تم اجراء هذه المقابلة مع سماحة الشيخ حبيب الكاظمى مع مجلة عاشوراء ، واليكم نص المقابلة :
السؤال : ان الدروس المستفادة من سيرة الحسين (ع) بل من ثورته لها ابعاد مختلفه فما هي عينات من هذه الدروس التي لانحيط بكل جوانبها ؟
الجواب : ان الدروس المستفادة من العاشوراء الحسينى ، هي بنفسها الدروس المستفادة من الإسلام المحمدى ، وهى التى تجلت في مواقف الحسين (ع) طوال حياته المباركة فمن هذه الدروس :
1- درس الانقياد لولي أمر زمانه ، فهو رغم انه امام للخلق وريحانة رسول الله ، وسيد شباب اهل الجنه .. كل ذلك في درجة مساوية لاخيه الحسن (ع)الا انه كان يرعي التقدير الرباني الذي جعل الحسين (ع) ماموما لاخيه الحسن (ع) ايام حياته المباركة فلم يتقدم عليه بقول او فعل ، حتى في تلك المحنه التي جعلت الامام يصالح خصمه معاوية .. ومن هنا يعلم ان الانقياد والاستسلام لراس الهرم الذي يتم تعيينه من السماء من اولى سمات العبد الذي يرد ان يثبت عبوديته بين يدي ربه .. وما وقعت المآسى فى الامة الا من خلال التنكب لهذه الحاكمية المطلقة !.
2- درس الجمع بين الحركة الخالقية والمخلوقية ، بمعنى ان الامام (ع) الذي يعيش في صلب الحركة الاجتماعية ، وفي تعامل وثيق مع الخلق الى درجة الخروج على طاغية عصره ، بكل ما استلزمه هذا الخروج من بذل للنفس والنفيس وتعريض للاهل والعيال لصنوف الاذى والتعذيب ، الا انه يسجل لنا ارقى المشاعر العاطفيه في تعامله مع ربه ، فهو الذي يناجي ربه بمناجاة قل مثيلها في تراث الانسانية عندما وقف بارض عرفه وعيناه تذرفان كافواه القرب ، وهو الذي لم يترك هذه المناجاة وهو بارض نينوى يذرف اخر قطرات دمه في سبيل الله تعالى وهو يستغيث بربه باروع صور الالتجاء حيث يؤكد في الساعات الاخيرة من حياته على مبدأ التوحيد وانه لامعبود له سوى ربه .. والفخر كل الفخر ان يجمع العبد بين الحركتين ، فلا يطغى واحدة على حساب آخر ، فلا يذهله العمل مع الناس عن احساسه بالمعية الدائمية مع المولى ، كما لا يبعده الانس مع خالقه عن حمل هموم الناس والتفاعل مع آلامهم فان الخلق عيال الله تعالى واحب الخلق الى الله تعالى انفعهم لعياله .
3- درس الابدية والخلود فان الله تعالى لم يقيد نفسه بعالم الاسباب وان قيد عباده بذلك ، اذ له الحق متى شاء ان يخرم الاسباب ويسوقها في اتجاه معاكس لمقتضاها كما كان الامر كذلك لخليله ابراهيم (ع) حيث سببت النار سببا معاكسا للطبيعه النارية فان جاعل الاثر هو رافعه متى شاء ، ومن الواضح انه لا يُسال عما يفعل وهم يُسالون .. وعليه فمن يريد ان يدخل عالم الابدية والخلود بمعنى البحث عن امتداد له بعد الموت ، فعليه ان يربط الفاني من نشاطه بالباقي في عطائه ، فهو الباقي بذاته اصالة والمبقي لغيره تبعا .. ومن هنا صارت الواقعة فى يوم الطف و التي لم تستمر الا ساعات من يوم واحد وفي ارض قتالية محدودة ، واذا بها اصبحت كالواقعة التي ليست لوقعتها كاذبة في حيات الامم التي لاتدين حتى بدين الاسلام لان الحسين (ع) اراد ان يثبت للانسانية ان حياة الانسان بتحقيق لوازم الانسانية فاذا منع منه الانسان انتفى جدوى البقاء اذ الله تعالى اراد ان يجعل فى الارض خليفة فاذا انتفت القدرة على ممارسة الخلافة كما ارادها صاحبها فلا فلسفة للحياة فى الارض !!.. وما هذه الحركية التي تتسم بها مدرسة اهل البيت (ع) الا فرع من تلك الحركة التي بدات كي لاتنتهي، الا عندما يستلم الامام المهدي (ع) راية جده التى سقطت يوم الطفوف، ليرفعها خفاقة في ارجاء المعمورة ، ولا عجب ان ينادى يوم خروجه ليجعل من اوليات اهداف خروجه المبارك المطالبة بذلك الدم الزاكى الذى لم يثار ولا يثار له ربّه الا فى عصر ظهوره (ع) حيث ينادى : الا يا اهل العالم ان جدى الحسين قتلوه عطشانا !.. الا يا اهل العالم ان جدى الحسين سحقوه عدوانا !.. الا يا اهل العالم ان جدى الحسين تركوه عريانا !.
