بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
كل عام وأنتم بخير ورمضان كريم على الجميع
يطيب لي أن أستعرض في منتدى القصة القصيرة قصص
واقعية لأعلام من بلادي ؛ وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء الأعلام
مؤلفين أو علماء أو مفكرين أوشعراء أوفنانين ؛ بل الضرورة عندهم حب
الوطن والعيش فوق ترابه والتواصل مع مواطنيه بمحبة وعطاء وسلام ؛ إنهم
البسطاء المتواضعون الأثرياء بحب الذات والتلطف مع أهل لا إله إلا الله والاتصاق
بأرض أجدادهم وآبائهم والترفع عن المرذلات والطمع والخيلاء والتعالي عــلى الـــــغير
(( أعلام في بلادي ))... قصص واقعية
قصة أبوسجاد (1)
أبو سجاد رجل أربعيني قصير القامة أسمر الملامح يلون هامته شعر أبيض كثيـــف ؛ دائما ً
ماتراه هادئا ًمفكرا ًوعندما تتحدث معه بالكاد تسمعه لأنه يتحدث بصوت خفيض جدا ً، وهويقـبل
ويستمع بإنصات وتأدب لكل ماتتلفظ به؛ وعندما يبدأ الحاضرون في نقاشات ساخنـــة من طراز
معروف ومحبب لدينا هذه الأيام وهو السياسة وسياسيو وقادة البلد في دينهم اللادين وحزبهم
اللاحزب وسياستهم اللاسياسة !!... يصمت أبوسجاد ويتزيى بزي أغلبية صامتة ...لماذا؟!...
لأنه لايريد أن يعلي صوته كالأخرين ؛ ولأنه لايريد أن يستغيب أحدما كالأخرين ؛ ولانه لايريــد
لايريد أن يخسر أحدما في حدة نقاش وكلمة طافرة ، أو يصيب في حديثه رمز للمقابل وجـــهة
نظره أنه مقدس !!.
في مكان عمله أبوسجاد محبوب من الجميع محترم من الجميع ؛ وإذا مامازحه أحدما ففي
حدود اللياقة والأدب لما يحمله من هيبة ووقار متواضعيين؛ حتى الشباب والمراهقين يجلونه
ويحلقون في دائرة يسكن في قطرها بلهف... ولأبي سجاد محل في شارع الأطباء فـــي مدينتنا
يمتهن فيه بيع لعب الأطفال ؛ حتى في ارتزاقه راق ٍوموفق ؛ هناك أيضا يطلــب وده الجــــميع
وإذا ما أتيت لزيارته أوحتى ألقيت بالتحية عليه مارا ًفيجب عليك عندها الحصول على الضيافة
ويذكر أحد زملائه في العمل أنه مربسيارته أمام محله وألقى عليه التحية مسرعا ً؛ فماكان من
أبي سجاد إلا أن تراكظ نحو السيارة معطيه علبة عصير يشربها في جولته !!.
ولوقوع محله في شارع الأطباء لطالما حمل معه طلبات الحجز عند الأطباء التي أتحفه بها
من يعرفه من جار ٍ وصديق وزميل ولاتجد منه رفض أو تأفف من ذلك بل رحب وسعة.
وأذا ما سأله مار ما عن طبيب أوصيدلية أوحتى مضمد فتراه حاضر الجواب مفصل له ،بـل
إنه وعلى قدر علمه قد ينصح بالطبيب أو المضمد الجيد؛ ولأبي سجادة والدة كبيرة في السن قد
أخذ منها المرض مأخذه مازال يبرها ويتنقل بها في المحافظات ويدور بها على الأطباء هناك...
أناله الله جزاء االأحسان إحسانا وأكثر الله من أمثاله إذا ما جف الضـرع ويبســـت الأرض بعــد
الحصاد.
رمضان كريم وكل عام وانتم بخير اخي الفاضل
فكرة السلسلة جميلة جداً وان كانت بقلمك اتمنا
عليك ان تكتب بقلمـي منعاً للأتباس وتوثيقاً
لحقوقك الأدبية، واعلمك ايضاً انها ستبقى فتره
من الزمن في منتدى القصة الرئيس ومن ثم تنقل
الى منتدى الأقلام المبدعة
كل التوفيق اتمناه لك وسنبقى متابعين لك إن شاء
الله تحيه تعبق بالياسمين لك مني..
(( أعلام في بلادي ))... قصص واقعية... بقلمي
قصة أبوسعد (2)
أبوسعد رجل ستيني طويل القامة متقاعد يرتدي الدشــــــداشة الـــــــعراقية لديه
سبعة أولاد وثلاث بنات ؛ كنت دائما ماأراه مع زوجته شريــــــكة حيــــــاته أم سعد
وعند جلبهم للحصة التموينية يترافقان مع أن لديهم حاشــــــية من الأولاد والبنات.
علم أبوسعد أولاده ورباهم على الاعتماد على انفسهم،حيث كانوا يزاولون العمل
بعد انتهاء الدراسة في العطلة الصيفية ؛ وزرع في نفوسهم الوصول إلى الـــمراكز
العليا بالجد والمثابرة ؛ وهاهو يحصد مازرع في أبنائه فمنهم الطبيب والمهندس وكذا
بناته.
ولما نال الأبناء مرادهم واستقروا في وظائفهم وحققوا لذواتهم ، لم ينتـــظر منـــهم
أن يعينوه ويمد يده أليهم ، بل أنه بعد التقاعد فتح في بيته محل صغير يرتزق منه ويلهي
نفسه في التبضع له ، ولطالما رأيته على هذه الحال وتبادلت معه أطراف الحديث بعض
المرات ... أناله الله الخير كله والصلاح كله وأعانه على مجاهدته في حياته...
(( أعلام في بلادي ))... قصص واقعية... بقلمي
قصة الشيخ ناظم منيجل (3 )
شهيد الالتزام والأخلاق ، شهيد فوضى اللادين واللاسياسة شهيد الوعي والثقافة
استشهد على يد طغمة فاسدة في نهاية العشرينات من عمره ، كان شابا ًوســـيما ًله وقار
وحضور جميل لدى كل من يعرفه ، تكاد لا تفارقه لو بسط لك الحديث وقد يضيع وقتك بما
لديه من حسن التلقي والتواصل ، من دون أخوته كان ملتزما ًفي دينه بارا ً بوالــدته يحب
ويجل كل مايتعلق بالمذهب ، يحضر الحلقات والدروس الدينية ، مواظب علـــــى الزيارات
في المناسبات وغيرها لأهل البيت ، في الجامعة كان مرغوبا ًفيه في كل تجمعات الشباب
وله القدرة بينهم على حل المشاكل والخصومات ؛ بل ولديه القدرة على اقناع بعض متزمتي
الرأي من الأساتذة في الجامعة برأيه .
بعد أن خدمنا معا ًأشهر التكليف في الجيش العراقي تزوج وأصبح له طفل جميل ابتلي بعلاجه
وقتها من العوق ؛ من ثم سقطت بغداد واحتل العراق من أمريكا ومن جاء معها من أوغاد...
وقراصنةالسفينة الغارقة ... ورغم كل ذلك لم تجده وهو ذو الحضور والمقدرة قائدا ًلحزب ًما
أو مسؤلا ًلمؤسسة ما بل اختار الدين وأكمل دراسته الحوزوية ليصبح شيخا ًفي الحوزة كي
يمارس حبه لله ورسوله وأهل بيته وحبه في كل ذلك لوطنه ؛ شاهدته على هذه الهيئة الجديدة
وطلب مني أن أمر عليه هناك في درسه ؛ بعدها سمعت صوته في محاضرته الأولى في إذاعة
الديوانية ؛ فقلت ياالله إنه ناظم ... وبعدها سمعت بخبر استشهاده على يد غربان اللادين و...
اللاسياسة ... وله الآن صورة بوستر كبير عند مدخل الديوانية على مقربة من جامعة القادسية
التي احتضنته يوما ما... جعل الله الجنة له مثوى ... وانتقم من قاتليه بـ ... يمهل ولا يهمل...
(( أعلام في بلادي ))... قصص واقعية... بقلمي
قصة أبوكرار (4)
رجل في الخمسين من العمر، طويل أسمر الملامح ،عاش حياته
في عائلة كبيرة كثيرة الأبناء والبنات ، في شبابه كان يعيش
حياة لاهية مستهترة ، يعيشها بالطول وفي العرض ؛ حتى بعدأن
تزوج استمر على حياته تلك ،لم يرزق بولد أوبنـــت مادعاه لأن
يتبنى ولدا ً من عائلة زوجته والذي لايزال يعيش معهم ويتسمى
به أبوكرار؛ وقد كانت المفارقة عندما انتسب أبوكــــــرار لحزب
البعث كما انظم له أ ُناس كثيرون لغرض العيش بسلام لالغــــاية
كما هي اليوم من الفساد والأفساد باسم الدين وغيره ، كان في
ذلك الانتساب محاولة للتخلص ليس إلا؛ بعد ذلك تغيرت حياةأبو
كرار تغيرا ًجذريا ً؛ بعد السقوط حيث بدأ يواظب على الــــصلاة
والصيام ، وزيارة العتبات المقدسة ، بل أسس مع أهل منطقته
موكبا ًلخدمة زوار الحسين ع ،وشرع بحياة جديدة من ثمارحب
أهل البيت ،ورزق بطفلين بنت وولد ذكر؛بعد ذلك ابتنى لحسينية
في منطقته وبدأ بخدمتها في الصيف والشتاء... مع ملاحظة أنه
لم يؤذي أحد ما قبلا ً... وكان في كامن عقله وروحة المـــخيلة
والواقع لما آل عليه حاله دون خوف أو رياء أو مظاهرة بذلك.
بدل الله له من الحسن حسنا ًورزقه خير جزاء التوابين...
(( أعلام في بلادي ))... قصص واقعية... بقلمي
قصة أم علي (5)
إمرأة تجاوزت الخمسين من عمرها عنــــــدما تراها ستنـــطبع في مخيلتك
الفكرة الصادقة لوجود الفقراء وذوي الملامح الهادئة الراضية ، بعد زواجها
من أول رجل في حياتها استشهد في حروب هدام المقبور؛ فظلت على حالها
تلك مطلقة لسنين وسنين كثيرة ؛ وقبل سقوط بغداد بيد المحتل البغــيض كان
لها أن تتزوج رجل كبيريكبرها بمايقارب العشرين سنة ؛ وكأنها شابة تتزوج
لأول مرة ولكن ليس كما يتصرف الشباب إناثا ً وذكورا ً؛ فلقدكانت راضية في
ما جادت به يد الله وعطاياه ، كانت مطيعة لزوجها وبكل شيء مطيعة لربهاو
مواظبة على واجبات طاعة الله في عبادته وحقوق زوجها...
وكان أن سقطت بغداد واحتل العراق من أمريكا وشرذمة المرتزقة من طوائف
شيعية وسنية وكردية لم نعرفها إلا عندما عرفنا معنى السلطة والكراسي!!..
وهنا بدأت مرحلة صعبة من حياتها حيث أ ُصيب زوجها بسرطان في الدماغ
فأكدت طاعتها لله فيه وبقيت إلى جانبه مع أحد أولاده من زوجته الأ ُخرى بل
كانت تعتني به أكثر من اعتناء ابنه لصلبه به؛ حتى أنها نسيت في خضم ذلك
نفسها ؛ صحتها ؛ تكوينها كامرأة ... كانت تأكل فضلات زائدة من ما يفضل من
مائدة زوجها وابنه ، وقد عرض زوجها على أحد الأطباء فصرح متيقنا ً بأن
حياته قد تستمر لشهرين تاليين ، علم ذلك ابنه ولم يخبرها ، ثم استمر معها
في مباراة والده ، وكانا يتناوبان على السهر بجواره...
وخلال الاسبوع الأخير مما بقي من عمر زوجها بدأت تلح على علاجه وبأي
طريقة كانت ...
وعند دخوله المستشفى بقي ابنه وعائلته من زوجته السابقة بجواره ، أما
هي فتزوره لوقت قصير جدا ً وكأنها خادمة أو شيء ثانوي لا يأبه به أحد...
وقتها أخبرها ابنه أن والده ميت لامحالة كي تقطع الأمل وتعرف أنها ستبقى
وحيدة ... فلم تستطع بعد كل ذلك البقاء على حياديتها وسلبيتها فلاذت بالصراخ
والبكاء والنحيب ... وعندما مات زوجها أصر ابنه أن تقام مراسيم الفاتحة على
روح والده في بيت الزوجة المطيعة لله ولزوجها في الله ... ولم يطالبها مع اخوته
ببيتها الذي تعيش فيه ، أو أي أثاث ومتاع في بيت زوجها...
وللعلم هذه المرأة لم تنجب طفلا ًما وتسميتها بأم علي من باب التكرم والتحبب
أما اسمها الحقيقي فـ...
(( أعلام في بلادي ))... قصص واقعية... بقلمي
قصة الدكتور عباس الأمير (6)
رجل اسمر الملامح في عقده الخمسين متوسط الطول ، ضــــعيف البنية
يخالط شعره البياض ، كنت كلما أدخل عليه غرفته أرى كتــــاب الله بين يديه
ناقد وشاعر ومفكر اسلامي ، به ولع بإقامة المهرجانات والمؤتمرات والتي
تعزز الدين الأسلامي ، الفقه الشريعة ، القرآن الكريم ؛ عانى الأمرين من ...
أساتذة القائمة السوداء والذين رضوا بأن يكونواأبواقا ًلصدام الهدام ...
وقفوا بطريقه محاولة لجره أو لأنهم لايستطيعون فعله؛ لم يستطيعوا ليه وظل
يتنظر فرج الله حتى سقوط بغداد ؛ فغيرهؤلاء جلودهم وأصبحوا يتحدثون عن
حسين ٍ نسوه ويلعنون هدام اغتنوا في ظله ونالوا شهاداتهم بل واعتلوا وهم
ثلة قومه!!... أما هو الدكتور عباس الأمير فاستمر في بحثه وحاز على جائزة
بحث قرآني في جامعة عمان ، وحصل على الدكتوراه ؛ من ثم أسس بعون ومال
الخيرين مؤسسة القرآن للجميع ، تلقى فيها المحاضرات ، والدروس ولـــــكافة
الأعمار ، الرسم القرآني ، القصة القصيرة القرآنية ، النشيد القرآني...
مبدأ سامي وحب للغة الله ورسوله وارتفاع وتبجيل لكتاب الله ومحاولة تقديمه
على كل شيء في الحياة الدنيا... بارك الله به ...