشيعة بالشام:
(إن معاوية استنفر الناس ودعاهم إلى الطلب بدم عثمان، وكان فيما يحضهم به أن قال: إن عليا قتل عثمان وآوى قتلته، وإنه يطعن على أبي بكر وعمر ويدعي أنه خليفة رسول الله وإنه أحق بالأمر منهما. فنفرت العامة والقراء، واجتمعوا على معاوية إلا قليلا منهم).
كلام أمير المؤمنين عليه السلام حول الخلافة المغصوبة
قال: فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد، ما لقيت من الأمة بعد نبيها منذ قبض صلى الله عليه وآله.
فأقام عمر وأصحابه الذين ظاهروا علي أبا بكر فبايعوه وأنا مشغول بغسل رسول الله صلى الله عليه وآله وكفنه ودفنه، وما فرغت من ذلك حتى بايعوه وخاصموا الأنصار بحجتي وحقي. والله إنه ليعلم يقينا والذين ظاهروه أني أحق بها من أبي بكر.
فلما رأيت اجتماعهم عليه وتركهم إياي ناشدتهم الله عز وجل وحملت فاطمة عليها السلام
____________
(1). البهو: البيت الذي كانوا يقيمونه أمام البيوت أو الخيام منزلا للغرباء والضيوف.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 438
--------------------------------------------------------------------------------
على حمار وأخذت بيد ابني الحسن والحسين لعلهم يرعوون (1)، فلم أدع أحدا من أهل بدر ولا أهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا استعنتهم ودعوتهم إلى نصرتي وناشدتهم الله حقي فلم يجيبوني ولم ينصروني. أنتم تعلمون يا معاشر من حضر من أهل بدر أني لم أقل إلا حقا.
قالوا: صدقت يا أمير المؤمنين وبررت، فنستغفر الله من ذلك ونتوب إليه.
قال: وكان الناس قريبي عهد بالجاهلية فخشيت فرقة أمة محمد واختلاف كلمتهم، وذكرت ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه أخبرني بما صنعوا وأمرني: إن وجدت أعوانا جاهدتهم وإن لم أجد أعوانا كففت يدي وحقنت دمي.
ثم ردها أبو بكر إلى عمر - ووالله إنه ليعلم يقينا أني أحق بها من عمر - فكرهت الفرقة فبايعت وسمعت وأطعت.
ثم جعلني عمر سادس ستة فولى الأمر ابن عوف، فخلا بابن عفان فجعلها له على أن يردها عليه ثم بايعه، فكرهت الفرقة والاختلاف.
ثم إن عثمان غدر بابن عوف وزواها عنه، فبرء منه ابن عوف وقام خطيبا فخلعه كما خلع نعله. ثم مات ابن عوف وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان، وزعم ولد ابن عوف أن عثمان سمه.
ثم قتل (2)، واجتمع الناس ثلاثة أيام يتشاورون في أمرهم. ثم أتوني فبايعوني طائعين غير مكرهين.
____________
(1). أي يرجعون، أو يكفون عن الجهل.
(2). أي قتل عثمان.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 439
--------------------------------------------------------------------------------
امتحن الله المسلمين بأمهم عائشة
ثم إن الزبير وطلحة أتياني يستأذناني في العمرة، فأخذت عليهما ألا ينكثا بيعتي ولا يغدرا بي ولا يبغيا علي غائلة. ثم توجها إلى مكة فسارا بعائشة إلى أهل مدرة (1) جهلهم قليل فقههم، فحملوهم على نكث بيعتي واستحلال دمي.
ثم ذكر عليه السلام عائشة وخروجها من بيتها وما ركبت منه. فقال عمار: (يا أمير المؤمنين، كف عنها فإنها أمك) فترك ذكرها وأخذ في شئ آخر، ثم عاد إلى ذكرها فقال أشد مما قال أولا. فقال عمار: (يا أمير المؤمنين، كف عنها فإنها أمك) فأعرض عن ذكرها ثم عاد الثالثة فقال أشد مما قال. قال: فقال عمار: (يا أمير المؤمنين، كف عنها فإنها أمك) فقال: كلا، إني مع الله على من خالفه، وإن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم أمعه تكونون أم معها؟
تناقض الغاصبين في نظرية تعيين الخليفة
قال سليم: ثم ذكر علي عليه السلام بيعة أبي بكر وعمر وعثمان فقال: (لعمري لئن كان الأمر كما يقولون، ولا والله ما هو كما يقولون)، ثم سكت. فقال له عمار: وما يقولون؟ فقال:
يقولون (إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف أحدا وإنهم إنما تركوا ليتشاوروا)، ففعلوا غير ما أمروا في قوله. (2) فقد بايع القوم أبا بكر عن غير مشورة ولا رضى من أحد، ثم أكرهوني وأصحابي على البيعة. ثم بايع أبو بكر عمر عن غير مشورة. ثم جعلها عمر شورى بين ستة رهط وأخرج من ذلك جميع الأنصار والمهاجرين إلا هؤلاء الستة ثم قال: (يصلي صهيب بالناس ثلاثة أيام)، ثم أمر الناس: (إن مضت ثلاثة أيام ولم يفرغ القوم أن تضرب رقابهم، وإن اجتمع أربعة وخالف اثنان أن يقتلوا الاثنين). ثم تشاوروا في ثلاثة أيام وكانت بيعتهم عن مشورة من جماعتهم وملأهم، ثم صنعوا ما رأيتم!
____________
(1). المدرة بمعنى البلدة والقرية لأن بنيانها غالبا من المدر أي الطين، ولعله تصحيف كلمة (مدينة). والمراد به البصرة.
(2). أي في قوله المنسوب إليه بزعمهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 440
--------------------------------------------------------------------------------
ثم قال: إن موسى قال لهارون: (ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن) إلى قوله (ولم ترقب قولي) (1)، وأنا من نبي الله بمنزلة هارون من موسى، عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن ضلت الأمة بعده وتبعت غيري أن أجاهدهم إن وجدت أعوانا، وإن لم أجد أعوانا أن أكف يدي وأحقن دمي)، وأخبرني بما الأمة صانعة بعده.
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن صفين والنهروان
فلما وجدت أعوانا بعد قتل عثمان على إقامة أمر الله وإحياء الكتاب والسنة لم يسعني الكف، فبسطت يدي فقاتلت هؤلاء الناكثين، وأنا غدا إن شاء الله مقاتل القاسطين بأرض الشام في موضع يقال له (صفين)، ثم أنا بعد ذلك مقاتل المارقين بأرض من أرض العراق يقال لها (النهروان). أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتالهم في هذه المواطن الثلاث.
وكففت يدي لغير عجز ولا جبن ولا كراهية للقاء ربي، ولكن لطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وحفظ وصيته. فلما وجدت أعوانا نظرت فلم أجد بين السبيلين ثالثا: إما الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الكفر بالله والجهود بما أنزل الله ومعالجة الأغلال في نار جهنم والارتداد عن الإسلام.
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن قاتله
وقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن الشهادة من ورائي، وأن لحيتي ستخضب من دم رأسي، بل قاتلي أشقى الأولين والآخرين، رجل أحيمر (2) يعدل عاقر الناقة ويعدل قابيل
____________
(1) سورة طه: الآية 94.
(2) (أحيمر) لقب قدار بن سالف عاقر ناقة ثمود أخذت هنا اسما لابن ملجم، فقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأمير المؤمنين عليه السلام: ألا أحدثكم بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذه - ووضع يده على قرنه - حتى تبتل منه هذه - وأخذ بلحيته -.
راجع مناقب ابن المغازلي: ص 9. وأورده في البحار: ج 32 ص 312 ح 276 عن الطرائف عن الفائق للخوارزمي. وأورده في الغدير: ج 6 ص 334 أيضا.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 441
--------------------------------------------------------------------------------
قاتل أخيه هابيل وفرعون الفراعنة والذي حاج إبراهيم في ربه ورجلين من بني إسرائيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم. ثم قال صلى الله عليه وآله: ورجلين من أمتي.
خطايا أمة محمد صلى الله عليه وآله عليهما
ثم قال عليه السلام: إن عليهما خطايا أمة محمد. إن كل دم سفك إلى يوم القيامة ومال يؤكل حراما وفرج يغشى حراما وحكم يجار فيه عليهما، من غير أن ينقص من إثم من عمل به شئ.
قال عمار: يا أمير المؤمنين، سمهما لنا فنلعنهما. قال: يا عمار، ألست تتولى رسول الله صلى الله عليه وآله وتبرء من عدوه؟ قال: بلى. قال: وتتولاني وتبرء من عدوي؟ قال: بلى.
قال: حسبك يا عمار، قد برئت منهما ولعنتهما وإن لم تعرفهما بأسمائهما.
قال: يا أمير المؤمنين لو سميتهما لأصحابك فبرءوا منهما كان أمثل من ترك ذلك.
قال: رحم الله سلمان وأبا ذر والمقداد، ما كان أعرفهم بهما وأشد برائتهم منهما ولعنتهم لهما!!
قال: يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فسمهما فإنا نشهد أن نتولى من توليت ونتبرء ممن تبرأت منه. قال: يا عمار، إذا يقتل أصحابي وتتفرق عني جماعتي وأهل عسكري وكثير ممن ترى حولي!
قاعدة عامة في الولاية والبراءة
يا عمار، من تولى موسى وهارون وبرئ من عدوهما فقد برئ من العجل والسامري، ومن تولى العجل والسامري وبرئ من عدوهما فقد برئ من موسى وهارون من حيث لا يعلم. يا عمار، ومن تولى رسول الله وأهل بيته وتولاني وتبرء من عدوي
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 442
--------------------------------------------------------------------------------
فقد برئ منهما، ومن برئ من عدوهما فقد برئ من رسول الله صلى الله عليه وآله من حيث لا يعلم. (1)
محمد بن أبي بكر نجيب قومه
فقال محمد بن أبي بكر: يا أمير المؤمنين، لا تسمهما فقد عرفتهما ونشهد الله أن نتولاك ونبرء من عدوك كلهم، قريبهم وبعيدهم وأولهم وآخرهم وحيهم وميتهم وشاهدهم وغائبهم. (2)
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يرحمك الله يا محمد، إن لكل قوم نجيبا وشاهدا عليهم وشافعا لأماثلهم، وأفضل النجباء النجيب من أهل السوء وإنك يا محمد لنجيب أهل بيتك. (3)
تحذير رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر وعمر من غصب الخلافة
أما إني سأخبرك: دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده سلمان وأبو ذر والمقداد، ثم أرسل النبي صلى الله عليه وآله عائشة إلى أبيها وحفصة إلى أبيها وأمر ابنته فأرسلت إلى زوجها عثمان، فدخلوا.
فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أبا بكر، يا عمر، يا عثمان، إني رأيت الليلة اثني عشر رجلا على منبري يردون أمتي عن الصراط القهقرى. فاتقوا الله وسلموا الأمر لعلي بعدي ولا تنازعوه في الخلافة، ولا تظلموه ولا تظاهروا عليه أحدا. قالوا: يا نبي الله، نعوذ بالله من ذلك أماتنا الله قبل ذلك!!
____________
(1). يعني أن من برء من عدو أبي بكر وعمر فقد برئ من رسول الله صلى الله عليه وآله من حيث لا يعلم (2). روي في الإختصاص: ص 65 عن أبي جعفر عليه السلام: إن محمد بن أبي بكر بايع عليا عليه السلام على البراءة من أبيه.
(3). روي في (الإختصاص): ص 65 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت النجابة (في محمد بن أبي بكر) قد أتته من قبل أمه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيه. وروي في البحار: ج 22 ص 343 عن الصادق عليه السلام: أنجب النجباء من أهل بيت سوء محمد بن أبي بكر.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 443
--------------------------------------------------------------------------------
النص على الأئمة الاثني عشر بحضور أبي بكر وعمر وعثمان
قال صلى الله عليه وآله: فإني أشهدكم جميعا ومن في البيت من رجل وامرأة: (أن علي بن أبي طالب خليفتي في أمتي، وإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فإذا مضى فابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن عليه السلام - فإذا مضى فابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم تسعة من ولد الحسين عليه السلام واحد بعد واحد. وهم الذين عنى الله بقوله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (1) آية نزلت في الأئمة إلا تلاها رسول الله صلى الله عليه وآله.
رؤيا رسول الله صلى الله عليه وآله في الغاصبين
فقام أبو بكر وعمر وعثمان، وبقيت أنا وأصحابي أبو ذر وسلمان والمقداد وبقيت فاطمة والحسن والحسين، وقمن نساءه وبناته غير فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (رأيت هؤلاء الثلاثة وتسعة من بني أمية وفلان من التسعة من آل أبي سفيان (2) وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص بن أمية يردون أمتي على أدبارها القهقرى).
قال ذلك علي عليه السلام وبيت زياد ملآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم أقبل عليهم فقال: (اكتموا ما سمعتم إلا من مسترشد. يا زياد، اتق الله في شيعتي بعدي) فلما خرج من عند زياد أقبل علينا فقال: (إن معاوية سيدعيه، ويقتل شيعتي، لعنه الله).
____________
(1). سورة النساء: الآية 59.
(2). المراد به معاوية، أي معاوية أحد التسعة من بني أمية.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 444
--------------------------------------------------------------------------------
(68)
إبراهيم النخعي يقر بالأئمة عليهم السلام
وفي كتاب سليم (1) عن الأعمش عن خيثمة، قال:
لما حضرت إبراهيم النخعي (2) الوفاة قال لي: (ضمني إليك)، ففعلت. فقال: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله، وأن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وصي محمد، وأن الحسن وصي علي، وأن الحسين وصي الحسن، وأن علي بن الحسين وصي الحسين).
قال: ثم أغمي عليه فسقط، فقلت: هي هي ثم أفاق فقال: سمعني غيرك؟
فقلت: لا. فقال: (على هذا أحيي وعليه أموت، وعليه كان علقمة والأسود (3)، ومن لم يكن على هذا فليس على شئ).
____________
(1). هكذا في النسخ، والظاهر أنه من رواية أبان بن أبي عياش يرويها عن الأعمش.
(2). إبراهيم النخعي هو أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن سعد بن مالك بن النخع من مذحج. توفي سنة 96 بالكوفة. وكان علقمة والأسود المذكوران في آخر هذا الحديث عمه وخاله.
(3). هما تلميذا ابن مسعود. أما علقمة فهو علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله ومات سنة 62 أو 73 بالكوفة. ولعل هذا هو الذي شهد صفين وخضب سيفه دما وأصيبت إحدى رجليه فعرج منها. وكان فقيها في دينه قارئا لكتاب الله وهو من ثقات أمير المؤمنين عليه السلام ومن كبار التابعين ورؤسائهم وزهادهم.
والأسود هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي من أصحاب علي عليه السلام مات في سنة 74.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 445
--------------------------------------------------------------------------------
(69)
وصية أمير المؤمنين عليه السلام في الساعات الأخيرة
سليم بن قيس الهلالي قال (1): شهدت وصية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام، وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده وأهل بيته ورؤساء شيعته.
النص على الأئمة عليهم السلام وتسليم ودائع الإمامة
ثم دفع عليه السلام الكتب والسلاح إليه، ثم قال: يا بني، أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أوصي إليك وأدفع كتبي وسلاحي إليك، كما أوصى إلي رسول الله ودفع كتبه وسلاحه إلي، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين.
ثم أقبل على الحسين عليه السلام فقال له: (وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك هذا) - وأخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين عليه السلام وهو صغير (2) - فضمه إليه وقال له: (وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك محمد، فاقرأه من رسول الله السلام ومني).
____________
(1). ورد هذا الحديث في كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي بالإسناد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وفي أوله هذه الزيادة:
عن أبي جعفر عليه السلام قال: هذه وصية أمير المؤمنين عليه السلام وهي نسخة كتاب سليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه. قال أبان: وقرأتها على علي بن الحسين عليهما السلام، فقال: صدق سليم، رحمه الله.
(2). إنه عليه السلام كان ابن سنتين آنذاك.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 446
--------------------------------------------------------------------------------
ثم أقبل على ابنه الحسن عليه السلام فقال: يا بني، أنت ولي الأمر وولي الدم بعدي، فإن عفوت فلك، وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تمثل. ثم قال: أكتب:
نص وصية أمير المؤمنين عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب: أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربكم، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم، وإن البغضة حالقة الدين وفساد ذات البين) (1)، ولا قوة إلا بالله.
انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.
والله الله في الأيتام فلا تغيروا أفواههم ولا تضيعوا من بحضرتكم (2)، فقد سمعت
____________
(1) في الكافي: وإن المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين.
(2) في الكافي والتهذيب: فلا تغبوا أفواههم، أي لا تكونوا تصلوهم يوما. وفي الفقيه:
فلا تعر أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم، أي لا ترفع أصواتهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 447
--------------------------------------------------------------------------------
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له بذلك الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار).
والله الله في القرآن، لا يسبقكم إلى العمل به غيركم.
والله الله في جيرانكم، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بهم.
والله الله في بيت ربكم، فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن يترك لم تناظروا. وإن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما قد سلف.
والله الله في الصلاة، فإنها خير العمل وإنها عمود دينكم.
والله الله في الزكاة، فإنها تطفئ غضب ربكم.
والله الله في شهر رمضان، فإن صيامه جنة من النار.
والله الله في الفقراء والمساكين، فشاركوهم في معيشتكم.
والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان: إمام هدى، ومطيع له مقتد بهداه.
والله الله في ذرية نبيكم، فلا يظلمن بين أظهركم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم.
والله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث.
والله الله في النساء (1) وما ملكت أيمانكم، لا تخافن في الله لومة لائم فيكفيكهم الله وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله.
ولا تتركن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله الأمر أشراركم وتدعون فلا يستجاب لكم.
____________
(1). ورد هذه الفقرة في الكافي هكذا: الله الله في النساء وفيما ملكت أيمانكم، فإن آخر ما تكلم به نبيكم أن قال: (أوصيكم بالضعيفين: النساء وما ملكت أيمانكم. الصلاة الصلاة الصلاة، لا تخافوا في الله لومة لائم، يكفيكم الله من آذاكم وبغي عليكم. قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز وجل ولا تتركوا الأمر بالمعروف و...).
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 448
--------------------------------------------------------------------------------
عليكم يا بني بالتواصل والتباذل والتبار، وإياكم والنفاق والتقاطع والتدابر والتفرق.
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم. أستودعكم الله وأقرء عليكم السلام.
ثم لم يزل يقول (لا إله إلا الله) حتى قبض عليه السلام في أول ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان ليلة إحدى وعشرين، ليلة الجمعة، سنة أربعين من الهجرة. (1)
____________
(1). زاد في التهذيب هذه العبارة في آخر الحديث: قال أبان: قرأتها على علي بن الحسين عليه السلام، فقال علي بن الحسين عليه السلام: صدق سليم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 449
--------------------------------------------------------------------------------
(70)
أقل ما يجب على المؤمن لحفظ عقيدته
وعن سليم بن قيس، قال: قلت لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا أمير المؤمنين، ما الأمر اللازم الذي لا بد منه والأمر الذي إذا أخذت به وسعني الشك فيما سواه؟
فقال عليه السلام: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأقر بما أنزل الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان وحج البيت والولاية لنا أهل البيت والبراءة من عدونا واجتنب كل مسكر.
الولاية والبراءة إجمالا وتفصيلا
قلت: جعلت فداك، الإقرار بما جاء من عندكم جملة أو مفسرا؟ قال: لا، بل جملة.
قلت: جعلت فداك، فما المسكر؟ قال: كل شراب إذا أكثر منه صاحبه سكر، فالجرعة منه بل القطرة حرام.
قلت: جعلت فداك، ليس شئ مما قلت إلا وقد صح غير الولاية، أعامة لجميع بني هاشم أو خاصة لفقهائكم وعلمائكم؟ البراءة من عدوكم، من عادى جميعكم أو من عادى رجلا منكم؟ (1)
____________
(1). معناه: إن في مسألة (البراءة من عدوكم)، هل هذا العدو من عادى جميعكم أو يكفي عداوته لرجل منكم؟
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 450
--------------------------------------------------------------------------------
فقال عليه السلام: لقد سألت - يا أخا بني هلال - فافهم. إذا أتيت بولايتنا أهل البيت في الجملة وبرئت من أعدائنا في الجملة فقد أجزأك.
فإن عرفك الله الأئمة منا الأوصياء العلماء الفقهاء، فعرفتهم وأقررت لهم بالطاعة وأطعتهم فأنت مؤمن بالله وأنت من أهل الجنة، فهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب.
وإن وحدت الله وشهدت أن محمدا رسول الله وأخذت بما ليس بين جميع أهل القبلة فيه اختلاف - مما قد أجمعوا عليه أن الله قد أمر به ونهى عنه - وأشكل عليك موضع الإمامة والوصية والعلم والفقه، فرددت علمه إلى الله ولم تعادهم ولم تبرء منهم ولم تنصب لهم العداوة، فأنت جاهل بما جهلت ضال عما اهتدى إليه أهل الفضل والولاية. لله فيك المشية، إن عذبك فبذنبك وإن تجاوز عنك فبرحمته.
وأما الناصب لنا والمعادي لنا فمشرك كافر عدو لله.
والعارفون بحقنا المؤمنون بنا مؤمنون مسلمون أولياء الله.
الصدوق في كمال الدين قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا عن محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعا عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي:
أنه سمع من سلمان ومن أبي ذر ومن المقداد رحمة الله عليهم حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية).
ثم عرضه (1) على جابر وابن عباس فقالا: صدقوا وبروا، قد شهدنا ذلك وسمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن سلمان قال: يا رسول الله، إنك قلت: (من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية)، من هذا الإمام يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وآله: من أوصيائي يا سلمان. فمن مات من أمتي وليس له إمام يعرفه مات ميتة جاهلية. فإن جهله وعاداه فهو مشرك، وإن جهله ولم يعاده ولم يوال له عدوا فهو جاهل وليس بمشرك.
____________
(1). أي عرضه سليم عليهما.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 454
--------------------------------------------------------------------------------
(72)
أمير المؤمنين عليه السلام يكلم الشمس بأمر النبي صلى الله عليه وآله
الحسين بن عبد الوهاب في عيون المعجزات قال: حدثني ابن عياش الجوهري، قال: حدثني أبو طالب عبد الله بن محمد الأنباري: قال: حدثني أبو الحسين محمد بن زيد التستري، قال: حدثني أبو سمينة محمد بن علي الصيرفي، قال: حدثني إبراهيم بن عمر اليماني عن حماد بن عيسى المعروف بغريق الجحفة، قال: حدثني عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال:
سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري، قال:
رأيت السيد محمدا صلى الله عليه وآله وقد قال لأمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة: إذا كان غدا اقصد إلى جبال البقيع وقف على نشز (1) من الأرض، فإذا بزغت الشمس فسلم عليها، فإن الله تعالى قد أمرها أن تجيبك بما فيك.
فلما كان من الغد خرج أمير المؤمنين عليه السلام ومعه أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار، حتى وافى البقيع ووقف على نشز من الأرض. فلما أطلعت الشمس قرنيها قال عليه السلام: (السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له). فسمعوا دويا من السماء وجواب قائل يقول: (وعليك السلام يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، يا من هو بكل شئ عليم).
____________
(1). أي مكان مرتفع.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 455
--------------------------------------------------------------------------------
فلما سمع أبو بكر وعمر والمهاجرون والأنصار كلام الشمس صعقوا. ثم أفاقوا بعد ساعات وقد انصرف أمير المؤمنين عليه السلام عن المكان فوافوا رسول الله صلى الله عليه وآله مع الجماعة وقالوا: أنت تقول إن عليا بشر مثلنا وقد خاطبته الشمس بما خاطب به الباري نفسه؟
تفسير كلام الشمس مع علي عليه السلام
فقال النبي صلى الله عليه وآله: وما سمعتموه منها؟ فقالوا: سمعناها تقول: (السلام عليك يا أول) قال: صدقت، هو أول من آمن بي.
فقالوا: سمعناها تقول: (يا آخر). قال: صدقت، هو آخر الناس عهدا بي، يغسلني ويكفنني ويدخلني قبري.
فقالوا: سمعناها تقول: (يا ظاهر). قال: صدقت، ظهر علمي كله له.
قالوا: سمعناها تقول: (يا باطن). قال: صدقت، بطن سري كله.
قالوا: سمعناها تقول: (يا من هو بكل شئ عليم). قال: صدقت، هو العالم بالحلال والحرام والفرائض والسنن وما شاكل ذلك.
فقاموا كلهم وقالوا: (لقد أوقعنا محمد في طخياء) وخرجوا من باب المسجد.
الكراجكي في كنز الفوائد قال: أخبرني أبو المرجا البلدي، قال: أخبرني أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني الكوفي، قال: حدثني الحسن بن علي بن نعيم بن سهل بن أبان بن محمد البغدادي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن بشير الكوفي، قال: حدثنا محمد بن سنان عن مفضل بن عمر الجعفي عن أبي خالد الكابلي عن سليم بن قيس الهلالي عن عبد الله بن عباس قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: هل ينفعني حب علي عليه السلام؟ فقال: ويحك، من أحبه أحبني ومن أحبني أحب الله، ومن أحب الله لم يعذبه.
فقال الرجل: زدني من فضل محبة علي عليه السلام. فقال: أسأل لك عن ذلك جبرئيل.
فهبط جبرئيل لوقته، فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بقول الرجل. فقال جبرئيل:
(سأسأل عن ذلك رب العزة)، وارتفع.
فأوحى الله إليه: إقرأ محمدا خيرتي مني السلام وقل له: (أنت مني بحيث شئت أنا، وعلي منك بحيث أنت مني، ومحبو علي مني بحيث علي منك).
قال الكراجكي: وللحديث تمام (1)، وفيه: أن السائل كان أبو ذر.
____________
(1). من المؤسف عدم وصول تمام الحديث إلينا.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 457
--------------------------------------------------------------------------------
(74)
علي عليه السلام سيد السابقين المقربين
محمد بن العباس في تفسيره: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بإسناده عن رجاله عن سليم بن قيس عن الحسن بن علي عن أبيه عليهما السلام في قوله عز وجل (والسابقون السابقون أولئك المقربون) (1)، قال:
إني أسبق السابقين إلى الله وإلى رسوله، وأقرب المقربين إلى الله وإلى رسوله.
قال سليم بن قيس: بينما أنا وحنش بن المعتمر بمكة إذ قام أبو ذر وأخذ بحلقة الباب، ثم نادى بأعلى صوته في الموسم:
أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن جهلني فأنا جندب بن جنادة، أنا أبو ذر. أيها الناس، إني سمعت نبيكم يقول: (مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تركها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل). أيها الناس، إني سمعت نبيكم يقول: (إني تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وأهل بيتي...) إلى آخر الحديث.
عثمان يؤاخذ أبا ذر
فلما قدم (1) المدينة بعث إليه عثمان فقال: ما حملك على ما قمت به في الموسم؟ قال:
عهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرني به.
فقال: من يشهد بذلك؟ فقام علي عليه السلام والمقداد فشهدا، ثم انصرفوا يمشون ثلاثتهم. فقال عثمان: إن هذا وصاحبيه يحسبون أنهم في شئ.
____________
(1). أي فلما قدم أبو ذر.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 459
--------------------------------------------------------------------------------
(76)
خطبة الإمام الحسن عليه السلام عند الصلح مع معاوية
الطبرسي في الإحتجاج وابن المطهر في العدد القوية عن سليم بن قيس، قال:
قام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر - حين اجتمع مع معاوية - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس، إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا، وكذب معاوية. أنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله.
فأقسم بالله، لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها، ولما طمعت فيها يا معاوية. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل). وقد ترك بنو إسرائيل هارون واعتكفوا على العجل وهم يعلمون أن هارون خليفة موسى.
وقد تركت الأمة عليا وقد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلا نبي بعدي).
وقد هرب رسول الله صلى الله عليه وآله من قومه وهو يدعوهم إلى الله حتى فر إلى الغار، ولو وجد عليهم أعوانا ما هرب منهم. ولو وجدت أعوانا ما بايعتك يا معاوية.
وقد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه، وكادوا يقتلونه ولم يجد عليهم أعوانا، وقد جعل الله النبي في سعة حين فر من قومه لما لم يجد أعوانا عليهم. وكذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا ولم نجد أعوانا. وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس، إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب لم تجدوا رجلا من ولد النبي غيري وغير أخي.
الحسين عليه السلام إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة
ابن شاذان في المائة منقبة: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الله العلوي الطبري رحمه الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عبد الله، قال: حدثني جدي أحمد بن محمد عن أبيه، قال: حدثني حماد بن عيسى، قال: حدثني عمر بن أذينة، قال:
حدثني أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال:
دخلت على النبي صلى الله عليه وآله، فإذا الحسين بن علي عليه السلام على فخذه، وتفرس في وجهه وقبل بين عينيه وقال: (أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أخو إمام، أبو أئمة، أنت حجة الله ابن حجة الله، وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم). (1)
____________
(1). في مقتل الخوارزمي: أنت سيد ابن السيد أبو السادات، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجة ابن الحجة أبو الحجج، تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.
وفي مودة القربى: أنت سيد ابن سيد أخو سيد، وأنت إمام ابن إمام أخو إمام، وأنت حجة ابن حجة أخو حجة، وأنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 462
--------------------------------------------------------------------------------
(78)
الجنة تشتاق إلى أربعة من الصحابة
فرات في تفسيره قال: حدثني علي بن محمد بن عمر الزهري، قال: حدثني القاسم بن إسماعيل الأنباري، قال: حدثني حفص بن عاصم ونصر بن مزاحم وعبد الله بن المغيرة عن محمد بن هارون السندي، قال: حدثني أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، قال:
أمر الله رسوله بحب أربعة من أصحابه
خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ونحن قعود في المسجد، بعد رجوعه من صفين وقبل يوم النهروان. فقعد علي عليه السلام واحتوشناه، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن أصحابك. قال: سل.
فذكر قصة طويلة فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في كلام طويل له: إن الله أمرني بحب أربعة رجال من أصحابي وأخبرني أنه يحبهم وأن الجنة تشتاق إليهم.
فقيل: من هم يا رسول الله؟ فقال: (علي بن أبي طالب) ثم سكت. فقالوا: من هم يا رسول الله؟ فقال: (علي)، ثم سكت. فقالوا: من هم يا رسول الله؟ فقال: (علي وثلاثة معه، هو إمامهم ودليلهم وهاديهم. لا ينثنون ولا يضلون ولا يرجعون ولا يطول عليهم الأمد فتقسو قلوبهم، سلمان وأبو ذر والمقداد).
علم أمير المؤمنين عليه السلام عند الأئمة عليهم السلام إلى يوم القيامة
فذكر قصة طويلة، ثم قال: (ادعوا لي عليا). فأكببت عليه فأسرني ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب.
ثم أقبل علينا أمير المؤمنين عليه السلام وقال: سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إني لأعلم بالتوراة من أهل التوراة، وإني لأعلم بالإنجيل من أهل الإنجيل، وإني لأعلم بالقرآن من أهل القرآن.
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما من فئة تبلغ مائة رجل إلى يوم القيامة إلا وأنا عارف بقائدها وسائقها.
وسلوني عن القرآن، فإن في القرآن بيان كل شئ وفيه علم الأولين والآخرين، وإن القرآن لم يدع لقائل مقالا.
(وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) (1) ليسوا بواحد. رسول الله منهم، أعلمه الله إياه فعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم لا يزال في عقبنا إلى يوم القيامة. ثم قرأ أمير المؤمنين عليه السلام: (بقية مما ترك آل موسى وآل هارون) (2)، وأنا من رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى، والعلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة. (3)
____________
(1) سورة آل عمران: الآية 7.
(2) سورة البقرة: الآية 248.
(3) ورد الحديث في تفسير محمد بن العباس بصورة أخصر، هذا نصه:
أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، قال: خرج علينا علي بن أبي طالب عليه السلام ونحن في المسجد، فاحتوشناه فقال: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن القرآن، فإن في القرآن علم الأولين والآخرين، لم يدع لقائل مقالا. ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، وليسوا بواحد، ورسول الله صلى الله عليه وآله كان واحدا منهم، علمه الله إياه وعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم لا يزال في عقبه إلى يوم تقوم الساعة (خ ل: إلى يوم القيامة).
ثم قرأ عليه السلام: (بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة). فأنا من رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والعلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة. ثم قرأ: (وجعلها كلمة باقية في عقبه)، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله عقب إبراهيم، ونحن أهل البيت عقب إبراهيم وعقب محمد صلى الله عليه وآله.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 464
--------------------------------------------------------------------------------
(79)
كلمة أمير المؤمنين عليه السلام لخواص شيعته في أواخر أيامه
الحسن بن سليمان الحلي في مختصر بصائر الدرجات، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إسماعيل بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن عثمان بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي، قال:
اختيار الناس لغير الحق لا يضر أهل الحق
سمعت عليا عليه السلام يقول في شهر رمضان - وهو الشهر الذي قتل فيه - وهو بين ابنيه الحسن والحسين عليهما السلام وبني عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وخاصة شيعته، وهو يقول:
دعوا الناس وما رضوا لأنفسهم، وألزموا أنفسكم السكوت ودولة عدوكم، فإنه لا يعدمكم (1) ما ينتحل أمركم وعدو باغ حاسد.
الناس في نسبتهم إلى أهل البيت عليهم السلام ثلاثة
الناس ثلاثة أصناف: صنف بين بنورنا، وصنف يأكلون بنا، وصنف اهتدوا بنا واقتدوا بأمرنا، هم أقل الأصناف. أولئك الشيعة النجباء الحكماء والعلماء الفقهاء والأتقياء الأسخياء، طوبى لهم وحسن مآب.
____________
(1). في بعض النسخ: لا يعدكم. والمعنى غير واضح أوردناه بعين العبارة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 465
--------------------------------------------------------------------------------
(80)
الأئمة عليهم السلام شهداء الله على خلقه
الحسكاني في شواهد التنزيل قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد الصوفي، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الحافظ: أخبرنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد، قال:
حدثني أحمد بن محمد بن عمير، قال: حدثني بشر بن المفضل عن عيسى بن يوسف عن أبي الحسن علي بن يحيى عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن علي عليه السلام:
إن الله تعالى إيانا عنى بقوله: (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (1)، فرسول الله صلى الله عليه وآله شاهد علينا، ونحن شهداء الله على خلقه وحجته في أرضه.
ونحن الذين قال الله جل اسمه فيهم: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا). (2)
____________
(1). سورة البقرة: الآية 143.
(2). سورة البقرة: الآية 143.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 466
--------------------------------------------------------------------------------
(81)
الأئمة عليهم السلام معدن الكتاب والحكمة
محمد بن العباس رحمه الله في تفسيره قال: حدثنا محمد بن القاسم عن عبيد بن كثير عن حسين بن نصر بن مزاحم عن أبيه عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن علي عليه السلام، قال:
نحن الذين بعث الله فينا رسولا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة. (1)
____________
(1). لعله تفسير لقوله تعالى في سورة الجمعة: الآية 2: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة...)، أو تفسير لقوله تعالى في سورة آل عمران: الآية 164:
(لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة...).
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 467
--------------------------------------------------------------------------------
(82)
أهل البيت عليهم السلام هم آل ياسين
محمد بن العباس وفرات في تفسيريهما قالا: حدثنا محمد بن القاسم عن حسين بن الحكم عن حسين بن نصر بن مزاحم عن أبيه عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن علي عليه السلام، قال:
إن رسول الله صلى الله عليه وآله اسمه (ياسين)، ونحن الذين قال الله: (سلام على آل ياسين). (1)
____________
(1). سورة الصافات: الآية 129.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 468
--------------------------------------------------------------------------------
(83)
الأئمة عليهم السلام هم المسؤولون
محمد بن العباس رحمه الله في تفسيره: حدثنا محمد بن القاسم عن حسين بن الحكم عن حسين بن نصر عن أبيه عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن علي عليه السلام، قال:
قوله عز وجل: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) (1)، فنحن قومه ونحن المسؤولون.
____________
(1). سورة الزخرف: الآية 44.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 469
--------------------------------------------------------------------------------
(84)
العذاب الشديد لظالمي آل محمد عليهم السلام
محمد بن العباس رحمه الله في تفسيره والكليني في الروضة من الكافي: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي عن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال:
قوله عز وجل (1): (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله) وظلم آل محمد، (إن الله شديد العقاب) لمن ظلمهم.
____________
(1). سورة الحشر: الآية 7.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 470
--------------------------------------------------------------------------------
(85)
الموؤدة في القرآن من قتل في مودة أهل البيت عليهم السلام
شرف الدين النجفي في تأويل الآيات عن سليمان بن سماعة عن عبد الله بن القاسم عن أبي الحسن الأزدي عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن ابن عباس أنه قال (1):
هو (أي قوله تعالى: (وإذا الموؤودة سئلت) (2)) من قتل في مودتنا أهل البيت.
____________
(1). يبعد رواية سليم تفسير القرآن عن غير المعصوم كما نراه في جميع موارد كتابه. إذا فالحديث مروي عن ابن عباس عن أمير المؤمنين عليه السلام، لا سيما بعد وجود ضمير (نا) في (مودتنا)، حيث أن ابن عباس ليس من أهل البيت عليهم السلام.
(2). سورة التكوير: الآية 9.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 471
--------------------------------------------------------------------------------
(86)
1
دعائم الكفر
الكليني في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال:
بني الكفر على أربع دعائم: الفسق والغلو والشك والشبهة.
شعب الفسق
والفسق على أربع شعب: على الجفا والعمى والغفلة والعتو.
فمن جفا احتقر الحق ومقت الفقهاء وأصر على الحنث العظيم. ومن عمى نسي الذكر واتبع الظن وبارز خالقه وألح عليه الشيطان وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة ولا غفلة. ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا وغرته الأماني، وأخذته الحسرة والندامة إذا قضي الأمر وانكشف عنه الغطاء وبدا له ما لم يكن يحتسب. ومن عتا عن أمر الله شك، ومن شك تعالى الله عليه فأذله بسلطانه وصغره بجلاله كما اغتر بربه الكريم وفرط في أمره.
والغلو على أربع شعب: على التعمق بالرأي والتنازع فيه والزيغ والشقاق.
فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات ولم تنحسر عنه فتنة إلا غشيته أخرى وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج. ومن نازع في الرأي وخاصم شهر بالعثل من طول اللجاج. ومن زاغ قبحت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، ومن شاق أعورت عليه طرقه واعترض عليه أمره فضاق عليه مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين.
شعب الشك
والشك على أربع شعب: على المرية والهوى والتردد والاستسلام، وهو قول الله عز وجل: (فبأي آلاء ربك تتمارى). (1)
فمن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه ومن امترى في الدين تردد في الريب وسبقه الأولون من المؤمنين وأدركه الآخرون ووطئته سنابك الشيطان. ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيما بينهما، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين، ولم يخلق الله خلقا أقل من اليقين.
شعب الشبهة
والشبهة على أربع شعب: إعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأويل العوج ولبس الحق بالباطل.
وذلك بأن الزينة تصدف عن البينة، وإن تسويل النفس يقحم على الشهوة، وإن العوج يميل بصاحبه ميلا عظيما، وإن اللبس ظلمات بعضها فوق بعض.
فذلك الكفر ودعائمه وشعبه.
____________
(1). سورة النجم: الآية 55.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 473
--------------------------------------------------------------------------------
2
دعائم النفاق
قال عليه السلام: والنفاق على أربع دعائم: على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع.
شعب الهوى
فالهوى على أربع شعب: على البغي والعدوان والشهوة والطغيان.
فمن بغي كثرت غوائله وتخلى منه ونصر عليه. ومن اعتدى لم تؤمن بوائقه، ولم يسلم قلبه ولم يملك نفسه عن الشهوات. ومن لم يعذل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات، ومن طغى ضل على عمد بلا حجة.
شعب الهوينا
والهوينا على أربع شعب: على الغرة والأمل والهيبة والمماطلة.
وذلك بأن الهيبة ترد عن الحق، والمماطلة تفرط في العمل حتى يقدم عليه الأجل.
ولولا الأمل علم الإنسان حساب ما هو فيه، ولو علم حساب ما هو فيه مات خفاتا من الهول والوجل. والغرة تقصر بالمرء عن العمل.
شعب الحفيظة
والحفيظة على أربع شعب: على الكبر والفخر والحمية والعصبية.
فمن استكبر أدبر من الحق، ومن فخر فجر، ومن حمى أصر على الذنوب، ومن أخذته العصبية جار. فبئس الأمر أمر بين إدبار وفجور وإصرار وجور على الصراط.
والطمع على أربع شعب: الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر.
فالفرح مكروه عند الله، والمرح خيلاء، واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حمل الآثام، والتكاثر لهو ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.
فذلك النفاق ودعائمه وشعبه.
سنن إلهية في الخلق
والله قاهر فوق عباده، تعالى ذكره وجل وجهه وأحسن كل شئ خلقه وانبسطت يداه ووسعت كل شئ رحمته وظهر أمره وأشرق نوره وفاضت بركته واستضاءت حكمته وهيمن كتابه وفلجت حجته وخلص دينه واستظهر سلطانه وحقت كلمته وأقسطت موازينه وبلغت رسله.
فجعل السيئة ذنبا، والذنب فتنة، والفتنة دنسا، وجعل الحسنى عتبى، والعتبى توبة، والتوبة طهورا. فمن تاب اهتدى، ومن افتتن غوى ما لم يتب إلى الله ويعترف بذنبه ولا يهلك على الله إلا هالك.
الله، الله فما أوسع ما لديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم. وما أنكل ما عنده من الأنكال والجحيم والبطش الشديد. فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته، ومن دخل في معصيته ذاق وبال نقمته، وعما قليل ليصبحن نادمين.
الصدوق في الخصال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن حكم بن بهلول عن إسماعيل بن همام عن عمر بن أذينة عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني:
يا أبا الطفيل، العلم علمان: علم لا يسع الناس إلا النظر فيه وهو صبغة الإسلام، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه وهو قدرة الله عز وجل.
ابنا بسطام في طب الأئمة عليهم السلام عن الخواتيمي عن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن أسلم عن الحسن بن محمد الهاشمي عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال:
إني لأعرف آيتين من كتاب الله المنزل تكتبان للمرأة إذا عسر عليها ولدها، تكتبان في رق ظبي ويعلقه في حقويها:
(بسم الله وبالله، إن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا) (1)، سبع مرات. (يا أيها الناس اتقوا ربكم، إن زلزلة الساعة شئ عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) (2) مرة واحدة.
يكتب على ورقة وتربط بخيط من كتان غير مفتول وتشد على فخذها الأيسر. فإذا ولدته قطعته من ساعتك ولا تتواني عنه.
ويكتب (3): (حي ولدت مريم ومريم ولدت حي، يا حي اهبط إلى الأرض الساعة بإذن الله تعالى).
____________
(1). سورة الانشراح: الآيتان 5 و 6.
(2). سورة الحج: الآيتان 1 و 2.
(3). هذا الدعاء إما بضميمة الآيتين أو هو دعاء مستقل يكتب عند عسر الولادة، والثاني أظهر لتصريحه عليه السلام في أول الحديث بأن الآيتين يكتبان للمرأة ولم يشر إلى الدعاء.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 477
--------------------------------------------------------------------------------
(89)
حرم الله الجنة على الفحاش
الحسين بن سعيد في كتاب الزهد والعياشي في تفسيره والكليني في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل له، فإنك إن فتشته لم تجده إلا لغية أو شرك شيطان.
فقيل: يا رسول الله، وفي الناس شرك شيطان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما تقرأ قول الله عز وجل: (وشاركهم في الأموال والأولاد)؟ (1)
فقيل: وفي الناس من لا يبالي ما قال وما قيل له؟ فقال: نعم، من تعرض للناس، فقال فيهم وهو يعلم أنهم لا يتركونه فذلك الذي لا يبالي ما قال وما قيل له.
____________
(1). سورة الأسراء: الآية 64.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 478
--------------------------------------------------------------------------------
(90)
قلة الكلام علامة فقه الرجل
الشيخ الطوسي في أماليه: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، قال: حدثني عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الأزدي قال: حدثنا الفضل بن المفضل بن قيس بن زمانة الأشعري، قال: حدثنا حماد بن عيسى الغريق، قال: حدثني عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه).
بشارة رسول الله صلى الله عليه وآله بالإمام المهدي عليه السلام
أبو محمد الفضل بن شاذان بن خليل في إثبات الرجعة: حدثنا الحسن بن علي بن فضال وابن أبي نجران عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان بن تغلب عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أبشركم - أيها الناس - بالمهدي؟ قالوا: بلى. قال: فاعلموا أن الله تعالى يبعث في أمتي سلطانا عادلا وإماما قاسطا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. وهو التاسع من ولد ولدي الحسين، اسمه اسمي وكنيته كنيتي.
ألا ولا خير في الحياة بعده، ولا يكون انتهاء دولته إلا قبل القيامة بأربعين يوما.
السيد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية: روى الصدوق بإسناده إلى سليم بن قيس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (1):
علي في السماء السابعة كالشمس بالنهار في الأرض، وفي السماء الدنيا كالقمر بالليل في الأرض.
أعطى الله تعالى عليا من الفضل جزءا لو قسم على أهل الأرض لوسعهم، وأعطاه الله من الفهم جزءا لو قسم على أهل الأرض لوسعهم.
شبهت لينه بلين لوط، وخلقه بخلق يحيى، وزهده بزهد أيوب، وسخاؤه بسخاء إبراهيم، وبهجته ببهجة سليمان بن داود، وقوته بقوة داود.
له اسم مكتوب على كل حجاب في الجنة، بشرني ربي... الحديث. (2)
____________
(1). سقط الواسطة بين سليم ورسول الله صلى الله عليه وآله اختصارا.
(2). من المؤسف جدا عدم وصول تمام الحديث إلينا.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 481
--------------------------------------------------------------------------------
(93)
من فضائل علي عليه السلام
فرات في تفسيره والحسكاني في شواهد التنزيل: حدثني جعفر بن محمد بن هشام، عن عبادة بن زياد، عن أبي معمر سعيد بن خثيم، عن محمد بن خالد الضبي وعبد الله بن شريك العامري، عن سليم بن قيس عن الحسن بن علي عليه السلام:
إنه حمد الله تعالى وأثنى عليه (1) وقال: (السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان) (2)، فكما أن للسابقين فضلهم على من بعدهم كذلك لأبي علي بن أبي طالب عليه السلام فضيلته على السابقين بسبقه السابقين.
وقال: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) (3) واستجاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وواساه بنفسه.
ثم عمه حمزة سيد الشهداء وقد كان قتل معه كثير، فكان حمزة سيدهم بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله.
____________
(1). أورد الخطبة بكاملها في البحار: ج 10 ص 138 ح 5 فراجع.
(2). سورة التوبة: الآية 100.
(3). سورة التوبة: الآية 19.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 482
--------------------------------------------------------------------------------
ثم جعل الله لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة حيث يشاء. وذلك لمكانهما وقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وآله ومنزلتهما منه. وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.
وجعل لنساء النبي صلى الله عليه وآله فضلا على غيرهن (1) لمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وفضل الله الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بألف صلاة على سائر المساجد إلا المسجد الذي ابتناه إبراهيم عليه السلام بمكة، لمكان رسول الله صلى الله عليه وآله وفضله.
وعلم رسول الله صلى الله عليه وآله الناس الصلوات، فقال: قولوا: (اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد). فحقنا على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة فريضة واجبة من الله.
وأحل الله لرسوله الغنيمة وأحلها لنا، وحرم الصدقات عليه وحرمها علينا، كرامة أكرمنا الله وفضيلة فضلنا الله بها.
____________
(1). لا يخفى ما ورد في القرآن في نساء النبي صلى الله عليه وآله من تضاعف عذابهم إذا خالفوا حكم الله
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 483
--------------------------------------------------------------------------------
(94)
شهادة أويس وعمار وخزيمة بصفين
ابن عساكر في تاريخ دمشق: أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علية بن الحسن الحسني، حدثنا القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، حدثنا الحسين بن محمد بن الفرزدق، حدثنا الحسن بن علي بن بزيع، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا إبراهيم بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن أذينة البصري عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس العامري قال:
رأيت أويسا القرني بصفين صريعا بين عمار وخزيمة بن ثابت.
أول من يرد على النبي صلى الله عليه وآله يوم القيامة
ابن شهرآشوب في المثالب عن محمد بن خشيش عن التميمي بالأسناد عن سليم، قال: سمعت سلمان يقول:
إن أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما علي بن أبي طالب، وإن خراب هذا البيت على يدي رجل من ولد فلان (ى ع ر ى ع ب ابن). (1)
____________
(1). المراد من (هذا البيت) إما بيت الله الحرام، أو بيت النبوة التي كان أول خرابها على يدي أصحاب الصحيفة والسقيفة، الذين هجموا بيت الإمامة وأحرقوا بابها ونادى أبو بكر من فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لم يبايع علي أحرقوا البيت بأهلها وكرر هذا النداء مناديهم عمر من وراء الباب قائلا: اخرج يا علي للبيعة وإلا أحرقنا عليكم البيت بمن فيها ثم أحرقوا الباب وكسروها ودخلوا البيت من غير رخصة أهلها وهجموا على أهل البيت بالضرب والشتم وضربوا سيدة النساء لحد القتل بما انجر إلى شهادتها، وقتلوا ولدها المحسن عليه السلام، وألقوا حبلا في عنق صاحب البيت أمير المؤمنين عليه السلام وأخذوا السيوف على رأسه وأرادوا قتله إن لم يبايع.
وكان هذا أول خراب هذا البيت، واستمر ذلك إلى قتل سيد الشهداء ومهجة قلب الرسول الإمام الحسين عليه السلام. ثم استمر طيلة أربعة عشر قرنا حتى يبعث الله الإمام المهدي الذي يقوم بإذن الله من عند بيت الله الحرام وينتقم من مخربي بيت النبوة في مدينة الرسول صلى الله عليه وآله.
واسم مؤسس تخريب البيت كما ترى مذكورة بصورة رمزية (ى ع ر ى ع ب ابن).
وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يدعو في قنوت صلاته على مخربي بيت النبوة ويقول:
اللهم العن صنمي قريش... اللهم العنهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة ورد ما بابه ونقضا سقفه وألحقا سماءه بأرضه وعاليه بسافله وظاهره بباطنه واستأصلا أهله وأبادا أنصاره وقتلا أطفاله وأخليا منبره من وصيه ووارثه... اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 485
--------------------------------------------------------------------------------
(96)
السنة والبدعة، الجماعة والفرقة
المتقي الهندي في كنز العمال بالأسناد عن سليم بن قيس العامري قال:
سأل ابن الكوا عليا عليه السلام عن السنة والبدعة وعن الجماعة والفرقة.
فقال عليه السلام: يا ابن الكوا، حفظت المسألة فافهم الجواب: السنة - والله - سنة محمد صلى الله عليه وآله والبدعة ما فارقها، والجماعة - والله - مجامعة أهل الحق وإن قلوا والفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا.
إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله عن مستقبل الأمة
محمد بن سليمان الصنعاني في شرح الأخبار قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا عبيد، قال: حدثنا محمد بن عمر بن أبي مسلم، قال: حدثنا عبد القدوس بن إبراهيم بن مرداس، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان (1) قال:
لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله دخلنا عليه فقال للناس: اخلوا لي عن أهل البيت. فقام الناس وقمت معهم، فقال: اقعد، يا سلمان إنك منا أهل البيت.
الإخبار عن بني أمية وبني العباس ودولة أهل البيت عليهم السلام
فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: يا بني عبد مناف، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فإنه لو قد أذن لي بالسجود لم أوثر عليكم أحدا. إني رأيت على منبري هذا اثني عشر كلهم من قريش، رجلين من ولد الحرب بن أمية وعشرة من ولد العاص بن أمية (2)، كلهم
____________
(1) روى سليم مثل هذا الحديث عن جابر وابن عباس في الحديث 61 فراجع.
(2) الظاهر أنه صلى الله عليه وآله أراد من قوله (رجلان من بني أمية): معاوية ويزيد. فيكون التعبير ب (عشرة من ولد العاص) سبق لسان من الراوي لأنه يبقى لولد العاص ثمانية، أولهم عثمان والباقي من بني مروان.
ولا شك في سقط اسم الرجلين من قريش أبي بكر وعمر، فقد جاء ذكر أئمة الضلال يعد رسول الله صلى الله عليه وآله بمثل العبارة التي في هذا الحديث في مواضع من كتاب سليم، يعلم منها السقط الذي هنا:
ففي الحديث 25: عشرة منهم من بني أمية ورجلان من حيين مختلفين من قريش.
راجع مناقب ابن المغازلي: ص 9. وأورده في البحار: ج 32 ص 312 ح 276 عن الطرائف عن الفائق للخوارزمي. وأورده في الغدير: ج 6 ص 334 أيضا.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 487
--------------------------------------------------------------------------------
ضال مضل، يردون أمتي عن الصراط القهقرى.
ثم قال للعباس: أما إن هلكتهم على يدي ولدك.
ثم قال: فاتقوا الله في عترتي أهل بيتي، فإن الدنيا لم تدم لأحد قبلنا ولا تبقى لنا ولا تدوم لأحد بعدنا.
ثم قال لعلي عليه السلام: دولة الحق أبر الدول. أما إنكم ستملكون بعدهم باليوم يومين وبالشهر شهرين وبالسنة سنتين.
ستة لعنهم الله في كتابه
ثم قال صلى الله عليه وآله: ستة لعنهم الله في كتابه: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي، والمستأثر على المسلمين بفيئهم، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله.
شهادات أئمة أهل البيت عليهم السلام بشأن سليم وكتابه
يتميز كتاب سليم بأنه عرض على ستة من الأئمة المعصومين عليهم السلام فأقروه ووثقوا صاحبه!
فقد عرض سليم كتابه على أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين عليهم السلام.
كما عرضه أبان بن أبي عياش على الإمام زين العابدين والإمام الباقر عليهما السلام. ثم عرضه حماد بن عيسى - الناقل الرابع للكتاب - على الإمام الصادق عليه السلام أيضا.
قال سليم: قلت لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين، إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم. ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله تخالف الذي سمعته منكم، وأنتم تزعمون أن ذلك باطل. أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ويفسرون القرآن برأيهم؟
قال: فأقبل علي فقال لي: (يا سليم، قد سألت فافهم الجواب. إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما...).
أقول: تضمن هذا الحديث تأكيد صحة جميع ما في كتاب سليم بإمضاء أمير المؤمنين عليه السلام، وإن خالف ذلك ما دونته مدرسة غاصبي الخلافة.
توثيق الإمام زين العابدين عليه السلام لكتاب سليم
قال سليم (بعد تمام الحديث 10): ثم لقيت علي بن الحسين عليهما السلام وعنده ابنه محمد بن علي عليهما السلام، فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه وما سمعت من علي عليه السلام. فقال علي بن الحسين عليه السلام: قد أقرأني أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله السلام وهو مريض وأنا صبي.
ثم قال محمد عليه السلام: وقد أقرأني جدي الحسين عليه السلام بعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو مريض - السلام.
قال أبان: فحدثت علي بن الحسين عليه السلام بهذا الحديث كله عن سليم، فقال: صدق سليم.
بعد أن وفقني الله تعالى لنشر الطبعة المحققة من كتاب سليم في ثلاث مجلدات، أشار علي بعض إخواني بنشره بصورة ميسرة في مجلد واحد ليتمكن من الاستفادة منه كل مسلم يريد أن يتعرف على معالم دينه من هذا التراث القيم.
فقمت في هذه الطبعة بتلخيص المقدمة، وضبط متن الكتاب على 14 نسخة مخطوطة واختصرت الهوامش وأضفت التخريج الموضوعي في آخر الكتاب.
وأسأل الله تعالى أن ينفع به المسلمين وينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون.
قالت الأحاديث: غلب ولده الشرير قابيل وذريته على ولده الصالح هبة الله وذريته، وطردوهم إلى جزيرة من جزائر البحر!!
وما الذي حدث بعد وفاة نوح عليه السلام؟
قال التاريخ: غلب أولاده وأصحابه الأشرار على أتباعه المؤمنين وجحدوا الله ورسوله وأعادوا عبادة الأصنام - ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا - بنفس أسمائها ومراسمها قبل الطوفان!
وماذا حدث بعد وفاة إبراهيم عليه السلام؟
قال التاريخ: إن الأنبياء والصالحين من أولاده لم يحكموا بعده إلا فترات قليلة فقد تغلب الأشرار من أبناء إسحاق واضطهدوا الأنبياء والمؤمنين وشردوهم!
قال التاريخ: لم يطع اليهود وصيه يوشع بن نون إلا قليلا عندما كانوا في صحراء التيه، ولما دخلوا فلسطين انقلبوا عليه وساعدتهم زوجته الصفوراء بنت شعيب وغلب الفجار منهم على أوصياء موسى الشرعيين وأسسوا دولة القضاة، تتداولها قبائل بني إسرائيل!
وبعد وفاة سليمان عليه السلام؟
قال التاريخ: انقلب أصحابه وشرار أولاده على وصيه الشرعي آصف بن برخيا وشيعته فعزلوهم، واستدعوا رحبعام عدو سليمان المنفي إلى مصر ثم اختلفوا بينهم فتفككت الدولة وضاع أكثرها، وبقي للمختلفين إمارة القدس، فملكوا عليهم ابنا لسليمان غير وصي وإمارة الخليل، وملكوا عليهم عدو سليمان الذي كان نفاه!
وما الذي حدث بعد عيسى عليه السلام؟
قال التاريخ: تواصلت مطاردة الرومان واليهود لوصيه شمعون الصفا وبقية الحواريين والمؤمنين واضطهدوهم، حتى جاء بولس بعد ثلاثين سنة وادعى أن عيسى عليه السلام ظهر له من السماء في حوران، فكثر أتباعه!
ثم تبنت الدولة الرومانية مسيحية بولس وواصلت اضطهادها للحواريين وأتباعهم، حتى انقرضوا!
* * *
وما الذي حدث بعد وفاة محمد صلى الله عليه وآله؟
قال التاريخ: اختلف أصحابه عند وفاته، فقالت أكثريتهم: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص إلى أحد، وخلافته ليست لأهل بيته، بل هي لقبائل قريش يتداولونها بينهم فبايعوا أبا بكر بن أبي قحافة التيمي على أنه خليفة لنبيهم.
وقال أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم: بل أوصى النبي صلى الله عليه وآله لاثني عشر إماما من أهل بيته، وقال إنهم بعدد حواري عيسى عليه السلام ونقباء بني إسرائيل، أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ذرية الحسين عليهم السلام، خاتمهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وهكذا سار التاريخ الإسلامي بأكثرية حاكمة وأقلية معارضة محكومة، عرفت من الأول باسم (شيعة علي عليه السلام) و (شيعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله).
وواصل السنيون سيطرتهم على الأمة الإسلامية قرونا طويلة، كانت الخلافة فيها لقبائل قريش، حتى انتقلت الخلافة بفتوى المذهب الحنفي إلى جماعة من الأتراك جدهم يسمى عثمان، عرفوا باسم الخلفاء العثمانيين، حتى انهارت الدولة الإسلامية على أيديهم وتسلط الغربيون على بلاد المسلمين!!
الشيعة معارضة لم تتعب رغم القمع القرشي والعثماني!
الشيعة هم أطول معارضة في تاريخ ما بعد الأنبياء.. وأكثرها مأساوية.. وأكثرها حيوية ونشاطا!
هل قرأت سفر المكابيين من بعد موسى عليه السلام؟
كانوا فرقة يهودية متدينة، عارضوا حكام اليهود المنحرفين وأسيادهم الرومان وقاتلوهم سنين طويلة، وتشردوا وعاشت أجيالهم في الجبال والكهوف والصحاري وكتبوا أفكارهم ومأساتهم وتأريخهم، ولكنهم انتهوا وانقرضوا.
إن ملحمة المكابيين ومأساتهم، إنما هي جزء صغير من تاريخ الشيعة ومأساتهم!!
وأول ما يواجهك من قرارات الدولة القرشية والعثمانية بحق الشيعة أنه يحرم عليهم أن يكتبوا وجهة نظرهم، حتى لو كانت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وتفسيره للقرآن ويحرم على الناس أن يقرؤوا وجهة نظرهم من كتبهم، أو يسمعوها منهم، أو يفكروا فيها، مجرد تفكير لغرض المعرفة!!
ومن يكتب منهم أو يقرأ لهم، فهو عدو للصحابة، وعدو لله ولرسوله، وخارج عن الإسلام، مهدور الدم، مباح للمسلمين عرضه وماله!!
ومن عجائب الدنيا أن الخلافة القرشية قد انتهت عمليا من بعد المعتصم العباسي..
فيومها سيطر الجند الأتراك على مقدرات الدولة، وصار الخليفة مؤظفا عندهم براتب شهري!!
ثم انتهت خلافة قريش حتى اسميا على يد الأتراك العثمانيين.
ثم انتهت الخلافة العثمانية على يد الغربيين.
وصارت جميع قراراتهم وسياساتهم تاريخا، مجرد تاريخ!!
ولكن قراراتهم بشأن الشيعة بقيت في أذهان كثير من السنيين دينا يتدينون به!!
فهؤلاء يرون أن الخلفاء القرشيين والعثمانيين ركن من أركان الإسلام، أنزله الله على رسوله، مع بقية أركانه أو قبلها!!
