العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية نسايم
نسايم
شيعي حسيني
رقم العضوية : 18676
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 7,218
بمعدل : 1.15 يوميا

نسايم غير متصل

 عرض البوم صور نسايم

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-03-2009 الساعة : 03:05 AM



هههههههههههههههههههههههه

حتى انا ذكرتني بايام المدرسة


ههههههههه لكن احنا الخامسة بالقطيف


المكيفين الي عمره مايبرد حتى في الشتا

والمروحة الي اتضيق الخلق لانها اتطير شعرنا وسالفة الي يقول شغلوها والي اتقول طفوها ههههههههههه

سكتي ولما قريت ثاني ثاني هههههههههه هذي عاد رجعتني للماضي

المشاوطة من ثاني ثاني الي ثاني اول من تطلع المعلمة من الفصل

جد الله يذكر ايام المدرسة بالخير


توقيع : نسايم

يا باب الحوائــج حاجتي يمكــ
عليك اقسم بضلع الطاهرة امــكـ


إلهي أسئلك العفو والعافية

عافية الدنيا والأخرة
من مواضيع : نسايم 0 رائحة القهوة
0 فلكي يصف إمكانية رؤية قمرين بـ«كذبة أغسطس»
0 سحابة «سـوداء» أخفت برج سـاعة مكـة
0 بالورد والياسمين نرحب بالأخ العزيز الرادود علي حامد الكاظمي
0 الشاعر واثق العيساوي والملا باسم الكربلائي في قصيدة ماجينه

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.34 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-03-2009 الساعة : 05:54 PM



بيت "هدى"

في بقعة على وجه الأرض تحتضن القطيف حيّا من أحيائها الحائرة بين الحداثة و القدم اسمه الوسادة ، و قد وهبته موقعا حنونا كما تهب الأم أصغر أبنائها ، فعلى الجانب الشرقي من هذا الحي يمتد شارع الإمام علي الذي يبدأ من سوق القطيف المركزية في مياس(1) ليمر بالمدارس و المدني و باب الشمال ليفصل بين البستان و الوسادة و يكمل مشواره ليجاور البحاري و القديح ثم يخترق العوامية و يقف عند الحدود الشمالية لصفوى ، وقد قدر لهذا الطريق أن يكون تجاريا زراعيا سكنيا في أغلب مسيرته و صناعيا في الجزء المحادي للبحاري و بعض القسم المخترق لصفوى ، و رغم أن هذا الطريق يخدم شريحة كبيرة من السكان إلا أنه يرفض التوسع إلا عندما تفتح له صفوى قلبها ، أما على الجانب الغربي لحي الوسادة فيختال طريق الملك "" المشجر الواسع الذي يبدأ مسيره من القديح و البحاري ليحد الوسادة ثم يفصل التوبي عن سوق الخميس و يكمل مسيره نحو الدمام مارّا بسيهات ، ولهذين الطريقين أثرهما في جعل حي الوسادة استراتيجيا ، إذ لا تفصل القاطنين لهذا الحي عن مياس أو سوق الخميس إلا مسافة قصيرة يستطيع من يمشي الهوينة أن يقطعها في بضع دقائق ، و تربض - كما أسلفنا – المدرسة الثانوية الأولى للبنات بالقطيف شمال الحي و تحرسه في الجنوب مدرسة القطيف الثانوية للبنين ، و لأن هذه البقعة من القطيف تحب العلم و التعليم فقد وهبت ثلاث قطع من جسدها لإقامة مدارس ، فبالإضافة لشمالها و جنوبها تحتل مساحة كبيرة في مركز الحي المدرسة الابتدائية الثانية للبنات بالقطيف ، و عندما تطل المدرسة الأولى للبنات على أرض خالية شمالا فإن شارعين يصلان شارع الإمام علي بطريق الملك "" أحدهما يحدها من الجنوب مارّا بمدرسة القطيف الثانوية و الآخر يشق الوسادة من المنتصف مارّا بالمدرسة الابتدائية و من هذا الطريق تتفرع أزقة صغيرة يقود الزقاق الثاني المتجه جنوبا منها إلى بيت يفترش الأرض النخيلية وحيدا لا يسند ظهره لأي منزل ، و لا تفصله عن مدرسة القطيف الثانوية سوى خطوات جنوبية ، و عن مدرسة البنات الابتدائية غير خطوات غربية ، كان هذا المنزل (2) يضم بين جنباته أسرة "أبي حسن" .

لم يحط بالمنزل منذ بنائه أي سور أو سياج بل كان ينفتح الباب الرئيس المفتوح على الشرق على دهليز ضيق يشق طريقه بين بركة صغيرة تحت السلم و جدار المجلس إلى صالة الجلوس و المطبخ ، إذ يطل باب الصالة على أول درجة للسلم إلى يمين الداخل في نهاية الدهليز ، أما المطبخ فيقع في نهاية الدهليز تماما ، بينما تقود الدرجة إلى غرفة نوم "أبي حسن" فقط .
و ينفتح من الصالة ثلاثة أبواب يتوسط الأول شمالها ليقود إلى غرفة "هدى" و ينزوي الثاني في ممر شمال شرق الصالة لينفتح على غرفة "حسن" و "حسين" أما الباب الثالث فكان على يسار الخارج من غرفة الصبيين شرق الصالة يؤدي إلى دورة المياه ، أما الجهة الغربية فتنفتح فيها نافذة صغيرة مسيجة بقضبان تحرزية ويبرز إلى يمين النافذة مكيف بغلاف بني ، يساند المكيف مروحة تنحدر من مركز السقف بثلاثة أطراف ، تقف مكتبة خشبية تحمل في بطنها تلفزيونا متوسط الحجم مخشب الإطار ، و جهاز فيديو أسود و تبرز من فتحاتها بعض التحف الفخارية...


