[ملاعلي]

فيروز ليس صحابي عادي بل من الاخيار المقربين لرسول الله (ص)

لما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حجه الوداع، وطارت الاخبار فى ارجاء الجزيره بمرضه ،ارتد عن الاسلام الاسود

العنسى باليمن ،ومسيلمه الكذاب فى اليمامه ،وطليحه لاسدى فى بلاد بنى اسد

وزعم االثلاثه الكذابون انهم انبياء ارسل كل منهم الى قومه,كما ارسل محمد بن عبد الله الى قريش


كان الاسود العنسى كاهنا مشعوذا اسود النفس مستطير الشر,شديد القوه ضخم الهيكل

وكان الى جانب ذلك فصيحا يخلب الالباب ببيانه ،داهيه قادر على اللعب بعقول العامه باباطيله،واغراء الخاصه بالمال والجاه

والمناصب

وكان لا يظهر للناس الا مقنعا لاحاطه نفسه بهاله من الغموض والهيبه


وكان النفوذ فى اليمن انذاك (للابناء ).وعلى راسهم فيروز الديلمى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

والابناء اسم يطلق على جماعه من الناس ابائهم من الفرس الذين نزحوا من بلادهم الى اليمن ،وامهاتهم من العرب

وقد كان كبيرهم (باذان )عند ظهور الاسلام ملكا على اليمن من قبل كسرى عظيم الفرس.فلما استبان له صدق الرسول وسمو

دعوته خلع طاعه كسرى ودخل هو وقومه فى دين الله، فاقره النبى على

ملكه ، وظل فيه الى ان مات قبيل ظهور الاسود العنسى بزمن يسير


وكان اول من استجاب لدعوه الاسود العنسى قومه بنى مذحج ،فوثب بهم الى صنعاء وقتل واليها (شهر ) بن (باذان)

وتزوج من امراته "اذاد"

ثم وثب من صنعاء على المناطق الاخرى ،فجعلت تتهاوى تحت ضؤباته بسرعه مذهله حتى دانت له البلاد الواقعه بين حضر موت

الى الطائف ،وما بين البحرين والاحساء الى عدن


وكان مما ساعد الاسود العنسى على خداع الناس واستمالتهم دهاؤه الذى لا حدود له، فقد زعم لاتباعه ان له ملكا ينزل عليه

الوحى وينبئه بالمغيبات ......

وكان يؤكد هذا الزعم بعيونه الذين بثهم فى كل مكان ،ليقفوا له على اخبار الناس ،وينفذوا الى اسرارهم ويتعرفوا الى مشكلاتهم

ويكشفوا عما يتلجلج فى صدورهم من الامانى والامال ، ثم ياتوه بها سرا

فكان يواجه كل ذى حاجه بحاجته، ويبدا كل صاحب مشكله بمشكلته، وياتى لاتباعه من العجائب والغرائب ما يذهل عقولهم ويحير

افهامهم

حتى غلظ امره، واستطارت دعوته كما تستطير النار المشتعله فى الهشيم اليابس


ما كادت تبلغ النبى صلوات الله عليه انباء رده الاسود العنسى ووثوبه على اليمن حتى سير نحو عشره من اصحابه الى من يتوسم

فيهم الخير من اصحاب السابقه فى اليمن

يحضهم فيها على مواجهه هذه الفتنه العمياء بالايمان والحزم ,ويامرهم بالتخلص من الاسود العنسى باى وسيله

فما من احد بلغته رساله النبى الا لبى دعوته ،وهب لانفاذ امره

لم نرتب انا ومن معى من الابناء لحظه فى دين الله، ولا وقع فى قلب اى منا تصديق لعدو الله

وكنا نتحين الفرص للوثوب عليه والتخلص منه بكل السبل...........

فلما وردت علينا وعلى اصحاب السابقه من المؤمنين كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم

تقوى بعضنا ببعض وهب كل منا يعمل فى جهته...............

وكان الاسود العنسى قد داخله الغرور والكبر لما اصاب من نجاح فتكبر على قائد جيشه قيس بن

عبد يغوث وتجبر، وتغير فى معاملته له، حتى صار قيس لا يامن على نفسه من بطشه

فمضيت اليه انا وابن عمى "داذويه" وابلغناه رساله النبى عليه الصلاه والسلام، ودعوناه ان يتغذى

بالرجل قبل ان يتعشى به

فانشرح لدعوتنا صدره، وكشف لنا عن سره ، ورانا كاننا هبطنا عليه من السماء، فتعهدنا نحن الثلاثه

على انا نتصدى للمرتد الكذاب من الداخل بينما يتصدى له اخواننا الاخرون من الخارج

واستقر راينا على نشرك معنا ابنه عمنا "داذا" التى تزوج بها الاسود العنسى بعد قتل زوجها"شهر بن باذان"


مضيت الى قصر لاسود العنسى والتقيت بابنه عمى "داذا" وقلت لها:

يابنه العم، لقد عرفت ما انزله هذا الرجل بنا وبك من الشر والضر

فلقد قتل زوجك،وفضح نساء قومك،واهلك كثيرا من رجالهم، وانتزع الامر من ايديهم

وهذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا خاصه ولاهل اليمن عامه، يدعونا فييه الى القضاء على هذه الفتنه

فهل لك ان تعينينا عليه؟

فقالت: اعينكم على اى شىء؟

فقلت : على اخراجه...

فقالت : بعد على قتله

فقلت : والله ما قصدت غير ذلك ، ولكنى خشيت ان اواجهك به

فقالت : والذى بعث محمدا بشيرا ونذيرا ما ارتيت فى دينى طرفه عين. وما خلق الله رجلا ابغض الى من هذا الشيطان

ووالله ما علمته منذ رايته الا فاجرا ،اثيما ، لا يراعى حق ولا ينتهى عن منكر.

فقلت :وكيف لنا بقتله؟؟

فقالت : انه متحرز متحرس (محتاط متيقض)، وليس فى القصر مكان الا والحرس يحيطون به، غير هذه الحجره النائيه المهجوره،

فان ظهرها الى مكان كذا وكذا على البريه ، فاذا امسيتم فاقبوها فى عتمه الليل ، وستجدون فى داخلها السلاح والمصباح .

وستجدوننى فى انتظاركم، ثم ادخلوا عليه واقتلوه........

فقلت: ولكن نقب حجره فى مثل هذا القصر ليس بالامر الهين

فقد يمر بنا انسان فيهتف ويستصرخ الحرس......فيكون ما لا تحمد عقباه......

فقالت: ما عدوت الحق .....ولكم عندى راى

فقلت :ما هو؟

فقالت: ترسل غدا رجلا تاتمنه على هيئه عامل ، فامره انا بنقب الجدار من الداخل حتى لا يبقى من النقب الا شىء يسير

ثم تتمونه انتم فى الليل من الخارج بايسر الجهد

فقلت: نعم الراى ما رايت

ثم انصرفت واخبرت صاحبىّ بما اتفقنا عليه ، فباركوه ، ومضينا من ساعتنا نعد للامر عدته .

ثم افضينا الى خاصه المؤمنين من انصارنا بكلمه السر، ودعوناهم الى التاهب ، وجعلنا موعدنا معهم فجر اليوم التالى.

ولما جن علينا الليل ،وازف الوقت المحدد ، مضيت مع صاحبى الى مكان النقب فكشفنا عنه، وولجنا الى داخل الحجره، واخذنا

السلاح واضانا المصباح ومضينا نحو مقصوره عدو الله . فاذا ابنه عمى واقفه ببابها . فاشارت الى ، فدخلت عليه فاذا هو نائم

يغط فى نومه .

فاهويت بالشفره على عنقه ، فخار حوار الثور، واضطرب اضطراب البعير المذبوح

فلما سمع الحرس خواره ، اقبلوا على المقصوره وقالوا : ما هذا ؟!

فقالت لهم ابنه عمى :

انصرفوا راشدين، فان نبى الله يوحى اليه..........

فانصرفوا.


بقينا فى القصر حتى طلع الفجر، فوقفت على سور من اسواره وهتفت:

الله اكبر ، الله اكبر ، ومضيت فى الاذان حتى قلت :اشهد ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله واشهد ان الاسود العنسى

كذاب................

وكانت هذه كلمه السر

فاقبل المسلمون على القصر من كل جانب ، وهب الحرس مذعورين لما سمعوا الاذان وتلاحم الفريقان بعضهم ببعض

فالقيت اليهم براس الاسود من فوق اسوار القصر.......

فلما راّه انصاره وهنوا وذهبت ريحهم ، ولما ابصره المؤمنون كبروا وكروا على عدوهم....................

وقضى الامر قبل طلوع الشمس.


ولما اسفر النهار بعثنا بكتاب الى رسول اله صلى الله عليه وسلم نبشره بمصرع عدو الله ، فلما وصل المبشرون المدينه وجدوا

النبى صلوات الله عليه قد فارق الحياه لليلته .

غير انهم ما لبثوا ان علموا ان الوحى بشره بمقتل الاسود العنسى فى الليله التى قتل فيها .........................

فقال عليه الصلاه والسلام لاصحابه:

قتل الاسود العنسى البارحه ..............

قتله رجل مبارك من اهل بيت مباركين

فقيل له:

من هو يا رسول الله

فقال:

فيروز


اللهم العن الجبت والطاغوت