((ربي اغفر لي ولوالدي كما ربياني صغيرا ، اجزهما بالاحسان احسانا ، وبالسيئات عفوا وغفرانا ، وبالجنة نعيما ورضوانا ))
الام وماادراك ماالام
الام اعتقد هي من اعظم المخلوقات التي خلقها الله عز وجل في خدمة الانسان فقلبها من المعاجز الالهيه بهذه الدنيا ، قلب يمتلك من الحب والحنان والرحمة التي تعجبت ملائكة السماء منه .
فمهما عملنا ومهما قدمنا من خدمه ، ولن اقول خدمه بل مهما ادينا من واجب علينا تجاه هذه النعمة الكبيرة التي انعم الله بها علينا ، فلن نتمكن من تادية جزء بسيط من هذا الواجب ففضل هذا القلب علينا كبير كبير جدا لن يستطيع ان يصل مداه احد بهذا العالم الكبير .
فاسأل الله العلي القدير بحق قلب سيدتنا الزهراء عليها السلام ان يطول باعمار امهاتكم الاعزاء وان تتمتعوا بالحياة في كنفها وان تتلذذو بسماع الدعاء لكم من لسانها وان تستمدو الخير والبركه من هذا الدعاء منهم ، فليس هناك افضل واعظم من دعاء الام لاولادها فاالله عز وجل جعل الجنة تحت اقدامهم فكيف لا يكون الخير والبركة التي ينالها العبد بدنياه من فضل دعائهم لنا بكل صباح ومساء بكل صلاة وزيارة ، فهذا هو الكنز العظيم الذي يدعو الانسان ربه ان يكون بقربه دوما ةان يتمسك به ، ولكن الكنز يكون كنزا لك عندما تحسن لهذه الام ، تعظمها ، تجللها، تخدمها ، تقبل يديها وراسها بكل وقت تراها ، تجاهد في سبيل ارضاءها عليك فهي السبيل الاول لدخول الجنة وارضاء الرب والرسول والائمة المعصومين عليك ، فمن دون رضاها عليك فلن يرضى الله ورسوله والائمة عليهم السلام عليك وسيكون عدم رضاها عليك سبب في دخولك للنار .
فاعمل وجاهد في سبيل رضاها عليك بحياتها وبعد مماتها .
من القصائد الجميلة التي عثرت عليهاواحدة بعنوان ( من اجل امي ) ولم استطع معرفة قائلها وهي منشورة في اهم كتاب مدرسي سوري للمرحلة الابتدائية صدر في دمشق عام 1923 في ثلاثة اجزاء هو ( سلسلة المحفوظات العربية ) لعبد الرحمن السفرجلاني,حيث نقرأ منها :
ولو عصفت رياح الهم عصفا
ولو قصفت رعود الموت قصفا
ففي أذني عند النزع صوت
يحول لي عزيف الجن عزفا
فيطربني وذلك صوت امي
ولو هجمت على قلبي البلايا
وهدت سور آمالي الرزايا
فان باب فردوسي ملاكا
يسل السيف في وجه المنايا
فيحرسني وذلك طيف امي
اما احد الرواد لشعر الاطفال في سورية وهو الدكتور جميل سلطان فقد قدم قصيدة جميلة عن الام كانت ذات يوم نشيدا ردده تلاميذ سورية قبل ما يقرب من الخمسين عاما , وفيه :
حنت علي بمهدي
وقد رعتني صغيرا
وحملت في سبيلي
من العذاب مريرا
وغاية القلب منها
بأن أرى مسرورا
ولن ترى من صفاتي
مشاكسا او عسيرا
وسوف ابغي رضاها
طفلا وشيخا كبيرا
وليس تسمع الا
حمدا لها وشكورا
اما الشاعر المصري محمد الهراوي فهو من رواد شعر الاطفال الذين قدموا أضخم نتاج شعري للطفل العربي من الناحية الكمية وفي شعره الكثير من التجارب المتميزة ومن قصائده عن الام ( طفل يحادث امه ) التي يقول فيها :
من ذا الذي يحنو علي اذا غفوت وان صحوت ابتسمت شفتاه ?
امي العزيزة انت يا اماه
من ذا الذي يبدي الحنان ومن له بي شاغل واظل في ذكراه ?
امي العزيزة انت يا اماه
فاذا هرمت وللامومة حقها افتعلمين من الذي يرعاه ?
امي , انا انا يا رعاك الله
واذا كانت قصيدة الهراوي مكتوبة في مطلع العقد الثالث من القرن العشرين فان رائدا اخر من فلسطين هو الشاعر اسكندر الخوري كتب بعد الهراوي بعشر سنوات تقريبا قصيدة رائعة بعنوان ( امي) ,ومنشورة في مجموعته ( المثل المنظوم للمدارس ) ومنها :
ما احيلى لفظ امي
لفظة تفرج همي
هي ربتني طفلا
دمها كون دمي
وصغيرا علمتني
علمها اسس علمي
واذا هم عراني
اقبلت تحمل همي
نجمة تلمع لي في
ليل همي المد لهم
انا لو اعبد امي
لا افي ديني لأمي
وعلى الرغم من ندرة ما كتب للطفل في الشعر اليمني المعاصر الا ان علي احمد باكثير له قصيدة ذات شهرة في الكتب المدرسية العربية التي صدرت قبل ما يقرب من اربعين عاما يقول فيها :
عيدك يا امي
ابهج اعيادي
لولاك يا امي
ما كان ميلادي
قلبك يرعاني
يا بهجة القلب
وليس ينساني
في البعد والقرب
وفضلك يا امي
مافوقه فضل
فكل خير لي
انت له اصل
عبد الكريم الحيدري اسم كبير في شعر الاطفال السوري فهذا الشاعر والمسرحي والقصصي الرائد نشر كتابه المهم ( حديقة الاشعار المدرسية ) عام 1937 في حلب وقد نشر بعد ذلك في طبعة بلا تاريخ . . وفي كتابه هذا قصيدتان عن الام الاولى ( الام في المنزل) يمجد دور الام , وهي قائمة على بناء جيد فيه تكرار والقصيدة الثانية (عيد الام) تظهر ما يمتاز به الحيدري من عذوبة وسهولة وجمال في شعره للاطفال :
اليوم قلبي النبيل
فيه السرور جزيل
من لي بباقة زهر
لا يعتريها اذبول
لكي اكرم امي
بها وهذا قليل
وان عيدك امي
عيد سعيد جميل
اعاده الف عام
عليك ربي الجليل
وفي تجارب اقرب عهدا ظلت الام تزداد حضورا في شعر الاطفال بل راحت القصائد تقترب اكثر من السهولة والعذوبة المطلوبتين في هذا الفن الجديد وسليمان العيسى في مقدمة من كتب عن الام شعرا جديدا بالبقاء فيقول في ( امي ).:
ملك يرف على سريري
يحنو بأنفاس العبير
اغلى من الدنيا عليا
واحب مخلوق اليا
افدي الملاك الساهرا
قلبا علي وناظرا
وللعيسى قصيدة اخرى ذات شهرة عالية فهي كانت وما زالت مما يدرسه التلاميذ في المدارس اضافة الى ذلك فان ( نشيد ماما ) نموذج ممتاز لقصيدة الطفل فيه شفافية في التعبير وإيقاع راقص وشاعرية تدخل القلوب ببساطة
ماما ماما .. يا انغاما
تملأ قلبي ..بندى الحب
انت نشيدي .. عيدك عيدي
بسمة امي .. سر وجودي
صوت بارز اخر في شعر الاطفال يأتينا من العراق ينشد للام بشاعرية متميزة على يد الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في ( الى امي ) :
ما ما ما ما .. ما احلاك
يفرح قلبي .. حين اراك
في الصبح على وهج النار
افتح عيني كالعصفور
وجهك صاف.. رغم التعب
يبسم لي ولأختي وابي
ماما ماما .. ما احلاك
ما أقسى الدنيا لولاك
تتابع تجارب لاحقة حديثها عن الام , كما نجد لدى الشاعر محمد قرانيا من سورية في ماما التي يقول فيها :
في الليل الهادي ترعاني
وتبدد موحش احزاني
فأنام واحلم بالحب
بربيع يبسم للخصب
وافيق تلاحقني النشوة
لأطالع بسمتها الحلوة
وعلى المنوال نفسه نطالع للشاعر الفلسطيني محمود البكر قصيدة ( امي) ومنها :
امي امي .. احلى نغمة
اجمل صورة .. اعذب بسمة
تفرش دربي.. بالاحلام
وتغطيني .. بالانغام
لعل هذه الجولة التي جلناها في موضوع الام في شعر الاطفال تدلنا على تنوع التجربة الفنية تبعا للمرحلة التاريخية والموهبة الفردية ولا شك ان الموضوع قد اقترب اكثر من لغة الطفل المناسبة كلما اقتربت التجربة الشعرية من النضج اللغوي والتربوي عند الشعراء.
فمن الواضح مثلا ان الايقاعات الشعرية باتت اقصر واكثر رشاقة اذ راح الشاعر يكتشف ان قصيد ة الطفل عليها ان تختار تفعيلات محدودة من خلال المشطورات والمجزوءات والابتعاد عن استخدام البحر الشعري كاملا اضافة الى تنويع القوافي قدر الامكان وجعلها تنتظم الصدر والعجز في البيت الشعري.
ان هذه التجارب الشعرية تشكل باقة ورد كتبها شعراؤنا مخلصين حتى تكون زادا روحيا وجماليا يقدمه اطفالنا لأغلى وأنبل مخلوق .. الى الام في عيدها المتجدد في كل القلوب ..