**********

يتساقط المطر رذاذا يثير الغبار و يداعب هواجس الناس ، الرذاذ في القطيف لا يبشر بجذب أو رخاء ، هو فقط رذاذ أو قطرات مطر تسقط لتخيف الشيوخ و الأطفال ، الفقراء و المساكين و العاملين في الهواء الطلق ، تخيف الطلاب و الطالبات ، و تصنع الحوادث المرورية ، غول مخيف يداهم قلوب الكثيرين ، الغيوم وحدها تنذر بوابل و تخبر أن هذا الرذاذ ماهو إلا رسول ، بدأت الطالبات بالانتشار خارج سور المدرسة الثانوية ، من لاذت بركوب الباص تراقب الأخريات ، و الماشيات يجدن في السير ، و انهمر السيل السماوي ، قرع المطر يثير الرعب في نفوس مستقلات الباص ، و يشل تفكير من تبللت عباءاتهن و سد طريقهن ، أطلت "هدى" و"أمل" من بوابة المبنى الداخلية ، كان المطر يضرب أرض الساحة الخالية أمامهما و يرتد إلى الهواء ثم يسقط مرة أخرى ، انضمتا إلى من حبسهن المطر عن الخروج ، كان السرب الذي يشاهد المطر تحت حماية المبنى يأمل أن يقف المطر أو يخفف من وطأته ، كلما تسرب الوقت تسربت الطالبات يأسا من هدوء المطر ، هتفت "أمل":- أرى أن المطر لن يتوقف... أنا ذاهبة..
- لا.. لا أستطيع... سأنتظر حتى يهدأ
- مع السلامة
- مع السلامة
و تسرب اليأس إلى صدر "هدى" ، لم يبق في السرب أكثر من عشر طالبات ، هيأت نفسها لخوض مغامرة المشي تحت المطر و فوق الطين ، حملت حقيبتها على كتفها ، أخفت طرفا تحت الآخر و أمسكت بالطرف الخارج بقوة ، خطت خطوتها الأولى بحذر ، رفعت رجلها الأخرى بآلية بطيئة ، ثم ركضت على قمم أصابعها إلى باب السور الخارجي ، و اندفعت مسارعة خطواتها ، لتشق عباب الطين شقا...

الأزقة الوعرة تزداد وعورة عندما يهطل المطر ، الإسفلت المهترئ يستسلم لوطأة القطرات الغاضبة كما يستسلم الزجاج للجماهير الغاضبة ، سلكت "هدى" طرقا ملتوية قادتها إلى طرقا ملتوية ، و المطر يهاجمها أينما يممت وجهها ، وقفت أمام الباب في شلل تام ، البركة التي أحاطت بالباب تعيقها عن الولوج ، سارع المطر هطوله فأصبح "العدو من أمامكم و البحر من ورائكم" ، قفزت ثلاث خطوات متباعدة ، تطاير الماء فلطّخ عباءتها بينما هي مندفعة إلى المنزل ، كانت "أم حسن" تقف في المطبخ تراقب القدر الخاضع للنار ، فأطلت من الباب و هي تهتف:
- انزعي حذاءك قبل أن تدخلي بكل...
توقفت الكلمات في فيها ، كانت "هدى" قد وصلت باندفاعها إلى نهاية الدهليز ، جمدت أمام نظرات أمها الحادة كالبركان الذي سيثور ، تشهدت و قرأت السورة الفاتحة، صرخت "أم حسن" في وجهها...
- ما هذا؟؟ انظري إلى حالك!... أ هذا منظر فتاة عاقلة؟؟ كأنك طفلة لعبت في الوحل ، ثم ما هذا؟؟ لماذا وصلتِ إلى هنا؟؟ لماذا لم تنزعي وحلك هذا من أقدامكِ؟ وسختي أرض الدهليز...
- توجد بركة على الباب ، و المطر يهطل بغزارة...
- و إن هطل المطر بغزارة تقفزين إلى المنزل كالمجنونة؟؟ ما هذا؟؟ لابد أنك عدتِ إلى طفولتكِ... كلا... في طفولتكِ لم تفعليها... ربما هي طفولة متأخرة... انظري... انظري إلى عباءتكِ... أ هذه عباءة فتاة في الثانوية؟؟؟ لقد تزوجت أبيكِ و أنا أصغر منك بسنين ، عندما كنت في عمرك كنت أربيكِ أنت و أخاك "حسن"... لماذا أنت واقفة؟.. انزعي عباءتك و اغسلي الأرض قبل أن..
و رفعت "أم حسن" يدها بكف مضمومة...

- ... أدخل النار بسببك...
كانت "هدى" تستمع إلى صراخ أمها ، وذهنها يحسب حساباته المختلفة ، ها هي أعمال إضافية قد سجلت نفسها في جدولها لهذا اليوم ، عباءتها التي تشجرت بالوحل يستحيل الذهاب بها إلى المدرسة قبل إخضاعها إلى عمليتي الغسيل و النشر ، أرض الدهليز الملطخ بما حمل حذائها ، أعمالها الإصلية التي تستغرق أغلب عصرها ، نزعت عباءتها و ألقتها في الحمام و لم تدخل غرفتها حتى عادة تحمل مريولها و رمته إلى جانب العباءة بوجه محمل بكل تعابير الغضب و الاعتراض ، حملت طشتها و أدوات التنظيف و خرجت إلى الدهليز ، لم تبدأ الغسل حتى صرخت "أم حسن" في وجهها...

- متى ستتقنين أعمالكِ... ضعي شيئا من سائل الغسيل...
دخلت "هدى" المطبخ لتجلب علبة الغسيل فأوقفتها "أم حسن"...
- الغذاء جاهز... إذا قدم أخويك ضعيه لهما... أنا سأذهب إلى جارتنا "أم عباس" ، سيأتيها ضيوف و أريد أن أساعدها...
- إن شاء الله...

عادت "هدى" تسكب و تشطب المزيج الذي ألفته من الغسيل و الماء ، كانت تدعو أن يتوقف المطر إلى الأبد ، خرجت "أم حسن" بعباءتها ، توقفت عند "هدى"...

- أريد أن أرى البيت نظيفا عندما أعود ، رتبي غرفة أخويك و غرفتك ، و إذا أتيا ضعي لهما الغذاء ، و لا تنسي أن تغسلي الملابس و الصحون ، و إذا أتى "حسين" راجعي معه دروسه..
- لن يقبل ذلك...
- إذا لم يراجع معك فالعصا بانتظاره...
- إن شاء الله...
- و حافظي على نظافة المنزل..
- إن شاء الله..
فتحت "أم حسن" باب المنزل فتوقفت أمام البركة التي تكونت من المطر ، كان المطر قد خفف وطأته و شارف على الوقوف ، فعادت لتكمل تعليماتها..
- ضعي قطعت سجاد إضافية أمام الباب قبل أن يأتي أخواكِ أو أبوك و يصنعان مثلما صنعتِ..
- إن شاء الله..
- و لا تنسي أن تحافظي على المنزل نظيفا...
- إن شاء الله..
و خرجت "أم حسن" و لم تكد تفعل ذلك فوقفت "هدى" و تنفست الصعداء ثم هتفت:
- آه... أخيرا خرجت...




توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.34 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-03-2009 الساعة : 02:25 AM



انتهت "هدى" من غسيل الأرضية المتسخة و دخلت تبحث عن قطعة السجاد التي أوصت بها أمها ، وقفت حائرة أي قطعة سجاد قصدت والدتها؟ ترفع السجادة الزرقاء الطويلة فينتابها شك بأنها لا تناسب عرض الدهليز فتطرحها ، تهم بحمل الخضراء فتسمع داخلها من يناديها بأن هذه عزيزة على قلب أمك و لا يمكن أن تضحي بها ، أجالت بصرها تحاول أن تتذكر قطعة تناسب المكان و الزمان ، تشعر أن قلبها يتخطف لعجزها عن التصرف في هذا الموقف ، أجالت كفها على شعرها ، كان صوت أخيها "حسن" يناديها من أمام المطبخ:
- "هدى"... لقد اتسخت أرضية الدهليز..

هرولت إلى الدهليز ، عاد كما كان قبل تنظيفه و أكثر ، أمسكت رأسها بكفها الأيمن ، ووضعت يدها الأخرى على خاصرتها ، أمارات القهر الممزوج بالضعف تعلو وجهها ، نقلت بصرها بين أخيها و بين أرض الدهليز ، كان يضع كفه على رأسه كمن يبرر شيئا ما ، تمتم:

- لم أنتبه لكل تلك الأوساخ التي في حذائي...

نظرت إلى رجليه ، كان لا يزال ينتعل الحذاء المليء بالطين و الوحل ، سألته بسخرية غاضبة:

- نعم... سمعي اليوم يخذلني... ماذا قلت؟؟ ربما لم تنتبه أنها تمطر...

- صدقيني... لم أنتبه...

- لماذا لا تخلع نعليك و تصوم عن الحديث برهة...

خلفته يخلع نعليه و دخلت تجلب أدوات الغسيل من جديد...

تسكب محلول الغسيل و فكرها يشتعل غضبا على كل شيء ، المطر الذي أضاف لها مهام إضافية ، و القدر الذي وهبها أخوين مهملين و لم يرزقها أخت أخرى تساعدها ، ينتابها الشعور بالظلم لأنها فتاة ، ولأنها وحيدة ، و لأنها تبذل جهدا لتصلح ما يفسده الآخرون ، انفتح الباب الخارجي ليطل وجه "حسين" المترقب ، هتفت قبل أن يضع رجله اليمنى على الأرض:

- أين؟ أين؟...

تسمر مكانه ، و ضع يده على قلبه و هو يقول :

- بسم الله الرحمن الرحيم.. ما بك؟ هل غيروا المنزل؟

- لا.. لكن لم يجلب أبوك خادمة لتغسل الأرض التي تتسخ بحذائك..

- آها... هل أمي في المنزل؟

- لن أخبرك قبل أن تخلع حذائك...

خلع نعليه و هو يهتف:

- ها قد خلعته... أين أمي؟

- أمك.. ليست في المنزل..

- هذا رائع...

و اندفع إلى الداخل مشيعا بنظرات "هدى" ، و لم تكد تعود إلى الغسيل حتى مرّ إلى جانبها طيف "حسين" ، رفعت رأسها و إذا به قد وصل إلى الباب ، و لا جدوى من العدو خلفه ، صرخت:

- توقف..

استدار ليقابلها:

- ماذا هناك؟ أتريدين أن ألبس حذائي؟

- لا... أريدك أن تبقى في المنزل... لكي تسترجع دروسك...

- و هل أصبحتِ صاحبة أمري؟؟

- لا..

- مع السلامة

و قفت تندب حظها ، من سينجدها من غضب أمها؟ لم تكن خطيئتها لكن من سيقنع أمها ، تمسك بعصى الشاطفة حائرة في أمرها ، مشدودة الأعصاب ، لا تقوى على التفكير ، إذ أطل عليها "حسن" برأس لا تنقصه الابتسامة وهو يهتف:

- ما زلتِ تشطفين؟ سأموت من الجوع...

- الغذاء في القدر...

- لكن من يخرج الغذاء يشطف الأرض..

- لن أضع لك شيء... استخدم أناملك الرقيقة..

انتهت من الشطف و دخلت دورة المياه تفرز الثياب ، فأطل عليها "حسن" بملامح تحدٍ ، أظهر من خلفه فردة حذاء متسخة ، هو يهتف:

- متى ستضعين الغذاء؟

وقفت تنظر إليه برهة ، تتمنى أن تنقلب إلى لبوة فتنشب أظافرها في حلقه ، ضربت برجلها الأرض ، و خرجت إلى المطبخ و هي تدعو عليه بشتى المصائب ، وضعت له الغذاء فهتف بسخرية:

- شكرا لكِ يا آنسة...

- الله يحرق قلبك و يضعك في مصيبة لا تعرف لها حل..

أكمل سخريته :

- في أي المجموعات الرياضية؟


كانت خطوات في الدهليز تنبئها بأن ما تعبت في سبيله قد أفسد ببضع خطوات ، اندفعت إلى الدهليز ، وضعت كفها على رأسها ، قسمات وجهها تخبر عن قرب انهيار ، وقف والدها منشدها ، برهة من الصمت مزقها سؤال أبيها:

- ما بكِ؟

- لا شيء؟


- ما بكِ يا بنية؟

- لم أكد أنتهي من غسيل الدهليز..

نظر إلى الطين العالق في حذاءه ، عاد بصره إلى خطواته ، هتف:

- سامحيني يا بنيتي... لم أنتبه فالخبر الذي جئت به يهز الجبال...

- ماذا الخطب؟

- أين "حسن"؟

- لابد أنه يسمعك.. فهو في الصالون يتغذى..

أطل "حسن" بقسمات مرتعبة ، سأل"

- ما هو هذا الخبر؟

- غير ملابسك و البس البياض..

- لماذا؟

- صديقك "مصطفى"...

- ...

- توفي في حادث قبل قليل..

- ...

جرت دموع "هدى" الأنثوية ، أسندت رأسها إلى الحائط ، هتف "أبو حسن":

- إنا لله و إنا إليه راجعون... غير ملابسك و هيا بنا إلى المسجد ننتظر قدوم الجسد..

بعد خروج "حسن" مع أبيه ، كان إحساس داخل "هدى" يشعرها بالذنب ، لم تقصد أن يفقد "حسن" أحد أصدقائه ، ربما كانت غاضبة لكنها لم تقصد أن تقتل فتى في ريعان الشباب ، دخلت غرفتها و أغلقت الباب غارقة في بحر من الدموع


توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.34 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-03-2009 الساعة : 05:28 PM


الجغرافية كاذبة عندما نوقع عليها جامعة الملك فهد للبترول و المعادن ، على جبل صغير- في مدينة الظهران – تأوي مبانٍ صخرية اللون كمن تخشى شيئا ما في السماء ، بعض تلك المباني زاحفة لا تقوى على المشي فتراها متمددة بطولها على قمة الجبل ، و الأخرى واقفة تضحك على أخواتها ، هذه المباني اجتمعت ذات يوم و أطلقت على نفسها مسمى الجبل ، و لأنها تخشى الفتك .. لم تسمِ نفسها بأسماء تدل عليها ، بل أسقطت على نفسها أرقاما تعصمها من الاستهداف ، و عندما عجز شيخ المباني عن صعود الجبل نبذوه و استحقروه ، كانوا ينظرون إليه نظرة الدون و يطلقون عليه مسمى عربيا طويلا يختصره البعض إلى "الأوريا"..

القصص و الحكايا تتحدث عن أن هذا المبنى كان أول المباني وجودا ، و قد مرّ عليه أغلب الدارسين في الجامعة ، و لولا الاجتماع الغاشم لتلك المباني الرقمية لما أطلق عليه "مبنى السنة التحضيرية" ، فقد تُرك ذلك الشيخ الكبير لقمة سائغة لبني البشر ، و رضي أن يكون خادما لتلك المباني ، و كان يتمتم في بداية كل عام:
- سيد القوم خادمهم

و لا تكاد ينتهي العام الدراسي حتى يعلن أن هذا العام آخر أعوامه و أنه أوشك على الرحيل..

مبنى السنة التحضيرية يقع على بعد قرابة كيلو متر عن الجبل إلى الشرق ، و يحميه من شرقه شبك حديدي عن اختراقات الأعداء ، بينما إلى شماله تقبع بوابة الجامعة الرئيسة ، و جنوبه صحراء قاحلة طالما احتضنت أكثر السيارات الطلابية رفاهية ، و يفصل بينها وبين مطعم الجامعة شارع قصير فقط، و لم تكن تسميته بمبنى السنة التحضيرية عبثا ، فقد أخذ على عاتقه ترويض حركات الطلاب ونقلهم نقلة نوعية من محيط الدراسة الثانوية إلى الحياة الأكاديمية ، حتى إذا صعدوا الجبل تنكروا لجميله و ما عادوا إليه إلا مجبرين...

تحول "حسن" - كزملائه التحضيريين - على مدى شهر منذ توجهه مع "مصطفى" إلى الجامعة تحولا جذريا ، فقد كان في اليوم الأول يقف إلى جانب الشجرة الأزلية في الطريق الذي يشق الوسادة من المنتصف ، يرتدي ثوبا أبيضا و عيناه حمراوتان كأن لم يذق طعم النوم في الليلة البارحة ، عندما توقفت سيارة من نوع "تويوتا غراندي" بلون العنب و فتح "مصطفى" الباب و هو يهتف:
- هيا... بسرعة..

كان طابور السيارات خلف سيارة "مصطفى" يعلن التذمر عبر الأبواق ، لم يكد "حسن" يغلق الباب حتى أصدرت السيارة صوتا و خلفت أثر احتراق العجلات ، كان "حسن" يبحث في السيارة عن شيء غير مألوف ، "مصطفى" يلبس الجينز الأزرق و بلوزة بيضاء و قد سرح شعره تسريحة جديدة تناسب بشرته السمراء الداكنة ، كان يبتسم كلما التفت "حسن" باحثا في السيارة و هو يقول:
- أنا متأكد أن ثمة أمر مختلف في السيارة..

عندما وصل "مصطفى" شارع الملك عبد العزيز انعطف إلى اليسار ، باتجاه الدمام ثم لم يلبث أن انعطف يمينا عندما قرأ اللوحة المرشدة إلى الجش ، كان الطريق المؤذي إلى الجش طويلا جدا و لا يمكن لأكثر من سيارة المرور في آن واحد ، وبين الفينة و الأخرى يقف الطابور ، و يتذمر "مصطفى":

- يبدو أن علينا أن نخرج عند الخامسة لنتفادى هذا الزحام...

و بعد فترة من الصبر ، أصبح ينتظر خلو الطريق المقابل حتى ينزرق فيه بسرعة ثم يبحث عن فتحة بين السيارات المتراصة ليعود إلى مساره ، كانت مغامرة لا ينقصها الحظ وأصوات الأبواق بين الفينة و الأخرى ، عندما وصل إلى الطريق السريع و انعطف يسارا إلى الطريق القائدة للظهران أصبح يسابق السيارات ، و مرّ بمخرج سيهات ليهتف:

- هذا أول مخرج...
- مبروك على التظليل...
- أخيرا اكتشفت...
- الآن عرفت لماذا لم تفتح النافذة...

و ضحك "مصطفى" ، و لم يكد يتخطى أول مخرج للدمام حتى بدأت الفرام تعمل ، و جمد "حسن" في كرسيه ، فابتسم له "مصطفى"...

- لماذا أنتَ جامد؟

- لا... لستُ جامدا.. أفكر في الجامعة..
- لا عليك... مثلك لا يُخاف عليه...

و اشتد الزحام و بدأت السيارات تتراصص ، أصبحت السرعة القصوى تتراوح بين الثمانين و المائة كيلومتر في الساعة ، لم يتخطَ "مصطفى" مخرج الدمام الثاني حتى لحق بركب الطابور الذي يمشي على يسار الخط الأصفر ، و ازداد "حسن" جمودا ، ولم يكد "مصطفى" يتسارع ليصل لمائة و عشرين كيلومترا في الساعة حتى فرمل الذي أمامه و ضغط على المكابح بقوة ، بينما تشهد "حسن" بصوت عالي ، ثم توقفت السيارات توقفا شبه تام ، كان العرق يتصبب من "مصطفى" و أوصاله ترتعد ، هتف "حسن":

- لماذا العجلة؟ تكاد تخطف أرواحنا...
- لم يحدث شيء..
- أتنتظر حتى يحدث؟
- ...
- لن أركب معك إذا لم تغير طريقة قيادتك...-
هههه

بعد ربع ساعة من الدبيب مرّا بحادث شمل أربع سيارات و بينما "حسن" يهتف:

- يا دافع البلا يا الله..

كان مصطفى يتأسف لصاحب السيارة الغراندي المصدومة:

- مسكين... تبدو نظيفة... الله يعوض عليه... لا يستحق...

عندما وصلا إلى مخرج "ميناء الملك عبدالعزيز ، انعطفا معه ثم لم يلبثا أن دخلا في مخرج آخر يصحح مسارهما ، ليجد "مصطفى" فسحة من الطريق يمارس لعبة السرعة فيها و لم يكد صوت الجرس يدق منبها بالسرعة حتى صرخ "حسن":


- هذه آخر مرة أركب معك فيها...

هدأ "مصطفى" سرعة سيارته و اعتذر ، كانا قد وصلا مخرج البوابة الرئيسة و لم تمضِ دقيقة أخرى حتى وصلا إلى مبنى السنة التحضيرية ، و ترجل "حسن" و هو يتنفس الصعداء...

دخلا بوفيه السنة التحضيرية فوجدا ورقة معلقة بأرقام الطلاب و موقع استلام الجداول مع وقت الاستلام ، بحث "مصطفى" في الورقة ثم هتف:


- أنا جدولي في غرفة 103 بعد عشر دقائق..

بينما أخرج "حسن" بطاقته الجامعية ليقارن بين الأرقام فخطفها "مصطفى":

- أنت في غرفة 110 و كذلك بعد عشر دقائق...
- أين غرفة 110؟

رفعا رأسيهما ، لم يكن في البوفيه سوى بعض الطلاب الذين يبدو عليهم أنهم من خارج القطيف ، جميعهم يرتدون الثياب البيضاء و الشمغ الحمراء و بعضهم يرتدون العقال بينما البعض الآخر يمسك في يده سواك ، ذهب "مصطفى" للبائع في البوفيه يسأله:

- أين نستلم الجداول؟
- في الفصول الدراسية..
- أين الفصول الدراسية؟
- اخرج من هذا الباب ، ستجد مصعدا أمامك لكن لا تطلبه بل أخرج من الباب الذي على يمينك ، ستجد مبنى أمامك ، هناك ستجد الفصول الدراسية...
- رحم الله والديك..
[color="navy"]- و والديك... من أين الأخ؟[/COLOR
]- من القطيف.. و أنت؟
- من سيهات
- تشرفنا...
- أهلا و مرحبا..

خرج "مصطفى" يتبعه "حسن" إلى حيث أرشدهما البائع ، و هناك توقفا بين مبنيين ، رغم أن البائع قد وصف المبنى بوضوح إلا أنه لا يعلم أنه يوجد مبنى آخر لمادة الاستماع ، فوقفا حائرين ثم وجدا أكثر من طالب يدخل المبنى الكبير فدخلاه ، لم يبق أكثر من ثلاث دقائق على تسليم الجداول ، و بقي عليهما معرفة أين فصولهما ، وجد "حسن" فصله بسرعة إذ كان الفصل رقم 110 على يمين المدخل تماما ، ثم أصبح الرقم يتزايد فعاد "مصطفى" أدراجه يبحث عن فصله حتى وجده قريبا من الباب المؤذي للشارع المسمى بالحزام...

تتكون مباني السنة التحضيرية من مبنى الإدارة حيث البوفيه في الطابق الأول و مكاتب المدرسين في الطابق الثاني و الثالث و مكتب العميد في الطابق الثالث و قاعة المذاكرة و المصلى في الطابق الرابع ، و مبنى الفصول الدراسية كما وصفها البائع ، تقع إلى الشمال من مبنى الإدارة ، و يحدها من الجنوب مواقف المدرسين و من الشمال الصحراء التي يقف فيها الطلاب و إلى غربها الحزام ثم بقعة جرذاء و إلى شرقها مبنى الورش حيث تخصص ساعتين في الأسبوع لكل طالب كي يتعلم بدائيات حرفة ، و أمام المبنى الرئيس للفصول يربض كالكلب مبنى المختبرات السمعية أو مبنى مادة الاستماع ، أما إلى شرق مبنى الإدارة فتقع عدة مباني مؤقتة "بورتبلات" آخرها قبل السور مبنى الكمبيوترات أما إلى جنوب مبنى الإدارة فتقع مواقف مدرسين و موظفين بينما جنوب المباني المؤقتة يتقسم الطلاب تلك المواقف مع المدرسين و هناك أوقف "مصطفى" سيارته





توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.34 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-03-2009 الساعة : 05:30 PM


بعد أن استلم "حسن" جدوله انضم إلى طابور طويل يقود إلى مكتب توزيع الكتب الدراسية عبر قاعة المحاضرات الكبيرة ، كان عليه أن يسلك درب الأفعى كي يصل بعد ربع ساعة إلى المرشدين الذين يقدمون التقويم الدراسي و مفكرة بها أرقام مهمة و بعض الإرشادات ، ثم وقف أمام موزع الكتب الذي يتأكد من عدد الكتب فيسلمها لـ "حسن" ويختم جدوله ، و انتهي "حسن" عند آخر المطاف بشخص آخر يتأكد من تطابق الكتب مع الجدول ، خرج "حسن" من الباب ليجد نفسه أمام البوفيه ، كان "مصطفى" يجلس أمام طاولة يقلب الكتب الإنجليزية باهتمام عندما وضع "حسن" رزمة الكتب على الطاولة و هو يهتف:

- هل سنحمل هذا الكتاب الأزرق الثقيل كل يوم؟
- ربما...
ثم أردف "مصطفى":
- لقد جعت... أتريد شيئا من البوفيه...

- سأذهب معك..

- و الكتب؟؟
- ماذا يبيعون؟
- سأجلب لك فطيرة جبن من مخابز العيد وعصير..
- O.K

أمسك "حسن" جدوله يحاول أن يفك طلاسمه ، و انضم له "مصطفى" بعد أن جلب الفطائر و العصير ، لكن محاولاتهما باءت بالفشل ، فرفع "مصطفى" رأسه بحثا عن شخص يساعده ، كان البوفيه يعكس حالة اللا تجانس بين المجتمع السعودي ، طاولة تحلق حولها مجموعة ترتدي الثياب البيضاء و تسدل الشمغ الحمراء بينما أغلبهم يطلقون اللحية ، طاولة أخرى يجلس عليها شباب يرتدون ثيابا غربية في أحسن هندام و بأيديهم جوالات مستعدة لإطلاق الموسيقى في أقرب لحظة ، و طاولة اختلط فيها الثوب الأبيض الحاسر و البنطلون الفضفاض مع القميص مع الجينز و "البلوزة" ، اللهجة القطيفية تشجع "مصطفى" على التحدث إليهم ، نهض من مكانه و لم يكد يصل حتى صافحهم جميعا و هو يهتف :

- من أي القرى أنتم؟
- أنا "صالح" من القديح... و أنا "سعيد" من القديح أيضا... و أنا "محمد" من العوامية و أنا "حيدر" من العوامية ... أنا من التوبي و اسمي "سيد هاشم"...
[color="navy"]- تشرفنا... أنا "مصطفى" من الوسادة..[/COLOR
]- أهلا بك..
- هل فككتم طلاسم الجدول ياشباب؟
سأل "حيدر" بابتسامة:
- أين جدولك؟
سلم "مصطفى" جدوله لـ "حيدر" الذي لم يلبث أن هتف:
- جدولك ممتاز... فترة صباحية و الرياضيات بين الحصص... لكن عندك الرياضة يومي السبت و الإثنين تنتهي عند الخامسة... الله يعينك... الورشة يوم الأحد بين الحصص كذلك... أنت أفضل جدول حتى الآن..
- لكن كيف عرفت ذلك؟
أمسك "حيدر" الجدول و بدأ يشرح لـ "مصطفى" كيف يقرأ الجدول و معنى الرموز و أرقام الفصول ، فشكره "مصطفى" وعاد ليطبق ما تعلمه على جدول "حسن"...

كان الاختلاف بين جدول "مصطفى" و "حسن" في وقت الورشة و الرياضة ، فرياضة حسن يومي الإثنين و الأربعاء بين حصص اللغة الإنجليزية ومادة الورشة يوم السبت بعد حصص اللغة ، أي أن عليه قضاء يوم الإثنين فقط منتظرا انتهاء "مصطفى" من حصة الرياضة...

كلما تقدمت الأيام في السنة التحضيرية كلما طرأ تغييرا في بعض الأمور ، فالمجتمع الذي أتى فرادى أو جماعات صغيرة أصبح تكتلات وفقا للمدينة ، و الشباب المرح الذي جاء بنشوة الثانوي بدأ يركد و يسأم من طول اليوم الدراسي ، الأشكال بدورها قد تصرفت جذريا مع أول مكافأة طلابية ، و هذا ما حدث لـ"حسن" ، لم يكن "حسن" يتحدث مع أحد سوى "مصطفى" أو يرد على التحايا دون التعمق ، يجلس متى استطاع وحيدا كأنه يخشى التعرف على الآخرين ، و يبقى صامتا عندما يضطر للجلوس مع مجموعة من الشباب ، أما ثيابه فقد تغيرت بعد أول مكافأة وكذلك قصة شعره التي أعطته مظهرا جذابا...

كان أول أسبوع يرتدي فيه ملابسه الجديدة حافلا بتعليقات "مصطفى" الاستفزازية ، وكان يجيبها بابتسامة أو صمت ، كان آخرها يوم الأربعاء في طريق العودة ، كان "مصطفى" يسأله:
- ماذا مكتوب في الصحيفة؟
- أي صحيفة؟
- الصحيفة التي تلبسها...
- ...

في منتصف الطريق سأل "حسن":
- أين كتابك الرياضيات؟
- أتوقع أنه في المقعد الخلفي... لا... لقد نسيته على الطاولة...
لم تمضِ دقيقة حتى خالف "مصطفى" معاهدته بعدم تجاوز السرعة ، و بدأ يسابق السيارات و ينتقل من مسار إلى مسار ، و "حسن" جامد في مقعده يقرأ الفاتحة و يهلل ويكبر ، و كلما ضغط "مصطفى" مكابحه صرخ "حسن":
- بسم الله الرحمن الرحيم...

فصرخ "مصطفى" في وجهه..
- اصمت... سوف تصل سالما...
وبقي "حسن" صامتا حتى وصل المنزل و هو لا يصدق....

يقف إلى جانب الشجرة الأزلية ، يلبس نفس الثوب الذي ارتداه أول يوم في الجامعة ، ينتظر "مصطفى" لكنه ينتظره هذه المرة و هو يستمع إلى التلاوة ، و صوت الناعي بين الفينة و الأخرى يهتف من مسجد الإمام المهدي "عج":
- من أراد الأجر و الثواب فاليحضر لتشييع المرحوم الشاب...
يغيب ذهنه عندما يسمع اسم "مصطفى" ، يمر طيفه أمام "حسن" ، الفتى الأسمر الذي لا يكاد يعرف سواه في الجامعة ، التويوتا التي نذر لها نصف مكافأته ، السرعة و الهدوء ، ماذا مكتوب في الصحيفة؟ أين كتابك الرياضيات؟


- تركته على الطاولة...
أبناء "الوسادة" يلبسون البياض و يستندون إلى الجدار ، يقف "حسن" إلى جانب الشجرة الأزلية ، ينتظر قدوم "مصطفى" في سيارة مظللة كما يحب "مصطفى" لكنها بيضاء هذه المرة ، و سيفتح الباب لكنه لن يهتف "بسرعة" هذه المرة ، سينزله رجلان يلبسان البياض و سيتدافع الشباب لحمله على الأعناق ، ينتظر "حسن" تحت الشجرة الأزلية ، و تمر سيارة الأسعاف ليقف خلفها طابور من السيارات التي لا تتذمر هذه المرة بل تتحرك شفاه أصحابها في تلاوة لسورة الفاتحة....







توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.34 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2009 الساعة : 02:29 AM


الجبل

لا يختلف توزيع الجداول في الجبل كثيرا ، أرقام معلقة حسب الدفعة على أبواب مبنى الكيمياء أو كما هو مسجل في السجل الأكاديمي "مبنى أربعة" تبين موقع و وقت استلام الجدول لكل طالب ، لكن نظام الجدول في الجبل يختلف اختلافا جذريا عن السنة التحضيرية ، فكل طالب ينظم جدوله كما يتوافق مع طريقته الخاصة إن كان ثمة متسع ، فلا تكاد الساعة الثانية عشر ظهرا من يوم الأربعاء تأتي حتى يقل عدد الطلاب في الجبل تسعين بالمائة...

كان "عبد الله" يدرس في المرحلة الثالثة من مراحل الجبل ، هذه المرحلة التي يصعب بعدها التحول عن التخصص إلى درجة المستحيل ، كان قد سلك طريقه في دراسة الهندسة الكهربائية التطبيقية و وضع جدوله على أن ينتهي عند الثانية ظهرا كل يوم عدا الثلاثاء حيث يقضي ثلاث ساعات في المعمل ، انتهى "عبد الله" من مادة التحكم ثم انطلق بحذر إلى القطيف ، لم تتجاوز سرعته الثمانين امتثالا لحكم المطر الذي أرهب حركة السير بين كر و فر ، قطع الطريق الذي يستغرق خمس و أربعون دقيقة في ساعة و نصف توقف خلالها عدة مرات...

عندما دخل "عبد الله" المنزل كان صوت الموسيقى يهز الأركان ، هتف بحنك:
- أماه...
ثم تتبع الصوت الذي أثار حفيظته ، كان الصوت ينبعث من غرفة أخته "عبير" ، وقف أمام الباب ليوسعه طرقا ، لم يتمالك أعصابه ففتح الباب و وقف مصالبا يديه...

الأغنية الصاخبة تصم أذن "عبير" وهي تمارس رياضة الرقص المفضلة لذيها ، تراقب حركاتها في المرآة المثبتة أمامها ، تبدو راقصة حقيقية ، تغرق في أحلامها ...

" آه... كم أنا رائعة ، أبدو كراقصة بارعة ، لولا قيود هذا المجتمع التافه لأصبحت المفضلة في الساحة الغنائية ، لن أرقص الرقص العربي ، الرقص العربي سيبقى متخلفا كالناطقين به ، أتمنى أن أرقص على أنغام تبعث في نفسي الحرية ، أن أشعر بأنوثتي ... آه لو يصبح اسمي آنا و أختفي من العالم العربي ، أن أصبح نجمة بوب مشهورة ، ليت حلمي يتحقق"

انتبهت على جسد أخيها "عبد الله" المتصلب أمامها ، نزعت سماعة الأذن عن رأسها ، تأملته بغيض ، كان الشرر يتطاير من عينيه ، لم ينبس ببنت شفه ، عاجلته بطريقة متعجرفة :
- خيراً... ألا توجد خصوصيات في المنزل؟... أم أن الجامعة الراقية لم تعلمك أساليب الأدب؟... لماذا لم تطرق الباب؟
- إن كان تضعين لنفسكِ احتراما فالأولى أن تصمتي... كاد الباب أن ينكسر من شديد الطرق لكن العبث الذي في أذنيكِ يصمهما... كأنكِ في مرقص...
- احترم حالك... يبدو أنك أصبحت رجلا... هذه الرجولة لا تحكمني... ستحكم بها تعيسة الحظ في المستقبل...
- أنت الكلام معكِ ضائع...
رفع يده ليضربها ، قاومته فخففت الضربة ، خرجت من الغرفة تستغيث بأمها ، تبعها للصالون ، احتمت خلف أمها و هي تبكي ، الاحترام يلزمه الصمت ، كان صدره يعلو و يهبط من الغضب ، صاحت به أمه :
- نعم؟ ماذا هناك؟
سبقته "عبير" بالشكوى:
- لم أره إلا و قد دخل الغرفة ثائرا... كاد أن يقتلع الباب...
- لقد طرقت الباب حتى تعبت... لكنها كانت مندمجة مع قمة الانحطاط...
- هذه حرية شخصية... إذا أصبحت والدي أو أمي عندها تكلم...
تدخلت الأم:
- دائما أخبرك بأنك لست مسؤولا إلا عن نفسك... أختك مسؤوليتي أنا فقط... هذه شخصيتها و هي حرة في ذلك... إذا لم يعجبك الرقص... فلا ترقص... لن تجبرك على الرقص...
- لكن...
- لكن ماذا؟... انتهى الأمر... ثم إذا طرقت الباب ولم يفتح لك فارجع... أم لم يعلمك الشيخ أن هذا من الأدب؟
- ...
بحث "عبد الله" في جيوبه بعصبية ثم فرّ من المنزل ، و ضاعت مناشدات أمه في الهواء ، كان الخوف يتسلل إلى قلب الأم بصمت ، بدد هواجسها صوت السيارة و هي تبتعد عن الفيلا...







توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.34 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2009 الساعة : 02:31 AM


الله" تتأسف على ابنها الشاب ، جلست على الأريكة و علامات الأسى تغتال الهدوء في وجهها ، كانت "عبير" قد سبقتها للجلوس ، ساهمة الفكر تمضغ العلكة ، يبدو أنهما يفكران في قضية ما ، كسرت "عبير" برهة من الصمت عندما قالت:

- ابنكِ هذا رجعي... هذه الحقيقة..
- لا تفتحي الجرح يا "عبير"... إن أمره يؤرقني كل ليلة... أفكاره كأنه ابن خمسين سنة... ما كأنه ابن العشرين..

صمتت "عبير" ثم أردفت بتردد:

- أقترح... أن ترسلوه للدراسة في الخارج... لن يتقدم مادام يعيش في هذه البيئة المنغلقة...
- أتمنى أن يوافق... كم حدثته في الأمر لكنه يرفض الفكرة من أساسها...
- لا عجب في ذلك... عقله المنغلق يمنعه من السفر للخارج... لا يقبل أن أمارس حريتي في المنزل.. ماذا تتوقعين منه؟ أظنه سيطالبك بتحجب الأمريكيات جميعهن كي يدرس هناك..
- كم أنا خائفة عليه...
- أشعر أنه مسكين... أشك أن أحدا ما قد عبث بفكره...
- ...

نهضت "عبير" تخفي سعادة الانتصار و هي تقول:

- أنا عائدة إلى غرفتي... أريد أن أستمع للموسيقى قبل أن يأتي المفتي... أتأمريني بشيء؟
- اجلبي الصحيفة في طريقك...

************

في سيارة تويوتا كامري بيضاء كان يجلس فتى فاتح البشرة ، حسن الوجه ، تزين وجهه لحية خفيفة منسقة ،يكاد أن يتفجر من الغيض ،و كانت تسير الهوينة جائبة طرق القطيف كأنها تستمتع ببقع الماء التي خلفها المطر ، كان ذلك الفتى "عبد الله" يتنقل بين القرى ، يمرّ على بيوت الكثير من أصحابه و معارفه ، لا يريد إقحام أحد في معاناته ، لم يكف عن الغرق في بحر التفكير :

" كيف يمكن لأمي و أختي أن يتحللا بهذه الدرجة ، لم يبق من فساد البنت شيء ، لم يبق إلا أن تدخل البيت بصحبة أصدقائه و تقيم حفلة طرب يحضرها الجنسان ، أعوذ بالله... لماذا أمي تقف إلى جانبها ؟؟ أحقا هما على حق؟؟ أي رياضة هذه ؟؟ لماذا المجون و الرقص يلحق بالرياضة؟؟ أستغفر الله... "



كان الغضب يتدرج في الهبوط ، بدأ يعود لهدوئه الطبيعي ، كان قد وصل حي "الوسادة" بعد مغيب الشمس، السيارات شبه متوقفة ، ثمة شيء في الطريق ، فتح النافذة و إذا صوت الناعي يهلل الله و يذكر الموت ، ركن سيارته إلى جانب الطريق ، كان الجمع غفيرا جدا ، الشباب يسيرون منكسو الرؤوس ، أسرع للمشاركة في التشييع ، صفّ في أقرب مكان لحمل الجنازة ، أصوات تعتلي بين الفينة و الأخرى تسأل قراءة الفاتحة ، لهج لسانه يتلاوة أم الكتاب ، كان يتصفح بعض الوجوه فيراها مألوفة ، قد لا يعرفها شخصيا لكنه يراها دائما ، لامست يده النعش ، تمتم بخشوع :

- سلم الميت إلى رحمة الله ... سلم الميت إلى عفو الله... رحمك الله يا عبد الله





سمع التلقين بوجدانه ، يشعر أن كل ذرة بجسمه تهتز ، كله آذان صاغية ، المشاعر تختلج داخله ، يشعر برغبة في البكاء ، يردد بين الفقرة و الأخرى " لطفك يا رب... رحمتك الواسعة" ، الموت الشبح المخيف يراه أمامه ، أهيل التراب و أصوات البكاء تفتت الصخر ، صُب الماء على القبر ، تحلق المشيعون حول القبر جماعة بعد جماعة يقرأون الفاتحة و يترحمون على الميت ، وضع يده على تراب القبر الندي ، تلا السورة و انقلب عائدا إلى سيارته ، قريبا من المقبرة كان رجلا يقص على آخر خبر الميت :



- عمره 18 عام... أصله من باب الشمال.. ساكن في الوسادة... يدرس في البترول... الله يرحمه... المطر السبب... الحوادث اليوم لا تحصى...

كان هذا سبب شكه في معرفة تلك الوجوه المشيعة ، إذاً... هو زميل دراسة لم يلتق به سابقا ، رحمه الله ...



توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 08:22 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية