روى العلامة البحراني عن العالم الحنفي موفق بن أحمد الخوارزمي عن ابن عباس قال - في شأن نزول سورة الدهر: مرض الحسن والحسين (رضي الله عنهما)، فعادهما جدهما رسول الله ومعه أبو بكر وعمر وعادهما عامة العرب فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذراً فقال علي: إن برئ ولداي مما بهما صمت ثلاثة أيام شكراً، وقالت فاطمة مثل ذلك، قالت جارية يقال لها فضة: إن برئ سيداي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام شكراً، فألبس الله الغلامين العافية وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق علي إلى شمعون الخيبري وكان يهودياً فاستقرض منه ثلاثة أصواع من الشعير فجاء بالشعير ثم قامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص وصلى علي مع النبي (ص) المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب فقال:السلام عليكم يا أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني شيئاً أطعمكم الله من موائد الجنة
قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما كان في اليوم الثاني، قامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم سائل يتيم فوقف بالباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي (ص) المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم أسير فوقف بالباب وقال:السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسرونا وتسددونا ولا تطعمونا ؟ أطعموني فإني أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة قال: فأعطوه ومكثوا ثلاثة أيام بلياليها لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما أن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين وأقبل نحو رسول الله (ص) وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر به النبي (ص) قال: يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أدى بكم ننطلق إلى بنتي فاطمة فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها رسول الله (ص) قال: واغوثاه يا الله أهل بيت محمد يموتون جوعاً فهبط جبرائيل فأقرأه: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) إلى قوله تعالى (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً..)
وأخرج (القرطبي) في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) ما يشبه هذا الحديث بل أكثر تفصيلاًعن النقاش والثعلبي والقشيري وغير واحد من المفسرين بإسنادهم عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس وقال نظام الدين النيسابوري في تفسيره (غرائب القرآن ورغائب الفرقان):إن سورة الدهر نزلت في أهل بيت النبي (ص) ثم سرد الرواية في ذلك إلى أن قال : ويروى أن السائل في الليالي جبرائيل أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه
الخازن في تفسيره (لباب التأويل في معاني التنزيل) في تفسير هذه الآيات قال:
روى عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه) وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير فقبض ذلك الشعير فطحن منه ثلثه وأصلحوا منه شيئاً يأكلونه فلما فرغ أتى مسكين فسأل فأعطوه ذلك ثم عمل الثلث الثاني فلما فرغ أتى يتيم فسأل فأعطوه ذلك ثم عمل الثلث الباقي فلما تم نضجه أتى أسير من المشركين فسأل فأعطوه ذلك وطووا يومهم وليلتهم فنزلت هذه الآية
وفي تفسير البغوي الشافعي المسمى معالم التنزيل تأليف أبي محمد الحسين الفراء البغوي روى عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس أن سورة الدهر نزلت في علي بن أبي طالب وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير فقبض الشعير فطحن ثلثه فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا يومهم ذلك.. إلخ
أخرج عالم الأحناف الحافظ القندوزي عن البيضاوي والآلوسي في تفسيريهما وعن غيرهما أيضاً عن مرض الحسنين ونذر علي وفاطمة الصوم إلى أن قال:
فلما أن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين (رضي الله عنهم) وأقبل نحو رسول الله (ص) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع فلما بصرهم النبي (ص) انطلق إلى ابنته فاطمة (رضي الله عنها) فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي وقد لصق بطنها بظهوها من شدة الجوع وغارت عيناها، فلما رآها رسول الله (ص) قال: واغوثاه يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعاً فهبط جبرئيل (ع) فأقرأه (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً)
وقال الإمام الحافظ أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي في تفسيره المعروف بـ(التسهيل لعلوم التنزيل) عند قوله تعالى (ويطعمون الطعام): نزلت هذه الآية وما بعدها في علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (رضي الله عنهم)