العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.06 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-03-2009 الساعة : 02:45 PM


... الجـــــزء التـــــاسع ...

... وادي سحـــــيق ...

اتخذ (( حسن )) طريقه من أعلى القمم وأحيانا بين أودية صغيرة وطويلة حتى وجدت نفسي على شفا واد سحيق وعظيم .
سألت (( حسن )): هل علينا العبور من هذا الوادي ؟
قال : نعم . وإن عبوره يستغرق وقتا طويلا فعليك الإسراع .
نظرت إلى قعر الوادي مرعوبا , لقد كان عميقا بحيث لا يرى قعره , عدت إلى (( حسن )) وقلت له : وهل حقا لا يوجد طريق آخر أكثر أمانا من هذا الوادي ؟!
مسح (( حسن )) على رأسي بيده وقال : طرق العبور في هذا الوادي كثيرة , ولكن لكل معبره الذي لابد أن يجتازه .
قلت منزعجا : وهل هذا استحقاقي في أن أعبر من مكان بحيث تعذبني النيران والدخان من الأعلى , ومن الأسفل القمم والأودية السحيقة ؟ فتبسم (( حسن )) وقال : أعلم يا صديقي أن هذا العذاب ما هو إلا مردود أعمالك القبيحة في الدنيا وإذا لم تتحمل ذلك في هذا الطريق لن تصل إلى وادي السلام أبدا , فقد سجل عليك أدنى قبيح عملته في الدنيا وهذا جزاؤه .
نظرا لما تعتريني من لهفة لوصول وادي السلام فقد أذعنت لمواصلة الطريق بهدوء وأخذت بالمسير خلف (( حسن )) ودخلت ذلك الوادي .
انهمكنا بالمسير داخل الوادي ولم يلح بالأفق ما يدل على انتهائه , وكنت أفكر في أن عمق الوادي دليل على عظمة ذنوبي ... هنا انتبهت إلى نفسي حين سماعي لصوت انهيار الأحجار من أعلى الوادي .
فالتحقت بـ(( حسن )) فورا كي يعينني إذا واجهتني مشكلة . كنت مضطربا مرعوبا تكاد عيوني تخرج من أحداقي , فشاهدت رجلا يسقط مع أحجار صغيرة وكبيرة إلى قعر الوادي .
فأشار إلي (( حسن )) وقال : لا تنظر إلى الأسفل بل أنظر إلى أعلى الوادي فشاهدت شبحا ضخما أسودا يضحك بصوت عالي وقف على أعلى الوادي .
قال (( حسن )): هذا الشبح هو ذنوب ذلك الرجل الذي سقط , ولقوتها فقد تغلبت على حسناته فألقتها في قعر الوادي . هنا وضع (( حسن )) يده على كتفي وقال : هذه عاقبة اتباع الهوى .
لما سمعت هذا الكلام استحوذ علي الخوف من ذنوبي وإمكانية غلبتها علي في أية لحظة .
بعد قطعنا لطريق طويل وصلنا أخيرا إلى نهاية الوادي , شاهدت ذلك الرجل ملقى على الأرض وكان رفيقه ـ أي حسن ـ ضعيفا وواهنا بحيث أنه كلما حاول حمله على كتفه لم يستطع .
طلبت من (( حسن )) أن يساعده فاعتذر قائلا : إنني مكلف بمرافقتك ,{ ولا تزر وازرة وزر أخرى }.
قلت : لكننا كنا في الدنيا يعين بعضنا البعض !
قال حسن : في هذا العالم كل يتحمل وزر أعماله , ولست أشفع له إذا استحق الشفاعة , وعليك الدعاء أن يكون من محبي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ عسى أن تناله شفاعتهم .
حركت رأسي متحسرا ودعوت أن يكون كذلك .
ربما استغرق قطعنا للطريق ساعات طوال من ساعات الدنيا حتى وصلنا طريقا ينتهي إلى الأعلى . هنا التفت (( حسن )) نحوي وقال : استعد للصعود إلى أعلى هذا الوادي الخطير .
ألقيت ببصري نحو الأعلى وكلما نظرت لم أستطع تخمين ما تبقى حتى نهاية الطريق . فأصابني الإحباط لأنني مضطر لقطع هذا الطريق الطويل , ولكن لا حيلة لي سوى ذلك من أجل الوصول إلى وادي السلام .
بعد تحمل المشقات والكثير من الصعاب وصلنا أخيرا إلى قمة الوادي . تمنيت أن لا تعترضنا مثل هذه المعوقات . وبعد قليل من الإستراحة واصلنا طريقنا باتجاه وادي السلام .


بعد قليل من المسير شاهدت طائرا ضخما يحلق على مقربة من الأرض , فقال (( حسن )): أتريد أن تشاهد منظرا مثيرا ؟
قلت : طبعا
قال : حسنا فانظر إلى ما يقوم به هذا الطائر .
حط الطائر قريبا من صخرة وألقى بقسم من بدن رجل خارج منقاره ثم طار وعاد بعد قليل ليلقي بقسم آخر من الجسد وهكذا كررها أربع مرات حتى ظهر هيكل رجل مزعج وقبيح للغاية .
حاولت أن أسأل (( حسن )) لكنه أشار علي بالسكوت ومتابعة الحدث .
ثم ابتلع الطائر قسما من جسد ذلك الرجل وطار وكرر ذلك أربعا حتى لم يبقى أثر للرجل .
التفت إلي (( حسن )) وقلت له : حسنا الآن قل لي ما معنى هذا العمل , من كان ذلك الرجل ؟
قال : إنه أشقى الأشقياء عبد الرحمن ابن ملجم المرادي وسيبقى في هذ العذاب إلى يوم القيامة .
سألته : ومن أين جاء به هذا الطائر وأين ذهب به ؟
أجاب : مستقره في وادي عذاب .
سألته مدهوشا : وأين هو وادي عذاب ؟
قال : إنه جانب من وادي برهوت يتعذب فيه الكافرون والمنافقون وإني أتمنى أن لا يكون مرورنا منه . وبدوري تمنيت ذلك وأنا أشعر بالخوف يهيمن على وجودي



يتبع..


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.06 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-03-2009 الساعة : 02:47 PM


... الجـــــزء العـــــاشر ...

... هـــــدية مـــــن الدنيـــــا ...

بعد قطعنا الطريق الطويل جدا وصلنا إلى واد خطير ورهيب للغاية . فأصابتني رعدة خوفا من أن يطل الذنب مرة أخرى من مكمنه ويداهمني . توقفت وأخذت أفكر بالمصاعب الكثيرة التي كنت ألاقيها في طريقي , عاد إلي (( حسن )) وقال : لم توقفت ؟ هيا نتحرك .
قلت : إنني أخاف . قال : لا مفر لك , لابد من السير .
تحركت نحو الأسفل مضطربا , وما أن سرت خطوات من شفير الوادي نحو الأسفل حتى أطل من الجانب الآخر للوادي مخلوق نوراني له جناح وفي طرفة عين جاء عند (( حسن )) وبعد أن استفسر عن أحوالي سلمه رسالة ثم ودعنا وعاد مسرعا . وبعد أن قرأ (( حسن )) الرسالة وضعها في صحيفة أعمالي والتفت إلي وقال : أبشرك , فسألته مندهشا : ما الأمر ؟ قال : بعث أهل بيتك وأصدقاؤك بهدية إليك وجاء بها هذا الملك إليك وسيقلل من همك وغمك بمقدارها .
قلت : وكيف ؟ قال (( حسن )) وهو يشير إلى ذلك الوادي الرهيب : سوف لن نعبر من هذا الوادي نتيجة لهذه الهدية التي هي عبارة عن تلاوة للقرآن وإقامة مجلس تذكر فيه مصيبة الحسين بن علي ـ عليهما السلام ـ والدموع التي أهيلت من أجله .
سررت لهذا الخبر ودعوت لهم جميعا بالمغفرة . ثم عدنا أدراجنا من ذلك الطريق الذي قطعناه وسلكنا طريقا أكثر يسرا

... أوديـــــة الإرتـــــداد ...

بعد قليل وصلنا معبرا ضيقا على جانبيه أودية رهيبة , وكأن (( حسن )) كان ينتظر سؤالا مني فالتفت إلي قائلا : هذه الأودية الموحشة هي أودية الإرتداد ويستغرق الوصول إلى قعرها سنوات متمادية من سني الدنيا .
وفي قعرها أفران من النار هي صورة لنار جهنم , وأولئك القابعون فيها سيبقون فيها إلى يوم القيامة .
سيطرت علي الرهبة بحيث بركت في مكاني دون وعي مني . فرفعني (( حسن )) من مكاني وقال : ركز نظرك علي ولا تنظر إلى قعر الوادي أبدا . وهكذا تجرأت على السير في هذا الطريق الموحش .
في غضون ذلك عمت الوادي صرخة رهيبة فالتفت إلى الخلف فشاهدت رجلا يسقط إلى قعر الوادي , وفي وسط صرخاته وعويله الذي هز فؤادي , سمعت صوت ذنوبه .
كان (( حسن )) يشاهد المنظر مثلي فقال : إنه تعيس , فقد قطع الطريق إلى هنا بسلام , لكنه سيمكث في قعر الوادي حتى قيام الساعة . فسألته متعجبا : ولماذا ؟
قال إنه ارتد بعد سنين من إيمانه . ثم أخذت أدقق كثيرا في طريقي وكنت أضع قدمي في موطأ قدم (( حسن )) خشية السقوط .
ورغم زلات قدمي أحيانا لكننا قطعنا ذلك الطريق الشاق الصعب بسلام , ووضعنا أقدامنا في طريق ضيق كثير المنعطفات تحيط به تلال عالية ومنخفضة , وكان العبور منه محفوفا بالقلق والإضطراب

... خـــــدعة ...

كان (( حسن )) يواصل طريقه وأنا أتبعه بكل لهفة ولكن بقلب مضطرب . وصلنا مفترق طريقين فتوجه (( حسن )) نحو اليمين , غير أن يدا سوداء ضخمة كمت فمي وعيني ونتيجة للرائحة الكريهه التي كانت تنبعث منها عرفت أن ذلك هو الذنب .
حاولت إزاحة تلك اليد السوداء المغطاة بالشعر وحينما أفلحت واجهني شبح ذلك الذنب القبيح .
أصابني الذعر فحاولت الفرار واللحاق بـ(( حسن )) غير أن الذنب سحب يدي بقوة وقال : هل نسيت عهدك ؟
فأجبته مذعورا : أي عهد هذا ؟
قال : لقد كنت في الدنيا تصحبني , وعاهدتني أن نكون معا في هذا العالم أيضا , قلت : إنني لا أعرفك أبدا , قال : إنك تعرفني جيدا لكنك لم ترى صورتي ,. الآن وقد تفتحت رؤيتك وأخذت تشاهدني . قلت : حسنا , ماذا تريد مني الآن ؟ قال : إني ألاحقكم منذ بداية الرحلة وحتى الآن , وقد حاولت اللحاق بك في وادي الإرتداد فلم أفلح .
قلت : وماذا كنت تريد مني هناك ؟
قال : أردت المرور بك من ذلك الوادي .
فصرخت منزعجا : يعني إنك كنت ترد تكبيلي حتى قيام الساعة !
قال : كلا لقد كنت أريد إيصالك إلى مرامك بأسرع وقت , ولكن لا بأس , فإنني أعرف طريقا سهلا لا يعرف به أي شخص آخر .
قلت : وحتى (( حسن ))؟
قال : كن على ثقة لو كان على علم به لما أخذ بيدك عبر هذا الطريق الصعب , وهنا تذكرت (( حسن )) حيث تقدمني متصورا أنني أسير خلفه .
ضاق صدري وطلبت من (( الذنب )) أن يتركني , لكنه في هذه المرة هددني واحمرت عيناه فأصبحتا كبؤرتي دم وقال : إما أن تأتي معي أو أعيدك إلى حيث جئت .
لما سمعت هذا الكلام ارتعد بدني واضطررت لمرافقته شريطة أن أتقدمه وهو يدلني من خلفي لأن مجرد رؤيته كانت تمثل عذابا بالنسبة لي .
وهكذا تقدمت في الطريق المتجه يسارا وبعد فترة من المسير وصلنا كهفا كبيرا , ودون أن ألتفت إليه سألت الذنب : ما العمل ؟
قال : إنك ترى أنه لا طريق آخر أمامنا ولابد لنا من المرور من داخل الكهف .
دخلت الكهف لكن ظلمته التي تفوق التصور أرعبتني فسمعت صوت الذنب وهو يصرخ : لماذا توقفت ؟ الطريق ممهد ويخلو من الأخطار . واصل طريقك براحة بال .
تقدمت خطوات ثم توقفت ونظرت إلى ما حولي فلم يعد باب الكهف يرى .
كان الظلام يخيم على كل شيء , فخيم رعب عجيب على كياني , فناديت الذنب لكنني لم أسمع جوابا , ثم ناديت مرعوبا لكنني لم أسمع سوى صدى صوتي .
لم تنفك عني الرهبة والإضطراب , فأدرت برأسي لأرى ما يحيط بي لعلي أعثر على منفذ للهروب , لكنني لا أعرف أين بداية الكهف ولا نهايته .
جلست متحيرا نادما غمر قلبي الحزن والألم وبكيت لفراق صديقي الحميم الوفي (( حسن )) وإذا بي في تلك الأثناء أسمع صوت شخص يمر قد نبهني , ففتحت مسامعي عسى أن أعرف جهة الصوت , فانشرح فؤادي لعطر (( حسن )) الأخاذ , فترقرقت في عيوني دموع الشوق .
فتحت ذراعي وضممته إلي مسرورا ورويت له ما جرى لئلا ينزعج مني . فقال (( حسن )): لما شعرت بعدم وجودك على أثري رجعت من نفس الطريق وعرفت بالأمر من خلال الرائحة الكريهه التي كانت تنبعث من الطريق المتجه نحو اليسار فسرت في نفس الإتجاه لكنني لم أعثر عليك رغم بحثي عنك , حتى وصلت قرب الغار فشاهدت الذنب ولما رآني ولى هاربا . حينها عرفت أنه قد خدعك , وعندما دخلت الكهف سمعت عن بعد صوت بكاء ونحيب فسررت وأسرعت نحوك .


يتبع غدًا..


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.06 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-03-2009 الساعة : 02:37 PM


... الجـــــزء الحـــــادي عشـــــر ...


... التوبـــــة ...

وبعد صمت واصل (( حسن )): لقد كان هذا الطريق مقدر لك سلفا لكن جرى استثناؤه وذلك لتوبتك , رغم محاولات الذنب في إعادتك إلى ذلك الطريق .
قلت : لقد كانت توبتي من الذنوب الكثيرة التي ارتكبتها صغيرها وكبيرها . قال : إنه طريق رهيب للغاية كان عليك قطعه لولا توبتك وهو بالإضافة إلى طوله ومنعطفاته ومعابره الضيقة والمظلمة , فإنك لا تأمن ما فيه من حيوانات وحشية , ثم أخذ (( حسن )) بيدي وقال : هيا بنا نعود إلى طريقنا السابق .
قطعنا ما تبقى من الطريق حتى وصلنا مكانا فسيحا يشبه المستنقع ولما وضعت قدمي بركت فيه حتى الركبة . وكان (( حسن )) يسير بسهولة , فلما رآني تراجع إلى الخلف وطلب مني أن أمسك بيدي على رقبته ليعينني . غطست في المستنقع حتى فمي ولم تعد لدي إمكانية الصراخ وطلب المعونة , وإذا بذلك الملك يطل علينا وناول (( حسن )) حبلا وقال له : هذا الحبل كان هو قد أرسله سلفا فأعنه كي يتخلص . ذهب الملك وألقى (( حسن )) بالحبل إلي فاستطعت الإمساك بالحبل والتخلص من تلك الهلكة , ولما تجاوزنا المستنقع سألت (( حسن )): ما هو مراد الملك من القول : هذا الحبل كان هو قد أرسله ؟
قال (( حسن )): لو أنك تتذكر , قبل عشر سنوات من موتك قمت بتشييد مدرسة يتعلم فيها الأطفال الآن , فخيراتها هي التي أدت إلى خلاصك من هذه المحنة وحضرت عندك لتنقذك .
أيدت ما قاله (( حسن )) ثم قلت متبخترا : قبل خمس سنوات قمت بتشييد مسجد , فأين أصبحت خيراته ؟ ابتسم (( حسن )) وقال : بما أن بناءك للمسجد كان رياء , من أجل الشهرة وليس في سبيل الله فإنك قد تلقيت الأجر من الناس . قلت : وأي أجر ؟
قال : المدح والثناء من قبل الناس , تذكر ما كان يدور في قلبك حينما كان يمدحك الناس , لقد كنت تقدم رضاهم على رضا ربك , واعلم أن الله إنما يتقبل الأعمال التي تؤدى لأجله وحسب .
استحوذت علي حالة من الحسرة والندامة من ناحية , ومن ناحية أخرى شعرت بالخجل وأخذت بتوبيخ نفسي , أرأيت كيف ضيعت أعمالك بالرياء وحب الذات في حين كان باستطاعتها إغاثتك في مثل هذا اليوم ؟.

... موكـــــب الشهـــــداء ...

(( طوبى لأولئك الذين مضوا شهداء فلا تفكروا بمنزلتهم فإن أفكاركم قاصرة عن بلوغ ذلك , بل فكروا بطريقهم وهدفهم ))


واصلنا سيرنا في وسط صحراء مترامية الأطراف , ولم تخف حرارة الجو أبدا , واستولى علي الإرهاق ولم تبقى في قدرة على مواصلة الطريق .
في تلك الأثناء سمعت أصواتا فأدرت برأسي نحو يمين الصحراء , فشاهدت منظرا مثيرا , إذ رأيت مجموعة من الناس قد اخترقت الصحراء ومضت بسرعة فائقة ولم يخلفوا وراءهم سوى الغبار , فتوقفت متعجبا وأخذت أنظر إلى الغبار المتطاير , ثم حركني (( حسن )) فانتبهت على نفسي , وأردت أن أسأله فسبقني (( حسن )) وقال : هل شاهدت المنظر ؟, قلت : ومن هؤلاء ؟
قال : هؤلاء زمرة من الشهداء .
قلت مذهولا : الشهداء ؟
قال : نعم الشهداء .
قلت : وأين يريدون ؟
قال : وادي السلام .
فأدرت برأسي نحو (( حسن )) متعجبا وقلت وادي السلام !
قال : نعم وادي السلام .
قلت : لقد ذللنا هذه المسافة الطويلة بما فيها من مشقات ومحن كي نسعد يوما بالوصول لوادي السلام , وها أنت تقول أن هؤلاء يتوجهون نحو وادي السلام بهذه السرعة , فهل هنالك فارق بيننا وبينهم ؟
فطبعت ابتسامة على وجه (( حسن )) وقال : بينك وبينهم فرق بين السماء والأرض ثم واصل كلامه : لقد عبدت الله في الدنيا على عجل فعليك الآن أن تقطع الطريق بمشقة وصعوبة , أين أنت من الشهداء فالشهيد تغفر ذنوبه بمجرد أن تسقط أول قطرة من دمه على الأرض وتذلل له الطرق .
وفي يوم القيامة أيضا أول من يدخل الجنة الشهداء , فإنهم قطعوا طريق مائة عام في ليلة واحدة , وها هم اليوم يقطعون وادي برهوت في طرفة عين .
فغبطت الشهداء على منزلتهم وأخذت أردد : طوبى لهم حسن مآب .


تابع..


من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية فطومة الحلوة
فطومة الحلوة
عضو برونزي
رقم العضوية : 14474
الإنتساب : Dec 2007
المشاركات : 411
بمعدل : 0.06 يوميا

فطومة الحلوة غير متصل

 عرض البوم صور فطومة الحلوة

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-03-2009 الساعة : 02:40 PM


... الجـــــزء الثانـــــي عشـــــر ...

... نيـــــران الحســـــرة ...

لشدة ما انتابتني من حسرة وغم جلست وأخذت أحدث نفسي : أية درجة ومنزلة هذه منذ مدة وأنا أدور في هذه الصحراء وواجهت الكثير من العوائق والمصاعب ولازلت لم أصل بعد إلى نتيجة .
لكن هؤلاء بلغوا مقصدهم بهذه السرعة , فحقا طوبى لأولئك مضوا شهداء .
سالت الدموع على وجنتي وبلغت روحي حنجرتي .
بكيت وبكيت بصوت عال حتى أخرجت ما في فؤادي من عقد الدنيا ... لكن الحسرة والغبطة لموكب الشهداء بقيت في قلبي , وهل يمحوها البكاء ؟
جاءني (( حسن )) بهدوء وأخذ يهدئ من روعي ويشجعني على مواصلة الطريق الذي كان طويلا مضنيا .

