بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
قال ابن تيميّة والسعد التفتازاني بأنّ المهدي لم يبق منه إلاّ الاسم ولم ينتفع منه أحد حتى القائلون بوجوده!
وقال الفخر الرازي في غير موضع من تفسيره بأنّ معرفة المهدي الذي تقول به الشيعة والانتفاع به تكليف بما لا يطاق!
فنقول:
أوّلاً: لقد أخبر الصّادق المصدّق بغيبة المهدي قبل ولادته بسنين طوال التنصيص على إمامته، في روايات كثيرة بالأسانيد الصّحيحة، فدلّت على امور:
الأول: إنّه إمام من اللّه.
والثاني: إنه يغيب.
والثالث: إن لوجودة ونصبه فائدة، لأن اللّه لا يفعل عبثاً.
ومن تلك الروايات:
ما عن جابر بن عبداللّه الأنصاري قال: «لمّا أنزل اللّه عزّوجل على نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه وآله: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللّهَ وَأَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي اْلأَمْرِ مِنْكُمْ)(1) قلت: يا رسول اللّه، عرفنا اللّه ورسوله، فمن اُولوا الأمر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟ فقال عليه السلام: «هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين (من) بعدي أوّلهم عليُّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن والحسين، ثمّ عليُّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليٍّ المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليٍّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليٍّ، ثمّ عليُّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليٍّ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة اللّه في أرضه، وبقيّته في عباده ابن الحسين بن عليٍّ، ذاك يفتح اللّه تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان»، قال جابر: فقلت له: يا رسول اللّه فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال صلّى اللّه عليه وآله: «إي والذي بعثني بالنبوَّة إنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب، يا جابر هذا من مكنون سرِّ اللّه، ومخزون علمه، فاكتمه إلاّ عن أهله»(2).
وما عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: لابدّ للغلام من غيبة. فقيل له: ولم يا رسول اللّه؟ قال: يخاف القتل»(3).
وما عن أبي عبداللّه عليه السلام عن آبائه قال قال رسول اللّه:
«المهدي من ولدي، اسمه اسمي وكنية كنيتي، أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً، تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب، فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(4).
وعنه عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو معتقد به في حياته، يتولّى وليّه ويتبرأ من عدوّه ويتولى الأئمة الهادية من قبله. أولئك رفقائي وذوو ودّي واكرم اُمتي علي...»(5).
وعنه عليه السلام قال: «قال رسول اللّه: من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته، مات ميتة جاهلية»(6).
وعنه عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: القائم من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يُقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزّ وجلّ، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذبه فقد كذبني، ومن صدقه فقد صدقني، إلى اللّه أشكو المكذبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلين لأمتي عن طريقته (وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ)(7)»(8).
وعنه في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: «... وليبعثنّ رجلاً من ولدي في آخر الزمان، يطالب بدمائنا، وليغيبنّ عنهم تمييزاً لأهل الضلالة حتى يقول الجاهل: ما للّه في آل محمّد من حاجة»(9).
وعنه عليه السلام قال: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبةً لابدّ منها، يرتاب فيها كلّ مبطل»(10).
وثانياً: إنّ مقتضى الأحاديث المتواترة عند الفريقين، في وجوب معرفة الامام في كلّ زمان، وأنّ الأئمة اثنا عشر، وأنهم من أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله هو: أنْ يكون المهدي الإمام الثاني عشر، وأنْ يكون مولوداً موجوداً، وحيث أنه غير ظاهر فهو غائب عن الأبصار.
وثالثاً: إنّ الغيبة لا تنافي الامامة، لأنّ اللّه إنّما نصب الإمام لأن يهتدى به، ولأن يحتجّ به على الخلق، أمّا غيبة، فليس السبب لها هو اللّه ولا الامام نفسه.
ورابعاً: قال استاذ المحققين الشيخ نصير الدين الطوسي:
«وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا».
قال شارحه العلاّمة الحلّي:
قالوا: الامام إنما يكون لطفاً إذا كان متصرفاً بالأمر والنهي، وأنتم لا تقولون بذلك فما تعتقدونه لطفاً لا تقولون بوجوبه وما تقولون بوجوبه ليس بلطفك. (والجواب) أنّ وجود الامام نفسه لطف لوجوه، أحدها: أنّه يحفظ الشرائع ويحرسها عن الزيادة والنقصان. وثانيها: أنّ اعتقاد المكلّفين لوجود الامام وتجويز انفاذ حكمه عليهم في كلّ وقت سبب لردعهم عن الفساد ولقربهم إلى الصلاح، وهذا معلوم بالضرورة. وثالثها: أنّ تصرّفه لا شكّ أنّه لطف ولا يتم إلاّ بوجوده فيكون وجوده نفسه لطفاً وتصرّفه لطفاً آخر.
والتحقيق أن نقول: لطف الامامة يتم باُمور: (منها) ما يجب على التعالى وهو خلق الامام وتمكينه بالقدرة والعلم والنصّ عليه باسمه ونسبه، وهذا قد فعله اللّه تعالى. (ومنها) ما يجب على الامام وهو تحمّله للامامة وقبوله لها، وهذا قد فعله الامام. (ومنها) ما يجب على الرعية وهو مساعدته والنصرة له وقبول أوامره وامتثال قوله، وهذا لم تفعله الرعية فكان منع اللطف الكامل منهم لا من اللّه تعالى ولا من الامام»(11).
وخامساً: إن المعترضين لا يعلمون بالفوائد المترتبة على وجود الامام في حال الغيبة، لأن هذه الامور لا يتوصّلون إليها ولا يمكنهم والإطّلاع عليها، إنّ الثقات من أبناء هذه الطائفة من علماء وغير علماء، لهم قضايا وحوادث وقصص وحكايات، تلك القضايا الثابتة المروية عن طرق الثقات مدوّنة في الكتب المعنيّة، وكم من قضية رجع الشيعة، عموم الشيعة، أو في قضايا شخصية، رجعوا إلى الإمام عليه السلام وأخذوا منه حلّ تلك القضية ورفع تلك المشكلة، إلاّ أنّ أعداء الأئمّة سلام اللّه عليهم والمنافقين لا يوافقون على مثل هذه الأخبار، وطبيعي أن لا يوافقوا، ومن حقّهم أن لا يعتقدوا.
مضافاً، إلى أنّ اللّه سبحانه وتعالى إنّما ينصب الإمام في كلّ أُمة، ويرسل الرسول إلى كلّ أُمّة، ليتمّ به الحجة، وكم من نبي قتلوه في أوّل يوم من نبوّته ودعوته، وكم من رسول صلبوه في اليوم الأوّل من رسالته، وكم من الأنبياء حاربوهم وشرّدوهم وطردوهم، أيمكن أن يقال للّه سبحانه وتعالى: بأنّ إرسالك هؤلاء الرسل والأنبياء كان عبثاً؟
وعلى الجملة، فإن هناك موانع لظهوره، وهي ليست من قبل اللّه ولا من قبل الإمام نفسه، وإنما من قبل النّاس، ومتى حصلت الأرضيّة اللاّزمة يظهر ويؤسّس الحكومة الإلهيّة ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
وهذا متى يكون؟
العلم عند اللّه عزّوجل.
-----------------
(1) سورء النساء: الآية 59.
(2) إكمال الدين 1 / 253.
(3) علل الشرائع 1 / 243.
(4) كمال الدين 1 / 287.
(5) المصدر 1 / 286.
(6) المصدر 2 / 412.
(7) سورة الشعراء: الآية 227.
(8) كمال الدين 2 / 411.
(9) كتاب الغيبة للنعماني: 140.
(10) علل الشرائع 1 / 245.
(11) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 491 ـ 492.
من الطبيعي ان يشكك مثل ابن تيمية والتفازناني هذا ،،،،وعذرا ان تلفظت اسم الثاني خطا ،،فلايهم فهو ان نكر وجودية الامام الحجة فهو نكرة بحد ذاته ،،،
أقول ،،،
من الطبيعي ان ينكر ابن تيمية والثاني وجودية وعرفآنية ومنفعية الامام الحجة بحضوره وغيبته ،،وهذا لآياتي من فراغ ،،بل في حقيقة أمرهم يعرفون ان الامام الحجة المنتظر هو عين الحق والحقيقة ،،،لكنهم لعنادهم وتجبرهم على الحق ،ينكرون الحق ،،،وبهذا ينكرون الامام الحجة المنتظر ،،،
فمثلهم كمثل بلعم ابن باعوراء ،،،،
ودي وتقديري