بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
في كل صباح، تقوم الحرب -اقصد المعركة- بين الأم وطفلها. ولا عجب، فمرة تجد الأم طفلها وقد بلل فراشه، ومرة أخرى تتفاجأ برفضه الذهاب إلى المدرسة أو الحضانة، ومرة ثالثة -وشهيرة- يرفض تناول طعام الإفطار. وفي كل مرة، تحزن الأم، وتصرخ، وقد تضرب طفلها، أو تشتمه أو تلعنه، وفي بعض الحالات تحرق أصابعه بالنار! ويتحول البيت -في الصباح- إلى ساحة للصياح..وفي كل مرة -أيضًا- تخسر الأم المعركة، ذلك أن معظم الأمهات يجهلن المهارات والوسائل التربوية الضرورية لمواجهة هذه المشكلات عند أطفالهن، فضلًا عن صبرهن على تناول هذه المشكلات بالأناة والحكمة والهدوء.
وحتى لا تخسر الأم معركها مع طفلها، فإننا نتناول في هذه الصفحات، المعركة الأولى، ألا وهي مشكلة التبول اللاإرادي ونجلي أسبابها ونضع لها الحلول المناسبة.
التبول اللاإرادي
التبول اللاإرادي ظاهرة مرضية شهيرة، يعرف باسم "سَلَس البول"، ويعني عدم قدرة الطفل على التحكم في البول بعد بلوغه عامه الرابع وبشكل متكرر.
ويطلق مصطلح " التبول اللاإرادي" -غالبًا- للدلالة على التبول في أثناء النوم فقط. ولكن في أحوال نادرة يحدث أثناء الليل والنهار أيضًا.
وتشير الإحصاءات إلى شيوع التبول اللاإرادي بين البنين أكثر من البنات، وتصل نسبته إلى 12 في المائة من الأطفال عن عمر 5 سنوات، و8 في المائة عند عمر 8 سنوات، و 1 في المائة حتى سن 15 سنة.
أسبابه:
أولًا: الأسباب النفسية : وتشكل 96 في المائة من الأسباب، وتعود إلى ما يلي:
1- الغيرة خاصة عند ولادة طفل جديد.
2- عدم شعور الطفل بالأمن والإطمئنان.
3- الخلافات الزوجية والتفكك الأسري، والذي يعد من أهم أسباب التبول اللاإرادي عند الأطفال.
4- حرمان الطفل من الحنان والعطف، سواء من البيت أو المدرسة.
5- خوف الطفل وخاصة من الظلام أو من الحيوانات أو من الأشباح ومن القصص والحكايات المرعبة.
6- ضرب وتوبيخ الطفل بعد تبوله، ومعايرته أو مقارنته بإخوته أو زملائه.
7- قلة العناية بالطفل بعد الاهتمام به عقب شفائه من مرض ما مثلًا.
ثانيًا: الأسباب العضوية:
وهي لا تتجاوز 4 في المائة من أسباب التبول اللاإرادي وتعود إلى وجود خلل من النضوج الوظيفي أو التركيبي لأحد أعضاء الجهاز البولي وبخاصة (المثانة)، أو وجود التهابات بالمسالك البولية، أو وجود تشوهات بالعمود الفقري خاصة الفقرات القطنية، أو وجود عيب خلقي يعرف باسم "الصلب المفلوج الخلقي"، فضلا عن مرض السكر والتهاب اللوزتين ولحمية الأنف، أو الإصابة بسوء التغذية والأنيميا أو الإصابة بالديدان الطفيلية كالبلهارسيا والأنكلستوما والإكسيورس.
علاجه:
1- ضرورة عرض الطفل على الطبيب للبحث عن الأسباب العضوية، وعمل الأبحاث والتحاليل اللازمة، ومن ثم تقديم العلاج المناسب لها.
2- عند استمرار التبول اللاإرادي بعد العلاج العضوي، يبدأ العلاج النفسي الذي يرتكز على بحث الأسباب المؤدية إلى التبول مع الطفل، وأيضًا مع والديه، فإن ذلك يزيل الشعور بالذنب والخجل عند الطفل.
3- على الأم بث روح الإيجابية في طفلها، وإشعاره بأن هذه المشكلة التي يعاني منها هي مشكلته هو، ويجب عليه أن يحلها بنفسه وأن يبذل كل جهده لوقفها والتخلص منها.
4- لا بد من إشعار الطفل بالحب والعطف، وبث الثقة في نفسه.
5- يجب على الأم نبذ القلق والتوتر وبث الأمل وروح الاطمئنان في نفسية طفلها، وعدم إهانته أو عقابه بدنيًا أو توبيخه بعد التبول -خاصة أمام إخوته أو زملائه.
6- يجب -قدر الإمكان- إخفاء المشاكل الزوجية عن الأطفال والعمل على حلها.
7- مساعدة الطفل على الاستيقاظ ليلًا، والذهاب إلى الحمام لتفريغ مثانته، ويمكن مساعدته في ذلك بوضع (منبه) بجانبه. ومن الضروري إضاءة الطريق المؤدي إلى الحمام، حتى لا يمنع خوف الطفل من الظلام من الذهاب إليه ليلًا.
8- يراعى الحد من السوائل والمشروبات التي يتناولها الطفل قبل نومه.
9- يمكن تدريب مثانة الطفل أثناء النهار لتتحمل أكبر كمية ممكنة من التبول، وذلك بمنعه من التبول لأطول مدة ممكنة، فإن ذلك يعمل على تقوية عضلات المثانة، ومن ثم التحكم في البول.
10- لا بد من توفير الأغطية الكافية لتدفئة الطفل أثناء نومه.
11- وأخيرًا، تمكن العلماء من اختراع جهاز إنذار كهربي، عبارة عن وسادة سلكية صغيرة موضوعة فوق مرتبة الطفل ومتصلة بجرس بجوار سرير الطفل، وعندما يبدأ الطفل في التبول وهو نائم، يرن الجرس داخل الحجرة، مما يؤدي إلى توقف الطفل عن التبول على الفور حتى قبل أن يستيقظ. ومع تكرار هذا النوع من الإنذار، يكتسب الطفل عادة التحكم في التبول أثناء النوم.