ابو حيدر الحلفي
بأبي التي ورثت مصائب أمها ............. فغدت تقابلها بصبر أبيها
هناك بعض النسوة حفرن اسمائهن بقوة على مسلة التاريخ فأصبحن حالة فريدة وعلم من الاعلام ورمزا من رموز الاقتداء والأسوة .
وهناك الكثير من الرجال عاشوا وذهبوا كما تذهب الحشرات ولم يعد لهم اثر يذكر على الرغم من ان البعض قد تجبر وطغى .
زينب الكبرى بنت امير المؤمنين عليهم السلام واحدة من اللواتي تركن على صفحات التاريخ مواقف الخلود والولوج من اوسع ابوابه الى الانسانية ، فأصبحت رمزا من الرموز في الثبات والإيمان والتضحية والإيثار والصبر واستخدام المظلومة من اجل انتصار الدم على السيف وفضح الطغاة وقتلة اخيها الحسين عليه السلام .
هي الطفل الثالث لهذا البيت المبارك والأولى من البنات لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ، ولما ولدت سنة 5 للهجرة ( وهناك قول سنة 6 للهجرة ) اتى الرسول الى بيت فاطمة وقال : ناوليني ابنتك المولودة . فلما احضرتها اخذها النبي وضمها الى صدره الشريف ووضع خده على خدها وبكى بكاء شديدا عاليا وسالت دموعه على خديه . فقالت فاطمة : مم بكاؤك لا ابكى الله عينك يا ابتاه ؟ فقال : يا بنتاه فاطمة ان هذه البنت ستبتلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى ورزايا ادهى . يا بضعتي وقرة عيني ان من بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على اخويها. ثم سماها زينب .
عاشت بضع سنين مع جدها الرسول محمد (ص) , من سنة ولادتها 6 هجرية الى وفاة الرسول 10 هجرية .
عاشت وترعرعت في كنف ثلاث ائمة معصومين فنهلت من العلم والإيمان والنبوغ وبلاغة القرآن وفصاحة ابيها امير المؤمنين ، و نحن عندما نقف عند تاريخ نشأة هذه ( المرأة) نرى انها قد اعدت لكربلاء وعلى الرغم من انها اخت لإمامين معصومين الا ان البيت العلوي حاول ان يربطها بكربلاء الحسين اكثر من بقيع الحسن بالرغم من ان كلاهما انتكاسة دينية وأخلاقية وعقائدية في التاريخ الاسلامي لأمة قد انقلبت على اعقابها بعد الرحيل الملكوتي لرسول الله ( ص ) .
ففي العلم كانت عليها السلام ( عالمة غير معلمة وفاهمة غير مفهمة ) كما وصفها الامام زين العابدين ليلة الحادي عشر من محرم الحرام سنة 60 للهجرة .
وقد اعربت عن ارتباطها ببلاغة علي بن ابي طالب عليه السلام مرتان ، الاولى في الكوفة عندما أومأت الى الناس ان أسكتوا فارتدت الانفاس وسكنت الأجراس ، ثم قالت :
(( الحمد لله والصلاة على ابي محمد واله الطيبين الاخيار .: اما بعد : يا اهل الكوفة يا اهل الختل والغدر ، اتبكون ؟ فلا رفأت الدمعة ولا هدأت الرنة . انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا ، تتخذون ايمانكم دخلا بينكم . الا وهل فيكم الا الصلف النطف ؟ والصدر الشنف ؟ وملق الاماء ؟ وغمز الاعداء ؟ ......... )) وأخذت تتحدث كالسيل المنهمر من البلاغة والمعاني التي تنم عن معرفة بالعقيدة وكيفية فضح الاكذوبة الاموية .
وفي المرة الثانية عندما وقفت لبوة علي في ديوان الطاغية يزيد بن معاوية عندما رأته يضرب بمخصرته ثنايا الحسين التي طالما اشبعها رسول الله لثما وتقبيلا ، انتفضت ووقفت شامخة .... (( أضننت يا يزيد حين اخذت علينا اقطار الارض وضيقت علينا افاق السماء فأصبحنا لك في اسار نساق اليك سوقا في قطار وأنت علينا ذو اقتدار.......... امن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن ......... ))
وفي الصبر ، فهي ام الصبر وام المصائب التي عجز عن حملها الرجال ، امرأة فقدت اعزتها من الاخوة والأبناء وأبناء العمومة تخرج في الليل لجسد اخيها الحسين فترفعه قليلا وتقول : (( يا رب تقبل منا هذا القربان !!! )) .
لقد اصبحت زينب عليها السلام اسوة وقدوة ليس للنساء فقط وإنما لمعاشر الرجال كذلك
فسلام الله عليها يوم ولادتها
والسلام عليها يوم ذهبت مظلومة مهضومة
والسلام عليها يوم تبعث شاهدة على من ظلمها .
واللعن الدائم على اعداء بيت النبوة من يوم السقيفة الى يوم الدين ....... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته