عن علي عليه السلام، أنه أمر عمار بن ياسر وعبد الله بن أبي رافع وأبي الهيثم بن التيهان أن يقسموا مالاً من الفيء بين المسلمين ، وقال: اعدلوا بينهم ولا تفضلوا أحدًا على أحد، فحسبوا فوجد الذي يصيب كل رجل من المسلمين ثلاثة دنانير ، فأتوا الناس فأقبل عليهم طلحة والزبير ، ومع كل واحد ابنه فدفعوا إلى كل واحد منهم ثلاثة دنانير ، فقال طلحة والزبير: ليس هكذا كان يعطينا عمر فهذا منكم أو عن أمر صاحبكم؟
قالوا: هكذا أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام، فمضيا إليه فوجداه حواله في أبعض قائمًا في الشمس على أجير له يعمل بين يديه،
فقالا له: ترى أن ترتفع معنا إلى الظل؟
قال عليه السلام: نعم
فقالا له: أنـّا أتينا إلى عمّالك على قسمة هذا الفيء فاعطونا كما أعطيَ سائر الناس!
قال: فما تريدان؟
قالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر،
قال: فما كان يعطيكما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
فسكتا ،
فقال عليه السلام: أليس كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقسّم بين المسلمين بالسوية؟
قالا: نعم
قال: فسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتباع عندكما أم سنـّة عمر؟
قالا: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن يا أمير المؤمنين سابقة منـّا وقرابة ، فأن رأيت أن لا تساوينا بالناس فافعل،
قال عليه السلام: سابقتكما أسبق أم سابقتي؟
قالا: سابقتك،
قال: فقرابتكما أقرب أم قرابتي؟
قالا: قرابتك ،
قال: فعنائكما أعظم أم عنائي؟
قالا: بل أنت يا أمير المؤمنين أعظم عناءًا ،
قال: فوالله ما أنا وأجيري هذا في المال إلا بمنزلة واحدة وأومئ بيده إلى الأجير الذي بين يديه.