|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 68567
|
الإنتساب : Oct 2011
|
المشاركات : 897
|
بمعدل : 0.19 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
سورة الكهف رؤية مهدوية ج2
بتاريخ : 28-12-2011 الساعة : 07:29 PM
القصة الثانية: رحلة النبي موسى ع مع العبد الصالح قبل الولوج في مباحث القصة الثانية وعلاقتها مع قضية الإمام المهدي " لا بد لنا من استعراض سريع للقصة أو الحادثة التي وقعت مع النبي موسى ع مع العبد الصالح وهو الخضر ع . بعدأن صدر الأمر الالهي الى موسى بالذهاب والبحث عن شخص لقبه العبد الصالح لينهل من علمه الذي آتاه الله من لدنه وأن يكون بمثابة التلميذ مع أستاذه بدأت الرحلة، رحلة موسى ع مع فتاه أو وصيه على أغلب الروايات وهو يوشع بن نون واستمر بهم المسير في هذه الرحلة وأثناء إحدى الاستراحات طلب موسى ع من فتاه أن يأتيه بالغداء بعد ما لقيا من التعب والمشقة، فقال له يوشع: إننا اثناء استراحتنا السابقة حدث امر غريب، وهو أن السمكة التي كنا نحملها كمتاع لنا نأكله وأثناء جلوسنا على الصخرة رأيت امراً عجباً، فقد عادت الحياة للسمكة وأخذت تتقلب حتى سقطت في الماء وأخذت طريقها في البحر سرباً، ففهم موسى إن هذه هي الإشارة او الدلالة على لقائهِ بالعبد الصالح في ذلك المكان فرجعا الى نفس المكان الذي سقطت فيه السمكة فوجدا شخصا جالسا هناك فعرفه موسى ع فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال له موسى: إني أريد أن أصطحبك وتعلمني من علمك الذي آتاك الله إياه من لدنه وسوف لن اعصي لك أمرا، فقال له العبد الصالح: إن علمي خاص وهو غير معلوم عندك وغير واضح، فكيف تستطيع أن تصبر على شيء أنت جاهل به ولا تعلمه، فرد موسى ع بأنني سأصبر إن شاء الله، فوافق العبد الصالح (الخضر) بمصاحبتهِ. الحادثة الاولى بعد أن بدأت الرحلة ركب الخضر وموسى ع سفينة كانت مستعدة للانطلاق فإذا بالخضر يقوم بخرق السفينة وجعلها معيبة وأخذت بالغرق فاندهش نبي الله موسى ع من هذا الفعل الغريب والمستهجن لديه ع، فابتدأ موسى ع بأول اعتراض على العبد الصالح فقال له: كيف تخرق سفينة كانت مُلكاًَ لمساكين ولم تكن لك وأوشكت أن تغرقهم وهم لا ذنب لهم ولم يفعلوا شيئاً، نظر الخضر ع الى موسى مذكراً إياه لكلمته السابقة قبل بدأ رحلتهم ) أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا([1] فتذكر موسى ع الوعد الذي اتخذه على نفسه مع الخضر بعدم الاعتراض فقال له معتذراً: أني نسيت هذا العهد الذي عاهدتك إياه لما رأيته من أمر منكر فدفعتني مسألة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عن العهد الذي عاهدتك إياه فلا تشدد المعاتبة لي وانطلقا لإكمال رحلتهما معاً. الحادثة الثانية وصل العبد الصالح (الخضر) مع رفيقه وتلميذه النبي موسى بن عمران ع الى أحد المدن فوجدا مجموعة من الصبية يلعبون وبينهم غلام معهم فإذا بالخضر يأتي الى هذا الغلام وقام بقتله من دون سبب ظاهر، هذه المرة كانت ردة فعل موسى ع أشد من سابقتها حيث وردت في بعض الروايات أن موسى ع أخذ بتلابيب العبد الصالح وهو في ثورة من الغضب مخاطباً إياه كيف تقتل نفساً بريئة ولم يرتكب هذا الغلام اي ذنب او يقتل نفساً فتقتله من دون سبب أو ذنب؟! ومرة ثانية يأتي الرد القاطع للنزاع )أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا([2] هنا وقف نبي الله موسى متأملاً ومتذكراً الوعد الذي قطعه للعبد الصالح وقد خالفه مرة ثانية، هذه المرة لم يعتذر موسى من العبد الصالح ولكنه قطع عهداً ثانياً على نفسه للعبد الصالح وهو أنني إذا اعترضت عليك مرة ثانية فسيقع الفراق وتنتهي الرحلة بيني وبينك ]قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا[[3] فوافق العبد الصالح على هذا العهد الثاني واستمرت رحلتهما معاً. الحادثة الثالثة بعد أن اتخذ موسى الكليم ع عهداً جديداً للعبد الصالح استأنفا رحلتهما ووصلا الى قرية في طريقهما وبعد ما لقيا من تعب ومشقة، طلبا من أهل هذه القرية قليلاً من الطعام والماء ولكن جوبها برفض وبخل شديدين وأبوا أن يضيّفوهما، بعد ذلك وجدا في القرية جدارا آيلا للسقوط، فشمّر العبد الصالح عن ساعديه وبنى هذا الجدار وأقامه، فأصبح الجدار قويا لا يمكن أن يسقط فأثار هذا الفعل تساؤلا في نفس موسى ع حول سبب قيام الخضر ببناء هذا الجدار مجاناً ولم يتخذ أجراً على عمله هذا بالرغم من أن أهل القرية لم يطعموهما أو يضيفوها، فبادره بالسؤال: لو اتخذت أجراً من أصحاب هذه القرية لقاء بنائك هذا الجدار؟ هنا التفت العبد الصالح (الخضر) عالى موسى ع قائلاً له من دون نقاش أو تأخير )هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ([4] إنه الاعتراض الثالث لموسى ع على أفعال الخضر، ولوجود الميثاق والعهد بينه وبين العبد الصالح فقد وقع الفراق بين هذين الشخصين وانتهت الرحلة. ولكن حتى لا يبقى في نفس موسى شيء أو تساؤل بدأ العبد الصالح ببيان الاسرار التي على إثرها تصرف تلك التصرفات التي أثارت حفيظة موسى النبي ع. تأويل الأحداث الثلاثة إن من صفات الاستاذ أو المعلم الخبير أن لا يترك تلميذه في حيرة أو شبهة من دون أن يبين له أي سبب لفعل ما أو يؤول له الاحداث، وهذا ما فعله العبد الصالح مع النبي موسى &، فابتدأه بالحادثة الاولى وهي خرق السفينة موضحاً له الحقيقة التي كانت غائبة عنه وهي أن هناك ملك جبار في البحر يسطو ويأخذ كل سفينة يشاهدها في البحر، ولأن هذه السفينة هي لمجموعة من المساكين، أراد العبد الصالح أن يعيبها فخرقها ما يؤدي الى عدم طمع ذلك الملك الجبار بسفينتهم المعيبة وسيتركهم بأمان، إذن كان خرق السفينة لمصلحتهم لا لمضرّتهم. أما مسألة قتل الغلام فأن مستقبله شيكون مليئا بالكفر والالحاد وكان أبواه من المؤمنين وللّطف الإلهي الموجود والنازل على عباده والخوف على هذين الابوين المؤمنين من أن هذا الولد الكافر سيرهقهما بكفره، أراد الله أن يبدل هذين المؤمنين بذرية صالحة مؤمنة تكون سبباً في سعادتهما وراحتهما في الدنيا والآخرة، فقتله الآن وإبدال أبويه بذرية صالحة مؤمنة خير من بقائه إذ سيرهق أبويه بكفره عندما يكبر ويصبح شاباً فتياً. أما قضية الجدار فإنه كان تحته كنزاً قد ادخره أحد المؤمنين ولكن وافاه الأجل تاركاً غلامين يتيمين صغيران، فإذا وقع الجدار ظهر الكنز واستحوذ عليه أهل القرية المعروفين بالبخل والجفاء وبالتالي لن يصل الكنز الى هذين الغلامين، فبناء الجدار لم يكن لأجل أهل القرية وأنما لأجل هذين الغلامين اولاد ذلك الرجل الصالح ليبقى الكنز مدخراً لهما حتى يبلغا أشدهما ويكونا قادرين على استخراج الكنز والحفاظ عليه، ثم أخبر الخضر النبيَّ موسى ع بأن هذه الافعال التي قام بها لم تكن عن ارادته وفعله انما هي بإرادة الله ومشيئتهِ أمره بها، وأنه لم يكن إلا وسيلة لتنفيذ إرادة الباري لعلمه بعاقبة الأمور ولقضاء حوائج المؤمنين ]وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا[[5]. الى هنا تمت قصة العبد الصالح مع موسى ع في هذه العجالة، وسنتناول نقاط الشبه بين العبد الصالح (الخضر) والإمام المهدي ع. وجه الشبه الاول إن أكثر المؤمنين لهم حاجات ومسائل تتعلق بمصيرهم القريب أو البعيد وبعضها يتعلق بالاخطار التي قد تحدّق بهم والتي لا يشعرون بها، لذلك كان دور الخضر ع متمثلا بإنقاذ أهل السفينة المساكين و نجاة الابوين من خطر ولدهما الكافر والحفاظ على الكنز من الضياع والسرقة من قبل أهل المدينة وصيانته لحين بلوغ الصبيين، وعليه فإن اكثر المؤمنين ـ إذا لم يكن كلهم ـ هم من أصحاب هذه الحاجات وتحيطهم الأخطار المختلفة، فكان دور الخضرع هو تنفيذ الإرادة الإلهية في الحفاظ على الكيان المؤمن من الشرور والأخطار، وهنا نجد ان دور الإمام المهدي " هو مشابه لدور العبد الصالح مشابهة بالغة من خلال القيام بهذا الدور الالهي وهو الحفاظ على المؤمنين والكيان المسلم وصيانتهِ من الاخطار المتوجهة اليه سواء كانت في المستقبل القريب أو البعيد بطريقة لا يشعر بها هؤلاء المؤمنين كما انهم لا يشعرون بأي خطر قادم لعدم علمهم بالغيب، وهذا ما نفهمه من حديث رسول الله ! لجابر بن عبد الله الانصاري عندما سأل النبي ص هل ينتفع الشيعة بالقائم ع في غيبته؟ فقال !: (إي والذي بعثني بالنبوة إنهم لينتفعوا بهِ، ويستضيؤون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللّها السحاب)[6]. وجه الشبه الثاني إن الخضر ع كان يقوم بهذا الدور وهو ليس بنبي وإنما عبرت عنه الآية بعبد من عباد الله ومع ذلك كان له دور إلهي يقوم بتأديته بأمر من الله عز وجل ويمتلك علماً لدُنيّاً من الله مع أنه كان هناك نبيّ في زمنه وهو أحد أولي العزم وصاحب ميّزة الكلام مع الله قال تعالى )وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً([7]، كما يتضح ان أحد انبياء الله كان تابعا في مرحلة ما الى شخص ليس بنبيّ، وهذا الشبه واضح في شخص الإمام المهدي أرواحنا لمقدمه الفداء فمع أنه ليس نبياً ولا رسولاً إلا أنه يمتلك علماً إلهياً لدنيّاً مما يعطيه الدور المهم في الحياة الدنيا بل وإن عند ظهوره وفي دولته المرتقبة (الدولة العالمية) سيكون النبي عيسى ع أحد أتباعه ومن الذين يصلّون خلفه في بيت المقدس كما ورد في الحديث الشريف ((عن أحمد بن ادريس عن أحمد ين محمد بن عيسى عن الحسين ين سعيد الاموي عن الحسين بن علوان عن ابي هارون العبدي عن ابي سعيد الخدري في حديث له طويل قال: قال رسول الله ! لفاطمة ع : (يا بنية إنا أعطينا أهل البيت سبعاً لم يعطها أحد قبلنا: نبياً خير الانبياء وهو أبوك، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم ابيك حمزة، ومنّا مَن له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة وهو ابن عمك جعفر، ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك الحسن والحسين، ومنا والله الذي لا إله إلا هو مهديّ هذهِ الأمة الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم، ثم ضرب بيده على منكب الحسين ع فقال: من هذا ثلاثاً)[8] الشبه الثالث إن الحوائج التي قضاها العبد الصالح والأخطار التي دفعها عن أولئك الأفراد كانت تجمعهم صفة واحدة وهي الإيمان وحسن السلوك، ولم يكن هناك شيئاً آخراً يمتازون به عن باقي الناس مع العلم إن هناك أناساً كانوا ايضاً محتاجين الى تلك الرحمة الالهية الخاصة النازلة على عباده عن طريق العبد الصالح ولكن لم يشملهم ذلك، فمثلاً إن ذلك الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً كان هناك ايضاً مَن تؤخذ سفنهم ولكن مع ذلك لم يقم العبد الصالح بإنقاذ سفنهم، وهذا ما نجده ايضاً في مسيرة الإمام المهدي عج أثناء غيبته فهو وإن كان قاضياً لحاجات الناس ودفع الشرور عنهم إلا إنه مختص فقط بالذين هم مؤمنين ومنتظِرين لظهوره، أما المعاند والغافل والناصبي فلا حظّ له من هذه الرحمة لأنها رحمة خاصة نازلة على بعض عباد الله كما أسلفنا في الكلام المتقدم. ثمرة أوجه الشبه إن هناك عباداً لله لهم أدوار مهمة في تسيير حياة المؤمنين وحمايتهم ودفع الشرور عنهم في كلّ زمان ومكان حيث يكون دورهم سرياً، أما بالنسبة لشخوصهم أو عناوينهم فهي مخفية عن الأنظار ومجهولين بين الناس، هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يشترط بهم أن يكونوا أنبياء أو رسلاً، بل هم عباد صالحون منَّ الله عليهم بعلم لدنيّ إلهي قد لا يحتمله نبيّ أو رسول كما جرى في قصة موسى ع، فلا يُستغرب إذا كان اعتقادنا بالإمام المهدي " من أنه موجود بين ظهرانينا وله دور في غيبته وهو إن الناس تنتفع به كما ينتفع من الشمس إذا غيّبها السحاب فهو ليس بالامر الغريب وليس عقيدتنا بالمهدي " هي عقيدة جديدة أو مبتدعة كما يصرح بها بعض من يريد أن يشكك في أحقية أهل البيت ع باعتبارهم الامتداد الطبيعي للرسالة المحمدية أو يضعّف الاعتقاد بعقيدة الإمام المهدي المنتظر " فهو ليس بنبي او رسول وإنما عبد من عباد الله الصالحين وإمام معصوم له دور في غيبته، وهو نفس دور العبد الصالح الخضر ع مع الفارق بين الأدوار التي يمارسها إمام معصوم وحجة الله في خلقه والواسطة بين الارض والسماء، وختاماً فإن العقيدة بالإمام المهدي المنتظر عج الغائب لهو اكبر شاهد وتأييد لقضيتهِ وهو هذهِ القصة من سورة الكهف.
[1]. سورة الكهف / آية 72.
[2]. سورة الكهف / آية 75.
[3] .سورة الكهف /آية 76.
[4]. سورة الكهف / آية 78.
[5] .سورة الكهف /آية 82
[6]. بحار الانوار/
[7] سورة النساء / آية 164.
[8] بحار الانوار / ج51 ص76، كشف الغمة / ج2 ص 482.
|
|
|
|
|