رغم قطعنا لمسافة طويلة من الطريق لكن لم تلح في الأفق نهاية الصحراء .
وعلى بعد رأيت عمودا أسودا ما بين عمق الأرض والسماء يتصل بنيران السماء ودخانها وهو يتحرك , ولما اقترب ظهر أنه يشبه الغبار يدور حول نفسه , ولما رأيته التصقت بـ(( حسن )) ولفني الرعب والهلع فسألته : ما هذا العمود ؟
قال : إنه غبار الشهوات يدور حول نفسه بسرعة مذهلة .
قلت له مضطربا : وما العمل في هذه الحالة ؟ فالغبار يتجه نحونا بسرعة لا توصف وهو يلف كل ما يحيط به .
قال (( حسن )): أحط بيديك حول ظهري , وانتبه لئلا يفصلك الغبار عني .
أخذ الغبار يقترب منا شيئا فشيئا بصوت المرعب , وأخذ اضطرابي يزداد ويزداد حتى أصبح الجو مظلما خلال طرفة عين .
لقد أحاط بنا الغبار وحاول لفنا إليه غير أن (( حسن )) قد التصق بالأرض كالطود , وقد استطعت السيطرة على نفسي بصعوبة بالغة في حين قبضت بيدي على ظهر (( حسن )).
كنت بين الحين والآخر أسمع صوت (( حسن )) وسط ضجيج الغبار وهو ينادي : انتبه لا يفرقك الغبار عني !
كانت لحظات غاية في الصعوبة وكنت أخشى أن يفرقني الغبار عن (( حسن )) لقد وهنت يداي وتثاقلت أذناي فلم أعد أسمع صوت (( حسن )).
وفجأة فلتت يداي عن (( حسن )) وبطرفة عين ابتعدت عن (( حسن )) عدة كيلومترات وألقى بي نحو الأعلى .
كان الغبار يدور ولشدة الضجيج وارتفاع درجات الحرارة فقدت الوعي , ولما فتحت عيني شاهدت الشبح الأسود الموحش للذنب واقفا فوق رأسي وكانت رائحته الكريهة تؤذيني فنهضت بسرعة وحينما حاولت الهرب قبض على يدي بقوة وجذبني نحوه وقال : إلى أين أيها الصديق عديم الوفاء ؟ أتفضل مرافقة (( حسن )) على مرافقتي ؟ في حين أنك اخترتني رفيقا في الدنيا .
نظرت إلى وجه الذنب نظرة سريعة فلمست أن هيكله قد صغر قليلا .
ودون أن أنتبه إلى كلامه سألته : ما الخبر , فقد أصبحت ضعيفا ونحيفا ؟
قال منزعجا : كل ما أتجرعه هو بسبب (( حسن )).
فسألته متعجبا : بسبب (( حسن ))؟
قال : نعم , فلقد فرقك عني ليؤذيك قليلا من خلال مرورك من طرق معقدة وصعبة .
قلت : حسنا , وما علاقة أذيتي بضعفك ؟ فأجاب منزعجا : كلما يزداد عذابك يصيبني الضعف أكثر فأكثر وتذوب لحوم بدني وإذا ما وصلت إلى وادي السلام لن يبقى لي أثر , ثم عظ على نواجذه وقال : الآن الدور لي فلابد أن ترافقني .

... إلـــــى النـــــار ...
وأنا أرتعش من شدة الخوف والرهبة , سألته : إلى أين ؟ فأشار الذنب إلى جبل إلى يساره وقال : خلف هذا الجبل هنالك وادي جميل أود أن تبقى فيه إلى يوم القيامة .
كنت أعلم أن لا جدوى من العناد واللف والدوران , فسرت في الطريق الذي أشار إليه , فتقدم هو مسرورا عجولا وبين الحين والآخر يلتفت ويشجعني على مواصلة الطريق .
وبالرغم من أنني لم أرى خيرا من الذنب وبشاراته المتكررة وسروره الغير مبرر حفزني على الإستمرار في المسير .
أخذت أفكر مع نفسي عسى أن ألتقي بـ(( حسن )) خلف الجبل , ولعل وادي السلام يقع خلف الجبل وأن الغبار قد أدناني منه , ولكن هل يمكن الوصول إلى وادي السلام بدون (( حسن ))؟
قطعنا منتصف الجبل فتناهت إلى مسامعي أصوات نحيب , فواصلت الطريق دون أن أكترث لها , وكلما اقتربنا من قمة الجبل يزداد صوت النحيب حتى استحوذ علي الحوف والرعب فتوقفت وقلت للذنب : ما هذه الأصوات التي أسمعها , فأجاب الذنب مضطربا : أية أصوات ؟
قلت : هذه الأصوات والصرخات التي تصدر من خلف هذا الجبل فتقطع فؤادي .
قال الذنب : إنني لا أسمع صوتا لعلها هلاهل وأفراح أهالي تلك المنطقة المنعمين .
فقلت له : إنني أسمع أصواتا وصرخات أشبه ما تكون بالصياح والعويل .
فقال الذنب : قلت لك إنني لا أسمع صوتا فلا تضيع الوقت بلا داعي , واصل الطريق بسرعة فالوقت ضيق والطريق طويل .
هنا فهمت أن الذنب يخفي شيئا وهو يتظاهر بعدم السماع , ولم يكن هنالك من مناص فلقد أبعدني الغبار عن (( حسن )) وأصبحت الآن أسيرا بيد الذنب , يا ليتني لم أترك (( حسن )) لكن الغبار كان من القوة بحيث أبعدني عنه .
كنت أسير خلف الذنب بين طيات الجبل يعتريني الشك والتردد وإذا بي أسمع صوت (( حسن )) وهو يصيح بي : قف جانبا , ففعلت وإذا بصخرة كبيرة تسقط على رأس الذنب ألقت به في قعر الوادي .
عندما شاهدت (( حسن )) مقبلا علي من أعلى الجبل واحتضنني , سررت لرؤية ذلك الوجه الجميل والعطر الفواح ووضعت رأسي على كتفه وأخذت أبكي .
قال لي (( حسن )) وهو يمسح دموعي والبسمة ترتسم على شفتيه : ماذا تفعل هنا يا صديقي ؟ أتدري أين أنت الآن ؟
قلت : كلا , فهز (( حسن )) رأسه وقال : إنك على شفا وادي العذاب , لقد سمعت بإسم هذا الوادي سابقا من (( حسن )) لكنني لم أصدق أبدا أنني سأقترب من هذا الواد الخطير , طلبت من (( حسن )) أن يحدثني عن هذا الوادي فاستجاب لي وقال : إنه مستقر الذين يعجزون عن العبور من برهوت ولن تكون لهم القدرة على العبور من الصراط يوم القيامة وبالتالي فإنهم سيسقطون في قعر جهنم , وهنا تلفحهم نفحة من نيران جهنم , أما في القيامة فإنهم سيستقرون فيها .
لقد أرعبني اسم وادي العذاب ووقوفي على شفيره , وبعد أن هون (( حسن )) من روعي دعاني للإستراحة قليلا لرفع التعب .


أحبتي الأعضاء نظرا لطول الجزء الثاني عشر قررت أن أجعله قسمين ولقد كتبت القسم الأول الآن وإن شاء الله سوف أكتب لكم القسم الثاني غدا



من مواضيع : فطومة الحلوة 0 السلام عليكم
0 قبر البخاري بالصور
0 الامام علي (عليه السلام) وخزائن الأرض‎
0 كتاب الجفر الجامع للإمام علي بن أبي طالب ... Pdf
0 {النور الحسيني} رواية قصيرة وجميلة

الصورة الرمزية نسايم
نسايم
شيعي حسيني
رقم العضوية : 18676
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 7,218
بمعدل : 1.16 يوميا

نسايم غير متصل

 عرض البوم صور نسايم

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : فطومة الحلوة المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-03-2009 الساعة : 04:40 PM



الشكر الجزيل لمجهودك الرائع اخيتي الفاضلة


بانتظار المزيد من مشاركاتك المتميزة




توقيع : نسايم

يا باب الحوائــج حاجتي يمكــ
عليك اقسم بضلع الطاهرة امــكـ


إلهي أسئلك العفو والعافية

عافية الدنيا والأخرة
من مواضيع : نسايم 0 رائحة القهوة
0 فلكي يصف إمكانية رؤية قمرين بـ«كذبة أغسطس»
0 سحابة «سـوداء» أخفت برج سـاعة مكـة
0 بالورد والياسمين نرحب بالأخ العزيز الرادود علي حامد الكاظمي
0 الشاعر واثق العيساوي والملا باسم الكربلائي في قصيدة ماجينه
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 01:32 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية