المهدي من وُلد الحسين عليه السّلام
1 ـ روى الكنجي الشافعي في البيان، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن أبي سعيد الخُدري ـ في حديث ـ أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السّلام: يا فاطمة، إنّا أهل بيتٍ أُعطينا سِتَّ خِصال لم يُعطَها أحدٌ من الأوّلين، ولا يُدركها أحد من الآخِرين غيرنا أهل البيت: نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوكِ، ووصيُّنا خير الأوصياء وهو بَعلُك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمّ أبيك، ومنّا سبطا هذه الأُمّة وهما ابناكِ، ومنّا مهديُّ الأُمّة الذي يصلّي عيسى خلفه. ثمّ ضرب على مَنكِب الحسين عليه السّلام فقال: مِن هذا مهديّ الأُمّة.
قال الكنجي: هكذا أخرجه الدارقطني صاحب ( الجرح والتعديل )(124).
2 ـ روى ابن حمّاد في الفتن عن عبدالله بن عمرو، قال: يخرج رجل من ولد الحسين، لو استَقبَلَتْه الجبالُ الرواسي لَهدّها واتّخذ فيها طُرُقاً(125).
3 ـ وروى ابن حماد عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، قال: يخرج رجل من ولد حسين، اسمُه اسمُ نبيّكم، يَفرَح بخروجه أهلُ السماء والأرض ـ الحديث(126).
4 ـ وروى المقدسي الشافعي عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّه قال لجابر بن يزيد الجُعفي: يا جابر، إلْزَمِ الأرضَ ولا تُحرِّك يداً ولا رِجلاً حتّى ترى علاماتٍ أذكرُها لك... ( إلى أن يقول: ) والمهديُّ ـ يا جابر ـ رجلٌ من وُلد الحسين، يُصلح الله له أمرَه في ليلةٍ واحدة(127).
5 ـ وروى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة، أنّ أمير المؤمنين عليّاً عليه السّلام ذكر المهديّ وقال: إنّه من ولد الحسين عليه السّلام(128).
6 ـ روى الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السّلام، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن سلمان الفارسي، قال: دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وإنّ الحسين بن عليّ على فخذه وهو يُقبّل عينَيه ويلثم فاه، وهو يقول: أنت سيّد بن سيّد أخو سيّد، أنت إمام بن إمام أخو إمام، أنت حجّة أبو حجّة، وأنت أبو حُجج تسعة تاسعهم قائمُهم(129).
7 ـ وروى الحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، والهمداني في مودّة القربى، عن ابن عباس، أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال:
أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعةٌ من ولْد الحسين مطهَّرون معصومون(130).
8 ـ وروى القندوزي في ينابيع المودّة عن الحسين عليه السّلام، أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إنّ الله اختار من صُلبك يا حسينُ تسعةَ أئمّة، تاسعهم قائمهم(131).
124 ـ البيان، للكنجي 119 ـ 120، الباب 9. الفصول المهمّة، لابن الصبّاغ 295، الفصل 12 عن الدارقطني. ينابيع المودّة، للقندوزي 394:3، الباب 94 عن فضائل الصحابة للسمعاني. غاية المرام، للبحراني 699 حديث 71 عن فضائل الصحابة، للسمعاني.
125 ـ الفتن، لابن حمّاد 230. البيان، للكنجي 134 الباب 16. عقد الدرر 170، الباب 5. البرهان، للمتقي الهندي 93 حديث 14.
126 ـ الفتن، لابن حمّاد 425 ـ 426.
127 ـ عقد الدرر 87 ـ 89، الفصل الثاني من الباب الرابع.
128 ـ شرح نهج البلاغة 281:1 ـ 282، و 130:19.
129 ـ مقتل الحسين، للخوارزمي 146:1. ينابيع المودّة، للقندوزي 394:3، الباب 94. وقد روى هذا الحديث علماء الشيعة، ومنهم الصدوق في الخصال 475:2 حديث 38، وفي كمال الدين 262:1 حديث 9.
130 ـ فرائد السمطين، للحمويني 133:2 حديث 563. ينابيع المودّة، للقندوزي 291:3، الباب 77 و 384:3، الباب 94. مودّة القربى 29 ـ المودّة العاشرة.
131 ـ ينابيع المودّة 395:3 ـ الباب 94.
صدرت عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وعن الأئمّة المعصومين عليهم السّلام روايات كثيرة تشخّص المراد بالأئمّة الاثني عشر، وتوضح من هو الإمام المهدي المنتظر عليه السّلام بما لا يبقى معه مكان للشكّ فيه عليه السّلام. ومن تلك الأحاديث ما يذكر الأئمّة بأسمائهم بالتسلسل، ومنها ما يتحدّث عن نسبة الإمام المهدي عليه السّلام إلى الأئمّة ككُلّ ـ كالحديث الوارد في أنّه عليه السّلام آخر الأئمّة ـ أو نسبته إلى إمامٍ معيّن منهم ـ كالحديث الوارد في أنّ المهدي عليه السّلام هو التاسع من ولد الحسين عليه السّلام، أو الرابع من ولد الرضا عليه السّلام. ونورد فيما يلي بعض هذه الأحاديث:
1 ـ روى الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السّلام، والحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن أبي سلمى راعي رسول الله صلّى الله عليه وآله، روى فيه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله حديثاً عن إسرائه صلّى الله عليه وآله جاء فيه أن الله تعالى خاطبه: انظُر إلى يمين العرش! قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: فنظرتُ، فإذا عليّ وفاطمة، والحسن والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، ومحمّد المهديّ بن الحسن كأنّه كوكب دُرّيّ.
وقال ( تعالى ): يا محمّد، هؤلاء حُجَجي على عبادي، وهم أوصياؤك، والمهديّ منهم الثائر مِن قاتل عترتك. وعزّتي وجلالي إنّه المنتقم من أعدائي، والمُمِدّ لأوليائي(132).
2 ـ وروى القندوزي في ينابيع المودّة عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا جابر، إنّ أوصيائي وأئمّة المسلمين مِن بعدي: أوّلهم عليّ، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف بالباقر ـ وستدركه يا جابر، فإذا لقيتَه فأقرئه منّي السّلام ـ ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ القائم، اسمُه اسمي وكُنيته كنيتي: محمّد بن الحسن بن عليّ، ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارقَ الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غَيبة لا يَثُبت على القول بإمامته إلاّ مَن امتحن اللهُ قلبَه للإيمان ـ الحديث بطوله(133).
وقد سبق أن نوّهنا بأنّ المصداق الوحيد المقبول لأُطروحة الأئمّة ( أو الخلفاء ) الاثني عشر الذين بشّر بهم النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم يتمثّل في أئمّة الهدى عليهم السّلام، والمهدي عليه السّلام منهم.
3 ـ روى الخوارزمي في مقتل الإمام الحسين عليه السّلام، والحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن سلمان الفارسي، أن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال للحسين عليه السّلام:
أنت سيّد بن سيّد أخو سيّد، أنت إمام بن إمام أخو إمام، أنت حجّة أبو حجّة، وأنت أبو حُجج تسعة، تاسعهم قائمهم(134).
4 ـ روى الحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه قال: إنّ الرابع من ولدي ابن سيّدة الإماء، يُطهّر الله به الأرض من كلّ جَور وظُلم، وهو الذي يشكّ الناس في ولادته، وهو صاحب الغَيبة، فإذا خرج أشرقت الأرضُ بنور ربّها، ووُضِع ميزانُ العدل بين الناس ـ الحديث(135).
5 ـ وروى الحمويني في فرائد السمطين، والقندوزي في ينابيع المودّة، عن الإمام الرضا عليه السّلام أنّه قال لدِعبِل الخُزاعي ( بعد أن أنشده قصيدة في مدح الأئمّة عليهم السّلام، تطرّق في آخرها إلى الإمام المهدي عليه السّلام ):
يا دِعبِل: نَطَق روحُ القدس بلسانك، أتعرف مَن هذا الإمام ؟
قال دِعبَل، قلت: لا، إلاّ أنّي سمعتُ بخروج إمامٍ منكم يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً.
فقال عليه السّلام: إنّ الإمام بعدي ابني محمّد، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، وهو المنتظَر في غيبته، المُطاع في ظهوره، فيملأ الرض قِسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظُلماً. وأمّا متّى يقوم، فإخبارٌ عن الوقت، لقد حدّثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: مَثَلُه كمثَلَ الساعة لا تأتيكم إلاّ بَغتةً(136).
6 ـ روى ابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة، والقندوزي في ينابيع المودّة عن الإمام الرضا عليه السّلام قال: الخَلَف الصالح من ولد الحسن بن عليّ العسكريّ هو صاحب الزمان، وهو المهديّ سلام الله عليهم(137).
132 ـ مقتل الحسين، للخوارزمي 95:1. فرائد السمطين 319:2 حديث 571. ينابيع المودّة 380:3، الباب 93 / الرقم 2.
133 ـ ينابيع المودّة 398:3 ـ 399، الباب 94 / الرقم 54.
134 ـ مقتل الحسين عليه السّلام، للخوارزمي 146:1. فرائد السمطين، للحمويني 313:2 حديث 563. ينابيع المودّة، للقندوزي 291:3، الباب 77 / الرقم 8.
135 ـ فرائد السمطَين 336:2 حديث 590. ينابيع المودّة 297:3، الباب 78 / الرقم 8.
136 ـ فرائد السمطين 337:2 ـ 338 حديث 591. ينابيع المودّة 309:3 ـ 312، الباب 80 / الرقم 1.
137 ـ الفصول المهمّة، لابن الصبّاغ 292، الفصل 12. ينابيع المودّة، 392:3، الباب 94 / الرقم 36.
الغَيبة سُنّة فَعَلها بعضُ الأنبياء عليهم السّلام
الغَيبة ليست بِدعةً في تاريخ البشريّة، فقد فعلها أنبياء الله تعالى وأولياؤه لمصلحةٍ وأسرارٍ نعلم بعضها،
ولا نهتدي إلى بعضها الآخر.
• اتّفق علماء المسلمين أنّ الخضر عليه السّلام موجود منذ عهد النبيّ موسى عليه السّلام إلى وقتنا هذا
، لا يعرف أحد مستقرّه، ولا نعرف عنه إلاّ ما جاء به القرآن من قصّته مع موسى عليه السّلام،
وقد جمع الخضر بين الغَيبة والعُمر الطويل لمصلحةٍ اقتضاها التدبير الإلهيّ.
• هرب موسى عليه السّلام من وطنه، وتَخفّى مدّة من الزمن فلم يظفر به فرعون ورهطه،
حتّى بعثه الله عزّوجلّ نبيّاً، فعاد إلى وطنه ودعاهم إلى عبادة الله تعالى،
فعرفه الوليّ والعدوّ.
• وغاب يوسف عليه السّلام عن أبيه وإخوته،
حتّى أنّ إخوته كانوا يدخلون عليه ويكلّمونه ويكلّمهم دون أن يعرفوا أنّه أخوهم،
ثمّ كشف الله أمره بعد كرّ السنين والأعوام.
• وغاب أهل الكهف واستتروا عن قومهم فراراً، بدينهم،
بل صرّح القرآن الكريم بأنّهم رقدوا في الكهف ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً، تُقلّبهم يد القدرة الإلهيّة،
وتتزاور عن كهفهم الشمس،
ثمّ أحياهم الله الخبير بحكمته فعادوا إلى قومهم، وقصّتهم مشهورة في ذلك.
• وغاب عُزَير عن قومه بعد أن أماته الله تعالى مائة عام
ـ كما في القرآن الكريم
ـ ثمّ بعثه الله عزّوجلّ دون أن يتغيّر طعامه وشرابه!
• وغاب عيسى عليه السّلام عن قومه بعد أن رفعه الله تعالى إليه وقد كاد أعداؤه يقتلونه، ووعدت الروايات المتواترة عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله أنّه سينزل عند ظهور المهديّ عليه السّلام
، فيُعينه في مهمّته الكبيرة في إرساء دعائم العدل الشامل.
• وشاءت المشيئة الإلهيّة لخاتم الأوصياء: المهديّ عليه السّلام أن يَغيب، حتّى يُظهره الله تعالى في اليوم الموعود، ليجري على يديه الوعد الذي قطعه للمؤمنين، بأنّه سيستخلفهم في الأرض ويُمكنّنّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلّنهم من بعد خوفهم أمناً.