يتردد على الألسن وبعض الكتابات مصطلح (غيبة العنوان) ولا نقاش لنا في المصطلح فكما يقال (لا مشاحة في الاصطلاح) ويقصد منه غيبة الهوية للإمام المهدي عليه السلام وعدم معرفته من قبل الناس رغم مخالطته لهم وتردده عليهم كما جاء في الحديث الشريف في كمال الدين عن الحميري عن محمد بن عثمان العمري قال: سمعته يقول: (والله إن صاحب هذا الأمر يحضر الموسم كل سنة فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه).
ولكن الذي نود إلفات النظر إليه هو عدم انحصارية الغيبة بهذا الوجه فقط، وهناك إمكانية لغيبة الشخص أيضاً بل وقوعها للإمام عليه السلام وكما يقال (فان إثبات الشيء لا ينفي ما عداه) ولا نعني بها نفي وجوده المقدس، بل المقصود عدم رؤيته عليه السلام وليس فقط عدم التعرف عليه كما يصرّ أصحاب نظرية (غيبة العنوان) فكلا الغيبتين ممكنتان في حقه، بل واقعتان أيضاً، ويمكن الاستدلال على المدعى بروايات عديدة منها:
_ ما ورد في عيون أخبار الرضا عليه السلام وكمال الدين عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكري عليه السلام يقول (الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه).
_ وفي كمال الدين عن الريان بن الصلت قال: سألت الرضا عليه السلام عن القائم فقال (لا يرى جسمه ولا يسمى باسمه).
_ وكما يذكر التاريخ عن رشيق المادرائي كما في البحار عن الخرائج ان المعتضد بعث عسكراً فلما دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القرآن فاجتمعوا على بابه وحفظوه حتى لا يصعد ولا يخرج وأميرهم قائم حتى يصل العسكر كلهم فخرج (أي الإمام عليه السلام) من السكة التي على باب السرداب ومرّ عليهم، فلما غاب قال الأمير: انزلوا عليه، فقالوا: أليس هو مرّ عليك؟ فقال: ما رأيت قال: ولم تركتموه؟ قالوا: إنا حسبنا انك تراه.
حيث تدلل هذه الروايات جميعاً على حصول (غيبة الشخص) للإمام عليه السلام فضلاً عن غيبة العنوان.