4- درس الاستقامة والثبات فى سبيل المبادئ والاهداف ومن هنا شيبت المصطفى (ص) اية من سورة هود وهى اية { فاستقم كما امرت } ، ومن المعلوم ان الذى يريدون ان يحققوا الاهداف الكبرى فى الحياة فانه لا بد من جعل الهمة على مستوى تلك الاهداف ، اذ على قدر اهل العزم تاتى العزائم .. والذى لا يريد من الدنيا الا الاستمتاع بالاجوفين اى بشهوة البطن والفرج فانه من الطبيعى ان يتحول الى ما يصفه على (ع) : بالبهيمة المربوطة همها علفها ، او المرسلة شغلها تقممها!!..
السؤال : لاشك ان عملية النقد اجدى من المدح في دفع الحركة الى الامام فهل هنالك من تعليقات او اقتراحات في مجال تطوير العزاء الحسيني ؟
االجواب : ان من اهم المؤاخذات التي نسجلها على مظاهر العزاء في البلاد التي تفوح منها اريج الولاية هي :
1- عدم مراعاة بعض الحدود الشرعية في التعامل بين الجنسين ، فموكب العزاء الذي ينبغي ان ننظر اليه بعنوان الموكبية للعزاء والمذكرية لعزاء سيد الشهداء (ع) ننظر اليه في بعض الحالات كأي مهرجان من المهرجانات التي يتعارف اقامتها في البلدان ، وان كان هذا المظهر العزائي لا نجد له مثيلا في أي امة من الامم بهذا الزخم وبهذه القوة .. وعليه فان الامر لابد ان يخرج من طابع التفرج الى التفريج عما يدور من مشاعر ولائية ، ومن طابع النظرة الساهية الى النظرة المتأملة للشعارات التي اطلقها الحسين (ع) واصحابه يوم الطف من خلال ما كان يرتجزه احدهم عندما يلاقي خصمه ، ليلخص محاضرة بسعة الحياة ، من خلال بيت واحد في ارجوزة خالدة ، كما لخص العباس (ع) ولاءه الرسالي لاخيه من خلال قوله (والله ان قطعتموا يميني ... اني احامي ابدا عن ديني ).
2- التركيز على جانب الماساة مع اهمال او عدم اعطاء جانب السيرة العملية المستوحاة من حركة الشهادة حقها ، فان الحسين (ع) عبرة بمعنى الاعتبار والتاسي قبل ان يكون عبرة بمعنى البكاء والندبة ، كما ان القرآن عندما يذكر جده المصطفى (ص) فانه يقدمه للامة كمشروع يمكن ان يحتذى به فى شتى ابعاد الحياة .. ولئن كانت العَبرة مركزة في ايام معدودات من الشهر، فان مجال العِبرة مفتوحة طوال العام، بل الى ساعة لقاء الله تعالى .. ومن هنا يعظم دور الرساليين في هذا الموسم ، ليمنهجوا الناس على هذا المنهج الذي لو رُوج له - كما يراد له - لعم الخير كل طبقات الامة .
3- عدم ايجاد الصلة بين شهر محرم وصفر و باقي فصول السنة ، وكأننا مطالبون بتكليف زائد في هذين الشهرين دون شهور العام ، والحال انهما محطة الى جانب محطة شهر رمضان المبارك لتقويم وتقييم المسيرة طوال شهور السنة .. فمن لم يخرج من هذين الشهرين بتغيير جوهري في سلوكه فانه لم يصل الى ملكوت الموسم والذي خفي عن الكثيرين ، فاننا نعتقد انه كما كان للحسين (ع) تجليات فى نفوس اصحابه جعلهم يتسابقون الى الشهادة بشيئ من المزاح فى بعض الحالات ، فان هذه العناية لم تنقطع حتى فى هذا العصر .. اوليس الشهيد مرزوق من عند الله تعالى ؟ّ.. اوليس من مصاديق الرزق ، الالتفات الشهودى والتفضلى للمتوجهين الى ارواح الشهداء وخاصة اذا كانت تلك الروح هى الروح المطمئنة لسيدهم ؟!.
4- عدم تطوير اللغة الأدبية للمراثي الحسينية بحيث تثير كل الطبقات في كل الامصار ، فالملاحظ ان البعض ينشد قصيدة بالعامية لايفهمها الجمهور الذى لا يتفاعل معها ، وكانه يراد اللحن الرثائي مجردا عن المضمون المؤثر في إثارة العاطفة ، والحال ان اللفظ جعل جسرا لاثارة المداليل فى الباطن والا تحول الامر الى مجرد اصوات ايقاعية من دون تاثير واقعى .
5- الخروج في بعض الحالات عن الجادة الشرعية في طريقة العزاء ، بحيث تذكر بعض الجزئيات المفجعة ولكن بلحن غير لائق بتلك المضامين .. و الشاهد على ذلك عدم التفاعل البكائي حين الاستماع لانشغال المستمع بالطور الذي قد يقرب من بعض الالحان التي قد تقرب من دائرة الحرام . وغنى عن القول بان الله تعالى لا يطاع من حيث يعصى !
6- ربط بعض مظاهر هذه الحركة المقدسة المضمخة بدماء الاطهرين ، ببعض صور المتاع الدنيوي ، وهذا مما لايرضى به الشارع قطعا ، حيث يدخل الامر حينئذ في دائرة التعامل السوقي ويتحول معالم ترويج هذا الجهاد المقدس ، الى اداة لكسب المال والوجاهة ، سواء في مجال الوعظ ، او الكتابة ، او انشاد الشعر او غير ذلك .. اذ تعظم حسرة العبد يوم القيامة حينما يرى كيف انه استبدل الذهب الباقى بالخزف الفانى !
7- عدم مراعاة النوايا الخالصة في اقامة الشعائر وخاصة انها جالبة للوجاهة الاجتماعية .. ومن هنا قد يتحرك البعض لجعل اقبال الناس على الله تعالى جسرا للدعوة الى الذات ، بدلا من التوجيه الى المعاني السامية المكتنزة فى النهضة الحسينية ، ومن المعلوم ان الله تعالى لايبارك الا فيما كان خالصا لوجهه الكريم ، مصداقا لقاعدة انما يتقبل الله من المتقين .
8- ضرورة استغلال المراكز الحسينية كالمأتم وغيرها من اجل التوعية العامة الشاملة ، وخاصة في غير مواسم العزاء ، وخاصة مع انتشار مثل هذه المراكز فى اقصى القرى النائية فى البلاد مما يجعلها اشبة شيئ بفروع صغيرة لجامعة كبرى .. ولا ينبغى ان ننسى انه قد سجل فى التأريخ ان اصحاب الحسين (ع) كان لهم دوي كدوي النحل ليلة العاشر : تلاوة للقران ، ومناجاة للرحمن .. فلماذا لاتكون هذه المراكز مصدر اشعاع في هذا المجال ، ترويجا لكل معالم الشريعة بما فيها القرآن الكريم والفقه والعقائد وسيرة الاطهرين (ع) و لو تحولت هذه المآتم - الى جانب اقامة العزاء - الى معاهد لتثقيف روادها لربينا جيلا من الداعين الى الله تعالى والسائرين فى ركب الحسين (ع) بكل ما للكلمة من معنى .
9- عدم بلوغ المجالس النسائية المرحلة المطلوبه في مجال التوعية لنصف كيان المجتمع ، وخاصة في مايتعلق بالثقافه المرتبطة بالنساء ، وذلك لوجود النقص الكبير في الكادر النسائي الذي يمكنه ان يربط بين جانب العزاء و باقى فروع المعرفة لرفع الضحالة التى لا تنكر فى عامة المجالس النسائية .. وغنى عن القول ان طبيعة هذه المجالس غير مفتوحة للمبلغين من الرجال ، وعليه فاذا لم تتصدى الكفوءات من المؤمنات فى هذا المجال بقيت المشكلة بحالها .
10- استغلال بساطة وبرائة بعض النفوس من اجل استعبادها واسنتزافها ماديا ، وذلك ببعض الدعاوي الغريبة التي لم يقم عليها دليل ، كادعاء الشهود والمنامات وبعض صور توهم الكرامة وغير ذلك مما لا يورث اليقين ، وخاصة عندما يكون المدعي على مسوى لايعتد به من الايمان والتقوى ، وهذا بدوره يوجب زعزعة الايمان بالعقائد الحقة عند قياسها بمثل تلك الدعاوى الزائفة .. واننا فى الوقت نفسه لا ننكر بان الله تعالى يظهر كرامة اوليائه بين وقت وآخر لحكمة بالغة ولكن لا على نحو ما يدعيه بعض البسطاء او الادعياء !.
11- عدم الاهتمام بالشبيبة المؤمنه في مجال ربطهم بابطال الطف ، وخاصة مع ما نشاهده من مواكبة جمع من الشباب لامام زمانهم حيث بذلوا مهجهم فى نصرة الحسين (ع) كالقاسم والاكبرواولاد زينب الكبرى عليهم السلام جميعا .. وهذه ذريعه مباركة فى تحفيز الشباب وربطهم بالمبادئ التى ساروا عليها وقد لخصها على الاكبر بقوله : لا نبالى وقعنا على الموت او وقع الموت علينا .
12- السعي لنقل معالم هذه الحركة المباركة اقامة للعزاء وتنويرا للاذهان للمعاهد الثقافيه كالجامعات وغيرها .. اذ من الممكن ان لايانس البعض ببعض المظاهر، فلماذا لا نقتحم ميادين المجتمع المتنوعه لبذر بذور هذه الشعائر في تلك النفوس التي لو نبتت فيها هذه البراعم المباركة لقضت على الكثير من الباطل في نفوسهم ، وخاصة مع ملاحظة الجاذبية التى شبيهه بالاعجاز فى نفوس المعتقدين بشيئ من خط الامامة .. فليس من الطبيعى ابدا ان يتفاعل الانسان بحادثة فى عمق التاريخ وكانها بنت يومها بحيث ينسى الانسان مصائبة القريبة عندما يهل هلال الشهر الحرام !
13- الاهتمام بجانب الافراح الى جانب العزاء ، فان المؤمنين خلقوا من فاضل طينتهم ولازمة ذلك الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم .. ولا بد من ابتكار الصور المختلفة لايجاد حالة البهجة والسرور فى النفوس بعيدا عن الدخول في اجواء مشابهة للمجالس التى قد تنتابها بعض ما يوجب الخفة ويسلب الوقار الذى ينبغى ان يكون عليه مجالس اهل البيت (ع) .
سؤال : هل من الممكن ان تذكر لنا شيئا عن اداب الزيارة المؤثرة فى تغيير وجهة الحياة ؟
الجواب : عندما نراجع احاديث الزيارة وفضلها في تراث اهل البيت (ع) تنتاب الانسان حالة من الذهول لعظيم الاجر المترتب على اتيان مشاهدهم ، ولا شك ان هنلك حكمة بالغة من وراء هذا الحث .. والذي نعتقده ان الامرلا يقتصر على مجرد شد الرحال الى هذه المواطن لنجوب البلاد من اجل القاء نظرة حسية مجردة عن استلهام المعانى الرسالية المتناسبة مع اهداف تلك الزيارات .. فالقران الكريم يامر بـ ( سيروا ) مقدمة لـ ( اعتبروا ) .. فالمطلوب ان نحقق سياحة انفسية بموازاة هذه السياحة الافاقية .. وعليه فمن يريد ان يحقق الزيارة الموجبة لحصول الاهداف الكبرى في هذا المجال فعليه ان يستشعر المعاني التالية :
1- الاحساس بحياة المزور ، بمعنى جعل الزيارة متوجهة لتلك الحقيقة الكبرى التي لا يعتريها الفناء والتى رحلت من هذه الدنيا الى نشأة اعظم ، واوسع ، واكثر قربا من المليك المتعال ، فان الفناء لايعتري نفوس عامة الخلق فكيف بقادتهم ؟!.. ومن المعلوم انه كلما اشتدت المعرفة الباطنية لهذه الحقيقة ، كلما زاد التادب فى مشاهدهم من جهة ، واشتدت قوة التفاعل مع مضامين الزيارة من جهة اخرى .
2- ان ثمرة الحب الصادق الذي يراد اظهاره من خلال الزيارة ، هو الاتباع الصادق مصداقا لقوله تعالى { قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } فان الحب حاله وجدانية تربط المتحابين ، وهي فرع التناسخ الباطنى فيما بينهما ، وهذا بدوره يستلزم التسانخ العملي في ساحة الحياة ، اذ ان المحب الصادق لابد وان يتشبه بالمحبوب في شتى الابعاد ، والا كان عدوا لمن يدعى حبه فى مقام العمل .. ومن هنا جاز ان يصف الرب عبده بالكذب والخداع ، عندما يدعي العبودية والاستعانة في فاتحة صلاته !.. ولنقس على ذلك باقى صور الادعاء .
السؤال : هل من توصية اخيرة لتحسين اداء المهتمين باحياء واقعه الطف ؟
السؤال : اننا في نفس الوقت الذي ندعو المؤمنين الملتفين حول راية الامام الشهيد سواء في مجال الفكر او المشاعر ، بجانب حفظ الشعائر التي تربت عليها الاجيال الموالية طوال التاريخ ، والتي هي بلاشك مطابقة لعمومات الكتاب والسنه الداعية الى : التذكير بايام الله تعالى ، وتعظيم الشعائر ، والدعوة الى سبيل الله ، والعمل مودة ذوي القربى ، وغير ذلك من النصوص النبوية والولائية الصريحة في رجحان بل لزوم احياء ذكر أبي الاحرار (ع) فاننا - في الوقت نفسه - ندعوا الى ابتكار الاساليب الحديثة في هذا المجال .. فان الطرق المؤثرة لنقل الفكرة والمشاعر تختلف من جيل الى جيل ،لان ادواة التاثير تتناسب مع طبيعة كل جيل تبا لتطور المستوى الفكري والعاطفي لديهم .
فان هذه الحقيقة لاتنكر - كمثال على تبدل اساليب التعبير واذواق المعبرين - وهى ان بعض النصوص الادبية التي كانت مستاغه في اوائل القرن الحاضر لم تعد مقبوله في هذا العصر، مما يدل على تبدل الامزجة الفنية والثقافية لكل جيل بحسب المؤثرات الدخيلة فى نفسيته ، ولكن لابد ان نحترز في الوقت نفسه من عدم تخفيف اللون العاطفي للعطاء الفكري بدعوى عقلنة العاطفة ، بل اننا مدعوون الى عرض الفكرة بكامل حدودها ومعالمها الصحيحة في طبق عاطفي مثير ، لتستقر موادها في العقل والقلب معا ، واذا تم ذلك فانه لايمكن لاية قوة من القوى من زحزحة الفرد عن مسلكه في الحياة.
وغني عن القول ان الحسين (ع) استغل لغة البرهان تارة في خطبه قبل ورود ارض الشهادة وفي يوم الشهادة ، كقوله : ( ان لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون يوم المعاد فكونوا احرار في دنياكم ) حيث جعل الامام (ع) اكثر من خيار في بيان موجبات تقييد الانسان بالمباديء ، كما استغل لغة العاطفة كعرضه رضيعه على القوم اثارة لاوليات الغريزة الانسانية الداعية الى الرفق بمن لا تكليف له .
ان من يحاول ان يقوم بعملية نغييرية فى مجتمعه من دون الطيران بجناحي الفكرة الصائبة والعاطفة الهادفة فهو كمن يطير بلا جناح او بجناح واح