وكل شئ يعارض الخلفاء وينتقدهم، فهو بخيالهم كفر بالله ورسوله لقد صار خلفاء قريش وبني عثمان جزء من الإسلام عندهم، بل جزءه الأعز على قلوبهم حتى أنك لا تجد عند متعصبيهم غيرة وحمية لله تعالى ولرسوله كما تجدها لهذا الخليفة أو ذاك!!
إن الأفكار والفتاوى التي ما زالت جزء من المذاهب السنية إلى عصرنا تدلك على أعباء القرون التي تحملها الشيعة، وعانوا من وطأتها.
وتشير لك إلى أن اضطهاد الشيعة زاد في كمه وكيفه عن اضطهاد أي معارضة بعد الأنبياء!
ومع كل هذا بقي الشيعة أحياء يرزقون وكان عددهم يزداد في التاريخ حتى بلغوا في بعض القرون نصف الأمة الإسلامية!!
أما نحن فنعتقد أننا بقينا ولم ننقرض، لأن الله تعالى وعد على لسان نبيه صلى الله عليه وآله أنه لا بد أن يبلغ أمره في أهل بيت نبيه، حتى يبعث منهم المهدي الموعود الذي يصحح مسيرة الأمة ويضئ العالم بنور الإسلام.
* * * *
شاب نجدي يكتب قصة الوجه الآخر لتاريخنا
أكثر الناس لا يحبون النظر إلى الوجه الآخر لتاريخنا الإسلامي، ولا يحبون سماع وجهة نظر المعارضة فيه ولا القراءة عنها.
وبعضهم يحبون ذلك لأنهم يحبون الفهم والمعرفة، أو لأنهم متدينون يعتقدون بأن الإسلام هو الرسالة الخاتمة، فهو مشروع إلهي للعالم إلى يوم القيامة، ويتساءلون في أنفسهم:
هل يعقل أن الله تعالى جعل خاتم الأنبياء والرسل بلا أوصياء ولا وصية، ولا خطة ربانية تمتد إلى يوم القيامة؟!!
وهل يعقل أن تكون الخطة أن يحكم بعد نبيه عدد من الخلفاء القرشيين، ثم عدد من الخلفاء العثمانيين، ثم تضعف الأمة وتنتهي الدولة وكان الله يحب المحسنين؟!!
وعند ما يسمعون أن الشيعة عندهم اعتقاد آخر وتصور آخر عن نبوة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله، وعن المشروع الإلهي المستمر بعد النبي بعترته إلى يوم القيامة، يحبون أن يسمعوا عن ذلك ويقرؤوا.
إن كتاب سليم بن قيس الهلالي العامري كتب لهذا النوع من الناس، الذين عندهم أعصاب لتحمل سماع الحقائق التي تخالف الأفكار المألوفة، التي تربى عليها الناس.
ومن مقادير الله تعالى العجيبة أن يكون هذا المؤلف شابا نجديا من قبيلة بني هلال العوامر، الذين ما زال قسم من عشيرتهم إلى عصرنا في المنطقة.
على أي، فهذا الشاب النجدي كان أول مؤلف في تاريخ الإسلام بعد المؤلفات التي أملاها النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام.
فقد دخل سليم بن قيس إلى المدينة المنورة في أوائل خلافة عمر بن الخطاب، وكان عمره سبعة عشر عاما، وبدأ يسأل ويتتبع لكي يعرف ويفهم، وبدأ يكتب ويدون ، مع أن تدوين الحديث كان جريمة يعاقب عليها صاحبها بالضرب والحبس والحرمان والعزل الاجتماعي!!
ولكن سليما كان يجيد التحفظ والتقية، وبذلك استطاع أن يكتب ويحافظ على كتابه، واستمر على ذلك في خلافة عثمان وبعده طيلة 60 سنة من عمره المبارك...
وحمله معه في تشريده من بلد إلى بلد، وهروبه من سيف الحجاج... إلى أن ورثه لراويه أبان بن أبي عياش في سنة 76 الهجرية!
لا يوجد عند المسلمين بعد كتاب الله تعالى ومواريث الأنبياء التي عند أهل البيت عليهم السلام كتاب أقدم من كتاب سليم بن قيس. (1)
وهي ميزة عظيمة لهذا النص التاريخي العقائدي، فمؤلفه قدس الله نفسه أول من فكر في تدوين العقائد والتاريخ الإسلاميين، ثم قام بذلك وحده في ظروف خطيرة، لم يجد فيها من يعينه في مهمته.
وقد خاطر بحياته الشريفة في جمعه وتأليفه ثم نسخه وحفظه، والوصية به وإيصاله إلى من بعده.
لقد كان سليم يحس بمسؤولية شرعية للقيام بهذه المهمة التاريخية، وقد شاء الله تعالى أن يتفرد عن جيله، وينهض بمسؤولية هذا الأمر الخطير، ويقدم للأمة الإسلامية أقدم قصة للوجه الآخر لتاريخها.
____________
(1). وقد يذكر في عداد أول ما صنف في الإسلام كتاب لأبي رافع في السنن، وكتاب لعبد الله بن أبي رافع في قضايا أمير المؤمنين عليه السلام، وكتاب لسلمان في حديث الجاثليق، وكتاب لأبي ذر في الفتن، وكتابان للأصبغ بن نباتة في عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى مالك الأشتر، وكتاب في مقتل الحسين عليه السلام، وكتاب للحارث الهمداني، وكتاب لربيعة بن سميع (رجال البرقي: ص 27).
ولكن جميع المذكورين من معاصري سليم، وليس فيهم أحد أقدم منه عصرا، فلا دليل على تقدم كتبهم على كتاب سليم، ومجرد تقدم تاريخ وفاة بعضهم على وفاة سليم لا يكفي في ذلك.
ثم إن الكتب المذكورة لم تكن بمستوى أهمية كتاب سليم ومن جهة أخرى فإنها لم تصل بأيدينا، وبذلك يتميز عليها كتاب سليم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 14
--------------------------------------------------------------------------------
يكفي كتاب سليم أنه تراث علمي ممتاز من أقدم ما وصلنا في الثقافة الإسلامية، ولكن مع ذلك له ميزات هامة ضاعفت من قيمته، نجملها في النقاط التالية:
الميزة الأولى: أن موضوعه عقائد الإسلام وتاريخه
فقد اختار المؤلف مسائل في الدرجة الأولى من الأهمية، مثلت الحقيقة المقابلة لما فعلته وقالته ودونته دولة الخلافة القرشية، التي سيطرت على تاريخ الإسلام وعلى أفواه المسلمين!
لقد كشف سليم في كتابه عن الوقائع التي حدثت في مرض النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته، وكيف وصل زعماء قريش إلى السلطة، وكيف اضطهدوا النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام بيت العصمة والطهارة، ثم تربعوا على كرسي الحكم باسم النبي صلى الله عليه وآله وباسم الإسلام.
الميزة الثانية: الفترة التي أرخ سليم أحداثها
وهي أكثر الفترات حساسية وتأثيرا على عقائد المسلمين على الإطلاق.
ذلك أن جميع عقائد المسلمين ومذاهبهم قد تكونت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، بسبب ما حدث عند وفاته وبعد وفاته من اختلاف!
فجميع ما طرح من عقائد وأحكام خلال أربعة عشر قرنا إلى يومنا هذا، يرجع إلى تلك الفترة الحساسة!!
وقد أرخ سليم بن قيس لتلك الفترة، فكان عمله فريدا من نوعه، وبهذا احتل مكانة الدرجة الأولى بعد أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام، الذين قاموا بكشف حقائق تلك الفترة.
إن الأجيال المسلمة مدينة لهذا المؤلف الشجاع الذي سد فراغا لم يسده غيره، ودون الحقيقة للأجيال.
فقد كتبه سليم في عصر المنع المطلق من تدوين أحاديث النبي صلى الله عليه وآله حتى ما يتعلق منها بالسنن والأحكام الشرعية بل لقد منعت الدولة حتى مجرد رواية الحديث النبوي، حتى في المسجد، وحتى من كبار الصحابة!
في مثل تلك الظروف الخانقة، قام سليم بن قيس بتسجيل هذه الحقائق التاريخية والعقائدية وتدوينها في كتاب، وكان يجمع أحاديثه من الأئمة الأطهار عليهم السلام والصحابة الأبرار ويكتبها في كتابه على خوف ووجل، لأن الدولة لو اطلعت على ذلك لكان ذلك برأيها سببا كافيا لإعدام المؤلف!!
ومن جهة أخرى فقد دون سليم مخالفات حكام عصره الذين كان يعيش معهم، واستطاع أن يخفي ذلك عن عيونهم.
وقد كان لحرصه على كتابه، يحمله معه في أسفاره وتنقلاته العديدة، خاصة بعد أن تسلط بنو أمية وأخذوا يطاردون شيعة علي عليه السلام.
وفي آخر عمره المبارك عندما كان الحجاج يتتبع من بقي من أصحاب علي عليه السلام ليقتلهم، اختفى سليم وتنقل من بلد إلى بلد ما بين نجد ومكة والمدينة والكوفة والبصرة.. ثم عبر إلى أرض فارس ووصل إلى نوبندجان، وهناك في بيت أحد أصدقائه أبان بن أبي عياش حط به المرض وجاءه الأجل، وكان لا بد من البوح بالسر وإيصال الأمانة إلى أهلها. فأخذ على أبان الأيمان، وكشف له حقيقة أحداث عاشها وشاهدها وسجلها، وقرأ عليه الكتاب، وأودعه عنده، ليوصله إلى أهله!
وقد حافظ أبان على الأمانة، وحمل الكتاب بعد وفاة سليم إلى علماء البصرة، فنسخه بعض الرواة والعلماء رغم تلك الظروف الصعبة وانتشرت نسخه منهم عبر الأجيال.. حتى وصل إلينا.
الميزة الرابعة: الدقة والإتقان
إن كتاب سليم بعد التدقيق والمقايسة مع المصادر الأخرى، يعتبر من مصادر الدرجة الأولى في دقته، وهذه ميزة تزيد من قيمة كتابه المبارك.
لهذا كله، لا بد أن ننظر إلى كتاب سليم باعتباره أول نص متقن في أهم الموضوعات الإسلامية، تم تدوينه في فترة حساسة وظروف صعبة.. وأن نشكر مؤلفه من صميم قلوبنا.
وقد شكر الله سعيه حيث حفظ كتابه عبر القرون والأجيال حتى وصل إلينا، وتم في عصرنا طبعه بطبعات جديدة، والحمد لله.
أحاديث رواها الرواة، ولم يذكرها مؤلف في كتابه قبل سليم (1)
أولا: أحاديث أساسية في العقائد
1. حديث الغدير.
2. حديث الثقلين.
3. حديث المنزلة.
4. حديث السفينة.
5. حديث باب حطة.
6. حديث الحوض.
7. حديث سد الأبواب.
8. حديث الكساء وآية التطهير.
9. حديث المباهلة.
10. حديث الكتف.
____________
(1). راجع التخريج الموضوعي آخر الكتاب، لتفاصيل المواضيع العقائدية والتاريخية التي لم يذكرها مؤلف في كتابه قبل سليم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 17
--------------------------------------------------------------------------------
ثانيا: مسائل عقائدية مهمة
1. معنى الإسلام والإيمان، وشروطهما، ودرجاتهما.
2. معنى إقامة النبي والإمام الحجة لله تعالى، ومن هم حجج الله تعالى على الناس، وكيفية إقامتهم الحجة لله تعالى.
3. بيان عقيدة المسلمين في القرآن، ومن هم المفسرون الشرعيون له. وقد تضمن كتابه تفسير عدد من آيات القرآن الكريم وسبب نزولها.
4. عقيدة المسلمين في الخلافة والإمامة، وضرورتها وحدودها، وتسمية مستحقيها، وبيان غاصبيها.
5. بيان معنى فريضة الولاية لأولياء الله تعالى، والبراءة من أعدائه، وتعيينهم.
6. بيان أحاديث النبي صلى الله عليه وآله التي نص فيها على إمامة الأئمة الاثني عشر من عترته عليهم السلام وذكر أسمائهم.
7. بيان عدد من الأحاديث التي صدرت عن النبي صلى الله عليه وآله في مناقب أهل البيت عليهم السلام وأفضيلتهم على جميع الأمة.
8. بيان العلم ومعدنه وأنواعه، وأن أهل البيت عليهم السلام هم معدن علم النبي صلى الله عليه وآله، وبيان جهل مخالفيهم وانخفاض مستوى ثقافتهم، وعدم معرفتهم عقائد الإسلام، ولا أجوبة ما يرد عليهم من المسائل العادية.
9. بيان بعض ما ورد في الكتب السماوية في البشارة بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام.
10. بيان معاداة قريش والمنافقين وغيرهم لأهل البيت عليهم السلام، وبغضهم لهم وحسدهم إياهم.
كما تضمن الكتاب إشارات إلى ما كان يصدر في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله من المنافقين عامة، وغاصبي الخلافة خاصة.
11. أحاديث النبي صلى الله عليه وآله التي أخبر فيها عما سيقع من ظلم قريش وغيرهم لأهل البيت عليهم السلام، واضطهادهم وغصب حقهم.
12. بيان الضلال الذي حدث في الأمة، وكشف أول من فتح بابه على الأمة وأدخل المسلمين فيه.
13. بيان العقيدة الإسلامية في الإمام المهدي عليه السلام، وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله في التبشير به وعلامات ظهوره.
14. كما تضمن كتاب سليم بعض أحوال يوم القيامة وأحوال أهل الجنة والنار، والمستحقين بعد النبي صلى الله عليه وآله لدخول الجنة أو النار من هذه الأمة.
15. بيان معنى الشفاعة، ومن يشفع ومن يشفع لهم يوم القيامة.
ثالثا: مسائل تاريخية مهمة
1. أحاديث مهمة عن حروب رسول الله صلى الله عليه وآله من بدر وأحد وخيبر والخندق وحنين وتبوك وصلح الحديبية وفتح مكة وغيرها.
2. بيان موارد مواساة علي عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وإيثاره إياه وفداؤه إياه بنفسه.
3. بيان عدد من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله التي نص فيها على خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، من أول بعثته إلى يوم الغدير.
4. أحاديث إشهاد النبي صلى الله عليه وآله أصحابه عند إقامة الحجة عليهم وعلى الأمة بولاية علي عليه السلام بعده صلى الله عليه وآله، وخاصة من غصب منهم الخلافة بعده.
5. جانب من مؤامرات المنافقين لقتل النبي صلى الله عليه وآله.
6. خبر الصحيفة الملعونة التي كتبها المنافقون من قريش ومن تبعهم، ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وذكر أصحابها.
7. أخبار هامة عن الأيام الأخيرة والساعات الأخيرة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله 8. أخبار دقيقة ومفصلة عن قضايا السقيفة، واستعجال أصحابها، واغتنامهم فرصة انشغال علي عليه السلام وأهل البيت بجنازة النبي صلى الله عليه وآله. ثم تدبيرهم الهجوم المكرر على بيت فاطمة عليها السلام وإحراق بابه، ودخولهم البيت، وإجبارهم أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه على البيعة.
وما جرى على فاطمة عليها السلام في هذه الهجمات، وإسقاطها جنينها المحسن عليه السلام.
9. قصة ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وما جرى بشأن الخلافة بعده صلى الله عليه وآله، وخطط الغاصبين ضد أمير المؤمنين عليه السلام.
10. ما جرى على شيعة أهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وجانب من نفي أبي ذر إلى الربذة، وجانب من ظلم معاوية للشيعة واضطهادهم وتقتيلهم.
11. نماذج من دفاع أهل البيت عليهم السلام عن الإسلام وعن شيعتهم.
12. التأريخ لعدد من المجالس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله واحتجاجات أهل البيت عليهم السلام على الصحابة في تلك المجالس، ومناشداتهم الناس ليشهدوا بوصية النبي صلى الله عليه وآله لهم، وإقرار الناس وشهادتهم لهم بذلك!
13. قصص بعض أهل الكتاب مع أهل البيت عليهم السلام وإقرارهم بشأنهم.
14. قصص تتعلق بموت أبي بكر وقتل عمر وعثمان.
15. وثائق شعرية تعتبر من أقدم ما قيل من الشعر في القضايا الإسلامية.
16. وثائق تاريخية في القضايا الإسلامية يختص سليم بنقلها مثل رسالة معاوية إلى زياد.
17. قضايا حروب الجمل وصفين والنهروان.
18. الرسائل المهمة المتبادلة بين أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية.
19. أخبار شهادة أمير المؤمنين عليه السلام.
20. أخبار هامة عما جرى من الفتن بعد أمير المؤمنين عليه السلام في زمن معاوية.
21. أخبار عن صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية وما وقع بينهما.
اشتهر هذا الكتاب منذ القرن الأول إلى يومنا هذا ب (كتاب سليم بن قيس الهلالي)، وكثيرا ما يعبر عنه اختصارا ب (كتاب سليم). وربما يسمى بأصل سليم وكتاب السقيفة.
وأول من سمى الكتاب به الإمام الصادق عليه السلام (1)، وجرى ذكر الكتاب بهذا الاسم على لسان القدماء ك النعماني والشيخ المفيد والنجاشي والشيخ الطوسي وابن شهرآشوب، وكذلك المتأخرين كالعلامة الحلي والشهيد الثاني والمير الداماد والقاضي التستري والشيخ الحر العاملي، والعلامة المجلسي والشيخ البحراني والمير حامد حسين والمحدث النوري والعلامة الطهراني. كما كان يعرف بنفس الاسم في ألسنة علماء السنة أيضا كالقاضي السبكي وابن أبي الحديد والفيض آبادي وغيرهم. (2).
ومن خصائص كتاب سليم أنه كتاب مشهور شهد الموافق والمخالف بأنه كتاب معروف معتبر عند الشيعة، وقد رووا منه أحاديث مما يدل على اشتهار الكتاب وتداول نسخه طيلة أربعة عشر قرنا.
ونورد فيما يلي كلمات بعض من شهد بذلك، ونبدأ بغير الشيعة منهم:
____________
(1). في الحديث الذي سيجئ ذكره في تأييد الأئمة عليهم السلام لكتاب سليم.
(2). الذريعة: ج 1 ص 63، ج 2 ص 152، ج 6 ص 336. الغيبة للنعماني: ص 61. الأعلام للزركلي: ج 3 ص 119. تأسيس الشيعة لفنون الإسلام: ص 282، 357. المراجعات: ص 307، المراجعة 110.
مؤلفو الشيعة في صدر الإسلام: ص 16. التنبيه والأشراف: ص 198.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 22
--------------------------------------------------------------------------------
1. قال ابن النديم المتوفى 385: (وهو كتاب سليم بن قيس المشهور). (1)
2. قال ابن أبي الحديد المتوفى 656: (سليم معروف المذهب... وكتابه المعروف بينهم المسمى كتاب سليم). (2)
3. قال القاضي بدر الدين السبكي المتوفى 769: (إن أول كتاب صنف للشيعة هو كتاب سليم بن قيس الهلالي). (3)
4. قال الملا حيدر علي الفيض آبادي: (كأن صحة هذين الكتابين أي كتاب سليم وتفسير أهل البيت (يريد به تفسير القمي) وأصحية واحد منهما على سبيل منع الخلو إجماعي عند محققي الشيعة، وعليه فمحتوى الكتابين (عند الشيعة) صادر بعلم اليقين عن لسان ترجمان الوحي النبوي، وذلك لأن جميع علوم الأئمة الصادقين تنتهي إلى هذه البحار الذاخرة). (4)
5. قال النعماني المتوفى 462: (ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول). (5)
6. قال ابن الغضائري المتوفى 411: (ينسب إليه هذا الكتاب المشهور). (6)
7. عده الشيخ الحر العاملي في عداد الكتب التي تواترت عن مؤلفيها وعلمت صحة نسبتها إليهم... كوجودها بخط أكابر العلماء وتكرر ذكرها في مصنفاتهم. (7)
8. قال السيد هاشم البحراني المتوفى سنة 1107: (وهو كتاب مشهور معتمد نقل عنه المصنفون في كتبهم). (8)
____________
(1). الفهرست لابن النديم: ص 275.
(2). شرح نهج البلاغة: ج 12 ص 216.
(3). جاء هذا الكلام في كتابه (محاسن الوسائل في معرفة الأوائل) وهو مخطوط. نقلته من الذريعة: ج 2 ص 153.
(4). منتهى الكلام: ج 3 ص 29، ونقله عنه المير حامد حسين في استقصاء الإفحام: ج 2 ص 350.
9. قال العلامة المجلسي المتوفى سنة 1111: (كتاب سليم بن قيس الهلالي في غاية الاشتهار). وقال أيضا: (كتاب معروف بين المحدثين). (1)
10. قال المحدث النوري المتوفى سنة 1320: (كتابه من الأصول المعروفة وللأصحاب إليه طرق كثيرة). وقال أيضا: (إنه كتاب مشهور معروف نقل عنه أجلة المحدثين). (2)
11. قال المحدث القمي: ((كتاب) معروف بين المحدثين). (3)
12. قال العلامة الطهراني: (كتاب سليم هذا من الأصول الشهيرة عند الخاصة والعامة). (4)
13. قال السيد الأمين العاملي: (كتاب مشهور). (5)
14. قال العلامة الأميني: (كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة). (6)
15. قال العلامة المرعشي النجفي: (كتاب معروف مطبوع منتشر في الأقطار). (7)
شهادات أئمة أهل البيت عليهم السلام بشأن سليم وكتابه
يتميز كتاب سليم بأنه عرض على ستة من الأئمة المعصومين عليهم السلام فأقروه ووثقوا صاحبه!
فقد عرض سليم كتابه على أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين عليهم السلام.
كما عرضه أبان بن أبي عياش على الإمام زين العابدين والإمام الباقر عليهما السلام. ثم عرضه حماد بن عيسى - الناقل الرابع للكتاب - على الإمام الصادق عليه السلام أيضا.
توثيق أمير المؤمنين عليه السلام لكتاب سليم
روى الفضل بن شاذان في مختصر إثبات الرجعة: ح 1، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الصفار في بصائر الدرجات: ص 198 ح 3، قال: حدثنا محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن ابن أذينة عن أبان عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الكليني في الكافي: ج 1 ص 62، عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى ابن جرير الطبري الشيعي في المسترشد: ص 36، عن محمد بن عبد الله بن مهران عن حماد بن عيسى عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الصدوق في الإعتقادات: ص 22 وفي الخصال: الباب 4 ح 131، قال: حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الصدوق أيضا في إكمال الدين: ص 284، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصر عن الحسن بن موسى الخشاب، قال: حدثنا الحكم بن بهلول الأنصاري عن إسماعيل بن همام عن عمران بن قرة عن أبي محمد المدني عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش، قال: حدثنا سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الكشي في اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 321 ح 167 عن محمد بن الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان عن إسحاق بن إبراهيم عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الكراجكي في الإستنصار: ص 10، قال: أخبرني أبو المرجا محمد بن عبد الله بن أبي طالب البلدي، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني رحمه الله، قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن حرب الكندي، قال: حدثني عبد الله بن المبارك عن عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى النعماني في الغيبة: ص 49، عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ومحمد بن همام بن سهيل وعبد العزيز وعبد الواحد ابني عبد الله بن يونس عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى النعماني أيضا في الغيبة: ص 49، عن هارون بن محمد قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك شيخ لنا كوفي ثقة، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام شيخا عن معمر عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج 1 ص 148 ح 202، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، أخبرنا أبو بكر الجرجرائي، أخبرنا أبو أحمد البصري، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عمر بن يونس، قال: حدثني بشر بن المفضل النيسابوري عن عيسى بن يوسف الهمداني عن أبي الحسن بن يحيى، قال: حدثني أبان بن أبي عياش، قال:
وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج 1 ص 35 ح 41، قال: حدثنا محمد بن مسعود بن محمد، قال: حدثنا محمد بن نصير، حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، حدثنا الحكم بن بهلول الأنصاري عن إسماعيل بن همام عن عمران بن قرة عن أبي محمد المديني عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش، قال: حدثني سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.
ورواه الحراني(1) في تحف العقول: ص 131، والعياشي في تفسيره: ج 1 ص 14 ح 2، و ص 253 ح 177، وجاء ذلك في الحديث 10 من كتاب سليم:
قال سليم: قلت لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين، إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم. ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله تخالف الذي سمعته منكم، وأنتم تزعمون أن ذلك باطل. أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ويفسرون القرآن برأيهم؟
قال: فأقبل علي فقال لي: (يا سليم، قد سألت فافهم الجواب. إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما...).
أقول: تضمن هذا الحديث تأكيد صحة جميع ما في كتاب سليم بإمضاء أمير المؤمنين عليه السلام، وإن خالف ذلك ما دونته مدرسة غاصبي الخلافة.
____________
(1). رواه عن هؤلاء في الصراط المستقيم: ج 2 ص 127. فضائل السادات: ص 170. إثبات الهداة: ج 1 ص 543 و 544. الذريعة: ج 2 ص 152. كفاية المهتدي (للميرلوحي): ص 13. الأربعين (للبهائي): ص 142 ح 21. روضة المتقين: ج 12 ص 201. البحار: ج 2 ص 228، ج 92 ص 99، ج 36 ص 273. عوالم العلوم: ج 2 - 3 ص 539 ح 3. كتاب التحفة في الكلام، ورواه عنه في إثبات الهداة: ج 2 ص 200 ح 1007 بالأسناد إلى عيسى بن أيوب الهمداني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي. كفاية الموحدين للطبرسي: ج 2 ص 291، 345.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 27
--------------------------------------------------------------------------------
توثيق الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام لكتاب سليم
قال سليم (بعد تمام الحديث 10): ثم لقيت الحسن والحسين عليهما السلام بالمدينة بعد ما قتل أمير المؤمنين عليه السلام فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما، فقالا: صدقت، قد حدثك أبونا علي عليه السلام بهذا الحديث ونحن جلوس وقد حفظنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما حدثك أبونا سواء لم يزد فيه ولم ينقص منه شيئا.
توثيق الإمام زين العابدين عليه السلام لكتاب سليم
قال سليم (بعد تمام الحديث 10): ثم لقيت علي بن الحسين عليهما السلام وعنده ابنه محمد بن علي عليهما السلام، فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه وما سمعت من علي عليه السلام. فقال علي بن الحسين عليه السلام: قد أقرأني أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله السلام وهو مريض وأنا صبي.
ثم قال محمد عليه السلام: وقد أقرأني جدي الحسين عليه السلام بعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو مريض - السلام.
قال أبان: فحدثت علي بن الحسين عليه السلام بهذا الحديث كله عن سليم، فقال: صدق سليم.
توثيق الإمام زين العابدين عليه السلام لكتاب سليم بعد قرائته
وردت هذه الشهادة في مفتتح كتاب سليم، ورواه الشيخ حسن بن سليمان في مختصر البصائر: ص 40، ورواها الكشي في رجاله: ج 2 ص 321، قال: حدثني محمد بن الحسن البراثي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان عن إسحاق بن إبراهيم بن عمر اليماني (1) عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش. (2)
____________
(1). استظهر بعضهم أن الصحيح: (عن أبي إسحاق إبراهيم بن عمر اليماني).
(2). رواه عنه في البحار: ج 1 ص 76 و ج 23 ص 124 و ج 53 ص 66. وفي إثبات الهداة: ج 1 ص 663 ح 854. وفي وسائل الشيعة: ج 18 ص 72 و ج 20 ص 12.
قال أبان: حججت من عامي ذلك (أي عام وفاة سليم) فدخلت على علي بن الحسين عليه السلام، وعنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله - وكان من خيار أصحاب علي عليه السلام - ولقيت عنده عمر بن أبي سلمة ابن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله.
فعرضته عليه وعلى أبي الطفيل وعلى علي بن الحسين عليه السلام ذلك أجمع ثلاثة أيام - كل يوم إلى الليل - ويغدو عليه عمر وعامر. فقرآه عليه ثلاثة أيام، فقال عليه السلام لي (1):
(صدق سليم، رحمه الله، هذا حديثنا كله (2) نعرفه).
أقول: تضمنت هذه الكلمة النورانية خمسة أمور:
1. تأييد سليم بصفته محدثا صادقا.
2. الترحم عليه إعلاما بأنه من المرضيين عند الله ورسوله والأئمة عليهم السلام.
3. تقرير ما أورده سليم في كتابه بأنها من أحاديث أهل البيت عليهم السلام الثابتة عندهم.
4. تأكيد صحة جميع ما في كتاب سليم، وأنه ليس مثل الكتب التي يوجد فيها الغث والثمين.
5. التصريح بأن أحاديثه معروفة عند أهل البيت عليهم السلام، وأنها تمثل مذهبهم.
توثيق الإمام الباقر عليه السلام لكتاب سليم
قال أبان (بعد تمام الحديث 10 الذي مر أنه يؤكد صحة جميع أحاديث الكتاب): فحججت بعد موت علي بن الحسين عليه السلام فلقيت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام فحدثته بهذا الحديث كله لم أترك منه حرفا واحدا. فاغرورقت عيناه ثم قال: صدق سليم قد أتاني بعد أن قتل جدي الحسين عليه السلام وأنا قاعد عند أبي فحدثني (خ ل: فحدثه) بهذا الحديث بعينه. فقال له أبي: صدقت، قد حدثك أبي بهذا الحديث بعينه عن أمير المؤمنين عليه السلام ونحن شهود، ثم حدثاه بما هما سمعا من رسول الله صلى الله عليه وآله.
____________
(1). (ب): فقرأته عليهم فقالوا لي.
(2). (ب): كل. (ب) خ ل: كلنا. وفي (د): كله أعرفه.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 29
--------------------------------------------------------------------------------
توثيق الإمامين السجاد والباقر عليهما السلام لكتاب سليم
روى الشيخ الكليني في الكافي: ج 1 ص 297 ح 1، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان عن سليم.
وروى الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 139 ج 484.
وروى الشيخ الطوسي في الغيبة: ص 117، قال: أخبرنا أحمد بن عبدون عن ابن أبي الزبير القرشي عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عمن رواه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام.
وروى الشيخ أيضا في التهذيب: ج 9 ص 176، عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام.
وروى الطبرسي في أعلام الورى: ص 207، وروى جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي في الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم (1): حدث عبد الرحمن بن حجاج عن أبي عبد الله عليه السلام وعمن رواه عن عمرو بن شمر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن أبي جعفر عليه السلام (2) أنه قال:
هذه وصية أمير المؤمنين عليه السلام وهي نسخة كتاب سليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه. قال أبان: وقرأتها علي بن الحسين عليه السلام فقال: (صدق سليم، رحمه الله).
توثيق الإمام الصادق عليه السلام لكتاب سليم
قال حماد بن عيسى (الناقل لكتاب سليم عن ابن أذينة عن أبان، بعد تمام الحديث 10 التي مرت أسانيدها): قد ذكرت هذا الحديث عند مولاي أبي عبد الله عليه السلام فبكى وقال: صدق سليم، فقد روى لي هذا الحديث أبي عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام
____________
(1). الكتاب مخطوط، وتوجد نسخة منه في مكتبة غرب همدان رقمها 1553، ونسخة مصورة منه في مركز إحياء التراث الإسلامي بقم، ونقلته عن مقدمة كتاب سليم للسيد بحر العلوم في الطبعة النجفية: ص 15.
(2). رواه عن هؤلاء في إثبات الهداة: ج 1 ص 444، 445، ج 2 ص 543 ح 1. البحار: ج 42 ص 212 ح 12، ج 43 ص 322 ح 1.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 30
--------------------------------------------------------------------------------
عن أبيه الحسين بن علي عليه السلام، قال: سمعت هذا الحديث من أمير المؤمنين عليه السلام حين سأله سليم بن قيس.
توثيق الإمام الصادق عليه السلام لكتاب سليم
وروى العلامة الشيخ عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال: ج 1 ص 467 عن خط العلامة المجلسي في هوامش مرآة العقول (1) عن مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله القمي بأسانيده.
نقله العلامة الطهراني عنه في الذريعة المخطوطة بيده الموجودة في مركز إحياء التراث الإسلامي بقم.
ورواه العلامة الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة: ج 20 ص 210.
ورواه العلامة الشيخ أحمد الأردبيلي في جامع الرواة: ج 1 ص 375.
ويوجد في نسخة العلامة المجلسي التي تاريخها سنة 609، ونسخة الشيخ الحر العاملي التي استنسخت في سنة 1087 على نسخة عتيقة، ونسخة مكتبة كلية الحقوق رقم 29 د، ونسخة مكتبة ملك، ونسخة صاحب الروضات، ونسختين في مكتبة آستان قدس بمشهد رقمهما 8130 و 9719، ونسخة السيد أبو القاسم الخوانساري في بمبئي ونسخة السيد الجلالي.
____________
(1). رواه العلامة المامقاني في تنقيح المقال: ج 2 ص 54. كما رواه المحدث النوري في مستدرك الوسائل:
ج 3 ص 183. وذكره العلامة الطهراني في الذريعة: ج 2 ص 152.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 31
--------------------------------------------------------------------------------
أقول: أنظر كيف حاز الرجل نصيبه الأوفر من تقرير حديثه من عند الأئمة عليهم السلام حيث صدقه ستة من أئمتنا عليهم السلام، وذلك بصورة يرجع إلى تصديق جميع كتابه وأحاديثه.
هذه جملة ما وصل إلينا من تقرير المعصومين عليهم السلام ومزيد عنايتهم بشأن كتاب سليم وأحاديثه. ويكفيه فخرا إذ كان معروفا عند الأئمة عليهم السلام وأنهم ذكروه بخير وقرروا ما نقله من الأحاديث. وهذا بمعنى أن ما في كتاب سليم حق وصدق ومحكم ومحفوظ وليس مثل ما في أيدي الناس الذي هو مخلوط من الغث والثمين.
صدر من أعاظم العلماء - منذ الصدر الأول إلى اليوم - كلمات درية بشأن الكتاب ومؤلفه الجليل.
ومما يدل على عظمة الكتاب وغاية اعتباره أنهم نقلوا أحاديث سليم في كتبهم ومروياتهم منذ القرن الأول إلى يومنا هذا في سلسلة متلاحقة لم تنقطع في عصر من العصور بصورة تكشف عن اعتمادهم عليه في الغاية.
ويبدء هذه السلسلة من العلماء المؤيدين لكتاب سليم في عصر المؤلف مثل سلمان وأبي ذر والمقداد ونظرائهم.
ولقد عرض أبان بعده الكتاب على أبي الطفيل وعمر بن أبي سلمة والحسن البصري وقرءوا جميع الكتاب وصدقوه بأجمعه.
ويكفي في ذلك أن نلاحظ رواة كتاب سليم وأحاديثه، فإن أكثرهم من المشايخ الثقات كعمر بن أذينة وحماد بن عيسى وعثمان بن عيسى ومحمد بن إسماعيل بن بزيع والفضل بن شاذان ومحمد بن أبي عمير ومثل ابن أبي جيد ويعقوب بن يزيد وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن همام بن سهيل وهارون بن موسى التلعكبري ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى والحسين بن سعيد والخزاز القمي وابن الوليد وابن الغضائري وغيرهم من أجلاء الطائفة المحقة وأعاظم المحدثين.
إلى أن يصل دور المؤلفين كابن الجحام وفرات بن إبراهيم والصفار والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والسيد المرتضى والكراجكي والشيخ الطوسي والطبرسيين وابن شهرآشوب، ومن بعدهم من المؤلفين كالعلامة والمحقق والشهيد
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 33
--------------------------------------------------------------------------------
والقاضي التستري والشيخ البهائي والشيخ الحر العاملي والمجلسيين والبحرانيين، والمير حامد حسين إلى غيرهم من أعاظم مؤلفي الشيعة ومشايخهم.
فإن هؤلاء اعتمدوا على كتاب سليم بن قيس ورووا أحاديثه في مؤلفاتهم وليسوا ممن يستهان بهم وبآرائهم وبكتبهم التي صارت اليوم مصادر للشيعة ومرجعا لمعالم الدين.
كتاب سليم من كتب الأصول الأربعمائة
قال النعماني: (ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول... وهو من الأصول التي ترجع إليها الشيعة...). (1)
وقال العلامة الطهراني: (وهو من الأصول القليلة التي أشرنا إلى أنها ألفت قبل عصر الصادق عليه السلام). (2)
قال العلامة الطهراني: (الأصل من كتب الحديث هو ما كان المكتوب فيه مسموعا لمؤلفه من المعصوم عليه السلام أو عمن سمع منه لا منقولا عن مكتوب... ومن الواضح أن احتمال الخطأ والغلط والسهو والنسيان وغيرها في الأصل المسموع شفاها عن الإمام عليه السلام أو عمن سمعه منه أقل... فوجود الحديث في الأصل المعتمد عليه بمجرده كان من موجبات الحكم بالصحة عند القدماء...
هذه الميزة ترشحت إلى الأصول من قبل مزية شخصية توجد في مؤلفيها. تلك هي المثابرة الأكيدة على كيفية تأليفها والتحفظ على ما لا يتحفظ عليه غيرهم من المؤلفين وبذلك صاروا ممدوحين من عند الأئمة عليهم السلام... ولذا نعد قول أئمة الرجال في ترجمة أحدهم (أن له أصلا) من ألفاظ المدح له...
إن المزايا التي توجد في الأصول ومؤلفيها دعت أصحابنا إلى الاهتمام التام بشأنها
____________
(1). الغيبة: ص 61.
(2). الذريعة: ج 2 ص 152.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 34
--------------------------------------------------------------------------------
قراءة ورواية وحفظا وتصحيحا، والعناية الزائدة بها وتفضيلها على غيرها من المصنفات. ويرشدنا إلى ذلك تخصيصهم الأصول بتصنيف فهرس خاص لها وإفرادهم مؤلفيها عن سائر الرواة والمصنفين بتدوين تراجمهم مستقلة). (1)
ولذلك فإن كتاب سليم بما أنه أحد الأصول الأربعمائة بل أقدمها ومن أهمها، كانت تعتبر من أوثق المصادر لدى علمائنا منذ العصور الأولى.
كلمة سليم عن كتابه
نص المؤلف في مفتتح كتابه على الدقة والإتقان اللذين استعملهما في تدوين كتابه قائلا:
إن عندي كتبا (2) سمعتها عن الثقات وكتبتها بيدي، فيها أحاديث لا أحب أن تظهر للناس، لأن الناس ينكرونها ويعظمونها، وهي حق أخذتها من أهل الحق والفقه والصدق والبر، عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود. وليس منها حديث أسمعه من أحدهم إلا سألت عنه الآخر حتى اجتمعوا عليه جميعا، وأشياء بعد سمعتها من غيرهم من أهل الحق...
نصوص كلمات العلماء في توثيق الكتاب
أورد هنا النصوص الصادرة عن العلماء في صحة كتاب سليم على ترتيب تاريخ وفياتهم:
1. عمر بن أبي سلمة المتوفى 83 ق: (ما فيه حديث إلا وقد سمعته من علي عليه السلام ومن سلمان وأبي ذر ومن المقداد). (3)
____________
(1). الذريعة: ج 2 ص 128 - 125.
(2). أي مكتوبات، لا بمعنى مؤلفات متعددة.
(3). راجع مفتتح كتاب سليم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 35
--------------------------------------------------------------------------------
2. أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني المتوفى 100 ق: (ما فيه حديث إلا وقد سمعته من علي صلوات الله عليه ومن سلمان وأبي ذر ومن المقداد). (1)
3. المؤرخ المسعودي المتوفى 346 ق: (والقطعية بالإمامة، الاثنا عشرية منهم، الذين أصلهم في حصر العدد ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه). (2)
4. ابن النديم المتوفى 380 ق: (أول كتاب ظهر للشيعة كتاب سليم بن قيس الهلالي ... وهو كتاب سليم بن قيس المشهور). (3)
أقول: يدل كلامه على شهرة الكتاب في تلك العصور كما يدل على ذلك كلام ابن الغضائري أيضا حيث يقول: (وينسب إليه هذا الكتاب المشهور). (4)
5. الشيخ النجاشي المتوفى 450 ق: (ها أنا أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح وهي أسماء قليلة...). ثم بدء بالطبقة الأولى وذكر منهم سليم، فقال: (سليم بن قيس الهلالي له كتاب، يكنى أبا صادق، أخبرني علي بن أحمد...). (5)
6. الشيخ الطوسي المتوفى 465 ق: (سليم بن قيس الهلالي يكنى أبا صادق، له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد...). (6)
7. الشيخ النعماني المتوفى 462 ق: (ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وسمع منهما. وهو من الأصول التي ترجع الشيعة
____________
(1) راجع مفتتح كتاب سليم.
(2) التنبيه والأشراف: ص 198.
(3) الفهرست لابن النديم: ص 275، الفن الخامس من المقالة السادسة.
8. الحافظ ابن شهرآشوب المتوفى 588 ق: (سليم بن قيس الهلالي صاحب الأحاديث، له كتاب). (2)
9. السيد أحمد بن موسى آل طاووس المتوفى 677 ق: (تضمن الكتاب ما يشهد بشكره وصحة كتابه). (3)
10. العلامة محمد تقي المجلسي المتوفى 1070 ق: (إن الشيخين الأعظمين حكما بصحة كتابه، مع أن متن كتابه دال على صحته). وقال فيما حكي عنه: (كفى باعتماد الصدوقين - الكليني والصدوق ابن بابويه - عليه... وهذا الأصل عندي ومتنه دليل صحته ". (4)
11. المولى عبد الله البشروئي التوني المتوفى 1071: (إن أحاديث الكتب الأربعة ... مأخوذة من أصول وكتب معتمدة معول عليها، كان مدار العمل عليها عند الشيعة وكان عدة من الأئمة عليهم السلام عالمين بأن شيعتهم يعملون بها في الأقطار والأمصار، وكان مدار مقابلة الحديث وسماعه في زمن العسكريين عليهما السلام بل بعد زمان الصادق عليه السلام على هذه الكتب، ولم ينكر أحد من الأئمة عليهم السلام على أحد من الشيعة في ذلك بل قد عرض عليهم عدة من الكتب ككتاب الحلبي وكتاب حريز وكتاب سليم بن قيس الهلالي). (5)
12. الشيخ الحر العاملي المتوفى 1104 ق: (الفائدة الرابعة في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب وشهد بصحتها مؤلفوها وغيرهم وقامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيها شك ولا ريب كوجودها بخط أكابر العلماء وتكرر ذكرها في مصنفاتهم وشهادتهم بنسبتها وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة أو نقلها بخبر واحد
____________
(1). الغيبة: ص 61.
(2). معالم العلماء: ص 58 رقم 390.
(3). التحرير الطاووسي: ص 136 رقم 175. ونقله عنه في تنقيح المقال: ج 2 ص 52.
(4). روضة المتقين: ج 14 ص 372. تنقيح المقال: ج 2 ص 53.
محفوف بالقرينة وغير ذلك...). ثم عد تلك الكتب إلى أن قال: (وكتاب سليم بن قيس الهلالي). (1)
13. العلامة التفريشي: (والصدق مبين في وجه أحاديث هذا الكتاب من أوله إلى آخره). (2)
14. السيد هاشم البحراني المتوفى 1107 ق: (وهو (أي كتاب سليم) كتاب مشهور معتمد نقل عنه المصنفون في كتبهم). (3)
15. العلامة محمد باقر المجلسي المتوفى 1111 ق، قد أورد جميع كتاب سليم متفرقا في أجزاء بحار الأنوار وعده من مصادره في مقدمة البحار وقال: (كتاب سليم بن قيس الهلالي في غاية الاشتهار... والحق أنه من الأصول المعتبرة). وقال مثل ذلك تلميذه العلامة الشيخ عبد الله البحراني في (عوالم العلوم). (4)
وقال في موضع آخر: (... كتاب معروف بين المحدثين اعتمد عليه الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء، وأكثر أخباره مطابقة لما روي بالأسانيد الصحيحة في الأصول المعتبرة). وقال مثل ذلك الشيخ يوسف البحراني في الدرر النجفية. (5)
16. المولى حيدر علي الشيرواني: (وبذلك يعلم صحة كتاب سليم بن قيس الهلالي فإنه ورد من طرق عديدة حسنة وصحيحة عن ثقات أصحاب الأئمة عليهم السلام وأجلائهم كعمر بن أذينة و... الرواية كثيرا في أمور شتى ومهمات، فكيف يتصور خفاء ذلك على الأئمة عليهم السلام أو إغضائهم عن ذلك وترك النهي عنه وعن اعتقاد صحته وروايته). (6)
____________
(1). وسائل الشيعة: ج 20 ص 36 و 42.
(2). نقد الرجال: ج 2 ص 355 رقم 2387.
(3). غاية المرام. ص 546، الباب 54 من فصل فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.
(4). بحار الأنوار: ج 1 ص 32. عوالم العلوم (ج 1 ص 17) مخطوطة في مكتبة آية الله المرعشي بقم.
(6). رسالة في استنباط الأحكام في زمن الغيبة، مخطوط توجد نسخة منه في مكتبة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ علي حيدر بقم، والكلام المنقول يوجد في أواخر الكتاب.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 38
--------------------------------------------------------------------------------
17. العلامة المير حامد حسين الهندي: (كتاب سليم بن قيس الذي يمكننا أن نقول في حقه أنه أقدم وأفضل من جميع كتب الإمامية الحديثية كما اعترف المجلسي بذلك في مجلد الفتن من البحار). (1) وقال: (أكثر روايات كتاب سليم معاضدة بروايات صحيحة وأحاديث معتمدة). (2)
18. العلامة الخوانساري المتوفى 1313 ق: (أما كتابه المشار إليه فهو أول ما صنف ودون في الإسلام وجمع فيه الأخبار كما في البال). (3)
19. المحدث النوري المتوفى 1320 ق: (كتابه من الأصول المعروفة وللأصحاب إليه طرق كثيرة). (4) وقال: (إنه كتاب مشهور معروف نقل عنه أجلة المحدثين). (5)
20. المولى محمد هاشم الخراساني المتوفى 1352 ق: (كتاب سليم بن قيس الذي ودعه إلى أبان بن أبي عياش معروف). (6)
21. المحدث القمي المتوفى 1359 ق: (هو أول كتاب ظهر للشيعة معروف بين المحدثين، اعتمد عليه الشيخ الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء رضوان الله عليهم). (7)
22. العلامة المامقاني، قال بعد إيراد ما يؤيد جلالة الكتاب: (إن كتاب سليم بن قيس في غاية الاعتبار). وقال في موضع آخر: (كتابه صحيح). (8)
23. المحقق السيد حسين البروجردي المتوفى 1283 ق:
سليم بن قيس الهلالي (صه) ثقة من أولياء الآل
(طق)، (ضف) كتابه من الأصول عنه روى أجلة الفحول (9)
24. العلامة الخياباني: (كتابه معروف وهو من الأصول الأربعمائة المشهورة وهو أول كتاب ظهر في الشيعة... واعتمد عليه الصدوق والكليني وغيرهما من أكابر المحدثين اعتمادا تاما). (1)
25. العلامة الطهراني: (أصل سليم بن قيس الهلالي وهو من الأصول القليلة التي أشرنا إلى أنها ألفت قبل عصر الصادق عليه السلام). وقال في موضع آخر: (كتاب سليم هذا من الأصول الشهيرة عند الخاصة والعامة). (2)
26. العلامة السيد حسن الصدر المتوفى 1354 ق: (له (أي لسليم) كتاب جليل عظيم روى فيه عن علي عليه السلام وسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد وعمار بن ياسر وجماعة من كبار الصحابة). (3)
27. العلامة السيد أحمد الصفائي الخوانساري المتوفى 1359 ق: (إن كتابه من أكبر الأصول القديمة والمحكوم بالصحة والمعروض على الأئمة عليهم السلام فحكموا بصحته وصحة أحاديثه). (4)
28. العلامة الأميني: (كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة المعتمد عليها عند محدثي الفريقين وحملة التاريخ... وحول الكتاب كلمات درية أفردناها في رسالة، وإنما ذكرنا هذا الأجمال لتعلم أن التعويل على الكتاب مما تسالم عليه الفريقان وهو الذي حدانا إلى النقل عنه في كتابنا هذا). (5)
29. العلامة السيد محمد صادق آل بحر العلوم، قال بعد ما أورد كلمات بعض الأعاظم حول الكتاب: (قد حقق هؤلاء الأعاظم صحة نسبة الكتاب إلى سليم وأنه معتبر غاية الاعتبار وأخباره صحيحة موثوق بها... فإذا الكتاب لا شبهة فيه ولا ريب يعتريه). (6)
____________
(1). ريحانة الأدب: ج 6 ص 369.
(2). الذريعة: ج 2 ص 152 و 153.
(3). الشيعة وفنون الإسلام: ص 68.
(4). كشف الأستار عن وجه الكتب والأسفار: ج 2 ص 130.
(5). الغدير: ج 1 ص 195، الهامش.
(6). كتاب سليم المطبوع في النجف: ص 15.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 40
--------------------------------------------------------------------------------
30. العلامة المرعشي النجفي المتوفى 1411 ق: (هو من أقدم الكتب عند الشيعة وأصحها بل حكم بعض العامة بصحته أيضا). وقال: (هو كتاب معروف مطبوع منتشر في الأقطار معتمد عليه عند أصحابنا وأكثر القوم (أي العامة)، ممدوح من ساداتنا الأئمة المعصومين عليهم السلام). (1)
هذا نزر من شهادات الأعلام المحققين رحمهم الله باعتبار هذا الكتاب وصحة نسبته إلى مؤلفه. واقتصرنا هنا على إيراد الصريح من كلامهم وإلا فلكثير من الأعاظم بحوث مفصلة في اعتبار الكتاب، ولكن لما لم يكن في كلماتهم كلمة موجزة نوردها بنصه نشير في ختام هذا الفصل إلى أسماء المصادر التي جاء فيها ذكر كتاب سليم.
مصادر ذكرت كتاب سليم
أسماء عدة من الأعاظم الذين لهم بحوث مفصلة في اعتبار الكتاب:
1. الشيخ الطوسي في الفهرست: ص 81.
2. الشيخ النجاشي في الفهرست: ص 6.
3. الشيخ النعماني في الغيبة: ص 61.
4. المسعودي في التنبيه والأشراف: ص 198.
5. الشيخ حسن بن سليمان الحلي في مختصر البصائر: ص 40.
6. ابن شهرآشوب في معالم العلماء: ص 58.
7. الشيخ الكشي في اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 321.
8. السيد أحمد بن طاووس في التحرير الطاووسي: ص 136.
9. العلامة الحلي في خلاصة الأقوال: ص 83.
10. المحقق الداماد في الرواشح السماوية: ص 98، الراشحة 29.
11. العلامة المجلسي الأول في روضة المتقين: ج 14 ص 371.
____________
(1). إحقاق الحق: ج 1 ص 55، الهامش، و ج 2 ص 421، الهامش.
بما أن كتاب سليم نقلت بصورة مجموعة، ولم يكن سليم من المشتهرين في المجتمع بنقل الحديث والأخذ عنه حتى ينقل أحاديثه بصورة متفرقة، يعلم من ذلك أن كل ما نقل عن سليم فهو منقول عن كتابه.
وبملاحظة أسانيد الروايات المنقولة عن سليم واتحادها في أكثر الطبقات وتماثلها في كثير من الكتب، وبالنظر إلى وجود أكثر تلك الأحاديث المنقولة في كتبهم في نسخ كتاب سليم، بذلك كله يستكشف وجود نسخ معتبرة من كتاب سليم عندهم، اعتمدوا عليها ونقلوا عنها أحاديثها بالأسانيد الموجودة في صدر نسخهم.
في هذا الفصل نذكر أسماء كل من روى عن سليم بن قيس كتابه بأجمعه أو أحاديث كتابه متفرقا، وذلك بعد الفحص الكثير عن مظانها في عدد كبير من الكتب الحديثية والتاريخية.
وإليك ما قالته الأعاظم في ذلك مثل المجلسيين والوحيد البهبهاني والمحقق الخوانساري وغيرهم. وملخص كلماتهم ما يلي:
اعتمد على كتاب سليم الكليني والصدوق وغيرهما من أكابر المحدثين القدماء اعتمادا تاما، وما في الكافي والخصال من أسانيد متعددة صحيحة ومعتبرة، فالظاهر منهما روايتهما عن سليم من كتابه وإسنادهما إليه إلى ما رواه فيه... والظاهر من روايتهما صحة كتابه سيما من الكافي، فإن الكليني حيثما يخرج أحاديث الرجل يوردها في أول الباب، وهو قرينة أن كتابه عنده معتمد واضح الحديث يتعين عليه العمل، فإن من طريقة الكليني وضع الأحاديث المخرجة الموضوعة على الأبواب على الترتيب بحسب الصحة والوضوح). (1)
____________
(1). الذريعة: ج 2 ص 154. التعليقة على منهج المقال: ص 171. تنقيح المقال: ج 2 ص 53، 54. روضات الجنات: ج 4 ص 68، 70. روضة المتقين: ج 14 ص 372. بحار الأنوار، الطبعة القديمة: ج 8 ص 198.
ريحانة الأدب: ج 6 ص 369. كشف الأستار عن وجه الكتب والأسفار: ج 2 ص 130.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 44
--------------------------------------------------------------------------------
ومما يدل على اعتمادهم على كتاب سليم أن عدة من أعاظم الفقهاء استشهدوا بأحاديث سليم وأسندوا إليها فتاواهم في الأحكام الشرعية (1)، ولا يخفى الدقة والاحتياط الشديد التي يلتزم به فقهاؤنا في مقام الإفتاء. وهذا يدل على اعتمادهم عليه في تلك الأمور الدقيقة.
هذا ونرى عدة من العلماء والرواة من غير الشيعة رووا كتاب سليم بأجمعه أو نقلوا بعض أحاديثه في كتبهم.
ومن أقوى الشواهد على اعتناء غير الشيعة بشأن الكتاب أن الرواة في أحد الأسانيد الناقلة لكتاب سليم كلهم من أعاظم المحدثين عند العامة وهو السند الموجود في مفتتح النوع (ب) من نسخ الكتاب وتوجد اليوم عدة نسخ خطية منها بنفس الأسانيد ونرى أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة من الزيدية الجارودية المتوفى 333 يروي كتاب سليم بأجمعه بأسانيد متصلة، وهناك جماعة من المحدثين من غير الشيعة رووا أحاديث سليم كابن فضال من الفطحية وابن مردويه في مناقبه والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل والخطيب الخوارزمي في المقتل والحموئي في فرائد السمطين وابن شهاب الهمداني والقندوزي في ينابيع المودة.
بالإضافة إلى من هو متفق عليه عند الشيعة وغيرهم في علو شأنهم والاعتماد عليهم، فمنهم من روى كتاب سليم بأجمعه أو أكد على اعتبار الكتاب أو روى أحاديثه وذلك مثل أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني وعمر بن أبي سلمة وإبراهيم بن عمر اليماني ونصر بن مزاحم والحسين بن الحكم الحبري وابن أبي عمير وابن النديم وإبراهيم بن محمد الثقفي والشيخ المفيد والمؤرخ المسعودي وابن شاذان وغيرهم.
____________
(1). من نماذج ذلك استدلالهم في باب الخمس بحديث سليم في كثير من الكتب الفقهية.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 45
--------------------------------------------------------------------------------
فهرس الرواة والمصنفين الذين رووا كتاب سليم وأحاديثه
1. شيخ الشيعة في البصرة ووجههم عمر بن أذينة المتوفى 168، وهو من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام وله كتاب.
2. الشيخ الثقة أبو إسحاق إبراهيم بن عمر اليماني من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، وهو صاحب الأصول وأصوله معتمد الأصحاب بشهادة الصدوق والمفيد ووثقه الثقتان.
3. الحافظ أبو عروة معمر بن راشد البصري الأزدي المتوفى 152، وهو من العامة وقد وثقه العجلي والنسائي والسمعاني والذهبي.
4. المؤرخ الشهير أبو الفضل نصر بن مزاحم المنقري الكوفي وهو من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام وله مصنفات.
5. الشيخ الثقة أبو خالد الكابلي من أصحاب الإمام السجاد والباقر والصادق عليهم السلام.
6. العالم الجليل أبو المحجل عبد الله بن شريك العامري من أصحاب الإمام السجاد والباقر والصادق عليهم السلام، وكان عندهم وجيها مقدما.
7. أبو خيبة محمد بن خالد الضبي من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
8. أبو معمر سعيد بن خيثم الهلالي الزيدي.
9. المحدث الثقة عبادة بن زياد الأسدي الزيدي وله كتاب.
10. الشيخ الثقة عبد الله بن مسكان من أصحاب الإمام الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام وهو صاحب تصانيف.
11. الشيخ الثقة الثبت أبو محمد عبد الله بن المغيرة البجلي من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام وهو مصنف 30 كتابا.
12. الثقة الجليل المفضل بن عمر الجعفي من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام.
13. الثقة العين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الزعفراني من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
14. الشيخ الصدوق الثقة حماد بن عيسى المتوفى 209 وهو من أصحاب الإمام الصادق والكاظم والرضا والجواد عليهم السلام، وهو صاحب مصنفات كثيرة.
15. المحدث الكبير عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني المتوفى 211، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وهو صاحب تصانيف كثيرة، كما أن كتب العامة ملئ من رواياته وله الكتاب الكبير المسمى ب (المصنف).
16. الشيخ الجليل محمد بن أبي عمير الأزدي البغدادي المتوفى 217 من أصحاب الإمام الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام، وكان وجها من وجوه الشيعة جليل القدر عظيم المنزلة عند الشيعة وغيرهم. وقد أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه ويعد مراسيله مسانيد وقد صنف 94 كتابا.
17. الشيخ الثقة محمد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب الإمام الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام وهو صاحب مصنفات.
18. المحدث الثقة الحسين بن سعيد الأهوازي من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي عليهم السلام وقد ألف ثلاثين كتابا.
19. الشيخ الجليل الثقة علي بن مهزيار الأهوازي من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي عليهم السلام، وهو واسع الرواية وصنف 33 كتابا.
20. الشيخ الثقة العباس بن معروف من أصحاب الإمامين الرضا والهادي عليهما السلام.
21. شيخ القميين المحدث الجليل محمد بن عيسى من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام.
22. الشيخ الثقة المعتمد أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي نجران التميمي الكوفي، من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام، له كتب كثيرة.
23. الشيخ الثقة الجليل الزاهد أبو محمد الحسن بن علي بن فضال التيملي الكوفي المتوفى 224 من خواص الإمام الرضا عليه السلام.
24. الثقة الصدوق أبو يوسف يعقوب بن يزيد السلمي من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي عليهم السلام وهو صاحب كتب.
25. شيخ مشايخ الشيعة والمتقدم فيهم أبو الحسن علي بن يحيى السلماني من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام.
26. شيخ القميين ووجههم وفقيههم الثقة الجليل أحمد بن محمد بن عيسى من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي عليهم السلام، المتوفى في عصر الغيبة الصغرى.
وهو صاحب تصانيف، ومن شدة احتياطه وتثبته في نقل الأحاديث كان يخرج من قم كل من كان يروي عن الضعفاء.
27. المحدث الجليل إبراهيم بن هاشم القمي تلميذ يونس بن عبد الرحمن. لقي الإمام الرضا عليه السلام وهو أول من نشر حديث الكوفيين بقم وله كتب.
28. المتكلم الفقيه المحدث أبو محمد الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري المتوفى 260. وهو من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام وصنف 180 كتابا.
29. الشيخ الثقة علي بن الحسن بن فضال من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام وقد صنف ثلاثين كتابا.
30. الشيخ الوجيه الحسن بن موسى الخشاب من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام، وهو من وجوه الشيعة كثير العلم وله مصنفات.
31. الشيخ الجليل الثقة محمد بن الحسين بن أبي الخطاب المتوفى 262، من أصحاب الإمام الجواد والهادي والعسكري عليهم السلام. وهو ثقة عين عظيم القدر مسكون إلى روايته وله تصانيف.
32. الشيخ المحدث الثقة الجليل أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي المتوفى 274، وهو من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي عليهم السلام وصنف حدود مائة كتاب.
33. الشيخ المحدث المؤرخ إبراهيم بن محمد الثقفي المتوفى 283.
34. الشيخ الثقة المحدث الحسين بن الحكم الحبري المتوفى 286.
35. شيخ القميين ووجههم أبو العباس عبد الله بن جعفر الحميري الذي كان حيا في سنة 350. وهو من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام وله تصانيف كثيرة.
36. الشيخ الثقة سليمان بن سماعة الضبي الكوفي.
37. شيخ الشيعة وفقيهها ووجهها أبو القاسم سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي المتوفى 299 أو 351. لقي الإمام العسكري عليه السلام وفاز بلقاء الإمام المهدي عجل الله فرجه أيضا. صنف كتبا كثيرة وكان من الحريصين على جمع الكتب.
38. فقيه الشيعة وأوحد دهره أبو النضر محمد بن مسعود العياشي السمرقندي من علماء أواخر القرن الثالث، وهو الثقة الصدوق الذي صنف أكثر من 200 كتابا وكان لكتبه شأنا من الشأن في نواحي خراسان.
39. الحافظ أبو جعفر محمد بن سليمان الكوفي القاضي من علماء القرن الثالث.
40. سيد المحدثين أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار المتوفى 295 أو 300، وهو من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام وكان وجها في أصحابنا القميين ثقة عظيم القدر وله كتب.
41. المحدث الجليل فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي المتوفى 307. وهو من مشايخ والد الصدوق وكان في عصر الإمام الجواد عليه السلام.
42. المحدث المعتمد الثبت أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي الذي كان حيا سنة 307، وهو من أجل رواة أصحابنا وصنف كتبا.
43. المحدث الثقة الجليل أبو عبد الله محمد بن العباس بن علي بن مروان بن الماهيار المعروف بابن الجحام الذي كان حيا سنة 328، وهو ثقة عين سديد كثير الحديث وله مصنفات منها تفسيره المعروف ب (ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام).
44. رئيس المحدثين ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني الرازي المتوفى 329، وهو من علماء عصر الغيبة الصغرى وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، ومجدد الإمامية على رأس المائة الثالثة وانتهت إليه رئاسة فقهاء الإمامية في عصره.
45. شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم وثقتهم أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي المتوفى 329، وهو والد الشيخ الصدوق وله كتب كثيرة.
46. شيخ البصريين الثقة عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي المتوفى 330. وهو صاحب تصانيف.
47. الشيخ الثقة المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي وهو من مشايخ الإجازة.
48. شيخ الشيعة ومتقدمهم أبو علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب الإسكافي المتوفى 332، وهو من أثبات المحدثين ومصنفيهم ثقة وولد بدعاء الإمام العسكري عليه السلام وله منزلة عظيمة.
49. الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة المتوفى 333، وكان زيديا جاروديا. وهو رجل جليل في أصحاب الحديث مشهور بالحفظ، ذكره أصحابنا لاختلاطه بهم وعظم محله وثقته وأمانته. روى جميع كتب أصحابنا وصنف لهم وذكر أصولهم وله كتب كثيرة.
50. المتكلم الجليل أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من علماء القرن الرابع وهو من المصنفين. وهو غير محمد بن جرير صاحب التاريخ.
51. الشيخ المحدث محمد بن علي ماجيلويه القمي الذي كان من مشايخ الصدوق وروى عنه كثيرا وترحم عليه وترضى عنه وهو سيد أصحابنا القميين ثقة عالم فقيه.
52. شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي الذي كان حيا سنة 343. وهو من مشايخ الصدوق جليل القدر، بصير بالفقه ثقة عارف بالرجال معروف بتحرزه عن الضعاف وله كتب.
53. شيخ أصحابنا في زمانه أبو جعفر محمد بن يحيى العطار الأشعري القمي وهو من مشايخ الكليني والصدوق، ثقة عين له كتب.
54. المحدث الثقة محمد بن موسى بن المتوكل، وهو ممن أكثر الصدوق من الرواية عنه مترحما عليه.
55. العلامة المؤرخ الشهير أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي المتوفى 346، وله تصانيف كثيرة.
56. الشيخ علي بن محمد بن الزبير القرشي الكوفي المتوفى 348، وهو من مشايخ الإجازة.
57. الحافظ المحدث المفسر أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني المتوفى 352.
58. القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى 363.
59. الحافظ أبو بكر المفيد محمد بن أحمد الجرجرائي المتوفى 378.
60. شيخ المحدثين وعلم الإمامية أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المشتهر بالصدوق المتوفى 381. ولقد ولد بدعاء الإمام المهدي عجل الله فرجه وصدر فيه من الناحية المقدسة: (إنه فقيه خير مبارك). وهو صاحب كتب شتى في فنون الإسلام.
61. الشيخ المحدث الجليل أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني من أعلام القرن الرابع وهو من معاصري الصدوق.
62. الفقيه الوجيه الثقة أبو القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي من علماء القرن الرابع، وهو فاضل متكلم جليل محدث معروف.
63. المحدث الجليل الثقة أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري المتوفى 385، وكان وجها في الشيعة ثقة معتمدا عليه عديم النظير، وروى جميع الأصول والمصنفات.
64. الشيخ الفقيه والمحدث الهمام أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي الكوفي من أعلام القرنين الرابع والخامس.
65. الشيخ حسين بن بسطام بن سابور الزيات النيسابوري المتوفى 401.
66. الشيخ أبو عتاب عبد الله بن بسطام بن سابور الزيات النيسابوري.
67. المحدث الجليل الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري المتوفى 411، وهو من أجلة الثقات والعارفين بالرجال وهو من مشايخ الإجازة، كثير السماع وله تصانيف.
68. لسان الإمامية ومتكلم الشيعة والمحامي عن حوزتهم الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المتوفى 413. وكان عميد الطائفة وله تصانيف كثيرة وهي أكثر من 250 كتابا.
69. المتكلم الجليل أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى الملقب بالسيد المرتضى المتوفى 436، وهو صاحب المصنفات المشهورة.
70. الشيخ المحدث أبو الحسين علي بن أحمد بن محمد القمي الأشعري المعروف بابن أبي جيد من أعلام القرن الخامس، وهو من مشايخ الإجازة.
71. الشيخ أحمد بن عبد الواحد المعروف بابن عبدون من مشايخ الإجازة.
72. الثقة العين جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي من تلامذة الشيخ المفيد والسيد المرتضى.
73. العلامة الجليل الفقيه المحدث أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفى 449، من تلامذة السيد المرتضى والشيخ الطوسي.
74. الشيخ الثقة الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي المتوفى 450 وهو أحد المشايخ الثقات ومن أعظم أركان الجرح والتعديل وله مصنفات.
75. الشيخ المحدث أبو المفضل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني صاحب التصانيف.
76. شيخ الطائفة وأعلمها في مختلف العلوم أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى 460 وهو المؤسس للحوزة العلمية النجفية، وصاحب المكتبة العظمى بكرخ بغداد والمؤلف لكتب كثيرة.
77. المحدث المتبحر والعلامة البحاثة الشيخ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني المعروف بابن أبي زينب المتوفى 462. وهو شيخ الإجازة ومن كبراء أصحابنا المتقدمين وأعاظم مصنفي الشيعة. وكان تلميذا للكليني وساعده في تأليف كتاب الكافي وكتبه له بخطه طيلة عشرين سنة وقد تعهد بصحة ما أورده في كتاب الغيبة.
78. الشيخ حسين بن عبد الوهاب المعاصر للسيدين الرضي والمرتضى.
79. العالم المحقق الشيخ تقي الدين أبي الصلاح بن نجم الدين الحلبي تلميذ الشيخ الطوسي والشريف المرتضى.
80. العالم المحقق القاضي ابن البراج الطرابلسي المتوفى 481.
81. الفاضل المحدث القاضي أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد النيسابوري المعروف بالحاكم الحسكاني المتوفى 483.
82. الشيخ شمس الدين السرخسي المتوفى 483.
83. المحدث الجليل والفقيه الثقة الشيخ أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بالمفيد الثاني المتوفى 515. وهو ابن الشيخ الطوسي الذي خلفه في العلم والعمل وكان من مشاهير رجال العلم وكبار رواة الحديث، وله كتب.
84. الشيخ الفقيه الصالح السعيد أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن لخزانة الحرم الغروي الشريف وكان حيا سنة 516.
85. الشريف الجليل الفاضل العالم نظام الشرف أبو الحسن العريضي من أعلام القرن السادس.
86. الشيخ الفقيه الجليل الصالح أبو عبد الله محمد بن هارون المعروف بابن الكمال المتوفى 597، وهو صاحب مصنفات.
87. الشيخ الأمين العالم أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي المجاور بالحائر الحسيني على مشرفه السلام وكان عالما جليلا وفقيها صالحا.
88. الفاضل المحدث الشيخ شهرآشوب السروي المازندراني من أعلام القرن السادس.
89. الشيخ الثقة الفاضل أمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى 548، وكان من أجلاء الطائفة وله تصانيف.
90. أخطب خطباء خوارزم الحافظ أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي الحنفي المعروف بالخطيب الخوارزمي المتوفى 568، وهو من العامة.
91. الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي المعروف بابن عساكر المتوفى 571، وهو من العامة.
92. الشيخ المحدث الحسين بن أبي طاهر أحمد بن محمد بن الحسين الجاواني من أعلام القرن السادس.
93. الشيخ الفقيه جمال الدين الحسن بن هبة الله بن رطبة السوراوي من أعلام القرن السادس، وكان فاضلا عابدا وله كتب.
94. الفقيه العفيف أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الحلي من أعلام القرن السادس، وكان عالما فاضلا من رؤساء الإمامية جليل القدر.
95. المحدث الجليل زين الإسلام أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي المتوفى 620، وهو الفاضل الثقة من مشايخ ابن شهرآشوب.
96. الحافظ الثقة علامة عصره الشيخ الفقيه أبو عبد الله رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني المتوفى 588 وهو العارف بالرجال والأخبار وله كتب.
97. الشيخ الأجل الثقة الفقيه أبو الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي نزيل المدينة المنورة والمتوفى 660 وله كتب.
98. السيد العالم الزاهد النقيب رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى آل طاووس الحسني الحسيني المتوفى 664، وهو من أجلاء الطائفة وثقاتها، جليل القدر كثير الحفظ وهو صاحب مصنفات كثيرة.
99. العالم الجليل محمد بن الحسين الرازي من علماء القرن السابع.
114. العلامة الخبير المتكلم المدقق الشيخ نور الدين علي بن محمد بن يونس النباطي البياضي العاملي المتوفى 877، وهو صاحب مصنفات.
115. الشيخ الفاضل العالم الفقيه المحدث أبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان القطيفي الخطي البحراني من أعلام القرن العاشر وكان حيا سنة 927.
116. الشيخ علاء الدين علي البرهان بوري المتقي الهندي المتوفى 975.
117. العالم المحقق المقدس الشيخ أحمد بن محمد الأردبيلي المتوفى 993.
118. الشيخ الجليل علم بن سيف بن منصور النجفي الحلي من أعلام القرن العاشر وكان حيا سنة 937.
119. السيد الجليل المحدث الصالح شرف الدين بن علي الحسيني الأسترآبادي النجفي المتوفى 940.
120. العالم المحقق فاضل الدين محمد بن محمد بن إسحاق الحموئي الخراساني المتوفى حدود 950.
121. الشيخ الجليل الفاضل المحقق الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني المتوفى 1011، وكان أعرف أهل زمانه بالفقه والحديث والرجال.
122. المتكلم المتبحر بحاثة آل الرسول وسيف الشيعة القاضي السيد نور الله الحسيني المرعشي التستري الشهيد سنة 1019.
123. العالم الرباني وجامع الفنون الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي المتوفى 1030.
124. الشيخ الأجل الأكمل جامع الفنون النقلية والعقلية محمد تقي بن مقصود علي الملقب بالمجلسي الأول المتوفى 1070.
125. العلامة المحقق السيد مصطفى الحسيني التفريشي الذي كان حيا في سنة 1015، وهو الرجالي الماهر.
126. العالم الجليل المولى عبد الله البشروئي التوني المتوفى 1071.
إذ قد عرفت عظمة كتاب سليم من أول أمره إلى يومنا هذا ومدى اعتناء العلماء بشأنه تأييدا ونقلا، فلا ريب أن النقاش في أصل مثله وسوء المواجهة بالنسبة إليه نشأت من عدم ملاحظته كأصل أصيل اهتم بها العلماء طيلة 14 قرنا.
إن جذور المسألة تنتهي في الأكثر إلى الدافع العقائدي في عدة من أعداء أهل البيت عليهم السلام المظهرين للبغض والعناد مع كل ما يوجب إحياء أمر آل رسول الله صلوات الله عليهم.
والعلة في بعض تلك الاتجاهات هو اتقاء شر الأعداء المتوجهة إليهم أو إلى الكتاب أو إلى المتحفظين على نسخه. ويشهد لذلك أن عدة من هؤلاء بعد إظهارهم شيئا من المناقشات حول الكتاب استندوا إلى أحاديثه في كتبهم في المسائل الاعتقادية والأحكام الشرعية.
وتعرض العلماء لأبطال الدعاوي الموهونة وقالوا بعد ذلك ما ملخصه:
إن مطالعة متن كتاب سليم كاف في الحكم بصحته واعتباره، وتلقي الكتاب من عند كبار العلماء بالصحة والاعتبار وروايتهم للكتاب بأجمعه ولأحاديثه بأسانيد صحيحة عالية طيلة أربعة عشر قرنا دليل واضح على جلالته ونزاهته وإلا لم يكن معتبرا عندهم إلى هذا الحد. وذلك أن العلماء الناقلين والمؤيدين لكتاب سليم لم يكونوا إلا بصدد نقل تراث هذا الدين القويم وإرائة مصادره أمام الرأي العام العالمي. فهل تجدهم يعرفون كتابا غير معتبر؟ أو تراهم ينقلون عنه الأحاديث الكثيرة ويستشهدون بها في بحوثهم العلمية مع المناقشة في اعتباره؟ (1)
____________
(1). روضة المتقين: ج 14 ص 372. نقد الرجال: ص 159. منهج المقال: ص 171. وسائل الشيعة: ج 20 ص 210. رسالة في كيفية استنباط الأحكام من الآثار في زمن الغيبة (مخطوط) والعبارة في آخر الرسالة.
معجم رجال الحديث: ج 8 ص 225. تهذيب المقال: ج 1 ص 186.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 59
--------------------------------------------------------------------------------
أسماء من تعرض لتفنيد الشبهات
إن كثيرا ممن أورد ترجمة سليم وتاريخ كتابه تعرض لرد الشبهات عن كتابه (1)، فهم:
1. العلامة المجل“ي الأول في روضة المتقين: ج 14 ص 371.
2. الميرزا الأسترآبادي في منهج المقال: ص 15 و 171.
3. الفاضل التفريشي في نقد الرجال: ج 2 ص 355 رقم 2387.
4. الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة: ج 20 ص 210.
5. العلامة المجلسي الثاني في البحار: ج 8 (طبع قديم) ص 195، ج 22 ص 150.
6. الوحيد البهبهاني في تعليقته على منهج المقال: ص 171.
7. الشيخ أبو علي الحائري في منتهى المقال: ص 153.
8. المير حامد حسين في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 464، 466، 514، 554، 581، 855.
9. السيد إعجاز حسين الكنتوري في كشف الحجب والأستار: ص 445.
10. السيد الخوانساري في روضات الجنات: ج 3 ص 30، ج 4 ص 71.
11. العلامة المامقاني في تنقيح المقال: ج 2 ص 52.
12. السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: ج 5 ص 50، ج 35 ص 293.
13. السيد الخوئي في معجم رجال الحديث: ج 8 ص 225.
14. الشيخ محمد تقي التستري في قاموس الرجال: ج 4 ص 452.
15. السيد الموحد الأبطحي في تهذيب المقال: ج 1 ص 186.
قد تبين في تمام هذا الفصل أن كتاب سليم من أتقن كتب الأصول وأمتنها بحيث لا يدانيه الشك ولا يعتريه الريب، وأنه معتمد على ركن وثيق.
____________
(1). قد أوردنا تفاصيل الرد على المناقشات الموجهة إلى الكتاب في طبعة الكتاب في ثلاث مجلدات: ج 1 ص 155 - 200.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 60
--------------------------------------------------------------------------------
بملاحظة الأسانيد والتأمل في تكرار أسماء بعض الرواة في عدد منها يعلم أن بعضها أسانيد منتهية إلى كتاب سليم وأنه كان عند بعضهم نسخة كتاب سليم وذلك مثل سعد بن عبد الله الأشعري القمي ومحمد بن يحيى العطار القمي وإبراهيم بن هاشم وعلي بن إبراهيم والحسين بن سعيد والكليني والنعماني والصدوق وغيرهم.
ولا بد من أن نشير إلى نكتة أخرى، وهي أنا فحصنا عن مواضع يوجد فيها محتوى أحاديث سليم بطرق أخرى ينتهي إلى غير سليم وحصلنا مجموعة جيدة ألحقناها بآخر الكتاب، وذلك لمزيد الاطمئنان بروايات سليم وليعلم أن أحاديثه ليست مما يتفرد بها، بل أكثرها منقولة بطرق عديدة وفيها المستفيض والمتواتر ولا يخلو مما يوجد في مصدر معتبر بأسانيد صحيحة.
شجرة الطرق المنتهية إلى سليم
إليك مشجرة الأسانيد المنتهية إلى سليم أوردناها بعين ما وجدناها في الكتب الحديثية تراها في الصفحة التالية. فهذا الجدول يمثل النتيجة النهائية من جميع الأبحاث المتدخلة في أسانيد الكتاب، ويرسم لنا المسيرة التي سلكها الكتاب ويعرف إلينا الأيدي الأمينة التي احتفظت بهذا التراث القويم طيلة أربعة عشر قرنا.
إن من طرق تحمل الحديث ونقله هو المناولة وهي أن يعطي المؤلف أو الراوي الكتاب إلى من يريد تحمله عنه يدا بيد. ويزداد قيمة السند إذا أضيفت القراءة إلى ذلك، وهي أن يقرأ المؤلف أو الراوي كتابه لمن يناوله، أو يقرأ المتناول فيستمع إليه المؤلف أو الراوي فيصدقه.
وقد تكررت المناولة والقراءة في تحمل كتاب سليم ونقله، عثرنا منها على الموارد التالية:
1. المناولة بين سليم وأبان وقراءة سليم جميع الكتاب لأبان في سنة 76. نص على ذلك في مفتتح الكتاب.
2. قراءة أبو الطفيل وعمر بن أبي سلمة جميع الكتاب على الإمام زين العابدين عليه السلام طيلة ثلاثة أيام في سنة 77. نص على ذلك في مفتتح الكتاب.
3. المناولة بين أبان وابن أذينة وقراءة أبان له في سنة 138. نص على ذلك في مفتتح الكتاب.
4. القراءة في سنة 520، نص على ذلك في مفتتح الكتاب هكذا: (حدثني أبو عبد الله المقدادي قراءة عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه سنة عشرين وخمسمائة).
5. القراءة في سنة 560، نص على ذلك في مفتتح الكتاب هكذا: (أخبرني الحسن بن هبة الله بن رطبة عن المفيد أبي علي عن والده فيما سمعته يقرء عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليهما في المحرم سنة ستين وخمسمائة).
6. القراءة والمناولة في سنة 565، نص على ذلك في مفتتح الكتاب هكذا: (أخبرني هبة الله بن نما قراءة عليه بداره بحلة الجامعيين في جمادى الأولى سنة خمس وستين وخمسمائة).
7. القراءة في سنة 567، نص على ذلك في مفتتح الكتاب هكذا: (أخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن شهرآشوب قراءة عليه بحلة الجامعيين في شهور سنة سبع وستين وخمسمائة).
ثم إنه وقع كثير من المناولات والقراءات قطعا مما لم يخبر بها. ولا يخفى أن المناولة والقراءة تدلا ن على وجود نسخة الكتاب عند المناولين والمقرئين، وبذلك فقد اطلعنا على وجود عدة من مخطوطات الكتاب أيضا وإن لم يصل إلينا.
الأسانيد التي وصل بها كتاب سليم إلينا
إن ابن أذينة رحمه الله أول من نشر كتاب سليم، فقد وردت أسماء سبعة أشخاص نسخوه منه (1) وهم: ابن أبي عمير، وحماد بن عيسى، وعثمان بن عيسى، ومعمر بن راشد البصري، وإبراهيم بن عمر اليماني، وهمام بن نافع الصنعاني، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني.
وتصل الأسانيد التي نقلت إلينا كتاب سليم إلى سبع طرق، ثلاث منها تنتهي إلى الشيخ الطوسي وواحدة منها إلى محمد بن صبيح وواحدة إلى ابن عقدة وواحدة إلى الكشي وواحدة إلى الحسن بن أبي يعقوب الدينوري.
وهذه الأسانيد تنتهي إلى ثلاثة من كبار رجال العلم والحديث وهم: ابن أبي عمير وحماد بن عيسى وعبد الرزاق بن همام، وكانت نسخة كتاب سليم موجودة عند هؤلاء الثلاثة، ثم انتشر في الأقطار على أيديهم.
وفيما يلي أستعرض سلسلة الأسانيد الناقلة للكتاب وهو يكشف عن كيفية انتشار نسخه في الأوساط العلمية والاجتماعية طيلة القرون، فأقول:
الأول: نسخة عبد الرزاق، وقد وصلت إلينا بأربعة طرق:
1. طريق ابن عقدة المتوفى 333.
2. طريق محمد بن همام بن سهيل المتوفى 332.
3. طريق الحسن بن أبي يعقوب الدينوري.
4. طريق أبو طالب محمد بن صبيح بن رجاء بدمشق في سنة 334.
وأصبح الكتاب متداولا حيث كانت عدة نسخ خطية منها موجودة عند كبار علمائنا كما توجد اليوم مخطوطات منها في مكتبات إيران والعراق والهند.
الثاني: نسخة حماد بن عيسى، وقد وصلت إلينا عن طريق الشيخ الطوسي والشيخ النجاشي (صاحب كتاب الرجال) بأسانيد متصلة.
الثالث: نسخة ابن أبي عمير، وقد وصلت إلينا عن طريق الشيخ الطوسي بأسانيد متصلة كما وصلت إلى العلامة الشيخ الحر العاملي والعلامة المجلسي وهي المتداولة اليوم مطبوعا.
الأسانيد المنتهية إلى سليم
إن لكتاب سليم 22 سندا موثوقا بها وذلك أن الأسانيد الموجودة في مفتتح نسخ الكتاب بنفسها تتضمن 18 طريقا ورواتها في جميع الطبقات من أعاظم العلماء، بالإضافة إلى طرق أخرى سنبينها، وإليك تفاصيلها:
1 إلى 16 - وهي السند المذكور في عدد من نسخ الكتاب كنسخة الشيخ الحر ونسخة العلامة المجلسي، وهذا بيانه:
1. هبة الله عن المقدادي عن ابن الشيخ عن الشيخ الطوسي.
2. الحسن بن هبة الله عن ابن الشيخ عن الشيخ الطوسي.
3. ابن الكال عن العريضي عن ابن شهريار الخازن عن الشيخ الطوسي.
4. ابن شهرآشوب عن جده عن الشيخ الطوسي.
ويتصل الأسانيد من الشيخ الطوسي إلى سليم بأربعة طرق:
1. الشيخ عن ابن أبي جيد عن ابن الوليد، وماجيلويه عن الصيرفي عن أبان عن سليم.
2. الغضائري عن التلعكبري عن أبي علي بن همام عن الحميري عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبان عن سليم.
3. الغضائري عن التلعكبري عن أبي علي بن همام عن الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبان عن سليم.
4. الغضائري عن التلعكبري عن أبي علي بن همام عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبان عن سليم.
وعلى هذا فإذا ضربت عدد الأسانيد الأربعة المنتهية إلى الشيخ في عدد الأسانيد الأربعة المنتهية من الشيخ إلى سليم تحصل على 16 طريقا كلها صحيحة معتبرة.
17 - السند المذكور في مفتتح عدد آخر من نسخ الكتاب كنسخة صاحب الروضات والمحدث النوري وهي أسانيد صحيحة ورجالها مقبول بين الفريقين وهذا نصه: (محمد بن صبيح بن رجاء عن عصمة بن أبي عصمة البخاري عن أحمد بن المنذر الصنعاني عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني عن معمر بن راشد البصري عن أبان عن سليم). وقد ثبت توسط ابن أذينة بين معمر وأبان في محله.
18 - السند المذكور في مفتتح عدد آخر من نسخ الكتاب وهذا نصه: (الحسن بن أبي يعقوب الدينوري عن إبراهيم بن عمر اليماني عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني عن أبيه عن أبان عن سليم).
19 - السند المذكور في الذريعة: (إبراهيم بن عمر اليماني عن عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن سليم).
20 و 21 - السند المذكور في فهرستي الشيخ والنجاشي، وهو يتضمن طريقين:
1. ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن ماجيلويه عن الصيرفي عن حماد وعثمان ابني عيسى عن أبان عن سليم.
2. ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن ماجيلويه عن الصيرفي عن حماد عن إبراهيم بن عمر عن سليم.
22 - السند المذكور في رجال الكشي: (محمد بن الحسن عن الحسن بن علي عن إسحاق بن إبراهيم بن عمر عن ابن أذينة عن أبان عن سليم).
تعريف بمفردات رجال أسانيد الكتاب
قمنا بترجمة مفردات رجال أسانيد الكتاب على ترتيب طبقات الرواة في الفصل الثامن من المقدمة المفصلة التي جاء في طبعة الكتاب في ثلاث مجلدات وهو بحث رجالي يراجعها الطالب هناك. ونكتفي هنا بترجمة سليم المؤلف للكتاب وأبان الراوي الوحيد عن مؤلفه.
أبو صادق سليم - بالضم مصغرا (1) - بن قيس الهلالي العامري الكوفي.
من خواص أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين عليهم السلام، وقد أدرك الإمام الباقر عليه السلام أيضا. ذكر ذلك البرقي والطوسي وابن النديم. (2)
وقد أورده في أصحابهم كل من تعرض لترجمته من الرجاليين، مضافا إلى أن محتوى كتابه وأحاديثه أقوى شاهد على أنه من أصحاب الأئمة الخمسة المذكورين. (3)
أصله من بني هلال بن عامر بطن من عامر بن صعصعة، من هوازن من قيس بن عيلان، من العدنانية الذين كانوا يقطنون الحجاز، وما زال قسم من عشيرتهم إلى عصرنا في المنطقة. (4)
ولد سليم قبل الهجرة بسنتين (5)، وكان عمره عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتي عشرة سنة.
ولم يأت المدينة زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا زمن أبي بكر، وإنما دخلها شابا في أوائل إمارة
____________
(1). ضبطه البرقي في رجاله: ص 4، والنجاشي في رجاله: ص 6، والطوسي في فهرسته: ص 81 رقم 336 ورجاله: ص 91، والكشي في اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 321، والعلامة في خلاصة الأقوال: ص 82 و 86.
(2). رجال البرقي: ص 4 و 7 و 8 و 9. رجال الشيخ: ص 43 و 68 و 74 و 91 و 124. الفهرست لابن النديم: ص 275. خلاصة الأقوال: ص 83. الإختصاص: ص 2. مناقب ابن شهرآشوب: ج 3 ص 201.
استقصاء الإفحام: ج 1 ص 859.
(3). يراجع في هذا الكتاب: الأحاديث 7، 10، 24، 26، 37، 38، 67، 69، 74، 76، ومفتتح الكتاب، بالإضافة إلى أن سليما روى أكثر من نصف أحاديثه (50 حديثا) عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(4). معجم قبائل العرب: ج 3 ص 1221. اللباب لابن الأثير: ج 3 ص 396.
(5). يدل على ذلك الحديث 34 من كتاب سليم إذ يسأل أبان سليما عن سنه في أواخر وقعة صفين وهذا نصه: (قال أبان: وسمعت سليم بن قيس يقول: وسألته: هل شهدت صفين؟ قال: نعم. قلت: هل شهدت يوم الهرير؟ قال: نعم. قلت: كم كان أتى عليك من السن؟ قال: أربعون سنة). فإذا علمنا أن وقعة الهرير كانت في العاشر من صفر سنة 38 (كتاب صفين لنصر بن مزاحم: ص 473) وهو آخر أيام صفين وعلمنا أيضا أن عمر سليم كان في تلك الوقعة أربعين سنة يكون النتيجة أن سليما ولد قبل الهجرة بسنتين وذلك بعد كسر 38 من 40.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 70
--------------------------------------------------------------------------------
عمر قبل السنة 16 الهجرية.
لا خبر عندنا عن أوائل نشأة سليم حتى الرابعة عشرة من عمره، إلا أن ما رواه في الحديث 39 من كتابه عن أبي سعيد الخدري يدل على أنه لم يكن في المدينة في فترة حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، كما أنه لم يرو أي حديث يدل على رؤيته لرسول الله صلى الله عليه وآله أو حضوره في المدينة في عصره.
كذلك لم يكن سليم في المدينة في فترة خلافة أبي بكر من سنة 10 إلى 13.
فقد روى أحداث السقيفة وما جرى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله عن أمير المؤمنين عليه السلام، وعن سلمان وأبي ذر والمقداد وابن عباس، والبراء بن عازب، كما لا يوجد ما يدل على التقائه بأبي بكر أو وجوده في المدينة إلى آخر عهده.
كان سليم حاضرا في المدينة أو كان يختلف إليها شابا بعد انقضاء عهد أبي بكر وفي أول إمارة عمر حدود سنة 14 هجرية.
يدل على ذلك أن سلمان قدم المدائن واليا عليها سنة 16 (1) وتوفي بها ولم يرجع إلى المدينة، بينما يروي عنه سليم في مجالس حضرها أشخاص غير سلمان ممن لم يكونوا في المدائن. ولم نجد شيئا تدل على رحلة سليم إلى المدائن في عصر سلمان.
فمن ذلك نستنتج أن لقاءاته بسلمان كانت قبل سنة 16 في المدينة، وقد صرح بذلك في بعضها كما ترى في الأحاديث 13، 14، 19، 52.
كان سليم في هذه الفترة - أي من سنة 14 إلى سنة 16 هجرية - يلتقي كثيرا بأمير المؤمنين عليه السلام وسلمان وأبي ذر والمقداد.
يدل على ذلك ما رواه عنهم جميعا في مجلس واحد، كما في الأحاديث: 5، 19، 21، 24، أو بحضور الثلاثة غير علي عليه السلام، كما في الأحاديث: 38، 44، 71، كما أنه روى أحاديث كثيرة عن سلمان فقط مثل الأحاديث: 1، 4، 5، 47، 49، 52، 58، 62، 77، 91.
لا ندري أين كان سليم بعد رحلة سلمان إلى المدائن في سنة 16 إلى أوائل إمارة عثمان، إذ لا نجد في أحاديثه شيئا يدل على ذلك، إلا ما صرح به في الحديث 42 حيث يقول (وسمعت ابن جعفر يحدث بهذا الحديث في زمان عمر بن الخطاب).
نعم بعض أحاديثه عن أبي ذر والمقداد معا أو منفردا (1) يكشف عن اتصاله بأمير المؤمنين عليه السلام وأبي ذر والمقداد في تلك الفترة.
ويقوى احتمال بقائه في المدينة إلى آخر عهد عثمان أو تردده بين الحجاز والعراق في تلك الفترة.
حج سليم في أواسط أيام عثمان عندما قدم أبو ذر حاجا وحضر الموسم ورجع معه إلى المدينة. يدل على ذلك الحديث 75.
عاش سليم في المدينة من حدود سنة 27 إلى آخر عهد عثمان أي سنة 35.
يدل على ذلك قوله في الحديث 11: (رأيت عليا عليه السلام في خلافة عثمان وعدة جماعة يتحدثون... وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل...). ثم يعد منهم أبي بن كعب الذي مات سنة 30 وعبد الرحمن بن عوف الذي مات سنة 31، وهذا يدل على حضوره في المدينة في تلك السنين.
سافر سليم إلى الربذة في سنة 34 التي توفي فيها أبو ذر، كما يدل عليه الحديث 20.
في أول عهد أمير المؤمنين عليه السلام - سنة 35 - كان سليم من خلص أصحابه والفدائيين في سبيله، وهذا أمر يلوح من جميع ما أورده سليم في كتابه.
شهد سليم مع أمير المؤمنين عليه السلام وقعة الجمل في سنة 35، وكتب كثيرا من جزئيات ما وقع في تلك الوقعة وبعدها، كما في الأحاديث 28، 29، 53، 56، 59، 67.
شهد سليم وقعة صفين في سنة 36 من أولها إلى آخرها، وكان من شرطة الخميس المتقدمين في الحرب. وكان حاضرا ليلة الهرير العاشر من صفر سنة 38، وهي آخر وقعات صفين. وقد رجع سليم مع علي عليه السلام إلى الكوفة، بعد ما حضر في
قصة الحكمين كما يدل على ذلك الأحاديث: 15، 16، 25، 34، مضافا إلى ما مر في الحديثين 53 و 59، وما مر من أنه كان من شرطة الخميس.
كان سليم في الكوفة بعد وقعة صفين وقبل النهروان وذلك في الفترة التي استشهد فيها محمد بن أبي بكر بمصر سنة 38، كما في الحديثين 37 و 78.
شهد سليم وقعة النهروان في سنة 39، كما في الأحاديث 56 و 59.
كان سليم في الكوفة بعد وقعة النهروان إلى شهادة أمير المؤمنين عليه السلام في شهر رمضان سنة 40، كما في الأحاديث: 12، 17، 69، 79.
كان سليم في الكوفة بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام، وعند ما دخلها معاوية ووقع معاهدة الصلح بينه وبين الإمام الحسن عليه السلام، كما في الحديث 76.
بعد انتقال الإمامين الحسنين عليهما السلام إلى المدينة سافر سليم إليها والتقى بهما، ولا ندري هل بقي فيها أم لا، إلا أنه كان حاضرا بالمدينة سنة 50 بعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام، وفي السنة التي قدم فيها معاوية حاجا كما في الحديث 10 و 26.
كان سليم في الكوفة في بعض الفترات بين سنة 49 وسنة 53، عندما كان زياد بن أبيه واليا عليها، فأخذ من كاتب زياد رسالة معاوية إلى زياد كما في الحديث 23.
حج سليم قبل موت معاوية بسنة أو سنتين، وحضر في منى في مجلس الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام، كما في الحديث 26.
لا علم لنا بالظروف التي عاشها سليم من سنة 60 إلى 75 الهجرية، إلا ما ذكره عن التقائه بالإمام السجاد والإمام الباقر عليهما السلام، وكذلك ابن عباس في تلك الفترة. يدل على ذلك ما في الحديثين 10 و 66.
كان سليم في الكوفة ظاهرا في سنة 75 عندما قدم الحجاج واليا عليها، فطلبه ليقتله، فهرب منه إلى البصرة ثم إلى فارس، ووصل إلى مدينة (نوبندجان) وآوى في تلك البلدة إلى أبان بن أبي عياش. ولم يلبث كثيرا في نوبندجان حتى مرض، ثم توفي إلى رحمة الله تعالى.
يدل على ذلك ما في مفتتح الكتاب، وما قال ابن النديم والعقيقي: (كان (سليم)
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 73
--------------------------------------------------------------------------------
هاربا من الحجاج، لأنه طلبه ليقتله فلجأ إلى أبان بن أبي عياش فآواه). (1)
كان وفاة سليم في سنة 76 من الهجرة عن 78 سنة بعد أن صرف أكثر من 60 سنة من عمره الشريف في سبيل إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام.
يدل على ذلك أن سليما كان من أول من طلبه الحجاج، وذكر أبان في مفتتح الكتاب والحديث 58 أنه بعد وفاة سليم التقى بالحسن البصري في أوائل عمره وفي أول إمارة الحجاج أي سنة 75، فيحاسب السنة الأولى التي طلبه فيها الحجاج (وهي السنة 75) وهروبه وبقائه مدة في نوبندجان ثم وفاته هناك. وظاهر كلام أبان في قوله (لم ألبث أن حضرته الوفاة) أنه لم يكن بعد قدوم سليم بأكثر من سنة.
عدالة سليم
يدل على وثاقة سليم وعدالته جميع ما مر في اعتبار كتابه ورواية الراوين الثقات لأحاديثه وتصديقهم له.
ونورد بعض النصوص في ذلك:
1. نص أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث 38 من هذا الكتاب على أنه من الأصفياء الأولياء ذوي الخبرة في الدين، وأنه عبد امتحن الله قلبه بالإيمان. وقد مر تصديق خمسة من الأئمة عليهم السلام له، وخاصة الإمام السجاد عليه السلام الذي صدقه في جميع كتابه وترحم عليه.
2. قال أبان بن أبي عياش في مفتتح الكتاب: (لم أر رجلا كان أشد إجلالا لنفسه ولا أشد اجتهادا ولا أطول حزنا ولا أشد خمولا لنفسه ولا أشد بغضا لشهرة نفسه منه).
3. قال أبان أيضا فيما نقله عنه ابن النديم والعقيقي: (كان (سليم) شيخا متعبدا له نور يعلوه). (1)
4. ذكره البرقي في رجاله من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ونقله عنه العلامة في الخلاصة. (2)
5. مرت الرواية التي رواها الشيخ المفيد في كتاب الإختصاص الدالة على أن سليما كان من شرطة الخميس (3)، وبذلك يعلم جلالة سليم.
6. أورد الكشي في رجاله روايتين تدلان على تصديق الأئمة عليهم السلام لسليم (4) ، وقد رواهما سليم بنفس النص في مفتتح كتابه في الحديث 10.
7. ذكره الشيخ أبو العباس النجاشي في رجاله في عداد المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح). (5)
8. قال ابن قتيبة الدينوري في المعارف عند ذكر فرق المسلمين والمشهورين من كل فرقة: (الشيعة: الحارث الأعور، وصعصعة بن صوحان، والأصبغ بن نباتة، وعطية العوفي، وطاووس، والأعمش، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو صادق...). (6)
والظاهر أنه يريد بأبي صادق سليم بن قيس.
9. قال العلامة الحلي في الخلاصة: (روى الكشي أحاديث تشهد بشكره...
والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه). ثم أورده في أولياء أمير المؤمنين عليه السلام. (7)
10. قال العلامة السيد محمد باقر الداماد في تعليقته على أصول الكافي: (صاحب أمير المؤمنين عليه السلام ومن خواص أصحابه... وهو من الأولياء المتنسكين، والحق عندي
فيه وفاقا للعلامة وغيره من وجوه الأصحاب تعديله). (1)
11. ذكره العلامة المجلسي في البحار في عداد الثقات العظام والعلماء الأعلام. (2)
13. قال السيد حسين بن محمد رضا البروجردي في نخبة المقال:
سليم بن قيس الهلالي (صة) ثقة من أولياء الآل (3)
14. قال العلامة الميرزا محمد الأخباري في كتابه تحفة الأمين: (كان (سليم بن قيس) من أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر عليهم السلام وهو من تلامذة سلمان وأبي ذر والمقداد...). (4)
15. قال العلامة السيد الخوانساري في روضات الجنات: (قد كان من قدماء علماء أهل البيت عليهم السلام وكبراء أصحابهم... ويظهر لك من التضاعيف أضعاف ما يكون فيه الكفاية لأجل التعديل. كيف لا ومن الظاهر أن الرجل كان عند الأئمة عليهم السلام بمنزلة الأركان الأربعة ومحبوبا لدى حضراتهم في الغاية.
وحسب الدلالة على رفعة مكانته عندهم وغاية جلالته... أنه لم ينقل إلى الآن رواية في مذمته، كما روي في مدحه وجلالته، ولا وجد بيننا ناص على جهالته فضلا عن خلاف عدالته. ويعلم منازل الرجال من رواياتهم ويعلم منها أنه كان من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام... وأوليائه وكان متصلبا في دينه ولم يرجع إلى أعداء أمير المؤمنين عليه السلام حتى أن الحجاج طلبه ليقتله). (5)
16. قال السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة: (إن المترجم (أي سليم)...
يكفي فيه عد البرقي إياه من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام، وكونه صاحب كتاب مشهور، وأنه السبب في هداية أبان بن أبي عياش، وقول أبان: أنه كان شيخا متعبدا له نور يعلوه،
____________
(1). تعليقة السيد الداماد على أصول الكافي: ص 145. ونقل المحدث القمي هذا الكلام في سفينة البحار:
ج 1 ص 652.
(2). بحار الأنوار: ج 53 ح 122.
(3). نخبة المقال: ص 50. وقوله (صه) يريد أنه مذكور في (خلاصة الأقوال) للعلامة الحلي.
17. قال العلامة المامقاني في تنقيح المقال: (هو من الأولياء المتنسكين والعلماء المشهورين بين العامة والخاصة، وظاهر أهل الرجال أنه ثقة معتمد عليه، وقد يطمئن بوثاقة الرجل من عد الشيخ في باب أصحاب السجاد عليه السلام إياه صاحب أمير المؤمنين عليه السلام وجعله إياه من أوليائه وغير ذلك مما لا يخفى على أهل الفن). (2)
18. قال المحقق الخبير السيد حسن الصدر في كتابه (تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام): سليم - بالتصغير - ابن قيس الهلالي التابعي صاحب علي عليه السلام والملازم له وللحسنين عليهما السلام المنقطع إليهم. أول من كتب الحوادث الكائنة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، ثقة صدوق متكلم فقيه كثير السماع). (3)
19. قال المتتبع الخبير الحاج مولى هاشم الخراساني في كتابه منتخب التواريخ:
(سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي، كان من عظماء الرجال في الغاية). (4)
20. قال الشيخ جواد الخراساني في منظومته الرجالية:
علي بن عيسى وأبانا صدقه سليم بن قيس وكذا الفراء ثقة (5)
21. قال المحقق الخياباني في ريحانة الأدب: (هو من أكابر أصحاب أمير المؤمنين والحسنين والسجاد والباقر عليهم السلام. كان محبوبا لدى حضراتهم في الغاية، وكان بمنزلة الأركان الأربعة، وورد أخبار كثيرة في مدحه، وهو من أولياء أهل بيت العصمة عليهم السلام). (6)
22. قال العلامة الأميني في كتابه الغدير: (هو ممن يحتج به وبكتابه عند الفريقين)، وعبر عنه ب (التابعي الكبير الصدوق الثبت). (7)
23. قال العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم في مقدمته على كتاب سليم: